سرشناسه : بهبهانی، محمدعلی، 1352 -
عنوان و نام پدیدآور : عیون الانظار [کتاب]/ محمدعلی بهبهانی.
مشخصات نشر : قم: محمدعلی بهبهانی، 1437ق.= 2016م.= 1395 .
مشخصات ظاهری : 10ج.
شابک : دوره:978-600-04-3019-1 ؛ ج.1 978-600-04-3017-7: ؛ ج.2 978-600-04-3018-4: ؛ ج.3 978-600-04-5819-5 : ؛ ج.4 978-600-04-6758-6 : ؛ ج.5 978-600-04-6759-3 :
یادداشت : عربی.
یادداشت : عنوان روی جلد: عیون الانظار فی علم الاصول.
یادداشت : نمایه .
مندرجات : ج.1. مبادی علم الاصول.- ج.2. مباحث الالفاظ الاول.- ج.3. مباحث الالفاظ الثانی.- ج.4. مباحث العقلیه.
عنوان روی جلد : عیون الانظار فی علم الاصول.
موضوع : اصول فقه شیعه
موضوع : * Islamic law, Shiites -- Interpretation and construction
رده بندی کنگره : BP159/8/ب857ع9 1395
رده بندی دیویی : 297/312
شماره کتابشناسی ملی : 3846970
عیون الأنظار / الجزء الأول
- المؤلف: محمد علی البهبهانی
- شابک الجزء الأول: 7-3017-04-600-978
- شابک الدورة: 1-3019-04-600-978
- الطبعة الأولی
- سنة النشر: 1436ه- ق – 1394 ه- ش
- السعر: 30000
- عدد النسخ: 1000
ص: 1
ص: 2
عُیونُ الأَنظار
(المجلد الثالث)
مباحث الألفاظ: القسم الثانی
ص: 3
ص: 4
البحث الثالث: «المفاهیم»
تمهید مقدمات / 21
المقدمة الأولی: فی کلمة المفهوم. 21
المطلب الأوّل: المراد من کلمة المفهوم فی هذا البحث... 21
المطلب الثانی: تعریف المفهوم. 22
القول الأوّل: 23
القول الثانی: 25
المقدمة الثانیة: هل النزاع فی ثبوت «المفهوم» أو حجّیته؟. 27
المقدمة الثالثة: دلالة الاقتضاء و التنبیه و الإشارة. 28
المطلب الأوّل: تعریف هذه الدلالات الثلاث... 28
أمّا دلالة الاقتضاء: 28
أمّا دلالة التنبیه و الإیماء: 29
أمّا دلالة الإشارة: 29
المطلب الثانی: هل هذه الدلالات الثلاث من الدلالة المفهومیة؟. 30
المقدمة الرابعة: فی أنّ المسألة أُصولیة أو غیرها و أنّها لفظیة أو عقلیة؟. 33
المطلب الأوّل: هل المسألة أُصولیة أو لا؟. 33
ص: 5
المطلب الثانی: هل المسألة لفظیة أو عقلیة؟. 33
الفصل الأول: مفهوم الشرط / 35
المقام الأول: أدلة ثبوت مفهوم الشرط.. 43
الدلیل الأول علی إثبات مفهوم الشرط: من طریق العلیة المنحصرة. 43
أمّا الرکن الأول: 44
أمّا الرکن الثانی.. 45
أمّا الرکن الثالث: 49
أما الرکن الرابع: 52
الدلیل الثانی علی إثبات مفهوم الشرط: 76
مقدمة فی الفرق بین الترتب و التعلیق: 76
بیان العلامة أبی المجد النجفی الإصفهانی (قدس سره): 77
الدلیل الثالث علی إثبات مفهوم الشرط: 78
مقدمة فی تحلیل معنی القضیة الحملیة: 78
الدلیل الرابع علی إثبات مفهوم الشرط: 81
المقدمة: 81
الدلیل الخامس علی إثبات مفهوم الشرط: 84
المقام الثانی: أدلة انتفاء مفهوم الشرط.. 88
الوجه الأول: ما نسب إلی السید المرتضی (قدس سره) 88
الوجه الثانی: 89
الوجه الثالث: عن السید المرتضی (قدس سره) 90
التنبیه الأول: هل المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم أو شخص الحکم؟. 97
المطلب الأوّل: فی أنّ مفاد المفهوم انتفاء سنخ الحکم. 97
المطلب الثانی: مشکلتان نشأتا من کون مفاد الهیأة معنی حرفیاً 99
الأوّل: مسلک الشیخ الأنصاری (قدس سره) 99
الثانی: مسلک صاحب الکفایة (قدس سره) 100
الثالث: مسلک المحقق النائینی (قدس سره) 101
الرابع: مسلک المحقق الإصفهانی (قدس سره) 102
الخامس: مسلک المحقق الخوئی (قدس سره) 103
ص: 6
التنبیه الثانی: فیما إذا تعدّد الشرط و اتّحد الجزاء. 105
أما الوجه الأوّل: 109
أما الوجه الثانی: 111
أما الوجه الثالث: 113
أما الوجه الرابع: 115
أما الوجه الخامس: 118
التنبیه الثالث: تداخل الأسباب و المسببات... 121
المطلب الأوّل: تداخل الأسباب... 122
الجهة الأُولی: 122
الجهة الثانیة: الأقوال فی المقام. 131
الجهة الثالثة: فی ذکر الأدلّة. 134
الجهة الرابعة: الأصل العملی فی المقام. 141
المطلب الثانی: تداخل المسبّباب... 143
الجهة الأُولی: الحق عدم التداخل. 143
الجهة الثانیة: فی استثناء ذکر فی المسألة. 144
الفصل الثانی:مفهوم الوصف / 151
المقدمة الأُولی: محل النزاع.. 153
المقدّمة الثانیة: 153
الأقوال فی المسألة أربعة: 155
القول الأوّل: دلالة الوصف علی المفهوم. 155
أدلّة القول الأول: 156
القول الثانی: عدم دلالة الوصف علی المفهوم. 162
دلیل القول الثانی: 163
القول الثالث: تفصیل العلامة الحلّی (قدس سره) 164
دلیل القول الثالث... 164
القول الرابع: تفصیل المحقق الخوئی (قدس سره) 165
دلیل القول الرابع: 165
القول الخامس: التفصیل الّتی اخترناه. 168
ص: 7
الفصل الثالث: مفهوم الغایة / 175
المقام الأوّل:هل تدلّ الغایة علی انتفاء سنخ الحکم عن غیر المغیی؟. 178
القول الأوّل: 178
القول الثانی: 179
القول الثالث: 180
القول الرابع: 181
القول الخامس: 182
أدلّة الأقوال و مناقشتها 184
أمّا الدلیل علی القول الأول و الثانی و الکلام حولهما: 184
أمّا الدلیل علی القول الثالث: 184
بیان القول الرابع و الدلیل علیه: 186
بیان القول الخامس و الدلیل علیه: 187
المقام الثانی: هل الغایة داخلة فی حکم المغیی أو لا؟. 191
القول الأول: عدم دخول الغایة فی المغیی.. 191
القول الثانی: دخول الغایة فی المغیی.. 192
القول الثالث: 193
القول الرابع: 194
القول الخامس: 195
القول السادس... 196
أما ذکر الأدلّة و مناقشتها 200
دلیل صاحب الکفایة (قدس سره) علی القول الأول: 200
بیان المحقّق الإصفهانی (قدس سره) بالنسبة إلی القول الأول: 200
الفصل الرابع: مفهوم الحصر / 203
أما کلمة «إلاّ». 206
المطلب الأوّل: دلالتها علی المفهوم. 206
المطلب الثانی: 207
المطلب الثالث: ما الخبر فی کلمة التوحید؟. 208
ص: 8
أما کلمة «إنّما». 210
الفصل الخامس: مفهوم اللقب و العدد / 215
البحث الرابع: العامّ و الخاصّ
الفصل الأول: تعریف العام و أقسامه / 227
أما تعریف العامّ. 229
التعریف الأوّل: 229
التعریف الثانی: 230
التعریف الثالث: 231
التعریف الرابع: 231
التعریف الخامس: 232
التعریف السادس: 233
التعریف السابع: 233
التعریف الثامن: 234
أما أقسام العامّ: ففیه ثلاثة مطالب... 235
المطلب الأوّل: 235
المطلب الثانی: الفرق بین العامّ و المطلق الشمولی.. 236
المطلب الثالث: الفرق بین العامّ و لفظ «عشرة» و نظائرها 237
الفصل الثانی: ألفاظ العموم / 239
الأمر الأوّل: هل وُضعت ألفاظ للعموم؟. 242
و استدل علی إنکار الوضع بوجهین: 242
الوجه الأوّل: 242
الوجه الثانی: 243
الأمر الثانی: تعیین ألفاظ العموم. 244
المورد الأول: لفظ «کلّ». 244
المورد الثانی: النکرة فی سیاق النفی أو النهی.. 246
ص: 9
المسألة الأولی: هل یتوقف دلالته علی العموم علی جریان مقدمات الحکمة؟ 246
المسألة الثانیة: هل دلالتها علی العموم عقلیة أو وضعیة؟ 248
المورد الثالث: الجمع المحلّی ب- «أل» و المفرد المحلّی ب- «أل». 250
القول الأوّل: 250
استدلال صاحب الکفایة (قدس سره): 251
القول الثانی: 251
الفصل الثالث: عدم مجازیة العام المخصص / 253
الأمر الأوّل: هل العام المخصَّص مجاز أو لا؟. 257
الأمر الثانی: هل العام المخصَّص حجة فی الباقی أو لا؟. 259
الفصل الرابع: سرایة إجمال المخصص إلی العام / 261
المقام الأوّل: الشبهة المفهومیة. 265
الصورة الأُولی: المخصّص المتّصل المردّد بین الأقلّ و الأکثر.. 265
الصورة الثانیة: المخصّص المتّصل المردّد بین المتباینین.. 265
الصورة الثالثة: المخصّص المنفصل المردّد بین الأقلّ و الأکثر.. 265
القول الأول: 266
القول الثانی: 266
القول الثالث: 267
الصورة الرابعة: المخصّص المنفصل المردّد بین المتباینین.. 272
المقام الثانی: الشبهة المصداقیة. 273
الجهة الأُولی: التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة إذا کان المخصّص لفظیاً 276
المخصّص اللفظی المتّصل: 276
المخصّص اللفظی المنفصل: 276
الجهة الثانیة: التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة إذا کان المخصّص لبّیاً 279
النظریة الأُولی: 279
النظریة الثانیة: عن صاحب الکفایة (قدس سره) 279
النظریة الثالثة: عن المحقّق النائینی (قدس سره) 281
النظریة الرابعة: عن المحقّق الخوئی (قدس سره) 283
ص: 10
الفصل الخامس: إحراز المصداق المشتبه بالأصل العملی الموضوعی / 287
الأمر الأوّل: هل یتعنون العام بنقیض عنوان الخاص أو لا؟. 289
آراء الأعلام فی هذه المسألة: 290
الأوّل: رأی المحقق الخراسانی (قدس سره) 290
الثانی: استدلال المحقّق النائینی (قدس سره) علی التعنون. 292
الثالث: رأی المحقق الإصفهانی (قدس سره) 293
الرابع: بیان المحقق الروحانی (قدس سره) 294
الخامس: استدلال بعض الأساطین علی التعنون. 295
الأمر الثانی:ما الأصل العملی إذا شک فی دخول فرد تحت العام أو الخاص؟. 297
المطلب الأوّل: الأصل العملی إمّا موضوعی و إمّا حکمی.. 297
المطلب الثانی: قد یکون الأصلُ الموضوعی استصحاب العدم الأزلی.. 297
النظریة الأُولی: ما أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) 298
الأوّل: محل النزاع عند صاحب الکفایة (قدس سره) 298
الثانی: بیان نظریته (قدس سره) 299
الثالث: تتمة نظریة صاحب الکفایة (قدس سره) فی جریان استصحاب العدم الأزلی.. 299
النظریة الثانیة: ما اختاره المحقّق الإصفهانی (قدس سره) 304
النظریة الثالثة: من بعض الأساطین بمقدماتها الخمس... 305
المقدّمة الأُولی: 305
المقدّمة الثانیة: 306
المقدّمة الثالثة: 306
المقدّمة الرابعة: 307
المقدّمة الخامسة: 307
النظریة الرابعة: ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) بمقدماتها الثلاث... 308
المقدّمة الأُولی: 309
المقدّمة الثانیة: 310
المقدّمة الثالثة: 311
النظریة الخامسة: ما اختاره المحقّق العراقی (قدس سره) 312
التنبیه الأوّل: 317
ص: 11
التنبیه الثانی: 319
القول الأوّل: 319
القول الثانی: 319
الفصل السادس: عدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص / 321
مقدّمة: 325
نظریة المحقّق الخراسانی و المحقّق النائینی (قدس سرهما): 325
الأمر الأوّل: 328
الدلیل الأوّل: 329
الدلیل الثانی: 330
الدلیل الثالث: 331
الدلیل الرابع: 335
الدلیل الخامس: 336
الدلیل السادس: 337
الأمر الثانی: فی مقدار الفحص اللازم. 340
الفصل السابع: هل الخطابات الشفاهیة تعمّ الغائبین و المعدومین؟ / 343
الأمر الأوّل: إمکان تعلّق التکلیف بالمعدوم و الغائب... 346
نظریة المحقق الخراسانی (قدس سره): 346
الأمر الثانی: إمکان مخاطبة الغائبین و المعدومین.. 349
قول المحقّق الخراسانی (قدس سره): 349
تفصیل المحقّق الخوئی (قدس سره) فی المقام: 349
الأمر الثالث: عموم الموضوع له فی أدوات الخطاب للغائبین و المعدومین.. 351
نظریة المحقّق الخوئی (قدس سره): 351
التنبیه الأوّل: فی تفصیل أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) 353
التنبیه الثانی: ثمرة البحث... 354
ص: 12
الفصل الثامن: تعقّب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده / 355
أقوال فی المسألة. 359
القول الأوّل: 359
استدلال صاحب الکفایة (قدس سره) علی القول الأوّل: 359
دلیل آخر علی القول الأوّل: 363
تذییل المحقّق الخوئی (قدس سره) علی ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) 363
القول الثانی: 364
دلیل القول الثانی: 365
القول الثالث: 367
دلیل القول الثالث: 367
الفصل التاسع: تعارض المفهوم و العموم / 369
المقدّمة: بیان المحقق النائینی (قدس سره): 371
هل یخصَّص العام بالمفهوم المخالف؟. 376
القول الأوّل: تقدیم العامّ علی المفهوم. 377
القول الثانی: تقدیم المفهوم علی العامّ. 378
الوجه الأوّل: 378
الوجه الثانی: 379
القول الثالث: التفصیل الذی أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) 379
القول الرابع: التفصیل الذی أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) 381
الفصل العاشر: تعقّب الاستثناء للجمل / 385
القول الأوّل: 388
القول الثانی: 388
القول الثالث: 388
القول الرابع: 389
القول الخامس: تفصیل المحقّق الخوئی (قدس سره) و هو المختار. 389
ص: 13
الفصل الحادی عشر: تخصیص الکتاب بخبر الواحد / 393
الأمر الأوّل: فی ذکر الأقوال عند الخاصة و العامة. 395
الأمر الثانی: فی ذکر الأدلّة. 397
الوجه الأوّل: 397
الوجه الثانی: 397
أمّا التحقیق حول أقوال العامّة: 399
الدلیل علی القول الأوّل أوجه أربعة: 399
الوجه الأوّل: 399
الوجه الثانی: 400
الوجه الثالث: 400
الوجه الرابع: 401
الدلیل علی القول الثانی: 402
الدلیل علی القول الثالث: 402
الفصل الثانی عشر: الدوران بین التخصیص و النسخ / 403
مقدمة: فی بیان صور المسألة. 405
أما الصورة الأُولی: 408
القول الأوّل: 408
الاستدلال علی عدم إمکان ناسخیة الخاصّ: 408
القول الثانی: 409
استدلال المحقّق النائینی (قدس سره) علی إمکان ناسخیة الخاصّ فی القضیة الحقیقیة: 409
أما الصورة الثانیة: 413
النظریة الأُولی: التفصیل.. 413
النظریة الثانیة: 414
أما الصورة الثالثة: 417
أما الصورة الرابعة: 418
الوجه الأوّل: ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) 418
الوجه الثانی: استدلال المحقّق الخوئی (قدس سره) علی کون الخاصّ مخصّصاً 421
ص: 14
أما الصورة الخامسة: 422
أما الصورة السادسة و السابعة: 423
أما الصورة الثامنة: 424
التنبیه الأوّل: 425
التنبیه الثانی: 428
البحث الخامس: المطلق و المقید و المجمل و المبین
الفصل الأوّل: المراد من المطلق / 433
الأمر الأوّل: تعریف «المطلق». 435
التعریف الأوّل: 435
التعریف الثانی: 437
التعریف الثالث: 437
الأمر الثانی: فی تقابل الإطلاق و التقیید. 438
القول الأوّل: 438
القول الثانی: 439
الفصل الثانی: ألفاظ «المطلق» / 441
الأمر الأوّل: اسم الجنس... 444
الموضع الأوّل: هل دلالته علی الإطلاق بالوضع أو بمقدّمات الحکمة؟. 444
القول الأوّل: 444
القول الثانی: 444
الموضع الثانی: فی ما وضع له «اسم الجنس». 446
القول الأوّل: الکلی الطبیعی.. 446
القول الثانی: ذات المعنی.. 448
بیان القول الثانی: 449
بیان القول الأوّل بتفسیره الثالث: 452
الأمر الثانی: علم الجنس... 455
القول الأوّل: 455
ص: 15
القول الثانی: 455
استدلّ علی ذلک صاحب الکفایة (قدس سره) بوجوه: 456
استدلال المحقّق الخوئی (قدس سره) علی القول الثانی: 457
الأمر الثالث: المفرد المعرف باللام. 459
الموضع الأوّل: فی أقسام المعرّف باللام. 459
ما الدال علی هذه الخصوصیات؟ 460
الموضع الثانی: فی مدلول اللام. 462
القول الأوّل: 462
القول الثانی: 462
الأمر الرابع: الجمع المحلّی باللام. 465
القول الأوّل: توقفه علی جریان مقدمات الحکمة. 465
القول الثانی: عدم توقفه علی جریان مقدمات الحکمة. 465
الوجه الأوّل: الوضع. 465
الوجه الثانی: 466
الأمر الخامس: النکرة. 468
الموضع الأوّل: المراد من النکرة. 468
البیان الأوّل: 468
البیان الثانی: 469
البیان الثالث: القول المختار. 469
الموضع الثانی: هل یکون النکرة من مصادیق «المطلق»؟. 471
القول الأوّل: 471
القول الثانی: 471
التنبیه: إنّ التقیید هل یستلزم المجازیة؟. 473
الفصل الثالث:فی مقدّمات الحکمة / 475
الأمر الأوّل: فی تعیین مقدمات الحکمة. 477
القول الأوّل: 477
القول الثانی: 478
الأمر الثانی: فی بیان مقدمات الحکمة. 479
ص: 16
المقدمة الأولی: فی أن المتکلم لابد أن یتمکن من البیان.. 479
مقام الثبوت... 479
مقام الإثبات... 479
المقدمة الثانیة: فی أن المتکلم فی مقام البیان.. 481
الناحیة الأُولی: بیان هذه المقدمة. 481
الناحیة الثانیة: إذا شک فی أنّ المتکلّم فی مقام البیان. 482
الوجه الثالث: 484
الوجه الرابع: 484
المقدمة الثالثة: فی عدم الاتیان بقرینة متصلة و لا منفصلة. 485
المقدمة الرابعة: فی القدر المتیقن فی مقام التخاطب... 486
الفصل الرابع: هل یمنع الانصراف عن التمسّک بالإطلاق؟ / 489
الموضع الأوّل و الثانی: 491
الموضع الثالث: 492
الموضع الرابع: 493
الفصل الخامس: حمل المطلق علی المقید / 495
المقام الأوّل: 498
المقام الثانی: 501
نظریة المشهور: عدم الحمل.. 502
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره) و هی المختار: 502
الفصل السادس: حمل المطلق علی المقید فی المستحبات / 505
النظریة الأولی: عن المشهور و صاحب الکفایة (قدس سره) 507
النظریة الثانیة: تفصیل المحقق الخوئی (قدس سره) 508
الأوّل: أن یکون ذا مفهوم. 508
الثانی: أن یکون دلیل المقید مخالفاً لدلیل المطلق فی الحکم. 508
الثالث: أن یکون الأمر فی دلیل المقید متعلقاً بنفس التقیید لا بالقید. 508
الرابع: أن یتعلق الأمر فی دلیل المقید بالقید بما هو. 509
ص: 17
النظریة الثالثة: تفصیل بعض الأساطین.. 510
الفصل السابع: المجمل والمبین / 511
تفسیر المجمل و المبین.. 513
أقسام المجمل.. 513
أمّا الإجمال الحقیقی: 514
أمّا الإجمال الحکمی: 514
المجمل و المبین من الأمور الواقعیة أو الإضافیة؟. 514
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): أنهما من الأمور الإضافیة. 514
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره): أنهما من الأمور الحقیقیة. 515
تکلیف الفقیه عند المواجهة مع اللفظ المجمل فی کلام الشارع.. 515
الفهارس... 517
ص: 18
فیه أربع مقدمات و خمسة فصول
مقدمات:
1) فی کلمة «المفهوم»
2) هل النزاع فی ثبوت «المفهوم» أو حجیته؟
3) دلالة الاقتضاء و التنبیه و الإشارة
4) هل المسألة اصولیة أو لا؟ و لفظیة أو عقلیة؟
الفصل الأول: مفهوم الشرط
الفصل الثانی: مفهوم الوصف
الفصل الثالث: مفهوم الغایة
الفصل الرابع: مفهوم الحصر
الفصل الخامس: مفهوم اللقب و العدد
ص: 19
ص: 20
قبل الورود فی البحث لابدّ من بیان مقدمات:
و فیه مطلبان:
إطلاقان لکلمة المفهوم:
إنّ کلمة «المفهوم» قد یطلق علی کلّ ما یفهم من اللفظ أو غیره، فهو یساوق کلمة «المعنی» و یقابله کلمة «المصداق».
و قد یطلق علی المعنی الترکیبی الذی یفهم من اللفظ بالعلاقة اللزومیة إمّا باللزوم البین بالمعنی الأخصّ أو باللزوم البین بالمعنی الأعم و هو المراد ههنا.
و یقابله کلمة «المنطوق» و هو یطلق علی المعنی الترکیبی الذی یدلّ علیه اللفظ بالمطابقة أو بالإطلاق أو بمعونة القرائن العامّة أو الخاصّة.
ص: 21
و فسّره العضدی((1)) بأنّ المنطوق ما یکون حکماً لمذکور و حالاً من أحواله سواء ذکر ذلک الحکم و نطق به أم لا؛ و «المفهوم» (و هو ما دلّ علیه اللفظ لا فی محل النطق) بخلافه بأن یکون حکماً لغیر المذکور و حالاً من أحواله.
قال صاحب الکفایة (قدس سره) فی تعریف «المفهوم»: إنّه عبارة عن حکم إنشائی أو إخباری یستتبع (هذا الحکم الإنشائی أو الإخباری) خصوصیة المعنی المنطوقی بحیث یکون هذا الحکم الإنشائی أو الإخباری من لوازم المعنی المنطوقی لوجود تلک الخصوصیة، سواء کان الدال علی الخصوصیة هو الوضع أو الإطلاق بقرینة الحکمة. ((1))
ص: 25
و نکتفی هنا بما تقدّم من بیان المراد من «المفهوم».
ص: 26
إنّ البحث هنا عن دلالة الجمل الترکیبیة علی المفهوم فمع ثبوت الدلالة یتحقق صغری أصالة الظهور و مع عدم ثبوته فلا صغری لأصالة الظهور.
و علی هذا فالبحث هو فی ثبوت الدلالة، أمّا حجّیتها فهی مفروغ عنها، لأنّ الظهور حجة کما یجیء فی مبحث الحجج.
ص: 27
و فیه مطلبان:
قبل بیان الأقوال لابدّ من تعریف تلک الدلالات.((1))
فهی مقصودة للمتکلم و یتوقف صدق الکلام أو صحته عقلاً أو شرعاً
ص: 28
علیها مثل «لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِی الْإِسْلَامِ»((1)) فإنّ صدق الکلام یتوقف علی تقدیر «الأحکام» بمعنی لا ضرر فی أحکام الإسلام و مثل (وَ سْئَلِ الْقَرْیةَ)((2)) فإنّ صحّة الکلام عقلاً یتوقف علی تقدیر «الأهل» بمعنی و اسأل أهل القریة ومثل «أعتق عبدک عنّی بألف دینار» فإنّ صحة الکلام شرعاً یتوقف علی طلب تملیک العبد بألف دینار أولاً ثم عتقه لأنّه لا عتق إلّا فی ملک. فیکون المعنی ملّکنی هذا العبد بألف دینار ثم أعتقه عنّی.
فهی أیضاً مقصودة للمتکلم ولکن صدق الکلام و صحته لایتوقف علیها مثل قول الرجل لرسول الله (صلی الله علیه و آله): «هَلَکْتُ وَ أَهْلَکْتُ. فَقَالَ (صلی الله علیه و آله) وَ مَا أَهْلَکَکَ؟ قَالَ أَتَیتُ امْرَأَتِی فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِی (صلی الله علیه و آله): أَعْتِقْ رَقَبَةً»((3)) بعنوان الکفارة، فإنّه یدلّ علی أنّ من واقع أهله فی صوم شهر رمضان یجب علیه الکفارة.
قد اختلف فی دخول دلالة الاقتضاء و التنبیه (الإیماء) و الإشارة فی محل النزاع. هنا ثلاثة أقوال:
القول الأوّل: إنّ المحقّق القمی (قدس سره) قال بأنّها دلالة منطوقیة غیر صریحة.
القول الثانی: إنّ المحقّق النائینی((1)) و الخوئی (قدس سره) قالا بأنّها لا منطوقیة و لامفهومیة مع اختلاف بینهما فی تقریر ذلک.
القول الثالث: إنّ بعض الأعلام قالوا بدخول بعضها فی الدلالة المفهومیة.
إنّ انفهام مفهوم ترکیبی من جملة ترکیبیة إن استند إلی دلالة نفس الجملة فی حدّ ذاتها علی ذلک المعنی کانت الدلالة منطوقیةً.
و إن استند إلی لزومه لانفهام منطوق الجملة بنحو اللزوم البین بالمعنی الأخصّ لتکون الدلالة لفظیةً کانت الدلالة مفهومیةً.
و بنحو اللزوم البین بالمعنی الأعم لتکون الدلالة عقلیةً کانت الدلالة سیاقیةً کما فی دلالة الاقتضاء و التنبیه و الإشارة و غیرها من دون فرق فی ذلک بین دلالة جملة واحدة علی المعنی الترکیبی و دلالة جملتین علیه.
و قال((1)) فی وجه الفرق بین الدلالة الالتزامیة بنحو اللزوم البین بالمعنی الأخصّ و بنحو اللزوم البین بالمعنی الأعم:
إنّ الدلالة الالتزامیة تنقسم إلی قسمین: لفظیة و عقلیة.
و وجهه أنّ لزوم انفهام شیء لانفهام الموضوع له إن کان بنحو اللزوم البین بالمعنی الأخصّ (کما فی مثال الضوء و الشمس أو العمی و البصر) فالدلالة لفظیة، لعدم احتیاج دلالة اللفظ حینئذ إلی مقدمة أُخری عقلیة.
و إن کان بنحو اللزوم البین بالمعنی الأعم بأن یکون الانفهام اللازم لانفهام الموضوع له محتاجاً إلی مقدّمة عقلیة خارجیة کانفهام وجوب المقدمة من وجوب ما یتوقف علیها، کانت الدلالة عقلیةً.
إیراد المحقّق الخوئی (قدس سره) علیه:((2))
أولاً: إنّ دلالة الاقتضاء و التنبیه و الإشارة و ما شاکل ذلک خارجة عن محلّ
ص: 31
الکلام، لأنّ اللزوم فی تلک الموارد لزوم غیر بین و یحتاج الانتقال إلی اللازم فی تلک الموارد إلی مقدمة خارجیة.
ثانیاً: إنّ ما أفاده خلط بین اللزوم البین بالمعنی الأعم و اللزوم غیر البین.
توضیح ذلک:((1)) إنّ اللزوم البین بالمعنی الأعم إنّما یمتاز عن اللزوم البین بالمعنی الأخص بأنّه یکفی فی اللزوم البین بالمعنی الأخصّ تعقّل نفس الملزوم فی الانتقال إلی لازمه، بخلاف اللزوم البین بالمعنی الأعم، فإنّه لایکفی فیه ذلک، بل لابدّ فیه من تصوّر اللازم و الملزوم و النسبة بینهما.
و أمّا إذا کان لزوم انفهام شیء لانفهام شیء آخر محتاجاً إلی ضمّ مقدمة عقلیة خارجیة، فاللزوم لایکون بیناً أصلاً و علیه فانفهام وجوب المقدمة من وجوب ذی المقدمة بما إنّه یحتاج إلی حکم العقل بثبوت الملازمة یکون من قبیل اللزوم غیر البین.
إیراد بعض الأساطین (دام ظله) علیه((2))
إنّ بعض أقسام تلک الدلالات لایحتاج إلی المقدمة الخارجیة حتی یکون من اللزوم غیر البین بل اللزوم فیها لزوم بین بالمعنی الأعم و ذلک مثل دلالة الآیتین علی أقلّ الحمل فی دلالة الإشارة و مثل قوله (صلی الله علیه و آله): «کفّر» فی دلالة التنبیه.
نعم بعض أقسام تلک الدلالات یحتاج إلی المقدمة الخارجیة مثل قوله: «أعتق عبدک عنّی بألف دینار» و المقدمة الخارجیة هی «لا عتق إلّا فی ملک».
ص: 32
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علی کونها أُصولیة:((1))
قال (قدس سره): أمّا کونها من المسائل الأُصولیة فلوقوعها فی طریق الاستنباط بنفسها من دون ضمّ کبری أو صغری أُصولیة إلیها (لأنّ کبری حجیة الظواهر مفروغ عنها و لم یختلف فیه الأعلام فلانحتاج إلی ضمّها فی قیاس استنباط الحکم الشرعی).
((2))
إنّ بحث حجیة الظواهر أیضاً محتاج إلی الدلیل الإثباتی و لذا یستدلّ علیها بالسیرة العقلائیة فلابدّ من ضمّ هذه الکبری الأُصولیة إلی بحث المفاهیم فی قیاس الاستنباط.
و لکن المختار هو أنّ المسألة أُصولیة لأنّ مناط أُصولیة المسألة هو وقوع نتیجتها فی قیاس استنباط الحکم الشرعی و إن انضمّ إلیها الکبری.
إنّ للمفاهیم حیثیتین واقعیتین فإنّه بالنظر إلی کون الحاکم بانتفاء المعلول عند انتفاء العلّة هو العقل فهی من المسائل العقلیة و بالنظر إلی کون الکاشف عن العلیة المنحصرة هو الکاشف عن لازمها و هو اللفظ فهی من المسائل اللفظیة.
إنّ المختار هو أنّ المسألة لفظیة و إن کان الحاکم بانتفاء المعلول عند انتفاء العلّة هو العقل لأنّ المفهوم مدلول للفظ بالدلالة الالتزامیة.
إن قلنا: الدلالة الالتزامیة اللفظیة یشترط فیها کون اللزوم بیناًَ بالمعنی الأخصّ فیشکل کونها مسألة لفظیة.
ص: 34
ص: 35
ص: 36
مفهوم الشرط
إنّ الجملة الشرطیة تدلّ علی ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط ولکن اختلف فی دلالتها علی انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط بالوضع أو بالقرائن العامّة بحیث یحمل علیه فی جمیع الموارد إلّا إذا قامت قرینة علی خلافه.
أمّا دلالتها علی المفهوم فی بعض الموارد (من دون دلالة وضعیة أو قرینة عامّة) فلا شبهة فیها، کما أنّه قد استعمل فی بعض الموارد فی مجرد ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط بلا دلالة علی انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط لوجود قرینة خاصّة.
إنّ بعض الأصولیین أنکروا دلالتها مثل السید المرتضی و ابن زهرة و الشیخ الحرّ العاملی و صاحب الکفایة (قدس سرهم) .((1))
ص: 38
ص: 41
ص: 42
إنّ لإثبات المفهوم للشرط خمسة أدلة، الدلیل الأول، من طریق إثبات العلیة المنحصرة و أربعة منها من سائر الطرق.
و فی هذا الدلیل ثمانیة وجوه سنتکلم حولها عند البحث عن الرکن الرابع.
فإنّ ثبوت مفهوم الشرط من هذا الطریق یبتنی علی أربعة أرکان: ((1))
الرکن الأوّل: تعلیق الجزاء و ترتّبه علی الشرط.
الرکن الثانی: أن یکون الترتب و التعلیق لزومیاً فلابدّ من إثبات الملازمة بین الجزاء و الشرط.
الرکن الثالث: أن یکون ترتب الجزاء علی الشرط من باب ترتب المعلول علی العلّة.
ص: 43
الرکن الرابع: أن یکون الشرط علّة منحصرة للجزاء.
هذا الرکن الرابع هو الرکن الأساسی و سیأتی الوجوه الثمانیة الدالة علی إثبات مفهوم الشرط من طریق العلیة المنحصرة فی ضمن الرکن الرابع.
فهو تعلیق الجزاء و ترتبه علی الشرط؛ فهو صحیح بلا إشکال لأنّ الجملة الشرطیة ظاهرة عرفاً فی تعلیق الجزاء و ترتبه علی الشرط و هذا الترتب عند المحقق الإصفهانی (قدس سره) أعمّ من الترتب الخارجی و الترتب فی ظرف عقد القضیة الشرطیة بفرض العقل و اعتباره کما فی مثال «إن کان النهار موجوداً فالشمس طالعة» و سیجیء البحث حول ما أفاده (قدس سره) فی الأمر الثانی إن شاء الله.
إنّ المحقق النائینی (قدس سره) استدلّ فی إثبات هذا الأمر بوجهین:
إنّ الجملة الشرطیة فی المثال المذکور أیضاً تدل علی الترتّب و لکن الترتّب هو فی ظرف عقد القضیة الشرطیة باعتبار العقل کما أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) .
((1))
إنّ ظاهر جعل شیء مقدماً و جعل شیء تالیاً هو ترتّب التالی علی المقدم (و قد صرّح بذلک المحقق النائینی (قدس سره) عند بیان کون العلّة منحصرة).
تتمّة: إنّ تمامیة تعلیق الجزاء و ترتّبه علی الشرط تتوقف علی رجوع القید فی القضیة الشرطیة إلی الهیأة دون المادة، أمّا لو قلنا برجوعه إلی المادة کما ذهب إلیه الشیخ الأنصاری (قدس سره) فیرجع مفهوم الشرط إلی مفهوم الوصف لأنّ الشرط حینئذ یکون قیداً للمادة و المراد بالوصف فی مفهوم الوصف هو القید سواء کان القید وصفاً أم غیر وصف من سائر القیود.
و لکن الحق هو رجوع القید إلی الهیأة خلافاً للشیخ الأنصاری (قدس سره) و خلافاً للمحقق النائینی (قدس سره) حیث توهم استحالة تقیید مفاد الهیأة لأنّه معنی حرفی.
و هو الملازمة بین الشرط و الجزاء فقال أکثر الأعلام بثبوتها.
و قد استدل علیه بوجهین:
ادّعی صاحب الکفایة (قدس سره) وضع الجملة الشرطیة لذلک فقال:
ص: 45
منع دلالة الجملة الشرطیة علی اللزوم و دعوی کونها اتفاقیة فی غایة السقوط لانسباق اللزوم منها قطعاً. ((1))
قال المحقق النائینی (قدس سره) ((2)) و تبعه المحقق الخوئی (قدس سره) ((3)): إنّ دلالة القضیة الشرطیة علی کون العلاقة بین الشرط و الجزاء لزومیة ظاهرة لندرة استعمالها فی موارد الاتفاق جدّاً، بل إنّ ذلک غیر صحیح فی نفسه، و لابدّ فی صحّة الاستعمال فی تلک الموارد من رعایة علاقة و إعمال عنایة، ضرورة أنّه لایصحّ تعلیق کل شیء علی کل شیء.
((4))
یمکن أن یقال: إنّ الشرطیة لاتلازم اللزوم لشهادة الوجدان علی أنّ الشرطیة الاتفاقیة کاللزومیة من دون عنایة.
و الوجه فیه أنّ شأن الأداة الشرطیة جعل متعلّقها و مدخولها واقعاً موقع الفرض و التقدیر و أنّ الشرطیة لیست إلّا لمصاحبة المقدم مع التالی بلا دلالة علی لزوم أو اتفاق و ترتّب الجزاء علی الشرط لایدلّ علی اللزوم، لأنّ الترتّب المستفاد من الجملة الشرطیة أعمّ من الترتّب الخارجی و الترتّب فی ظرف عقد
ص: 46
القضیة الشرطیة باعتبار العقل و فرضه و تقدیره، کما إنّ الفاء بین الجزاء و الشرط تدلّ علی الترتیب إلّا أنّ الترتیب قد یکون باعتبار العقل فلادلالة لمطلق الترتّب علی اللزوم.
فتحصّل: أنّه لا دلالة لأداة الشرط و لا للفاء الواقعة بین الشرط و الجزاء علی الترتّب بنحو الملازمة.
((1))
إنّ المحقق الإصفهانی (قدس سره) صرّح بدلالة أداة الشرط و الفاء علی التعلیق و الترتّب بین الشرط و الجزاء و التعلیق لیس إلّا الارتباط بین الشیئین و لانعنی من اللزوم إلّا هذا.
إنّ الارتباط بین الجزاء و الشرط یکون تارة اتفاقیاً و أُخری لزومیاً فنفس الارتباط و التعلیق لایدلّ علی اللزوم.
إنّ التقسیم الذی ذکره أهل المنطق من أنّ القضیة الشرطیة إمّا لزومیة أو اتفاقیة تقسیم مجازی لا حقیقی، فلا دلالة للقضیة الشرطیة علی کونها لزومیة.
إنّ المحقق الإصفهانی (قدس سره) لم یستدلّ بالتقسیم المذکور بل استدل بالموارد التی
ص: 47
تکون القضیة الشرطیة فیها اتفاقیة و الترتّب بین الجزاء و الشرط باعتبار العقل و فرضه فی ظرف القضیة الشرطیة.
إنّ إناطة وجوب الإکرام بالمجیء فی مثال «إذا جاءک زید فأکرمه» هی المستفاد من أداة الشرط، فمفهوم الأدوات الشرطیة الإناطة و التعلیق لا مجرد الفرض و التقدیر.
إنّ المحقق الإصفهانی (قدس سره) أیضاً صرّح بدلالة أداة الشرط علی التعلیق و لکن قال: التعلیق قد یکون خارجیاً و قد یکون بمجرد فرض العقل و اعتباره فی ظرف القضیة الشرطیة.
إنّ الفاء دالّة علی ترتّب الجزاء علی الشرط و لکن لو حذفنا الفاء نجد القضیة الشرطیة بنفسها دالّة علی الترتّب فما یدلّ علی الترتّب هو وقوع الجزاء بعد الشرط.
نفس وقوع جملة بعد جملة لایدل علی الترتّب بینهما ما لم یکن بینهما ربط خاص و أداة الشرط و الفاء وُضِعتا لتدلّا علی الربط بین الجملتین و الترتّب بینهما و المحقق الإصفهانی (قدس سره) یری أنّ الربط التعلیقی و الترتّبی قد یکون بفرض العقل فی ظرف القضیة الشرطیة.
ص: 48
إنّ الترتّب المطلق یدلّ علی اللزوم و لکن إذا کان الترتّب فی ظرف القضیة الشرطیة بفرض العقل فاللزوم أیضاً یکون فی ظرف القضیة الشرطیة بفرض العقل.
فتحصّل من ذلک: أنّ القضیة الشرطیه کما تدلّ علی ترتّب الجزاء علی الشرط تدلّ علی أنّ الترتّب و التعلیق یکون لزومیاً فالدلالة علی الترتّب لفظیة و أمّا اللزوم فیدرکه العقل لأنّ الترتّب مستلزم عقلاً للزوم بین المترتب و المترتب علیه.
و هو أن یکون ترتّب الجزاء علی الشرط من باب ترتّب المعلول علی العلّة.
فهذا أیضاً قد اختلف فیه الأعلام فإنّ صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) و المحقق الخوئی (قدس سره) و بعضاً آخر أنکروا ذلک و فی قبالهم المحقق النائینی (قدس سره) و جمع آخر أثبتوه حیث قالوا بأنّ المقدّم فی القضیة الشرطیة علّة للتالی.
إنّ ظاهر جعل شیء مقدماً و جعل شیء آخر تالیاً هو ترتّب التالی علی المقدم، فإن کان هذا الترتّب موافقاً للواقع و نفس الأمر بأن یکون المقدم علّة للتالی فهو
ص: 49
و إلّا لزم عدم مطابقة ظاهر الکلام للواقع مع کون المتکلم فی مقام البیان علی ما هو الأصل فی المخاطبات العرفیة و علیه فبظهور الجملة الشرطیة فی ترتّب التالی علی المقدم یستکشف کون المقدم علّة للتالی.
((1))
هذا الذی أفاده (قدس سره) و إن کان غیر بعید فی نفسه نظراً إلی أنّ المتکلم إذا کان فی مقام بیان تفرع الجزاء علی الشرط و ترتّبه علیه بحسب مقام الثبوت و الواقع لدلّت القضیة علی ذلک فی مقام الإثبات أیضاً للتبعیة نظیر ما إذا قلنا «جاء زید ثم عمرو» فانّه یدل علی تأخر مجیء عمرو عن مجیء زید بحسب الواقع و نفس الأمر و إلّا لم یصحّ استعماله فیه.
و لکن إذا لم یکن المتکلم فی مقام بیان ذلک بل کان فی مقام الإخبار أو الإنشاء فلایتمّ ما أفاده (قدس سره) و ذلک لأنّ القضیة الشرطیة عندئذ لاتدلّ إلّا علی أنّ إخبار المتکلم عن وجود الجزاء متفرع علی فرض وجود الشرط أو إنشاء الحکم و اعتباره متفرع علی فرض وجوده و تحققه.
و أمّا أنّ وجود الجزاء واقعاً مترتب علی وجود الشرط فلا دلالة للقضیة علی ذلک أصلاً ضرورة أنّه لا مانع من أن یکون الإخبار عن وجود العلّة متفرعاً علی
ص: 50
فرض وجود المعلول فی الخارج، و الإخبار عن وجود أحد المتلازمین متفرعاً علی فرض وجود الملازم الآخر فیه.
((1))
إنّ دلالة القضیة الشرطیة علی الترتّب صحیحة کما هو مقتضی کلمة الفاء إلّا أنّها لاتدل علی أنّ هذا الترتّب من ترتّب المعلول علی العلّة التّامة، بحیث یکون استعمالها فی غیره مجازاً، بل هی تدل علی مطلق الترتّب سواء کان من قبیل ترتّب المعلول علی العلّة التامّة أو من قبیل ترتّب العلّة علی المعلول (کما فی برهان الإنّ) أو من قبیل ترتّب أحد معلولین لعلّة ثالثة علی المعلول الآخر (کقوله: إن کان النهار موجوداً فالعالم مضیء).
و من ناحیة أُخری إنّ القضیة الشرطیة لاتدل علی المفهوم فی موارد البرهان الإنّی لوضوح أنّ غایة ما تقتضیه القضیة الشرطیة فی تلک الموارد هو أنّ تحقق المقدم یستلزم تحقق التالی و یکشف عنه فیکون وسطاً للإثبات و العلم دون الثبوت و الوجود و لاتدل علی امتناع وجود التالی من دون وجود المقدم، بداهة أنّ وجود المعلول و إن کان یکشف عن وجود العلّة إلّا أنّ عدمه لایکشف عن عدمها، لإمکان أن یکون عدمه مستنداً إلی وجود المانع لا إلی عدمها، مثلاً وجود الممکن فی الخارج کاشف عن وجود الواجب بالذات و لکن عدمه لا یکشف عن عدم الواجب بالذات و لا عن عدم وجود ممکن آخر، لجواز أن یکون عدمه مستنداً إلی ما یخصّه من المانع.
نعم عدم المعلول یکشف عن عدم علّته التامّة کما أنّ وجوده یکشف عن
ص: 51
وجودها و عدم أحد المعلولین لعلّة ثالثة یکشف عن عدم الآخر کما یکشف عن عدم علته التامّة.
أنّ الترتّب المطلق (لا مطلق الترتّب) هو الترتّب بنحو العلیة و حینئذ یقع الکلام فیما إذا لم تقم قرینة علی تعیین نوع الترتّب فهل لنا طریق إلی إحراز کون الترتّب هنا ترتباً مطلقاً أو لا؟ فإنّه یمکن أن یستدل بالإطلاق الانصرافی((1)) أو بالإطلاق بمقدمات الحکمة لإحراز الترتّب المطلق و یأتی بیان طرق إحراز ذلک فی المرحلة الرابعة، فإن تمّ بعض هذه الطرق فی المرحلة الرابعة یجدی ذلک فی إحراز علیة الشرط فی المرحلة الثالثة أیضاً.
و هو أن یکون الشرط علّة منحصرة((2)) فإنّه قد ادّعی هنا إثبات العلّیة المنحصرة و إحرازها بوجوه متعدّدة فلابدّ من البحث حولها و هنا ثمانیة وجوه.
ص: 52
و بیانه هو أنّ الترتّب بنحو العلّیة المنحصرة أکمل أفراد الترتّب و المطلق عند الإطلاق ینصرف إلی أکمل الأفراد، أو فقل: إنّ أکمل أفراد العلقة اللزومیة هو اللزوم بین العلّة المنحصرة و معلولها فلابدّ أن ینصرف المطلق عند الإطلاق إلیه و هذا الإطلاق الانصرافی یوجب أن یحمل الترتّب و اللزوم فی القضیة الشرطیة علی الترتّب المطلق و اللزوم المطلق.
ص: 54
((1))
أما منع الکبری: فلعدم کون الأکملیة موجبة للانصراف إلی الأکمل، سیما مع کثرة الاستعمال فی غیره.
و أما منع الصغری: فلعدم کون اللزوم بین العلة المنحصرة و معلولها أکمل مما إذا لم تکن العلّة بمنحصرة فإنّ الانحصار لایوجب أن یکون ذاک الربط الخاص الذی لابدّ منه فی تأثیر العلّة فی معلولها آکد و أقوی.
ص: 55
و هو الإطلاق بمقدمات الحکمة بتقریره الأول.((1))
إنّ مقتضی الإطلاق بمقدمات الحکمة هو العلّیة المنحصرة کما أنّ مقتضی إطلاق صیغة الأمر هو الوجوب النفسی.
بیانه: إنّ الوجوب النفسی مقید بقید عدمی و هو الوجوب لا للغیر و الوجوب الغیری مقید بقید وجودی و هو الوجوب للغیر.
و قد تقدم فی بحث الوجوب النفسی أنّه فیما إذا تمّت مقدمات الحکمة یتمسک بالإطلاق لإثبات أنّ الوجوب نفسی لأنّ القید العدمی لایحتاج إلی البیان الزائد أما القید الوجودی فیحتاج إلی مؤونة بیان زائد.
و هذا الإطلاق أیضاً یجری فی مفهوم الشرط، فإنّ العلّة المنحصرة هی التی لیس معها شیء و العلّة غیر المنحصرة هی ما یکون معها عدل فی العلّیة و مع عدم بیان عدل للشرط فیتمسک بالإطلاق و هو یقتضی انحصار العلّة.
ص: 56
((1))
«هذا فیما تمّت هناک مقدمات الحکمة و لا تکاد تتم فی ما هو مفاد الحرف کما ههنا و إلا لما کان معنی حرفیا کما یظهر وجهه بالتأمل».((2))
بیان ذلک: إنّه یعتبر فی جریان الإطلاق بمقدمات الحکمة أن یکون المعنی قابلاً للإطلاق و المعنی الحرفی لیس کذلک.
و الوجه فیه: أولاً: جزئیة المعنی الحرفی لأنّ الجزئی لا یکون قابلاً للتقیید فلایکون قابلاً للإطلاق أیضاً.
ثانیاً: أنّ المعنی الحرفی لا یلحظ استقلالاً و ما لا یلحظ استقلالاً لایکون قابلاً للإطلاق و التقیید، فالإطلاق و التقیید یجریان فی المعانی الاسمیة التی تلحظ استقلالاً لا المعانی الحرفیة التی تلحظ آلیاً.
ص: 57
((1))
أولاً: بالنقض حیث إنّ مدالیل الهیئات کلها معان حرفیة و مع ذلک تمسکوا بإطلاقها لإثبات نفسیة الوجوب و عینیته و تعیینیته فی قبال الغیریة و الکفائیة و التخییریة فإن قلنا بأنّ المعنی الحرفی غیر قابل للإطلاق و التقیید فلا یمکن أن نتمسک بإطلاق هیأة «افعل».
ثانیاً: بالحلّ فإنّ مفاد الهیئات علی مسلک صاحب الکفایة (قدس سره) مثل مفاد المعانی الاسمیة کما قال صاحب الکفایة (قدس سره) فی بحث الواجب المشروط أما حدیث عدم الإطلاق فی مفاد الهیأة فقد حققنا سابقاً أنّ کل واحد من الموضوع له و المستعمل فیه فی الحروف یکون عامّاً کوضعها.
و أما علی ما هو مقتضی التحقیق أیضاً یکون المعنی الحرفی قابلاً للإطلاق و التقیید.
و لعلّ وجه ذلک هو أنّ خصوصّیة المعنی الحرفی و جزئیته بتقومها بطرفیها فالمعانی الحرفیة لیست کلیة بمعنی ما لا مانع من صدقها علی الکثیرین لعدم الجامع الذاتی بین أفرادها بل هی کلیة بمعنی قبولها للوجودات، و تقیید المعانی الحرفیة و الهیئات هو بمعنی أنّ البعث الملحوظ نسبة بین أطرافها من الباعث و المبعوث و المبعوث إلیه ربما یکون مطلقاً و أُخری یکون مخصّصاً و مشروطاً من جهة الشرط الذی علّق علیها.
و الإطلاق و التقیید فی المعانی الحرفیة لیسا بمعنی سعة المفهوم و تضییقه حتی یستشکل علیه بعدم إمکان سعة مفهومه و تضییقه بل الإطلاق بمعنی عدم
ص: 58
تعلیق الفرد الموجود علی شیء و تعلیق الطلب لیس من شؤونه حتی یکون موجباً لتضییق دائرة مفهومه، فالتقیید بمعنی تعلیقه علی أمر مقدر الوجود.((1))
ص: 59
«تعینه [أی تعین اللزوم و الترتّب بنحو العلّیة المنحصرة] من بین أنحائه [أی أنحاء اللزوم و الترتّب] بالإطلاق المسوق فی مقام البیان بلا معین و مقایسته بتعینالوجوب النفسی بإطلاق صیغة الأمر مع الفارق، فإنّ النفسی هو الواجب
ص: 60
علی کل حال بخلاف الغیری فإنّه واجب علی تقدیر دون تقدیر، فیحتاج بیانه إلی مؤونة التقیید بما إذا وجب الغیر، فیکون الإطلاق فی الصیغة مع مقدمات الحکمة محمولاً علیه.
و هذا بخلاف اللزوم و الترتّب بنحو الترتب علی العلّة المنحصرة، ضرورة أنّ کل واحد من أنحاء اللزوم و الترتّب محتاج فی تعینه إلی القرینة مثل الآخر، بلاتفاوت أصلاً».((1))
((2))
إنّ الانحصار و عدمه لیسا من شؤون العلّیة أصلاً حتی یکون الإطلاق مقتضیاً لإثبات الخصوصیة أو نفیها بل حیثیة العلّیة أجنبیة عن حیثیة الانحصار و عدمه و إنّما هما من شؤون العلّیة، و الکلام فی الإطلاق من حیث السببیة لا الإطلاق من حیث وحدة السبب و تعدّده.
فتحصّل من ذلک بطلان الطریق الثالث (أی التقریر الأول للتمسک بالإطلاق بمقدمات الحکمة).
ثم إنّ الطریق الثالث لو ثبت یکون دلیلاً علی انحصار العلّیة فی الشرط بعد الفراغ عن أصل علّیته فلایکاد أن یتمسک به لإثبات العلّیة أوّلاً و انحصارها فی الشرط ثانیاً بخلاف الطریق الثانی و هو الإطلاق الانصرافی.
ص: 61
هنا إیرادات أخر لانطیل الکلام بذکرها. ((1))
إنّه لو لم یکن الشرط منحصراً یلزم علی المتکلم تقییده بأمر سابق أو مقارن ضرورة أنّه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أثّر وحده بل التأثیر للأمر السابق فیما إذا سبق غیره و للجامع بینهما أو لمجموعهما فی صورة المقارنة و مقتضی إطلاق الشرط هو کونه شرطاً من دون دخل أمر سابق أو مقارن و هذا الإطلاق یدل علی أنّ الشرط هی العلّة المنحصرة.
ص: 63
((1))
((2))
إنّ هذا الإطلاق لو تمّ فلاتکاد تنکر الدلالة علی المفهوم إلّا أنّ انعقاد الإطلاق لو لم نقل بعدم اتفاقه فهو نادر تحققاً، لعدم إحراز أنّ المتکلم کان فی مقام بیان انحصار الشرط و العلّة بل المتکلم هو فی مقام بیان ترتّب الجزاء علی الشرط من دون نظر و التفات إلی أنّه بنحو الترتّب علی العلّة المنحصرة أو لا. (فالقضیة الشرطیة تدل علی استناد الجزاء إلی الشرط و لاتدل علی أنّ الشرط هو تمام ما هو المؤثر و المستند).
إنّ الأصل فی الخطابات الشرعیة هو کون الشارع فی مقام بیان تمام القیود، کما سیأتی بیانه إن شاء الله تعالی.
الإیراد الثانی: (3) من المحقق النائینی و المحقق الإصفهانی (قدس سرهما):
قال المحقق الإصفهانی (قدس سره) فی توضیح الإیراد (إیراد صاحب الکفایة (قدس سره)) علی هذا الطریق:
ص: 64
إنّ القدر المسلّم من القضیة الشرطیة إفادة العلّیة و صلاحیة الشیء للتأثیر من دون دخل شیء وجوداً أو عدماً فی علیته الذاتیة، و أما ترتّب المعلول بالفعل علی العلّة فهو أمر آخر قد یتفق سوق الإطلاق بلحاظه. ((1))
کما قال المحقق النائینی (قدس سره): إنّ استناد التالی فی وجوده إلی المقدم بالفعل فلیس المتکلم فی مقام بیانه قطعاً لیتمسک بإطلاق کلامه لإثبات انحصار العلّة بالمقدم.((2))
إنّ القضیة الشرطیة هی فی مقام بیان اقتضاء الشرط و صلاحیته للتأثیر فی تحقق الجزاء و ترتّبه علیه لا فی مقام بیان فعلیة تأثیر الشرط فی تحقق الجزاء و لذا لاینافی ذلک عدم ترتّب الجزاء لوجود مانع کما أنّه لاینافی کون غیره جزء المؤثر.
قال (قدس سره) فی منتقی الأصول:((3)) إنّ مقتضی هذا الإیراد هو أن لایستفاد من القضایا
ص: 65
الشرطیة فی لسان الشارع فعلیة الوجوب عند تحقق الشرط فلابدّ أن یتوقف فی الحکم بوجوب الوضوء فی قوله «إذا نُمْتَ فَتوَضأ».
و قال بعض الأساطین (دام ظله):((1))بعد الفراغ عن الترتّب و علّیة الشرط یقال: إنّ الألفاظ تفید فعلیة وجود المعنی لا شأنیته فأداة الشرط ظاهرة فی الشرطیة الفعلیة لا الشرطیة الشأنیة.
و لایخفی أنّ هذا الإطلاق لو تمّ یدلّ علی انحصار العلّة فلابدّ فیه من إحراز کون الشرط علّة حتی یتمسّک بهذا الإطلاق لبیان انحصاره و أما لو لم یثبت علّیة الشرط للجزاء فلایفید التمسک بهذا الإطلاق.
بعض الأعلام استشکل هذا التقریر بأنّه یبتنی علی دلالة القضیة الشرطیة علی ترتّب الجزاء علی الشرط بنحو ترتّب المعلول علی العلّة مع أنّه غیر ثابت.
ص: 66
((1))
إنّه إشکال مبنائی لأنّا افترضنا مفروغیة علّیة الشرط للجزاء (فإنّ بعض الأساطین (دام ظله) من أساتیذنا اختار ما أفاده المحقق النائینی (قدس سره)).
و الحاصل: أنّه لایبعد تمامیة هذا الوجه.
و هو الإطلاق بمقدمات الحکمة بتقریره الثالث((2)) (إطلاق الشرط أیضاً).
قد أورده فی الکفایة بعنوان التوهم ثم ناقش فیه((3)) و فی قبال صاحب الکفایة (قدس سره) بعض الأعلام مثل المحقق النائینی (قدس سره) اعتمدوا علی هذا الوجه.
تقریره لإطلاق الشرط هو أنّ الشرط المذکور فی القضیة الشرطیة إما یکون
ص: 67
فی حدّ ذاته ممّا یتوقف علیه عقلاً وجود ما هو متعلق الحکم فی الجزاء، و إما لا یکون کذلک.
و علی الأوّل فبما أنّ ترتّب الجزاء علی الشرط و تقیده به قهری فلایکون للقضیة مفهوم مثل قولهم: إن رزقت ولداً فاختنه حیث إنّه لبیان تحقق الحکم عند تحقق الموضوع.
و أما علی الثانی فالحکم الثابت فی الجزاء إما مطلق بالنسبة إلی الشرط المذکور أو مقید به و ظاهر القضیة الشرطیة هو أنّه مقید بوجود الشرط، و بما أنّ المتکلم فی مقام البیان و قد أتی بقید واحد و لم یقیده بشیء آخر سواء کان التقیید بذکر عدل له ب- «أو» أم بانضمام شیء إلیه ب- «الواو» فیستکشف من عدم تقیید الشرط بالشیء الآخر الذی یعطف علیه ب- «الواو» عدم کون الشرط مرکباً من المذکور
ص: 68
فی القضیة و غیره و أیضاً یستکشف من إطلاقه و عدم تقییده بمثل العطف ب: «أو» انحصار الشرط بما هو مذکور فی القضیة.
و هذا نظیر استفادة الوجوب التعیینی من إطلاق الصیغة، فکما أنّ إطلاقها یقتضی عدم سقوط الواجب بإتیان ما یحتمل کونه عدلاً له فیثبت به کون الوجوب تعیینیاً، کذلک مقتضی الإطلاق فی المقام هو انحصار قید الحکم بما هو مذکور فی القضیة، فیثبت به أنّه لا بدل له فی ترتّب الحکم علیه.
((1))
إنّ کلیهما من باب إطلاق الشرط لکن الإطلاق بتقریره الثانی کان بلحاظ حالات الشرط من جهة انضمام شیء إلی الشرط سواء کان مسبوقاً أم مقارناً و أما الإطلاق بتقریره الثالث فکان بلحاظ عدل الشرط و بدله و إن کان الشرط منعدماً ففی الإطلاق بالتقریر الثانی لوحظ وجود الشرط منضمّاً و فی الإطلاق بالتقریر الثالث لم یلاحظ وجوده منضمّاً.
ص: 69
((1))
لا یجوز قیاس القضیة الشرطیة بالوجوب التعیینی و التخییری فإنّ وجود البدل و العدل للعلّة غیر وجود البدل و العدل للواجب لأنّ سنخ الوجوب التخییری مباین لسنخ الوجوب التعیینی فإنّهما مغایران ثبوتاً و إثباتاً.
أما ثبوتاً فلأنّ مصلحة الوجوب التعیینی قائمة بنفس الواجب و مصلحة الوجوب التخییری قائمة إما بالجامع بین أفراد التخییر أو بکل منهما علی حدة و الوجوب التعیینی غیر مشوب و لکن الوجوب التخییری وجوب مشوب بجواز ترکه إلی البدل.
و أما إثباتاً فلأنّ الواجب التخییری یحتاج إلی بیان زائد بالعطف ب- «أو» بخلاف الواجب التعیینی فإنّه لایحتاج إلی بیان زائد و حینئذٍ لابدّ من بیان العدل لو کان موجوداً و إلّا لأخلّ عدم البیان بسنخ الوجوب و أما سنخ العلّة
ص: 70
المنحصرة لا یختلف مع سنخ العلّة غیر المنحصرة فعدم بیان العدل و البدل لایضر بسنخ العلّة و لذا لا ملزم لکون المتکلم فی مقام بیانه.((1))
((1))
و بیانه یتوقف علی مقدّمة و هی أنّ الشارع یکون فی مقام بیان الأحکام الشرعیة بجمیع قیوده و ذلک من سیرته فی جمیع کلماته إلّا فیما إذا کانت المصلحة فی عدم البیان و لایضرّ تلک الموارد بظهور القضایا الشرعیة فی کونها لبیان جمیع القیود و الشرائط.
ص: 72
و بحث مفهوم الشرط أعمّ من مقام استنباط الأحکام الشرعیة بل هو یشمل المباحث التفسیریة و أیضاً یشمل جمیع المحاورات العرفیة و لکنّا نبحث عنه من جهة کونه فی طریق استنباط الأحکام الشرعیة و لذا لانشک فی کون الشارع فی مقام بیان الأحکام و أما فی المباحث التفسیریة فلم یثبت کون القضیة الشرطیة فی مقام بیان جمیع القیود و الشرائط و لذا نری أنّ المحدث الحر العاملی (قدس سره) ادعی فی الفوائد الطوسیة((1)) أنّ الآیات القرآنیة التی لا مفهوم للشرط فیها تبلغ مأة و عشرین آیة و لکن الآیات التی اعتبرت فیها مفهوم الشرط لاتبلغ هذا المقدار و لذا جعل ذلک دلیلاً علی عدم حجیة مفهوم الشرط و لکنه یرد علیه أنّ عدم دلالة أکثر الآیات المشتملة علی القضیة الشرطیة علی المفهوم هو من جهة عدم کونها فی مقام البیان و لکن البحث هنا یقع فیما إذا کان المتکلم فی مقام بیان جمیع القیود و الشرائط فهل حینئذ یدلّ القضیة الشرطیة علی المفهوم أو لا؟
فنقول: إذا کان المولی فی مقام بیان کل ما له العلّیة (أو فقل: فی مقام بیان جمیع القیود و الشرائط) فاقتصر علی خصوص المجیء مثلاً، کشف ذلک عن انحصاره فیها و إلّا کان ناقضاً لغرضه.
و هذا البیان الذی أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) هو الاستدلال بالإطلاق المقامی فی قبال الاستدلال بالإطلاق الانصرافی و الإطلاق اللفظی.
و الحاصل: تمامیة الإطلاق المقامی الّذی تمسّک به المحقق الإصفهانی (قدس سره) عندنا.
ص: 73
((1))
إنّ مقتضی الترتّب العلّی علی المقدم بعنوانه أن یکون بعنوانه الخاصّ به علّة، و لو لم تکن العلّة منحصرة لزم استناد التالی إلی الجامع بینهما و هو خلاف ظاهر الترتب علی المقدم بعنوانه.
((2))
إنّ ذلک یتمّ فی ما إذا قلنا بجریان قاعدة «الواحد لایصدر إلّا عن الواحد» فی هذا المقام و لکنّه ممّا لا یمکن الإلتزام به لأنّ هذه القاعدة لاتجری فی العلل الطبیعیة کما أنّها لاتجری فی موضوعات الأحکام التی هی کالعلل للأحکام.
ص: 74
((1))
و هو الطریق الأول الذی سلکه المحقق العراقی (قدس سره)، فقال: إنّ دلالة القضیة الشرطیة علی التلازم بین المقدم و التالی بل و علی کون اللزوم بینهما بنحو العلّیة و المعلولیة، فالظاهر هو کونها فی غایة الوضوح کما یشهد به الوجدان و یوضحه المراجعة إلی العرف و أهل المحاورة و اللسان فی نحو هذه القضایا حیث تری أنّهم یفهمون منها الترتّب بین المقدّم و التالی بنحو العلّیة فضلاً عن اللزوم بینهما و علیه فدعوی المنع عن الدلالة علی اللزوم أو الترتّب بنحو العلیة فی غایة السقوط.
و لکن لدعوی المنع عن الترتّب بنحو العلّیة المنحصرة مجال ثم استدل علی ذلک بالإطلاق الانصرافی و بالإطلاق بمقدمات الحکمة.
تم الکلام هنا عن الدلیل الأول علی إثبات مفهوم الشرط و هو الاستدلال علیه من طریق إثبات العلیة المنحصرة، و قد تقدم أنّ لإثبات المفهوم الشرط خمس أدلة، فتصل النوبة إلی الدلیل الثانی.
تمامیة هذا الدلیل الأول بالإطلاق بمقدّمات الحکمة بالتقریر الثانی و بالإطلاق المقامی.
ص: 75
و هو ما أفاده أبو المجد الإصفهانی (قدس سره) فی وقایة الأذهان((1)) و الشهرستانی (قدس سره) فی غایة المسؤول.((2))
قبل بیان مختارهما نتعرض لمقدمة حتی یتضح ذلک:
إنّ المحقق الأنصاری (قدس سره) قال: إنّ لفظ التعلیق مشعر بالانتفاء عند الانتفاء((3)) و قال أیضاً صاحب منتقی الأصول (قدس سره) ((4)) بالفرق بین معنی الترتّب و التعلیق (خلافاً لبعض الأعلام مثل المحقق الإصفهانی (قدس سره)) و فسّر التعلیق بأنّه ربط أحد الشیئین بالآخر بنحو لایتخلف عنه و لایمکن تحققه بدونه فهو یساوق العلّیة المنحصرة إذ من الواضح أنّ الشیء إذا کان یوجد بسببین لایقال: إنّه معلّق بکل منهما.
و فی قباله بعض الأعلام استعملوا التعلیق فیما لایفید الانتفاء عند الانتفاء مثل صاحب المعالم (قدس سره) حیث عبّر فی مفهوم الوصف أیضاً بالتعلیق((5)) و کما تقدّم ذلک فی کلام المحقق الإصفهانی (قدس سره) حیث أردفه بالترتّب.
ص: 76
((1))
قال: إنّ التعلیق یدل علی الملازمة بین الشرط و الجزاء.
و قال: إن ثبت مفهوم للشرط فلیس لوضع «إن» و سائر حروف الشرط لذلک بل یثبت من التعلیق الذی دلّت أدواته علیه، فالأدوات تدل علی التعلیق و التعلیق یدل علی المفهوم حیث إنّه لاشک فی ظهور التعلیق فی اختصاص الحکم و التخصیص بالشرط لابدّ له من باعث صالح یدعو إلیه و احتمال وجود نکته أُخری غیر اختصاص الحکم بالشرط لایضرّ بالظهور فی اختصاصه به کما لایضرّ احتمال وجود القرینة الصارفة بظهور اللفظ فی المعنی الحقیقی فیدفع هنا بالأصل کما یدفع هناک و التعلیق یدل علی الملازمة بین الشرط و الجزاء بل هو معنی التعلیق و للملازمة أقسام و الظاهر الغالب کونها من قبیل سببیة الشرط للجزاء ما لم تکن قرینة علی خلافها و بالغ جماعة فجعلوها ظاهرة فی العلّة التامّة المنحصرة و یکفی فی فساده القطع بأنّ من قال «إن أکرمک فأکرمه» و قال بعده «إن زارک فأکرمه» لیس لکلامه الثانی أدنی مخالفة لکلامه الأول.
إنّ ما أفاده من الظهور الغالب فی السببیة لایکفی لإثبات مفهوم الشرط بل لابدّ من إثبات الانحصار فما أفاده من أنّ الظهور فی العلّة التامّة المنحصرة فاسد لایناسب المقام بل ما أفاده من أنّ التعلیق ظاهر فی اختصاص الحکم لیس إلّا من باب انحصار سببیة الشرط، نعم إنّ ادعاء وضع القضیة الشرطیة للعلة التامّة المنحصرة فاسد لا ادعاء الظهور فیها.
ص: 77
و هو ما أفاده المحقق العراقی (قدس سره) ((1)) و إنّه سلک من طریقین تارةً من طریق إثبات العلّة المنحصرة کما تقدم و أخری من طریق آخر غیر إثبات انحصار العلّة فی الشرط و البحث هنا فی هذا الطریق الثانی.
قبل بیان مفاد القضیة الشرطیة لابدّ من تحلیل معنی القضیة الحملیة، فإنّ القضیة الحملیة لاتقتضی أزید من کون المتکلم فی مقام إثبات حکم وجوب الإکرام لزید بنحو الطبیعة المهملة و لایقتضی أن تکون بصدد إثبات سنخ الحکم و الطبیعة المطلقة (و المهملة فی قوة القضیة الشخصیة و لاینافی هذا الإهمال إطلاق الموضوع و الحکم بحسب حالات الموضوع).
نعم مقتضی القضیة الحملیة ثبوت الحکم للموضوع (و هو «زید» فی المثال المذکور) من جهة جمیع حالاته من القیام و القعود و المجیء و غیر ذلک و هذا معنی إطلاق الموضوع.
و لمّا کان موضوع الحکم مطلقاً بحسب الحالات من المجیء و غیره یلزمه إطلاق فی طرف الحکم المترتب علیه أیضاً بحسب تلک الحالات.
و یلزم من ذلک (إطلاق الحکم و الموضوع بحسب حالات الموضوع) عدم جواز ثبوت وجوب آخر أیضاً لذلک الموضوع فی حال القیام و القعود و المجیء من جهة ما یلزمه حینئذٍ بعد هذا الإطلاق من لزوم محذور اجتماع المثلین.
ص: 78
(و عدم جواز ثبوت وجوب آخر شخصی لما یلزمه من محذور اجتماع المثلین هو ممّا یبتنی علیه الاستدلال علی مفهوم الشرط).
و حینئذ نقول: إنّ طبع أداة الشرط الوارد علیها أیضاً فی نحو قوله: «إن جاء زید یجب إکرامه» لایقتضی إلّا مجرد إناطة النسبة الحکمیة بما لها من المعنی الإطلاقی بالشرط و هو المجیء.
فإذا کان مقتضی طبع القضیة الحملیة فی مثل قوله «أکرم زیداً» هو ثبوت حکم شخصی محدود ل- «زید» علی الإطلاق (جمیع حالات زید) الملازم لانحصار الحکم الشخصی و عدم وجود فرد آخر منه فی بعض حالات الموضوع (مثل حالة عدم المجیء) فلاجرم بعد ظهور الشرط فی دخل الخصوصیة بمقتضی ما بیناه یلزمه قهراً انتفاء وجوب الإکرام عن زید عند انتفاء المجیء و عدم ثبوت وجوب شخصی آخر له فی غیر حال المجیء و یلزمه عقلاً انتفاء سنخ الحکم (وجوب الإکرام) عن الموضوع (زید) عند انتفاء الشرط (المجیء) و لانعنی من المفهوم إلّا ذلک.
و قد استشکل علیه بعض الأعلام بما لایمکننا المساعدة علیه فلا نتعرض له.
و الحق فی الإیراد علیه: هو أنّ الإطلاق الأحوالی ل- «زید» إن کان موضوعاً للحکم الشخصی بوجوب الإکرام و بعد ذلک قید بحالة المجیء فیصح ما أفاده حیث إنّ الحکم الشخصی اختصّ بحالة المجیء و لم یبق وجه لهذا الحکم فی صورة عدم المجیء و لکن إن قلنا بأنّ الموضوع لوجوب الإکرام من الأول هو
ص: 79
زید فی حالة مجیئه کما هو الظاهر من القضیة الشرطیة فلاینافی ذلک وجود حکم شخصی آخر لزید فی حالة عدم مجیئه، لأنّ کل موضوع یقبل حکماً شخصیاً غیر الحکم الشخصی الذی یختصّ بموضوع آخر.
ص: 80
و هو ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) ((1))
إنّ الجملة الخبریة موضوعة للدلالة علی قصد المتکلم الحکایة و الإخبار عن ثبوت النسبة فی الواقع أو نفیها عنه و ذلک لأمرین:
الأول: إنّها لاتدلّ علی ثبوت النسبة فی الواقع أو عدمه مع قطع النظر عن حال المخبر من حیث وثاقته و قطع النظر عن القرائن الخارجیة.
الثانی: إنّ الوضع عبارة عن التعهّد و الالتزام النفسانی المبرز بمبرزٍما فی الخارج فاللفظ یدلّ علی أنّ المتکلم به أراد تفهیم معنی خاصّ و التعهد و الالتزام یتعلقان بالفعل الاختیاری فلا یتعلقان بثبوت النسبة فی الواقع أو عدم ثبوتها فیه لأنّ ثبوت النسبة و عدمها خارج عن اختیار المتکلم بل هو تابع لثبوت عللها فی الواقع، فالتعهد و الالتزام یتعلقان بإبراز قصد الحکایة و الإخبار عن ثبوت النسبة أو عدمها فی الخارج.
فالجملة الخبریة تشترک مع الجملة الإنشائیة فی الدلالة علی قصد المتکلّم لأنّ الجملة الإنشائیة موضوعة للدلالة علی قصد المتکلّم إبراز الأمر الاعتباری النفسانی فهما لاتتصفان بالصدق و الکذب نعم إنّ لمدلول الجملة الخبریة واقعاً موضوعیاً دون مدلول الجملة الإنشائیة و لذا تتصف الجملة الخبریة بالصدق و الکذب بملاحظة مطابقة مدلولها للواقع و عدم مطابقته له.
ص: 81
و القضیة الشرطیة إذا کانت إخباریة موضوعة للدلالة علی قصد المتکلم الإخبار عن وجود التالی علی تقدیر وجود المقدّم فهی بطبیعة الحال تدلّ بالالتزام علی انتفاء الإخبار عنه علی تقدیر انتفاء المقدّم و هذا معنی دلالتها علی المفهوم بالدلالة الالتزامیة الوضعیة.
أما القضایا الشرطیة إذا کانت إنشائیة فعلی نوعین:
الأول: ما یتوقف الجزاء علی الشرط تکویناً مثل إن رزقت ولداً فاختنه
و الثانی: ما لایتوقف الجزاء علی الشرط تکویناً بل یکون التعلیق و التوقف بجعل المولی و اعتباره.
أما النوع الأول فهو خارج عن محل الکلام و لا یدل علی المفهوم.
و أما النوع الثانی فهو یدل علی المفهوم، لأنّ دلالة القضیة الشرطیة علی المفهوم ترتکز علی رکیزتین:
الرکیزة الأُولی: أن یکون الموضوع فیها غیر الشرط الذی علّق علیه الجزاء
الرکیزة الثانیة: أن لا یکون التعلیق تکوینیاً و عقلیاً.
و هذه الرکیزتان موجودتان فی النوع الثانی، دون النوع الأول حیث إنّه فاقد للرکیزة الثانیة.
بیان ذلک: إنّ حقیقة الإنشاء عبارة عن اعتبار المولی الفعل علی ذمّة المکلف و إبرازه فی الخارج بمبرزٍما.
و من الطبیعی أنّ هذا الاعتبار قد یکون مطلقاً و قد یکون معلقاً علی شیء خاص و تقدیر مخصوص فإنّه بطبیعة الحال یکشف عن ثبوت هذا الاعتبار عند ثبوت تقدیر خاصّ و عن انتفائه عند انتفائه فی الخارج و الدلالة علی انتفاء
ص: 82
الاعتبار عند انتفاء التقدیر الخاص هی بالدلالة الالتزامیة لأنّ الملازمة بینهما بینة بالمعنی الأخصّ.
و السرّ فیه ما عرفت من أنّ اعتبار المولی إذا کان مقیداً بحالة خاصّة فلازمه عدم اعتباره عند انتفاء هذه الحالة و من الطبیعی أنّ هذا اللازم بین بالمعنی الأخصّ حیث إنّ النفس تنتقل إلیه من مجرد تصور عدم الإطلاق فی اعتبار المولی و أنّه یکون علی تقدیر خاصّ و مقیداً به، فالقضیة الشرطیة التی تدلّ علی الأول بالمطابقة فلامحالة تدلّ علی الثانی بالالتزام.
ثمّ إنّ هذه الدلالة مستندة إلی الوضع أی وضع أدوات الشرط للدلالة علی ذلک ککلمة: إن و إذا و لو و ما شاکل ذلک و لم تکن مستندة إلی الإطلاق و مقدمات الحکمة، لفرض أنّها لازمة بینة بالمعنی الأخص لدلالتها المطابقیة و هی دلالتها علی التعلیق و الثبوت.
أنّا لانری لمسلک التعهد هنا أثراً و علی أی حال یرد علیه أنّ تقیید الجزاء علی الشرط یفید انتفاء شخص حکم الجزاء عند انتفاء الشرط لا انتفاء سنخه نعم إنّ التعلیق أمر غیر التقیید.
ص: 83
و هو الاستدلال بالروایات:
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَینِ بْنِ سَعِیدٍ (الْأَهْوَازِی) عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَیدٍ عَنْ أَبِی بَصِیرٍ یعْنِی (الْمُرَادِی) قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) عَنِ الشَّاةِ تُذْبَحُ فَلَا تَتَحَرَّکُ وَ یهَرَاقُ مِنْهَا دَمٌ کَثِیرٌ عَبِیطٌ فَقَالَ (علیه السلام): «لَا تَأْکُلْ إِنَّ عَلِیاً (علیه السلام) کَانَ یقُولُ: إِذَا رَکَضَتِ الرِّجْلُ أَوْ طَرَفَتِ الْعَینُ فَکُل».((1))
فإنّ استدلال الإمام الصادق (علیه السلام) بکلام أمیرالمؤمنین (علیه السلام) یدلّ علی ثبوت مفهوم الشرط فإنّ الإمام (علیه السلام) استدلّ بمفهوم کلام أمیرالمؤمنین (علیه السلام) من دون قرینة و هو: إذا لم ترکض الرجل أو لم تطرف العین فلاتأکل.
و لا إشکال فی اعتبار سند الروایة، و هناک روایات أُخر استدلّوا بها علی مفهوم الشرط أیضاً.((2))
ص: 84
و المتحصّل هو ثبوت مفهوم الجملة الشرطیة بالدلیل الأول و الخامس، فإنّ الدلیل الأول هو إثبات مفهوم الشرط من طریق العلّیة المنحصرة بالإطلاق
ص: 85
بمقدمات الحکمة و بالإطلاق المقامی و الدلیل الخامس هو الاستدلال بالروایات، و هنا وجوه أخر نصفح الوجه عن بیانها. ((1))
ص: 86
ص: 87
هنا وجوه ثلاثة:
((1))
إنّ الحکم فی الجزاء معلّق علی الشرط و لا مانع من أن یخلفه و ینوب عنه شرط آخر یجری مجراه مثل قوله تعالی: (وَ اسْتَشْهِدُوا شَهیدَینِ مِنْ رِجالِکُمْ)((2)) حیث إنّه ینوب عن الآیة شهادة رجل و امرأتین و أیضاً ضمّ الیمین إلی الشاهد الأول.
إنّه لا إشکال فی نیابة شرط عن شرط آخر و قیامه مقامه و لاشک فی احتمال
ص: 88
ذلک بحسب مقام الثبوت، و لکن الکلام هو فی مقام الإثبات فإنّ المدّعی هو أنّ ظاهر الجملة الشرطیة ینفی هذا الاحتمال.
فما أفاده السید (قدس سره) خلط بین مقام الثبوت و الإثبات.
((1))
إنّ القضیة الشرطیة لو دلّت علی المفهوم لکانت بإحدی الدلالات الثلاث المطابقی و التضمنی و الالتزامی و کلها مفقودة فی المقام.
ص: 89
ص: 91
فَتَیاتِکُمْ عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)((1))علی جواز الإکراه بالبغاء إن لم یردن التحصّن.
((2))
إنّ استعمال الجملة الشرطیة فیما لا مفهوم له أحیاناً و بالقرینة لایکاد ینکر کما فی هذه الآیة و غیرها و إنّما الکلام فی ظهورها فی المفهوم وضعاً أو بقرینة عامّة.
((3))
قال صاحب الکفایة (قدس سره) بوجود المانع و لکن هنا لا مقتضی للدلالة علی المفهوم فلاتصل النوبة إلی القول بوجود المانع.
الحق فی الإیراد هو أنّ الشرط فی الآیة مسوق لبیان تحقق الموضوع فلا مقتضی للدلالة علی المفهوم.
ص: 92
هذا تمام الکلام فی أدلّة الطرفین، و هنا وجوه أخر أعرضنا عن بیانها.((1))
ص: 93
ص: 94
و لهذه المسألة ثمرات مهمّة.((1))
ص: 95
ص: 96
قال صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)): إنّ المفهوم هو انتفاء سنخ الحکم المعلّق علی الشرط عند انتفاء الشرط.
أما انتفاء شخص الحکم بانتفاء الشرط فهو عقلی و لیس قابلاً للنزاع و الخلاف و الوجه فیه هو أنّ ما هو المشهور من أنّ انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه ممّا لاخلاف فیه بین الأعلام.
و لذا نسب((2)) إلی الشهید (قدس سره) فی تمهید القواعد((3)) أنّه قال: إنّ انتفاء الحکم فی
ص: 97
باب الوصایا و الأوقاف و ما شاکلهما لیس من باب مفهوم الشرط بل من باب انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه، لأنّ الواقف إذا وقف شیئاً علی أحد أو مورد فینتفی شخص هذا الوقف عن غیر هذا المورد، کما أنّ الوقف أیضاً ینتفی بانتفاء العنوان العام الذی وقف الشیء له و ذلک من باب انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه.
و الفرق بین باب مفهوم الشرط و باب انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه هو أنّ الحکم المنتفی فی باب مفهوم الشرط هو سنخ الحکم و الدلیل علی انتفائه هو ظهور الجملة الشرطیة سواء کان منشأه الوضع أو الإطلاق الانصرافی أو الإطلاق بمقدمات الحکمة أو الإطلاق المقامی أو غیر ذلک و لکن الحکم المنتفی فی باب انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه هو شخص الحکم و الدلیل علی انتفاء شخص الحکم هو العقل.
ص: 98
هناک مشکلة فیما إذا کان جزاء الشرط جملة إنشائیة حیث إنّ الحکم المذکور فی الجزاء یستفاد من الهیأة و الهیئات تفید المعانی الحرفیة فلابدّ أن یکون الحکم المستفاد من الهیئات شخص الحکم.
و أیضاً هنا مشکلة أُخری و هی أنّ الهیأة تفید المعنی الحرفی فلا یلحظ مفاد الهیأة استقلالاً فلا یجری فیها الإطلاق و التقیید مع أنّ الجزاء فی القضیة الشرطیة مقید بالشرط و للأعلام مسالک فی حلّ هذه المشکلة.
إنّه قال بالفرق بین الوجوب الإخباری و الإنشائی بأنّ الوجوب الإخباری کلی و الوجوب الإنشائی خاصّ و لکن ارتفاع مطلق الوجوب فی الوجوب الإنشائی من فوائد العلّیة المنحصرة المستفادة من الجملة الشرطیة.
قد نقل فی المحاضرات((1))عن الشیخ الأنصاری (قدس سره) أنّه فصّل بین ما کان الحکم فی الجزاء مستفاداً من المادّة کقوله (علیه السلام): «إِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَجَبَ الطَّهُورُ وَ الصَّلَاةُ»((2)) و ما کان مستفاداً من الهیأة کقولنا «إن جاءک زید فأکرمه» حیث نسب إلیه (قدس سره) أنّه التزم بدلالة القضیة الشرطیة علی المفهوم فی الأول دون الثانی بملاک أنّ الحکم فی الأول کلی و فی الثانی جزئی.
ص: 99
(و لکن النسبة المذکورة إلی الشیخ الأنصاری (قدس سره) غیر صحیح فإنّه صرّح فی مطارح الأنظار((1)) بعدم التفصیل).
و قد تقرّر نظریة الشیخ الأنصاری (قدس سره) بثلاث مقدمات:((2))
المقدمة الأُولی: لابدّ من أن یلاحظ مناسبة الحکم و الموضوع فقد یعمّم بالنسبة إلی الحکم الذی هو بالنظر البدوی حکم شخصی إلی أنّه سنخ الحکم بالنظر إلی مناسبة سنخ الحکم للموضوع.
المقدمة الثانیة: إنّ نسبة الشرط إلی الجزاء هی نسبة المقتضی إلی المقتضی.
المقدمة الثالثة: قد افترضنا أنّ الشرط علّة منحصرة للجزاء، و الشرط إما یرجع إلی الهیأة کما هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) و إما یرجع إلی المادة کما هو مختار الشیخ (قدس سره) فعلی أی حال مناسبة الحکم و الموضوع یقتضی أن یکون المراد سنخ الحکم.
((3))
إنّ المعلّق علی الشرط إنّما هو نفس الوجوب الکلی الذی هو مفاد الصیغة و معناها لا شخص الوجوب و الدلیل علی ذلک هو أنّ التشخّص و الجزئیة و الخصوصیة ناشئة عن الاستعمال (أی استعمال الصیغة فی معناها) فلایدخل فی المستعمل فیه لما تقدم فی البحث عن المعنی الحرفی من أنّ المعنی الاسمی و الحرفی واحد و الاختلاف بینهما فی اللحاظ فإنّ المعنی الحرفی ملحوظ آلیاً و المعنی الاسمی ملحوظ استقلالیاً و اللحاظ الآلی مثل اللحاظ الاستقلالی من
ص: 100
خصوصیات الاستعمال لا خصوصیات المستعمل فیه، بل یستحیل أن یکون من خصوصیات المستعمل فیه لأنّ الاستعمال متأخر عن المعنی المستعمل فیه فیستحیل أن تکون خصوصیات الاستعمال دخیلاً فی المستعمل فیه و إلّا یلزم تقدم المتأخر.
فالموضوع له فی الحروف عام کما أنّه کذلک فی أسماء الأجناس.
إنّ هذا الجواب یتم بناءً علی ما ذهب إلیه فی المعنی الحرفی، و لایجدی لمن لم یلتزم بنظریة صاحب الکفایة (قدس سره) فی اتحاد المعنی الحرفی و المعنی الاسمی.
((1))
إنّ المعلق فی القضیة الشرطیة لیس هو مفاد الهیأة لأنّه معنی حرفی و ملحوظ آلی، بل المعلق فیها هی نتیجة القضیة المذکورة فی الجزاء و إن شئت عبّرت عنها بالمادة المنتسبة (کما ذکرنا تفصیل ذلک فی بحث الواجب المشروط) و علیه یکون المعلّق فی الحقیقة علی الشرط المذکور فی القضیة الشرطیة هو الحکم العارض للمادة کوجوب الصلاة فی قولنا «إذا دخل الوقت فصلّ» فینتفی هو بانتفاء شرطه، غایة الأمر أنّ المعلّق علی الشرط حینئذٍ هو حقیقة الوجوب مثلاً من دون توسط مفهوم اسمی فی البین.
ص: 101
إنّ ما أفاده من ارجاع الشرط إلی المادّة المنتسبة خلاف ظاهر الجملة الشرطیة فإنّ ظاهر الجملة الشرطیة هو تعلیق مفاد الجزاء علی الشرط لا نتیجة الجزاء علی الشرط.
((1))
إنّ التحقیق هو أنّ المعلّق علی العلّة المنحصرة نفس وجوب الإکرام المُنشَأ فی شخص هذه القضیة، لکنّه لا بما هو متشخص بلوازمه، فإنّ انتفاءه بانتفاء موضوعه و شخص علّته (و إن لم تکن منحصرة) عقلی، لا یحتاج إلی إفادة انحصار علّته بأداة أو غیرها، بل بما هو وجوب، فإذا کانت علّة الوجوب بما هو وجوب منحصرة فی المجیء مثلاً، استحال أن یکون للوجوب فرد آخر بعلّة أُخری.
الأول: أن یکون وجود طبیعة الوجوب بحیث لایشذّ عنه فرد منها و حینئذٍ یلزم من انتفائه انتفاء سنخ الحکم عقلاً إلّا أنّه خلاف ظاهر الجملة الشرطیة
الثانی: أن یکون وجود طبیعة الوجوب بمعنی وجودها الناقض للعدم و تعلیق الوجوب علی الشرط فی هذا الاحتمال لا یکون مقتضیاً لانتفاء سنخ الحکم و الوجه فیه هو أنّ الوجود نقیض العدم و کل وجود بدیل عدم نفسه لا العدم المطلق، فانتفاءه انتفاء نفسه لا انتفاء سنخ الوجوب.
ص: 102
الثالث: أن یکون وجود شخص الحکم بما هو وجود شخصی و حینئذ انتفاءه بانتفاء موضوعه عقلی و لیس فیه خلاف بین الأعلام و لکنه غیر مرتبط ببحث مفهوم الشرط.
الرابع: أن یکون وجود الحکم المنشأ فی شخص هذه القضیة بما هو وجود الوجوب، لا بما هو متشخص بلوازمه
و هذا الاحتمال الرابع هو المختار من بین الاحتمالات الأربعة و هو المستفاد من ظهور القضیة الشرطیة فی انحصار الشرط فی العلّیة.
((1))
إنّ حقیقة إنشاء الوجوب عبارة عن إظهار اعتبار کون فعلٍ ما علی ذمّة المکلف فإذا کان المعتبر بالاعتبار المزبور معلقاً علی وجود شیء مثلاً، استلزم ذلک انتفاءه بانتفائه و لایفرق فی ذلک بین أن یکون الاعتبار مستفاداً من الهیأة و أن یکون مستفاداً من المادّة المستعملة فی المفهوم الاسمی باعتبار فنائه فی معنونه.
و هذا الجواب تام علی ما ذهب إلیه.
فالمتحصل: أنّ ما أفاده صاحب الکفایة و المحقق النائینی و المحقق الخوئی (قدس سرهم) وافٍ بحل المشکلة علی مبانیهم و أما علی المبنی المختار فالحق فی الجواب هو ما أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) و مع التنزل عنه فما أفاده المحقق الأنصاری (قدس سره) فی غایة المتانة.
ص: 103
ص: 104
إنّه إذا قلنا بثبوت مفهوم الشرط یقع الکلام فیما إذا تعدد الشرط و اتحد الجزاء و ذلک مثل قضیة «إذا خفی الأذان فقصّر» و قضیة «إذا خفی الجدران فقصّر» فیقع التعارض بین القضیتین فلابدّ من التصّرف فی ظهور أحدهما أو کلیهما حتی یرتفع التعارض و ینحل المشکلة.((1))
ص: 105
بینهما و هذا الوجه هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) .((1))
الوجه الثانی: أن یقید مفهوم کل منهما بمنطوق الآخر من دون تصرف فی المنطوقین.((2))
الوجه الثالث: أن یکون الشرط فی الحقیقة هو الکلی الجامع بین الأمرین و هو عنوان «أحدهما» أو «أحدها» و کل واحد من الشرطین مصداقاً لهذا الکلی الجامع.((3))
ص: 107
الوجه الرابع: أن یقید الشرط فی کل من القضیتین من ناحیة استقلالهما فی العلّیة بالعطف ب- «الواو» و هذا مختار المحقق النائینی (قدس سره) .((1))
ص: 108
الوجه الخامس: أن یقید الشرط فیهما من ناحیة انحصارهما فی العلّیة بالعطف ب «أو» و هذا هو مختار المحقق الخوئی (قدس سره) و بعض الأساطین (دام ظله) .((1))
((1))
إنّه بلا مقتض و موجب، بداهة أنّ الضرورة تتقدر بقدرها، و من الطبیعی أنّ الضرورة لاتقتضی رفع الید عن مفهوم کلتا القضیتین معاً و الالتزام بعدم دلالتهما علیه أصلاً، بل غایة ما تقتضی هو رفع الید عن إطلاق کل منهما بتقییده بالأُخری بمثل العطف بکلمة «أو» أو بکلمة «الواو».
ص: 110
((1))
إن کان أحد الدلیلین متصلاً بالآخر فلایدلّان علی المفهوم لأنّ کلاً منهما قرینة علی عدم المفهوم فی الآخر، و إن کانا منفصلین فمع تمامیة القول بالمفهوم فلا وجه لعدم ظهور کل منهما فی المفهوم بل القول بعدم المفهوم حینئذ مستلزم للتفکیک بین العلّة و المعلول.
((1))
إنّه غیر معقول، إذ المفهوم لیس هو بنفسه مدلولاً للکلام مستقلاً لیتصرف فیه بتخصیص أو تقیید، بل هو تابع للمنطوق، فإذا لم یتصرّف فیه امتنع التصرف فی المفهوم.
((2))
تقدم أنّ المفهوم لازم عقلی للمنطوق باللزوم البین بالمعنی الأخصّ و علیه فلا یعقل التصرف فیه بتقیید أو تخصیص من دون التصرف فی المنطوق أصلاً
ص: 112
بداهة أنّ مردّ ذلک إلی انفکاک اللازم من الملزوم و المعلول من العلّة و هو مستحیل و علی الجملة قد عرفت أنّ دلالة القضیة الشرطیة علی المفهوم إنّما هی بدلالة التزامیة علی نحو اللزوم البین بالمعنی الأخصّ و من الطبیعی أنّ هذه الدلالة بما أنّها دلالة قهریة ضروریة لدلالة القضیة علی المنطوق، فلایمکن رفع الید عنها و التصرف فیها من دون رفع الید و التصرف فی تلک.
فإذن لابدّ من إرجاع هذا الوجه إلی الوجه الخامس (التقیید بالعطف ب- «أو»).((1))
((2))
فهو أن یکون الشرط الکلی الجامع و استدلّ علیه صاحب الکفایة (قدس سره) بقاعدة «الواحد لایصدر إلّا عن الواحد».
ص: 113
إنّ هذه القاعدة تجری فی الوحدة الحقّة الحقیقیة کما تقدّم مراراً.
و لذا قال المحقق النائینی و المحقق الخوئی (قدس سرهما) بإرجاعه إلی الوجه الخامس أیضاً بل المحقق الخوئی (قدس سره) قال فی الوجه الخامس بلزوم الجامع الذاتی أو الجامع الانتزاعی. ((1))
ص: 114
فهو مختار المحقق النائینی (قدس سره) و هو التقیید بالعطف ب- «الواو».
فقد قال المحقق النائینی (قدس سره) فی وجهه((1)): التحقیق أنّ دلالة کل من الشرطیتین علی ترتّب الجزاء علی الشرط المذکور فیها باستقلاله من غیر انضمام شیء آخر إلیه إنما هی بالإطلاق المقابل للعطف ب- «أو» و بما أنّه لابدّ من رفع الید عن أحد الإطلاقین و لا مرجّح لأحدهما علی الآخر((2)) یسقط کلاهما عن الحجیة، لکن
ص: 115
ص: 116
ثبوت الجزاء کوجوب القصر فی المثال یعلم بتحققه عند تحقق مجموع الشرطین علی کل تقدیر، و أما فی فرض انفراد کلّ من الشرطین بالوجود فثبوت الجزاء فیه یکون مشکوکاً فیه، و لا أصل لفظی فی المقام علی الفرض لسقوط الإطلاقین بالتعارض، فتصل النوبة إلی الأصل العملی، فتکون النتیجة موافقة لتقیید الإطلاق المقابل للعطف ب- «الواو».
إنّ المورد لیس من صغریات الرجوع إلی الأصل العملی بل المقام هو مجری الأصل اللفظی من عموم أو إطلاق.((1))
ص: 117
فهو ما اختاره المحقق الخوئی (قدس سره) .((1))
إنّ القاعدة تقتضی تقیید الإطلاق المقابل للعطف ب- «أو» دون العطف ب- «الواو» (کما اختاره المحقق النائینی (قدس سره)) و السبب فی ذلک هو أنّه لا منافاة بین منطوقی القضییتین الشرطیتین المتقدمتین، ضرورة أنّ وجوب القصر عند خفاء
ص: 118
الأذان لاینافی وجوبه عند خفاء الجدران أیضاً لفرض أنّ ثبوت حکم لشیء لایدلّ علی نفیه عن غیره و کذا لا منافاة بین مفهومیهما لوضوح أنّ عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان لاینافی عدم وجوبه عند عدم خفاء الجدران، إذ عدم ثبوت حکم عند شیء لایقتضی ثبوته عند عدم شیء آخر لیکون بینهما تنافٍ.
فالنتیجة: أنّ المنافاة إنما هی بین إطلاق مفهوم إحداهما و منطوق الأُخری مع قطع النظر عن دلالتها علی المفهوم و لذا لو کان الوارد فی الدلیلین «إذا خفی الأذان فقصّر» و «یجب تقصیر الصلاة عند خفاء الجدران»، کان بین ظهور القضیة الأُولی فی المفهوم و ظهور القضیة الثانیة فی ثبوت وجوب التقصیر عند خفاء الجدران تعارض لامحالة فإنّ مقتضی إطلاق مفهوم الأُولی عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان و إن فرض خفاء الجدران و مقتضی القضیة الثانیة وجوب القصر فی هذا الفرض.
و حیث إنّ نسبة المنطوق إلی المفهوم نسبة الخاصّ إلی العام فبطبیعة الحال یقید إطلاقه و بما أنّ التصرف فی المفهوم بدون التصرف فی المنطوق لایمکن لما عرفت من أنّه لازم عقلی له فیدور مداره سعةً وضیقاً فلایمکن انفکاکه عنه و لو بالإطلاق و التقیید فلامحالة یستلزم التصرف فیه التصرف فی المنطوق.
و التصرف فی إطلاق مفهوم کل من القضیتین بهذا الشکل لامحالة یستدعی التصرف فی إطلاق منطوق کل منهما بنتیجة العطف بکلمة «أو» و لازم ذلک هو أنّ الشرط أحدهما فالنتیجة هی عدم وجوب التقصیر إلّا إذا خفی أحدهما.
أما التقیید بالعطف بکلمة «الواو» فلا مقتضی له أصلاً و إن کان یرتفع به التعارض.
فالحق هو التقیید بالعطف بکلمة «أو».
ص: 119
((1)) لهذا الوجه:
إنّ منشأ التعارض بین الدلیلین هو ظهورهما فی الانحصار الذی یلزم منه الظهور فی المفهوم فیتعارض منطوق کل منهما و مفهوم الآخر کما تقدّم فلابدّ من رفع الید عن ظهور کل منهما فی الانحصار بالإضافة إلی المقدار الذی دلّ علیه منطوق الشرطیة الأُخری، لأنّ ظهور المنطوق أقوی، أما ظهور کل من الشرطیتین فی الاستقلال فلا معارض له حتی ترفع الید عنه، و حینئذ یکون کل من الشرطین مستقلاً فی التأثیر فإذا انفرد أحدهما کان له التأثیر فی ثبوت الحکم و إن حصلا معاً فإن کان حصولهما بالتعاقب کان التأثیر للسابق و إن تقارنا کان الأثر لهما معاً و یکونان کالسبب الواحد، لامتناع تکرار الجزاء حسب الفرض.
و هنا وجوهاً أخری، لحلّ المشکلة، لانشیر إلیها. ((2))
ص: 120
و فیه مطلبان:
قال المحقق النائینی (قدس سره) ((1)) و تبعه المحقق الخوئی (قدس سره) ((2)): إذا تعدّد الشرط و اتّحد الجزاء و ثبت من الخارج أو من نفس ظهور الدلیلین کون کل شرط مستقلاً فی ترتّب الجزاء علیه، فهل القاعدة تقتضی تداخل الشروط فی تأثیرها أثراً واحداً فیما إذا تقارنت زماناً أو تقدّم بعضها علی بعض، أو إنّها تقتضی تعدّد الأثر عند تعدّد المؤثر؟ و یعبّر عن ذلک بتداخل الأسباب و عدمه.
و فی المقام نزاع آخر و هو أنّه علی تقدیر تعدّد الأثر کوجوب الغسل المترتب علی الجنابة و وجوبه المترتب علی الحیض فهل یجوز امتثالهما بفعل واحد أو إنّه یجب أن یکون امتثال کل منهما بفعل مغایر لما یتحقق به امتثال الآخر؟ و یعبّر عن ذلک بتداخل المسبّبات و عدمه.
فلابدّ من البحث عن مطلبین: تداخل الأسباب و تداخل المسببات.((3))
ص: 121
و الکلام فیه فی أربع جهات:
فیها خمس مقدّمات:
قد أفاد الأعلام مثل المحقق النائینی((1)) و المحقق الخوئی (قدس سرهما) مقدمات قبل الورود فی البحث نذکر بعض تلک المقدمات:
قال المحقق الخوئی (قدس سره):((2)) إنّ الکلام هو فیما إذا لم یعلم التداخل أو عدمه من الخارج کما فی بابی الوضوء و الغسل حیث علم من الخارج أنّه لایجب علی المکلّف عند اجتماع أسبابه إلّا وضوء واحد و کذا الحال فی الغسل.
أما فی باب الوضوء فلأنّ الوارد فی لسان روایاته هو التعبیر بالنقض مثل: «لَاینْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا حَدَثٌ»((3))و من الطبیعی أنّ صفة النقض لاتقبل التکرر و التکثّر.
ص: 122
و أما فی باب الغسل فلأنّ بعض روایاته ظاهرة فی تداخل المسببات فیدلّ علی إجزاء غسل واحد عن المتعدد مثل صحیحة زُرارَة: «إِذَا اغْتَسَلْتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْزَأَکَ غُسْلُکَ ذَلِکَ لِلْجَنَابَةِ وَ الْجُمُعَةِ وَ عَرَفَةَ وَ النَّحْرِ وَ الْحَلْقِ وَ الذَّبْحِ وَ الزِّیارَةِ وَ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَیکَ حُقُوقٌ أَجْزَأَهَا عَنْکَ غُسْلٌ وَاحِد».((1))
قال المحقق النائینی (قدس سره):((2))
إنّ ظاهر کل من الشرطیتین هو ترتّب الجزاء علی وجود الشرط المذکور فیها و حدوثه عند حدوثه، فالقول بالتداخل یستلزم رفع الید عن هذا الظهور و حمل الکلام علی خلاف ظاهره کما أنّ ظاهر الجزاء (علی ما قیل) هو تعلّق الحکم بصرف الوجود و کونه حکماً واحداً، لأنّ صرف الوجود یمتنع أن یکون محکوماً بحکمین متضادین أو متماثلین فالقول بعدم التداخل یستلزم رفع الید عن هذا الظهور.
فمن نظر إلی الظهور الأول ذهب إلی عدم التداخل، کما أنّ من نظر إلی الظهور الثانی ذهب إلی التداخل.
ص: 123
لکن المحقق النائینی (قدس سره) فی خلال البحث استشکل علی ما قیل من الظهور الثانی فقال:((1))
لا موجب لأخذ صرف الوجود فی متعلق الطلب بعد عدم کونه مدلولاً علیه بالهیأة و لا بالمادة.
قال المحقق الخوئی: (قدس سره) ((2)) إنّ محل الکلام فی تداخل الأسباب أو المسببات إنّما هو فیما إذا کان الجزاء قابلاً للتعدد کالوضوء أو الغسل، و أما إذا لم یکن قابلاً لذلک فهو خارج عن محل الکلام کالقتل فیمن یستحق ذلک بارتداد أو قصاص أو نحوهما.
الذی هو موضوع لوجوب الکفارة((1)) حیث إنّه من العناوین التی لاتقبل التعدد
ص: 125
و التکرر و من هنا لو أکل أو شرب فی نهار شهر رمضان مرّات عدیدة لایصدق علی الأکل فی المرة الثانیة الإفطار العمدی فلم یجب علیه إلّا کفارة واحدة ((1)).
ص: 126
لکن صاحب العروة (قدس سره) قال((1)) فی جواب بعض المسائل: إنّ الکفارة تتعدد بتعدد الجماع و الأکل بدعوی أنّ عنوان الإفطار فی الروایات کنایة عن الأکل و الشرب.
و فیه: أنّ ظاهر الروایات هو أخذ عنوان الإفطار بنفسه موضوعاً لوجوب
ص: 127
الکفارة من دون أن یکون کنایة عن الأکل و الشرب و ما أفاده فی العروة الوثقی((1)) هو وحدة الکفارة.
قد نسب صاحب الکفایة (قدس سره) ((2)) إلی فخر المحققین (قدس سره) ((3)) أنّه قال((4)) بابتناء القول بالتداخل و عدمه علی أنّ الأسباب الشرعیة معرّفات أو مؤثرات، فإن کانت من المعرفات لا مانع من التداخل لإمکان اجتماع معرّفات عدیدة علی شیء واحد و حکایتها عنه و إن کانت من الأسباب و المؤثرات لایمکن القول بالتداخل.
ص: 128
((1))
إنّ المعرفیة فی الشرط لاتوجب القول بالتداخل لاحتمال أن یکون کلّ من الشرطین أو الشروط معرفاً لسبب حقیقی علی حدة، لا أن یکون جمیع الشروط معرفاً لسبب واحد و الدلیل علی ذلک هو أنّ ظاهر القضیة الشرطیة هو تعدد المسبب بتعدد السبب فإنّ هذا الظهور یدل علی التعدد فی الأسباب الحقیقیة.
لا أصل لما اشتهر من أنّ الأسباب الشرعیة معرّفات، بل الحقّ هو أنّ الأسباب الشرعیة علی نوعین معرفات و مؤثرات و مثال السبب الشرعی المؤثر هو الاستطاعة التی هی مؤثرة فی وجوب الحج و مثال السبب الشرعی المعرف هو خفاء الأذان و خفاء الجدران و هما معرّفان لما هو مؤثّر فی وجوب القصر فی الصلاة و هی المسافة الخاصّة التی نسمیها بحد الترخص.
ص: 129
((1))
قال (قدس سره): إنّ القول بکون الأسباب الشرعیة معرفات خاطئ جداً.
و السبب فیه أنّه إن أُرید بکونها معرّفات أنّها غیر دخیلة فی الأحکام الشرعیة کدخل العلّة فی المعلول فهذا و إن کان متیناً لأنّ ملاکات الأحکام الشرعیة داعیة لجعل الشارع و لکن یرد علیه أنّه لا ملازمة بین عدم دخلها فی الأحکام الشرعیة و کونها معرفات بل هذا أمر ثالث و هو کونها موضوعات للأحکام و تتوقف فعلیة الأحکام علی فعلیة هذه الموضوعات و من هنا تشبه العلّة التامة.
و إن أُرید بذلک کونها معرفات لموضوعات الأحکام فی الواقع و لا مانع من اجتماع معرفات متعددة علی موضوع واحد
فیرد علیه: أنّ ذلک خلاف ظواهر الأدلة فإنّ الظاهر منها هو أنّ العناوین المأخوذة فی ألسنة الروایات بنفسها موضوعات الأحکام لأنّها معرفات له
و إن أُرید بذلک کونها معرفات للملاکات الواقعیة للأحکام
فیرد علیه: أنّها لیست بکاشفة عنها فإنّ الکاشف عنها إجمالاً هو نفس الحکم الشرعی و أما ما سمی سبباً له فلایکون بکاشف عنها.
ص: 130
مثل سببیة مسّ المیت و الجنابة و الحیض فی الغسل فحینئذ لا تداخل و ما إذا کان السبب واحداً مثل تکرار الجنابة الموجبة للغسل فحینئذ المختار هو التداخل.
ص: 133
استدلّ علی عدم التداخل بعدّة أوجه((1)) نذکر بعضها:
((2))
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) اختار القول بعدم التداخل، لأنّ القول بالتداخل مستلزم لاجتماع الحکمین المتماثلین.
بیان ذلک هو أنّ القضیة الشرطیة ظاهرة فی علیة الشرط و سببیته للجزاء أو ظاهرة فی کاشفیة الشرط عن الأمر الذی هو سبب الجزاء و مقتضی ذلک هو تعدّد الجزاء عند تعدّد الشرط، لکن الأخذ بهذا الظهور و الالتزام بالقول بعدم التداخل فیما إذا کان الجزاء واحداً حقیقة مستلزم لاجتماع المثلین، مثل قولهم «إذا
ص: 134
بُلتَ فَتوَضأ» و قولهم أیضاً «إذا نُمتَ فتَوضأ» حیث إنّ الوضوء حقیقة واحدة و حینئذ یلزم اجتماع الوجوبین للوضوء إلّا أن نتلزم بتعدد وجود أفراد طبیعة الوضوء بأن یکون القضیة الشرطیة الأُولی دالّة علی وجوب فرد من الوضوء و القضیة الشرطیة الثانیة دالّة علی وجوب فرد آخر فیرتفع إشکال اجتماع الحکمین المتماثلین علی القول بعدم التداخل.
و لکن القائل بالتداخل لا مفرّ له من هذا الإشکال لأنّه ملتزم بأنّ الجزاء ظاهر (بالظهور الإطلاقی) فی أنّ الطبیعة مأخوذة بما هی واحدة (أی صرف وجود الطبیعة) و بعبارة أُخری: إنّ إطلاق متعلق الوجوب ظاهر فی صرف الوجود من الطبیعة فلابدّ له من أن یلتزم بأحد التصرفات الثلاثة:
الأول: التصرف فی ظهور القضیة الشرطیة بالالتزام بعدم دلالتها فی هذا الحال علی حدوث الجزاء عند حدوث الشرط بل تدل حینئذ علی مجرد ثبوت الجزاء عند ثبوت الشرط.
الثانی: التصرف فی متعلق الجزاء بالالتزام بأنّ متعلق الجزاء و إن کان واحداً صورةً إلّا أنّه حقائق متعددة حسب تعدد الشرط، متصادقة علی واحد، فالذمة و إن اشتغلت بتکالیف متعددة، حسب تعدد الشروط إلّا أنّ الاجتزاء بواحد لکونه مجمعاً لها، کما «فی أکرم هاشمیاً و أضف عالماً» فأکرم العالم الهاشمی بالضیافة.
الثالث: التصرف فی الأثر بأن یلتزم بحدوث الأثر عند وجود کل شرط إلّا أنّ الأثر للشرط الأول هو وجوب الوضوء فی المثال المذکور و الأثر للشرط الثانی هو تأکد وجوب الوضوء.
و لایخفی أنّه لا وجه لأن یصار إلی واحد منها للإشکال فیها.
ص: 135
((1)):
فهو أنّ الالتزام بهذه الوجوه هو رفع الید عن الظاهر.
((2))
فهو أنّ فی الوجهین الأخیرین لابدّ من إثبات أنّ متعلق الجزاء متعدد متصادق علی واحد و إن کان صورة واحداً سمّی باسم واحد کالغسل مع عدم وجود دلیل علی ذلک.
((3))
فهو أنّ فی الوجه الثالث لابد من إثبات أنّ الحادث بالشرط الثانی تؤکد ما حدث بالشرط الأول و مجرد احتمال ذلک لایجدی، ما لم یکن فی البین ما یثبته.
إنّ ظهور الشرط فی الحدوث عند الحدوث یقتضی عدم التداخل و لکن ظهور إطلاق المتعلق فی الجزاء یقتضی أن یکون متعلق الوجوب هو صرف وجود الطبیعة و هو واحد.
و الجواب: هو أنّ هذا الظهور إطلاقی فهو معلّق علی عدم البیان و ظهور الشرط فی الحدوث عند الحدوث یکون قرینة علی سقوط هذا الظهور الإطلاقی و بیاناً علی تعدد الجزاء.
ص: 136
((1))
و هو ما تقدم فی المقدمة الثانیة من أنّ هناک ظهورین: الظهور الأول هو ظهور الشرط فی الحدوث عند الحدوث و هو یقتضی عدم التداخل و الظهور الثانی هو ظهور الجزاء (الظهور الإطلاقی) فی تعلق الحکم بصرف الوجود و کونه حکماً واحداً و هو یقتضی القول بالتداخل.
و لکن الظهور الثانی مخدوش عنده حیث قال: لا موجب لأخذ صرف الوجود فی متعلق الطلب بعد عدم کونه مدلولاً للهیأة و لا للمادة.
((2))
إنّ العرف إذا أُلقی إلیه القضیتان فکأنّه یری مقام الإثبات مقترناً بمقام الثبوت و یحکم بمقتضی تعدد السبب بتعدد متعلق الجزاء من غیر التفات إلی أنّ مقتضی إطلاق المتعلق خلافه، و هذا المقدار من الظهور العرفی کاف فی المقام
بل التحقیق: أنّ الوحدة التی یقتضیها إطلاق المتعلّق و قرینة الحکمة (الموجبة لصلوح المتعلق لتعلق الحکم به) هی وحدة المتعلق من حیث المطلوبیة بالطلب المتعلق به، بمعنی أنّ البعث المتعلق بالإکرام مثلاً یقتضی وجوداً واحداً من الإکرام و لایقتضی عدم البعث إلی وجود آخر بل هو لااقتضاء بالنسبة إلی وجود آخر بوجوب آخر، و البعث الآخر مقتضٍ لوجود آخر بنفسه.
و منه علم أنّ مطلوبیة وجود آخر لیس من باب تقیید المتعلق بالآخر ضرورة
ص: 137
أنّ کل قضیة لیست ناظرة إلی قضیة أُخری بل کل قضیة مفادها التحریک إلی وجود واحد من الإکرام.
(و هذا البیان دلیل علی بطلان قولهم بإطلاق متعلق الوجوب فی الجزاء علی أنّ المتعلق هو صرف الوجود من الطبیعة).
و هنا وجوه أخری لانطیل الکلام بذکرها.((1))
ص: 138
ص: 139
ص: 140
((1)):
إذا شک فی تداخل الأسباب کان مقتضی الأصل تداخلها و عدم ثبوت تکلیف زائد علی التکلیف الواحد المتیقن علی کل تقدیر، فإنّه مشکوک فیه و مقتضی القاعدة فیه الرجوع إلی البراءة عقلاً و نقلاً و أما إذا شک فی تداخل المسببات، کان مقتضی الأصل عدم تداخلها لأنّه إذا ثبت تکلیفان أو تکالیف متعددة و شک فی جواز امتثالها بفعل واحد فقاعدة الاشتغال تقضی بعدم جواز الاکتفاء به فی مقام امتثال کلا التکلیفین أو جمیعها هذا فی الأحکام التکلیفیة.((2))
أما فی الأحکام الوضعیة فلیس فی مواردها ضابط کلی.
((3))
إنّ هذا لایفرق فیه بین الأحکام الوضعیة و التکلیفیة، لوضوح أنّ الشک إذا کان فی وحدة الحکم و تعدده عند تعدد شرطه فمقتضی الأصل عدم تعدّده، یعنی عدم حدوث حکم آخر زائداً علی المتیقن و من المعلوم أنّه لا یفرق فیه بین أن یکون المشکوک حکماً تکلیفیاً أو وضعیاً، کما أنّه إذا شک فی سقوطه بعد العلم
ص: 141
بثبوته فمقتضی الأصل العملی عدم سقوطه و لایفرق فیه أیضاً بین کونه حکماً تکلیفیاً أو وضعیاً.
ص: 142
و فیه جهتان:
و الدلیل علیه ثلاث:((1))
إنّ مقتضی القاعدة فی المسببات أیضاً عدم التداخل و استدل علیه تارةً بإطلاق الخطاب و أُخری بالاستصحاب و ثالثةً بالاشتغال.
و هو إطلاق دلیل الحکم لأنّ دلیل الحکم یقتضی الإتیان بمتعلقه مطلقاً سواء امتثل متعلق حکم آخر أم لا، فلکلّ حکم امتثال لایتداخل مع امتثال الآخر.
و هو استصحاب بقاء الحکم فیما إذا شککنا فی سقوطه بالامتثال عن أحد السببین فمقتضی القاعدة بقاء وجوب الامتثال بالنسبة إلی السبب الآخر.
و هو اشتغال الذمّة حیث نشک فی فراغ الذمّة فیما إذا تعدّدت الأسباب واکتفینا بامتثال مسبّب واحد و القاعدة تقتضی اشتغال الذمّة.
ص: 143
استثنی عن ذلک ما إذا کانت النسبة بین متعلقی الحکمین نسبة العموم و الخصوص من وجه مثل قوله «أکرم العلماء» و «أکرم هاشمیاً» فإنّهما حکمان مختلفان و لکن بین متعلقهما و هما «العالم» و «الهاشمی» العموم و الخصوص من وجه، فإذا أتی المکلّف بالمجمع مرّة واحدة و أکرم العالم الهاشمی یکتفی به فی مقام امتثال کلا التکلیفین (مثل نافلة المغرب و صلاة الغفیلة و أیضاً مثل صلاة الجعفر و النوافل الیومیة أو نافلة اللیل).
و اختلف الأعلام هنا فی وجه الاکتفاء بالامتثال الواحد:
فقال صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) و بعض الأساطین (دام ظله) ((2)) بأنّ الحکم الشرعی واحد لامتناع اجتماع المثلین و الخطاب الثانی هو مؤکّد للحکم.
ص: 144
و قال المحقق النائینی (قدس سره) ((1)) بتعدد الحکم الشرعی و انطباق متعلق الحکمین علی مورد واحد انطباقاً قهریاً و العقل یحکم بالإجزاء لأنّه لایعتبر عقلاً فی تحقق الامتثال إلّا الإتیان بما ینطبق علیه متعلق الأمر فی الخارج و هذا هو مختار المحقق الخوئی (قدس سره) أیضاً.
و الحق هو الوجه الأخیر لأنّ المتعلق فی کل من الحکمین غیر المتعلق فی الحکم الآخر و انطباقهما فی الخارج علی مورد واحد، لا دخل له فی مرحلة جعل الحکم للمتعلق، فلابدّ من الالتزام بوجود الحکمین.
ثم إنّ ما قلنا من أنّ القاعدة تقتضی عدم تداخل المسببات هو فیما إذا لم تقم قرینة علی التداخل و أما إذا دلت القرینة علی التداخل فهی متّبعة مثل ما ورد فی باب الغسل من جواز الاکتفاء بالغسل الواحد فی ما إذا تعددت الأسباب((2)).
ص: 145
ص: 146
ص: 147
ص: 148
ص: 149
ص: 150
ص: 151
ص: 152
مفهوم الوصف
إنّ المحقّقین قبل الورود فی البحث أفادوا مقدّمتین لتحریر محل النزاع.((1))
إنّ محلّ النزاع هو الوصف المعتمد علی موصوفه و أمّا الوصف غیر المعتمد علی الموصوف فهو فی الحقیقة یرجع إلی البحث عن مفهوم اللقب و لا خلاف فی أنّه لا دلالة له علی المفهوم، و ذلک مثل قوله تعالی: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَیدِیهُمَا)((2)) حیث لا دلالة لها علی المفهوم.
إنّ الوصف إمّا یکون أخصّ من موصوفه مطلقاً أو أخصّ منه من وجه أو یکون مساویاً له أو یکون أعمّ منه.
ص: 153
أمّا الوصف المساوی أو الأعم فهما خارجان عن محل النزاع والوجه فی ذلک ما أفاده الأعلام (مثل المحقق النائینی (قدس سره))((1))من أنّ الوصف فی هذین القسمین لایوجبان تضییق الموصوف و لذا مع انتفاء الوصف ینتفی الموضوع فلا مجال للبحث عن دلالته علی المفهوم.
أمّا الوصف الأخصّ فهو داخل فی محل النزاع قطعاً.
أمّا الوصف الأخصّ من موصوفه من وجه فهو داخل فی محل البحث بالنسبة إلی مورد افتراق ذات الموصوف عن الوصف کما صرّح به المحّقق الخراسانی((2)) و المحقق النائینی و المحقق الخوئی (قدس سرهم) مثل ما ورد من أنّ «فِی الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّکَاة»((3)) فإنّ مفهومه هو عدم وجوب الزکاة فی الغنم غیر السائمة (أی الغنم المعلوفة).
و أمّا بالنسبة إلی مورد افتراق الوصف عن ذات الموصوف فلا دلالة له علی المفهوم فلایجری النزاع مثل غیر الغنم السائمة أو غیر الغنم غیر السائمة و الوجه فی ذلک هو عدم کون الموضوع فی القضیة و هو الموصوف محفوظاً فی المفهوم و لذا خلاف بعض الشافعیة حیث قالوا بعدم وجوب الزکاة فی الإبل المعلوفة فی هذا المثال لایخلو عن الإشکال.
ص: 154
نذکر منها ستة:
إنّ الفائدة لاتنحصر فی المفهوم بل قد تکون الفائدة تضییق الموضوع و تحدید دائرته فقط.
استدلّ به المحقّق صاحب الحاشیة (قدس سره) ((1)) فإنّ المشتهر هو أنّ الأصل فی القیود أن تکون احترازیة و مقتضی احترازیة الوصف دلالته علی المفهوم.
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) ((2)) أورد علیه بأنّ معنی الاحترازیة هو تضییق الموضوع فإنّ الاحترازیة لاتوجب إلّا تضییق دائرة موضوع الحکم فی القضیة، مثل ما إذا کان بهذا الضیق بلفظ واحد، فلا فرق بین أن یقال: جئنی بإنسان أو بحیوان ناطق.
نُسب الاستدلال به إلی الشیخ البهائی (قدس سره) ((3))، بیانه هو أنّ المطلق و المقید إذا کانا مثبتین فنحمل المطلق علی المقید و الوجه فی الحمل المذکور لیس إلّا التنافی بینهما، لأنّه لولا التنافی لم یبق وجه لحمل المطلق علی المقید و التنافی لایتحقّق إلّا فیما إذا دلّ المقید علی المفهوم فیکون مفهوم المقید منافیاً لمنطوق المطلق.
ص: 157
((1))
إنّه لا وجه لحمل المطلق علی المقید لو کان ذلک بلحاظ مفهوم الوصف لأنّ ظهور المقید فی المفهوم لیس بأقوی من ظهور المطلق فی الإطلاق بل الأمر بالعکس حیث إنّ ظهور المطلق فی الإطلاق دلالة منطوقیة و ظهور المقید فی المفهوم دلالة مفهومیة و لاشک فی تقدیم الدلالة المنطوقیة علی المفهومیة لبناء العقلاء علی تقدیم الأظهر علی الظاهر و لو لم نقل بأقوائیة الدلالة المنطوقیة للمطلق لا أقلّ من تساویهما و تعارضهما فیتساقطان فلایبقی وجه للحمل المذکور.
إنّ دلالة المقید و إن فرضت أنّها مفهومیة و لکنها نصّ فی مورده بخلاف المطلق فیکون المقید قرینة بالنسبة إلی المطلق و بیاناً له، کما أنّ الخاصّ یقدّم علی العامّ و إن کانت دلالة الخاصّ مفهومیة و دلالة العامّ منطوقیة، بل الأمر فی المطلق و المقید أسهل لأنّ الاطلاق یتوقّف علی مقدّمات الحکمة و منها عدم البیان و عدم وجود القرینة و المقید یکون بیاناً علی المطلق.
((2))
إنّ قضیة حمل المطلق علی المقید لیس إلّا أنّ المراد بالمطلق هو المقید لأنّ المقید قرینة علی المراد و کأنّه لایکون فی البین غیر الدلیل الذی هو المقید، فموضوع
ص: 158
الحکم لیس مطلقاً بل هو مقید فالوجه لصحّة حمل المطلق علی المقید لیس دلالة المقید علی المفهوم بل الوجه هو تضییق دائرة الموضوع کما یقتضی ذلک الدلیل المقید، من دون حاجةٍ إلی دلالة الوصف علی المفهوم.
یلاحظ علی کلام صاحب الکفایة (قدس سره) ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)) من أنّ المعارضة بین المطلق و المقید لیس من ناحیة مجرّد التقیید (کما توهّمه صاحب الکفایة (قدس سره)) بل بلحاظ استفادة وحدة التکلیف من الخارج.
إنّه یتمّ فیما إذا رجع مفهوم الوصف إلی مفهوم الشرط کما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) أمّا إذا رجع مفهوم الوصف إلی مفهوم اللقب فلا موقع لهذا التبادر.
استدلّ بذلک المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((4)) فقال بعد إحراز أنّ الأصل فی القید أن یکون احترازیاً:
ص: 159
إنّ معنی قیدیة شیء لموضوع الحکم حقیقة هو أنّ ذات الموضوع غیر قابلة لتعلّق الحکم بها إلّا بعد اتصافها بهذا الوصف، فالوصف متمّم قابلیة القابل و هو معنی الشرط حقیقة فعادت الجملة الوصفیة إلی الجملة الشرطیة و یکون الوصف بمثابة الشرط فی الجملة الشرطیة.
و حیث إنّ الظاهر دخل الوصف بعنوانه الخاصّ و أنّ المنوط بهذا الوصف نفس الوجوب بما هو وجوب، لا بما هو شخص من الوجوب، فلامحالة ینتفی سنخ الوجوب بانتفاء ما هو دخیل فی موضوعیة الموضوع لسنخ الحکم.
فالوصف هنا علّة للحکم و هذا معنی أنّ الوصف مشعر بالعلّیة و المراد من العلّیة هنا أعمّ من المقتضی و الشرط و عدم المانع.
فالحکم ینتفی بانتفاء أحد أجزاء علّته التامّة.
و الدلیل علی أنّ الوصف هنا علّة منحصرة هو عین ما مرّ فی القضیة الشرطیة من أنّ إناطة الحکم بشیء بعنوانه (وصفاً کان أو غیره) تقتضی الانحصار.
إنّ ما أفاده یتمّ فیما إذا کان الموضوع عند العرف نفس الموصوف، و کان الوصف قیداً له، و أمّا فیما إذا کان الموضوع عندهم ذا جزءین بحیث یمکن تبدیل الوصف بالموصوف و الموصوف بالوصف مثل «أکرم البالغ الذکر»، فالعرف یری الموضوع مرکّباً و یؤول ذلک إلی مفهوم اللقب، فالحقّ هو التفصیل فی المقام و سیأتی الإشارة إلیه إن شاء الله تعالی.
ص: 160
((1))
عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِی عَبْدِ الله (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «وَ مَا خَلَا الْکِلَابَ مِمَّا یصِیدُ الْفُهُودُ وَ الصُّقُورُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِکَ فَلَا تَأْکُلَنَّ مِنْ صَیدِهِ إِلَّا مَا أَدْرَکْتَ ذَکَاتَهُ لِأَنَّ اللهَ یقُولُ: (مُکَلِّبِینَ)((2)) فَمَا خَلَا الْکِلَابَ فَلَیسَ صَیدُهُ بِالَّذِی یؤْکَلُ إِلَّا أَنْ تُدْرَکَ ذَکَاتُهُ»((3))
ص: 161
فإنّ الإمام (علیه السلام) تمسّک بمفهوم الوصف فی کلمة (مُکَلِّبِینَ) و مفهوم الوصف هنا یرجع إلی مفهوم الشرط و الروایة معتبرة سنداً.
و هو مختار المشهور مثل: الشیخ الأنصاری و صاحب الکفایة و المحقق النائینی و المحقق العراقی (قدس سرهم) .((1))
ص: 162
((1))
إلیک نصّ عبارة المحقّق النائینی (قدس سره):
دلالة الوصف علی المفهوم تتوقّف علی کونه قیداً لنفس الحکم لا لموضوعه و لا لمتعلّقه، و بما أنّ الظاهر فی الأوصاف أن تکون قیوداً للمفاهیم الإفرادیة
ص: 163
یکون الأصل فیها عدم الدلالة علی المفهوم، کما هو الحال فی اللقب عیناً، غایة الأمر أنّ الموضوع أو المتعلّق فی اللقب أمر واحد یمکن التعبیر عنه بلفظ واحد، بخلافهما فی المقام، فإنّهما لایمکن التعبیر عنهما غالباً إلّا بلفظین، و هذا لایکون فارقاً بین الموردین بعد اشتراکهما فی ملاک عدم الدلالة علی المفهوم، أعنی به کون الحکم غیر مقید بشیء. ((1))
لایتمّ ما أفاده بالنسبة إلی جمیع الموارد فالحقّ هو التفصیل کما تقدّم فی ذیل استدلال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) و سیأتی بیانه إن شاء الله تعالی.
إنّ الوصف الذی یکون علّة منحصرة للحکم یدلّ علی المفهوم و أمّا الوصف الذی لایکون علّة أو یکون علّة و لایکون منحصرة فلایدلّ علی المفهوم.
ص: 164
و لابدّ من إرجاع هذا التفصیل إلی وجه الجمع بین نظریة المشهور المنکرین لمفهوم الوصف و نظریة المحقّق الإصفهانی (قدس سره) .
((1))
قال (قدس سره): إنّ المفهوم تارة بمعنی أنّ تقیید الموضوع أو المتعلّق بالوصف یدلّ علی انتفاء الحکم عن غیره و هذا مما لایمکن الالتزام به کما تقدّم، لأنّه یرجع إلی مفهوم اللقب.
و أُخری بمعنی أنّ تقیید الموضوع أو المتعلّق بالوصف یدلّ علی عدم ثبوت الحکم له علی نحو الإطلاق و الظاهر هو أنّ الوصف یدلّ علی المفهوم بهذا المعنی.
و نکتة هذه الدلالة هی ظهور القید فی الاحتراز و دخله فی موضوع الحکم أو متعلّقه إلّا أن تقوم قرینة علی عدم دخله فیه، ففی مثل قولنا «أکرم رجلاً عالماً»
ص: 165
یدلّ علی أنّ وجوب الإکرام لم یثبت لطبیعی الرجل علی الإطلاق و لو کان جاهلاً، بل ثبت لخصوص حصّة خاصّة منه و هی الرجل العالم.
و الضابط أنّ کلّ قید أُتی به فی الکلام فهو فی نفسه ظاهر فی الاحتراز و دخله فی الموضوع أو المتعلّق أی إنّ الحکم غیر ثابت له إلّا مقیداً بهذا القید لا مطلقاً و إلّا لکان القید لغواً فالحمل علی التوضیح أو غیره خلاف الظاهر فیحتاج إلی قرینة.
و الحاصل أنّ مثل قولنا «أکرم رجلاً عالماً» و إن لم یدلّ علی نفی الوجوب عن حصة أُخری من الرجل کالعادل أو نحوه و لو بملاک آخر، إلّا أنّه لا شبهة فی دلالته علی أنّ وجوب الإکرام غیر ثابت لطبیعی الرجل علی نحو الإطلاق (و لذا إن کان فاسقاً فلا یجب إکرامه). (1)
إنّ المحقق الخوئی (قدس سره) یری أنّ تقیید الموضوع أو المتعلّق بالوصف یدلّ علی عدم ثبوت الحکم له علی نحو الإطلاق، و لکن سیجیء القول المختار و هو أنّ تقیید الموضوع أو المتعلّق بالوصف، قد یدلّ علی ثبوت عدم الحکم، بمعنی ارتفاع سنخ الحکم عند ارتفاع الوصف، لا عدم ثبوت الحکم علی إطلاقه فقط.
ص: 166
ص: 167
هو التفصیل جمعاً بین ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) و المشهور و هذا هو المختار فإنّ مقتضی التحقیق هو الجمع بین ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) من ثبوت مفهوم الوصف فیما إذا کان الموضوع هو الموصوف و لکن اتصافه بالوصف هو الشرط لثبوت الحکم له و ظهور حال الوصف هو هذا المعنی حیث إنّ الوصف متمّم لقابلیة القابل فیکون شرطاً فی الحقیقة.
ص: 168
أمّا إذا کان الموضوع هو المرکّب من قیدین و أُشیر إلیهما بصورة الموصوف و الصفة و لکنهما فی الحقیقة یرجعان إلی اللقب المرکّب فلا مفهوم حینئذ.
أمّا ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) مثل قوله «أکرم رجلاً عالماً» فإنّه یدلّ علی المفهوم بالمعنی المتعارف و لکنه فی مقام بیان موضوع الإکرام من حیث صفة العلم و الجهل لا من سائر الجهات مثل العدالة و الفسق و لذا یکون مفهوم «أکرم رجلاً عالماً» عدم وجوب إکرام الرجل الجاهل، أمّا عدم وجوب إکرام الرجل العادل فإنّه خارج عن نطاق الکلام.
فتحصّل من ذلک أنّ مقتضی التحقیق هو القول الخامس((1)).
ص: 169
و فی المسألة تفصیلات أخر تظهر لمن راجع إلی کتب الأعلام. ((1))
ص: 170
ص: 171
ص: 172
ص: 173
ص: 174
ص: 175
ص: 176
مفهوم الغایة
الأول: فی المفهوم و هو أنّ التحدید بالغایة هل یدلّ علی انتفاء سنخ الحکم عن غیر المغیی و نذکره هنا.
الثانی: فی المنطوق و هو أنّ الغایة هل هی داخلة فی حکم المغیی أو لا؟
ص: 177
نسب إلی بعضهم مثل السید المرتضی و الشیخ الطوسی (قدس سرهما) عدم ثبوت مفهوم الغایة. ((1))
ص: 179
و هو ما اختاره المحقّق الخراسانی (قدس سره) ((1)) من التفصیل بین ما إذا کانت الغایة قیداً للحکم و قیداً للموضوع.
ص: 180
و هو التفصیل الذی اختاره المحقق الخوئی و سیأتی کلام حوله إنشاء الله.
و هنا أقوال أُخر لانطیل الکلام بذکرها. ((1))
ص: 182
ص: 183
فیظهر من البحث حول القول الثالث و الرابع و الخامس.
إذا کانت الغایة قیداً للحکم مثل «کلّ شیء حلال حتّی تعرف أنّه حرام» فقد تدلّ علی المفهوم و الدلیل علیه:
أوّلاً: هو التبادر.
و ثانیاً: هو حکم العقل بذلک، لأنّه مقتضی تقیید الحکم بالغایة و إلّا یلزم عدم کون ما جعل غایة للحکم غایة له و معنی ذلک لغویة الغایة.
و أمّا ما إذا کانت الغایة قیداً للموضوع مثل «سر من البصرة إلی الکوفة» فحال الغایة حال الوصف فی عدم الدلالة علی المفهوم، لأنّ مقتضاه هو عدم الحکم فی القضیة إلّا بالنسبة إلی المغیی فالغایة جاءت لتحدید الموضوع.
إنّ ما أفاده بالنسبة إلی الغایة التی تکون قیداً للحکم فهو صحیح، فإنّها تدلّ علی المفهوم و أمّا ما کانت قیداً للموضوع فقد تکون مثل الوصف دالّة علی المفهوم کما تقدّم فی مفهوم الوصف بل التفصیل الذی مضی فی مفهوم الوصف لایجری هنا، لأنّ الغایة تکون من قبیل الأوصاف التی ترجع إلی مفهوم الشرط لا التی ترجع إلی مفهوم اللقب.
ص: 184
إنّ المحقّق النائینی (قدس سره) ((1)) جعل البحث فی مقام الثبوت أوّلاً ثم فی مقام الإثبات ثانیاً.
أمّا البحث الثبوتی فهو أنّ ملاک الدلالة علی المفهوم هو کون القید راجعاً إلی الجملة الترکیبیة، و ملاک عدم الدلالة علی المفهوم هو رجوع القید إلی المفهوم الإفرادی و لذا بنی علی ظهور الجملة الشرطیة فی المفهوم دون الوصفیة.
و أمّا البحث الإثباتی فهو أنّ الأدوات الموضوعة للغایة لم توضع لخصوص تقیید المفاهیم الإفرادیة (کالوصف) و لا لخصوص تقیید الجمل الترکیبیة (کأدوات الشرط) فعلی هذا أدوات الغایة لیست ظاهرة فی المفهوم و لا غیر ظاهرة فیه بحسب الوضع.
و لکن هذه الأدوات بحسب التراکیب الکلامیة لابدّ أن تتعلّق بشیء و المتعلّق لها هو الفعل المذکور فی الکلام، فتکون حینئذ ظاهرة فی کونها من قیود الجملة، لا من قیود المفهوم الإفرادی، فتلحق بأدوات الشرط من هذه الجهة، فتکون ظاهرة فی المفهوم.
فالمتحصل من کلام المحقّق النائینی (قدس سره) أنّ الغایة تدلّ علی المفهوم بحسب مقام الإثبات و لذا یمکن إرجاع هذا القول إلی القول الأوّل.((2))
ص: 186
المحقّق الخوئی (قدس سره) استشکل علی کلام المحقّق النائینی (قدس سره) بحسب مقام الإثبات حیث إنّ الغایة عند المحقّق الخوئی (قدس سره) قد یکون ظاهرة فی رجوعه إلی متعلّق الحکم و أُخری یکون ظاهرة فی رجوعه إلی نفس الحکم و ثالثةً لایبقی للغایة ظهور فی رجوعه إلی متعلّق الحکم أو نفس الحکم و سیتضح ذلک إن شاء الله تعالی عند بیان مختاره (قدس سره) .
مفهوم الوصف، لأنّ التقیید بالغایة حینئذ من إحدی صغریات التقیید بالوصف، إذ المراد بالوصف فی ذلک المبحث لیس خصوص الوصف المصطلح علیه فی علم النحو، بل المراد به مطلق ما یکون قیداً لموضوع الحکم أو لمتعلّقه فی الکلام.
و إن کانت قیداً للحکم فتدلّ علی انتفاء الحکم عند تحقق غایته، بل لایبعد أن یقال: إنّ دلالة تقیید الحکم بغایةٍ ما علی المفهوم أقوی من دلالة تعلیق الحکم علی الشرط علی المفهوم.
الصورة الأولی: أن یکون الحکم مستفاداً من الهیأة، فالغایة ترجع إلی متعلّق الحکم إذ الظاهر هو رجوع القید إلی المعنی الحدثی، فرجوعه إلی الموضوع خلاف الظاهر کما أنّ رجوعه إلی مفاد الهیأة و إن کان أمراً ممکناً فی نفسه إلّا أنّه علی خلاف المتفاهم العرفی ما لم تقم قرینة علیه.
الصورة الثانیة: أن یکون الحکم مستفاداً من مادّة الکلام و لم یذکر متعلّق الحکم فی الکلام، کما فی قولنا «یحرم الخمر إلی أن یضطرّ إلیه المکلّف» فلاینبغی الشک فی ظهور الکلام فی رجوع القید إلی نفس الحکم.
الصورة الثالثة: أن یکون الحکم مستفاداً من مادة الکلام و کان المتعلّق مذکوراً کما فی قولنا «یجب الصیام إلی اللیل»، فلایکون للکلام ظهور فی رجوع القید إلی الحکم أو إلی متعلّقه، فلایکون له دلالة علی المفهوم، لو لم تقم قرینة فی الکلام أو من الخارج علیها.
انتهی ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) .
ص: 188
قد استدلّ بعض الأساطین (دام ظله) علی حجیة مفهوم الغایة فیما إذا کان الحکم مدلول الهیأة (خلافاً لما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) فی الصورة الأُولی من صور مقام الإثبات) و کانت الغایة قیداً للمتعلّق (خلافاً لما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) فی مقام الثبوت) بما رواه الکلینی (قدس سره) بالسند الصحیح:
مُحَمَّدُ بْنُ یعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ یحْیی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلَینِ قَامَا فَنَظَرَا إِلَی الْفَجْرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ذَا وَ قَالَ الْآخَرُ مَا أَرَی شَیئاً قَالَ (علیه السلام): فَلْیأْکُلِ الَّذِی لَمْ یسْتَبِنْ لَهُ الْفَجْرُ وَ قَدْ حَرُمَ عَلَی الَّذِی زَعَمَ أَنَّهُ رَأَی الْفَجْرَ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ یقُولُ: (کُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّی یتَبَینَ لَکُمُ الْخَیطُ الْأَبْیضُ مِنَ الْخَیطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)( سورة البقرة: 187).((1))
هو أنّ الغایة إن رجع إلی نفس الحکم فتدلّ علی المفهوم قطعاً و إن رجع إلی متعلّق الحکم تدل علی المفهوم أیضاً بناء علی ما اخترنا من حجیة مفهوم الوصف کما تقدّم فی ذیل کلام صاحب الکفایة (قدس سره) نقداً علیه.
فالمتحصّل هو ثبوت مفهوم الغایة مطلقاً.((2))
ص: 189
ص: 190
اختلفوا فی أنّ الغایة داخلة فی حکم المغیی أو لا، فاختاروا أقوالاً:
و هو مختار الشیخ الأنصاری و المحقق الإیروانی (قدس سرهما) .((1))
ص: 192
((1)):
و هو التفصیل بین ما إذا کانت الغایة من جنس المغیی فتدخل فیه نحو قولهم «أمسکت النهار من الطعام إلی اللیل» حیث إنّ اللیل من جنس النهار و بین ما إذا لم تکن من جنسه مثل «کل شیء لک حلال حتی تعرف الحرام منه بعینه».
ص: 193
((1))
و هو التفصیل بین ما إذا کانت الغایة بعد کلمة «إلی» فلاتدخل فی المغیی و ما إذا کانت الغایة بعد کلمة «حتّی» فتدخل فی المغیی و هذا القول منسوب إلی نجم
ص: 194
الأئمة الرضی (قدس سره) ((1)) و الزمخشری و قد اختاره المحقّق النائینی (قدس سره) ((2)).
و هو التفصیل بین ما إذا کانت الغایة قیداً للفعل مثل «سرت من البصرة إلی الکوفه» فتکون داخلة فی المغیی و بین ما إذا کانت قیداً للحکم مثل «صم من الفجر إلی اللیل» فتکون خارجة عنه و هذا هو مختار المحقق الحائری الیزدی (قدس سره) ((3)).
ص: 195
بل لابدّ من ملاحظة القرائن الموجودة فی الکلام و اختاره العلامة المظفر و المحقّق الجزائری المروج (قدس سرهما) ((1)).
و لانطیل الکلام بذکر سائر الأقوال.((2))
ص: 197
ص: 198
تکملة:
لاینبغی أن یعمّ النزاع بالنسبة إلی ما إذا کانت الغایة قیداً للحکم کما صرّح به صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) لأنّه غیر معقول لاستلزامه اجتماع الضدّین؛ مثلاً فی قوله (علیه السلام): «کُلّ شَی ءٍ طَاهِرٌ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ قَذِر»((2)) فإنّه یلزم من دخول الغایة فی حکم المغیی أن یکون معلوم النجاسة داخلاً فی حکم الطهارة و معنی ذلک اجتماع الطهارة و النجاسة فی معلوم النجاسة و هذا من اجتماع الضدّین.
و قد أفاد صاحب الکفایة (قدس سره) فی وجه ذلک أنّ المغیی حینئذ (أی حینما کانت الغایة قیداً للحکم) هو نفس الحکم، لا المحکوم به لیصحّ أن ینازع فی دخول الغایة فی حکم المغیی.
ص: 199
((1))
و قد أخذ هذا الاستدلال من نجم الأئمة الرضی (قدس سره) .
إنّ الأظهر خروج الغایة عن المغیی بحسب الحکم لأنّ الغایة من حدود المغیی فلاتکون محکومة بحکم المغیی لأنّ الحدّ خارج عن المحدود.
و أمّا دخول الغایة فی المغیی فی بعض الموارد إنّما یکون بمعونة القرائن الخاصّة المحفوفة بالکلام کما فی قولنا «سرت من البصرة إلی الکوفة» و «قرأت الکتاب من أوّله إلی آخره».
((2))
مبدأ الشیء و منتهاه تارةً بمعنی أوّله و آخره و أُخری بمعنی ما یبتدئ من عنده و ما ینتهی عنده الشیء و دخول الأوّلین کخروج الآخرین من الشیء واضح و الکلام فی أنّ مدخول «حتّی» و «إلی» هو المنتهی بالمعنی الأوّل أو بالمعنی الثانی.
ثم اعترض المحقّق الإصفهانی (قدس سره) علی استدلال نجم الأئمة (قدس سره) و صاحب
ص: 200
الکفایة (قدس سره) (بأنّ الحدّ خارج عن المحدود) بقوله: و کون الحدّ المصطلح خارجاً عن حقیقة الشیء لا یقتضی أن یکون مدخولهما حدّاً اصطلاحیاً.
ثم استظهر صحّة ما أفاده المحقّق الخراسانی (قدس سره)، (کما أنّه صرّح بذلک أیضاً فقال فی کفایة الأصول:((1)) و الأظهر خروج الغایة عن المغیی) فقال: نعم أکثر الموارد و لعلّه الأظهر کون مدخولهما ما ینتهی عنده الشیء فالغایة خارجة عن المغیی.
و بیان المحقّق الخوئی (قدس سره) أیضاً یرجع إلی ذلک حیث ادعی أنّ المتفاهم العرفی هو عدم دخول الغایة فی المغیی. و مما ذکرنا یظهر وجه ضعف سائر الأقوال.
إنّ الاستظهار العرفی هو خروج الغایة عن المغیی سواء اتّحدا فی الجنس أم اختلفا.
قد استشکل علیه المحقّق الخوئی (قدس سره) فقال: إنّه نشأ من الخلط بین مورد استعمال کلمة «حتّی» الجّارة و کلمة «حتّی» العاطفة، فإنّ «حتّی» فی محل البحث هو «حتّی» الجارة و هی التی تکون للغایة و أمّا «حتّی» العاطفة و إن
ص: 201
کانت للغایة فی بعض الأحیان و لکنّه لا خلاف فی دخول ما بعدها بمقتضی العطف فی حکم المعطوف علیه مثل قولنا «مات الناس حتّی الأنبیاء».((1))
لایصّح النزاع بالنسبة إلی ما إذا کانت الغایة قیداً للحکم و أمّا بالنسبة إلی ما إذا کانت الغایة قیداً للفعل فدخول الغایة فی حکم المغیی ممنوع إلّا فیما قامت القرائن الخاصّة.
ص: 202
ص: 203
ص: 204
مفهوم الحصر
إنّ للحصر((1)) أدوات مثل کلمة «إلّا» و «إنّما» قد تکلّموا حول دلالتها علی المفهوم.
ص: 205
ففیها ثلاثة مطالب:
إنّ هذه الکلمة قد تستعمل بمعنی الاستثناء و حینئذ صرّح الأعلام بدلالتها علی المفهوم لأنّها تدلّ علی انتفاء الحکم المذکور للمستثنی منه عن المستثنی و نتیجة الاستثناء من الإثبات هو النفی کما أنّ نتیجة الاستثناء من النفی هو الإثبات و لم یخالف فی ذلک إلّا أبو حنفیة و هو لایعتنی به.
و قد تستعمل بمعنی «غیر» فهی حینئذ وصفیة و دلالتها علی المفهوم متوقّفة
ص: 206
علی مفهوم الوصف و لذا صرّح صاحب الکفایة و المحقّق النائینی((1)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهم) ((2)) بعدم دلالتها علی المفهوم و لکن قد تقدّم دلالتها علیه فی مفهوم الوصف.
(قال المحقّق الخوئی (قدس سره): إنّ المعنی الظاهر عرفاً من کلمة «إلّا» هو معنی الاستثناء).
فالحقّ هو أنّ کلمة «إلّا» تدلّ علی المفهوم بکلا المعنیین.
قد اختلفوا فی أنّ دلالة الاستثناء علی ذلک دلالة مفهومیة أم منطوقیة و لکن تعیین ذلک لایکاد یفید کما صرّح به صاحب الکفایة (قدس سره) ((3)) و الظاهر کونها دلالة مفهومیة.
ص: 207
قد استشکل فی کلمه «لا إله إلّا الله» من جهة الخبر حیث إنّه إن کان الخبر «ممکن» فیدلّ علی إمکان ذاته تعالی و إن کان الخبر «موجود» فلایفید نفی الإمکان عن شریک الباری حیث إنّ نفی الوجود أعم من نفی الإمکان.
و الجواب هو أنّ الخبر «ممکن» بالإمکان العامّ و الإمکان العامّ فی الواجب تعالی لاینافی ضرورة الوجود و أیضاً یمکن أن یجعل الخبر «موجود»((1)).
ص: 208
ص: 209
فإنّها غالباً تستعمل فی قصر الصفة علی الموصوف مثل «إنّما القدرة لله تعالی» و حینئذ تدلّ علی انتفاء القدرة عن غیره تعالی و قد تستعمل للمبالغة و التجوّز مثل «إنّما زید عالم» مع أنّ له صفات أُخری غیر العلم و حینئذ لاتدلّ علی الحصر الحقیقی((1)).
ص: 210
و اختلف أیضاً فی أنّ دلالتها بالمفهوم أو بالمنطوق (کما صرّح به المحقّق النائینی (قدس سره) ((1))) و لایکاد یفید البحث عنه و مخالفة الفخر الرازی و إنکاره لدلالة «إنّما» علی الحصر ذیل آیة (إِنَّما وَلِیکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ)((2)) لیس إلّا من باب مکابرة الحقّ((3)).
ص: 211
ص: 212
ص: 213
ص: 214
ص: 215
ص: 216
مفهوم اللقب و العدد
قد صرّح الأعلام بأنّه لا دلالة للقب((1)) و العدد علی المفهوم. و هذا امر واضح لاسترة علیه فلا ینبغی الخلاف فی هذا الأمر.
ص: 217
نعم قال بعض الأعلام: إن کان العدد جاء لتحدید المعدود و حصره فی عدد معین فهو یدلّ علی المفهوم و إلّا فلا((1)).
ص: 218
ص: 219
ص: 220
ص: 221
ص: 222
ص: 223
ص: 224
فیه اثنا عشر فصلاً
الفصل الأول: تعریف العام و تقسیمه
الفصل الثانی: ألفاظ العموم
الفصل الثالث: عدم مجازیة العام المخصص
الفصل الرابع: سرایة إجمال المخصص إلی العام
الفصل الخامس: إحراز المصداق المشتبه بالأصل العملی الموضوعی
الفصل السادس: عدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص
الفصل السابع: هل الخطابات الشفاهیة تعمّ الغائبین و المعدومین؟
الفصل الثامن: تعقّب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده
الفصل التاسع: تعارض المفهوم و العموم
الفصل العاشر: تعقّب الاستثناء للجمل
الفصل الحادی عشر: تخصیص الکتاب بخبر الواحد
الفصل الثانی عشر: الدوران بین التخصیص و النسخ
ص: 225
ص: 226
ص: 227
ص: 228
تعریف العام و أقسامه
إنّ الغزالی قال: إنّه اللفظ الواحد الدالّ علی شیئین فصاعداً من جهة واحدة((1)).
ص: 230
إنّ الشیخ البهائی (قدس سره) قال: إنّه اللفظ الموضوع لاستغراق أجزائه و جزئیاته((1)).
ص: 232
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) عرّفه بمعنی الشمول لغةً و عرفاً و اصطلاحاً.
و لکن الأمر سهل سیما مع ملاحظة ما أفاده صاحب الکفایة من أنّ المعنی المرکوز من العامّ فی الأذهان أوضح ممّا عُرّف به مفهوماً و مصداقاً.
فائدة: قال المحقق الخراسانی (قدس سره): إنّ تعریفات القوم کلّها تعاریف لفظیة تقع فی جواب السؤال عنه ب- «ما» الشارحة (شرح الاسم).
و قد استشکل علیه المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((2)) بأنّ شرح الاسم المرادف لمطلب «ما» الشارحة لایساوق التعریف اللفظی.
ص: 234
إنّ «العامّ» ینقسم إلی الاستغراقی و المجموعی و البدلی کما صّرح به صاحب الکفایة (قدس سره) .
قال: «الظاهر أنّ ما ذکر له من الأقسام من الاستغراقی و المجموعی و البدلی إنّما هو باختلاف کیفیة تعلّق الأحکام به و إلّا فالعموم فی الجمیع بمعنی واحد.»((1))
((2))
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) یری أنّ منشأ التقسیم إنّما هو اختلاف کیفیة تعلّق الحکم بالعامّ مع أنّ الأمر لیس کذلک، فإنّ المولی فی مقام جعل الأحکام لایلاحظ الطبیعة بما هی هی مع قطع النظر عن أفرادها، بل یلاحظها بأحد الأنحاء الثلاثة:
النحو الأوّل: أن یلاحظ الطبیعة فانیة فی أفرادها علی نحو الوحدة فی الکثرة و هو العموم الاستغراقی و معنی ذلک أنّه یلاحظ الأفراد الکثیرة واقعاً وحقیقةً فی ضمن مفهوم واحد و یجعل الحکم علی الأفراد، فالحکم و إن کان واحداً، فی مقام الإنشاء إلّا أنّه متعدّد فی مقام الثبوت و الواقع.
ص: 235
النحو الثانی: أن یلاحظ الطبیعة فانیة فی الأفراد علی نحو الوحدة فی الجمع و هو العموم المجموعی و معنی ذلک هو أنّه یلاحظ الأفراد المتکثرة علی نحو الجمع حقیقة تحت مفهوم واحد و یجعل المجموع من حیث المجموع موضوعاً واحداً بحیث یکون کل فرد جزء الموضوع لا تمامه.
النحو الثالث: أن یلاحظ الطبیعة فانیة فی صرف وجودها فی الخارج و هو العموم البدلی و معنی ذلک هو أنّه یلاحظ صرف وجود الطبیعة الساریة إلی جمیع أفرادها و یجعل الحکم علیه و لما کان صرف الوجود واحداً غیر قابل للتعدد فالحکم فی مقام الإثبات و الثبوت واحد.
فعلی هذا منشأ التقسیم لیس کیفیة تعلّق الحکم بالعامّ بل کیفیة ملاحظة الطبیعة فی ناحیة العامّ.
إنّ العامّ هل یفترق عن المطلق الشمولی مثل: (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیعَ)((1)) أو هما لایفترقان؟
بیان المحقّق الخوئی (قدس سره): ((2))
إنّ المطلق الشمولی و إن کان یدلّ علی شمول الحکم لجمیع أفراد مدخوله إلّا أنّ دلالته بالإطلاق و مقدّمات الحکمة و أمّا دلالة العامّ علی شمول الحکم لجمیع أفراده هو بالوضع و سیجیء إن شاء الله مزید بیان.
ص: 236
إنّ دلالة العامّ علی سرایة الأحکام علی کل فرد من أفراده استقلالیة من جهة انطباقه علیه و أمّا دلالة لفظ «عشرة» علی کل فرد من أفرادها ضمنیة لا استقلالیة حیث إنّه من جهة شمول المرکب والکل لأجزائه.
ص: 237
ص: 238
ص: 239
ص: 240
ألفاظ العموم
فیه أمران:
قد وقع البحث فی وجود الألفاظ الموضوعة للعموم کبرویاً ثمّ فی تعیینها صغرویاً. ((1))
ص: 241
إنّ إرادة الخصوص متیقّنة و لو فی ضمن العموم بخلاف إرادة العموم و جعل اللفظ حقیقة فی المتیقّن أولی.
ص: 242
((1)):
أوّلاً: إنّ وضع بعض الألفاظ للعموم ممّا لا شبهة فیه.
ثانیاً: إنّ تیقّن إرادة الخصوص لایوجب اختصاص الوضع به، فإنّ ما استدلّ به القائل من أنّ جعل اللفظ حقیقة فی المتیقّن أولی وجه استحسانی و لیست قاعدة لغویة و لا عرفیة و لا عقلیة.
إنّ التخصیص قد اشتهر و شاع حتّی قیل «ما من عامّ إلّا و قد خصّ» و الظاهر یقتضی وضع اللفظ لما هو الغالب و هو الخصوص لا العموم و إلّا یلزم أن یکون المجاز أکثر من الحقیقة.
((2)):
أوّلاً: إنّ العموم أیضاً کثیراً یراد.
ثانیاً: إنّ التخصیص لایلازم المجازیة بل التخصیص من باب تعدّد الدالّ و المدلول فإنّ اللفظ العامّ فیما إذا خصّص بمخصّص استعمل فی معناه العامّ و الدالّ علی التخصیص لفظ آخر.
ثالثاً: تقدّم فی الجواب عن الوجه الأوّل أنّ وضع بعض الألفاظ للعموم ممّا لا شبهة فیه.
ص: 243
و البحث فی ثلاث موارد:
من ألفاظ العموم لفظ «کل» و ما بمعناه مثل لفظ «الجمیع» و لفظ «تمام» فی لغة العرب و ما بمعناه فی سائر اللغات.
و منها النکرة فی سیاق النفی أو النهی.
و منها الجمع المحلّی ب- «ال» و هکذا المفرد المعرّف ب- «ال».
و لابدّ من البحث عن کل منها:
قد یستفاد من کلام صاحب الکفایة (قدس سره) أنّ دلالته علی العموم متوقّفة علی جریان مقدّمات الحکمة لأنّها موضوعة للدلالة علی عموم الطبیعة المدخولة للفظ «کلّ»، فلابدّ من إجراء مقدّمات الحکمة بالنسبة إلی مدخول کلمة «کلّ» فإن کان مطلقاً فهو و إلّا یدلّ علی إرادة المتیقّن من مدخوله.((1))
((2))
إنّ لفظة «کلّ» أو ما شاکلها التی هی موضوعة لإفادة العموم تدلّ بنفسها
ص: 244
علی إطلاق مدخولها و عدم أخذ خصوصیة فیه و لایتوقف ذلک علی جریان مقدّمات الحکمة، بل هی تدلّ علی سرایة الحکم إلی جمیع ما یمکن أن ینطبق علیه مدخولها بما له من المعنی وضعاً، لا إنّ دلالتها علی العموم و الشمول مستندة إلی عدم قیام قرینة علی تقییده بقیدٍما و إلّا لکفی جریان مقدّمات الحکمة فی إثبات العموم من دون حاجة إلی أداته و علیه فبطبیعة الحال یکون الإتیان بلفظة «کلّ» لغواً، و هذا خلاف الارتکاز العرفی، ضرورة أنّ العرف یفرّق بین قولنا «أکرم کل عالم» و قولنا «أکرم العالم»، و یری أنّ دلالة «أکرم کل عالم» لاتحتاج إلی أیة مؤونة زائدة ما عدا دلالة اللفظ علیه بخلاف «أکرم العالم» فإنّ دلالته علی العموم تحتاج إلی مؤونة زائدة و هی إجراء مقدّمات الحکمة.
فتحصّل أنّ دلالة لفظة «کلّ» علی عموم مدخولها لاتحتاج إلی مقدّمات الحکمة.((1))
ص: 245
قال المحقّق الخراسانی (قدس سره): إنّ دلالتها علی العموم متوقفة علی أخذ النکرة طبیعة مرسلة لا بشرط و أمّا إذا أخذناها طبیعة مبهمة مهملة فتکون بحکم
ص: 246
الجزئیة و حینئذ إذا وقعت الطبیعة المهملة المبهمة فی سیاق النفی أو النهی فلاتفید إلّا نفی هذه الطبیعة فی الجملة و لو فی ضمن صنف منها.
و حینئذ دلالتها علی العموم تتوقف علی جریان مقدّمات الحکمة لإحراز إرسال الطبیعة و کونها مطلقة بنحو اللابشرط.((1))
المحقّق الخوئی (قدس سره) أیضاً اختار ذلک فقال((2)): إنّ مقدّمات الحکمة إذا جرت فی مدخول کلمة «لا» سواء أکانت نافیة أم ناهیة، فنتیجتها هی العموم الشمولی کقولنا مثلاً «لا أملک شیئاً» فانّ کلمة شیء و إن استعملت فی معناها الموضوع له و هو الطبیعة المهملة الجامعة بین جمیع الأشیاء، إلّا أنّ مقتضی الإطلاق و عدم تقییده بحصّة خاصّة هو نفی ملکیة کلّ ما یمکن أن ینطبق علیه عنوان «الشیء» لا نفی فردٍمّا منه و وجود البقیة عنده، فإنّ هذا المعنی باطل فی نفسه فلایمکن إرادته منه، و أمّا إذا افترضنا أنّه لا إطلاق له یعنی أنّ مقدّمات الحکمة لم تجر فیه فهی لاتدلّ علی العموم و الشمول و إنّما تدلّ علی النفی بنحو القضیة المهملة التی تکون فی حکم القضیة الجزئیة.
بعض الأصولیین مثل المحقّق القمی (قدس سره) قالوا بأنّ دلالة النکرة فی سیاق النفی أو النهی علی العموم وضعیة و لا حاجة إلی جریان مقدّمات الحکمة.((3))
و لکن أنّا نری عدم وضع النکرة و عدم وضع أدات النفی و النهی علی ذلک.
ص: 247
فالحقّ هو ما أفاده صاحب الکفایة و المحقّق النائینی((1)) و المحقّق الإصفهانی((2)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهم) من أنّ دلالتها علی العموم لایتمّ إلّا بجریان مقدّمات الحکمة.
إنّ دلالتها علی العموم عقلیة عند صاحب الکفایة (قدس سره) و بعض الأعلام و لیست وضعیة.
أمّا عدم کونها وضعیة فلأنّ أدوات النفی أو النهی لم توضع للعموم کما أنّ مدخولها أیضاً هی الطبیعة و هی أیضاً لم توضع للعموم و لا وضع للترکیب بینهما.
أمّا کونها عقلیة فلأنّ العقل یحکم بأنّ انتفاء الطبیعة بانتفاء جمیع أفرادها کما أنّها توجد بوجود فرد منها.
ص: 248
إنّ المحقق الإصفهانی (قدس سره) ناقش فی ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فقال:
إنّ الثبوت و النفی هنا غیر متقابلین، بل لوحظت الطبیعة فی طرف الثبوت مهملة و فی طرف النفی مرسلة، و نقیض کل وجود عدمه البدیل له، و لایکون بدیلاً له إلّا إذا لوحظا بالإضافة إلی شیء واحد. ((1))
(و قد تقدّم بیان ذلک فی أوائل مبحث النواهی).
فالدلالة علی العموم هنا و إن کانت بمعونة جریان مقدّمات الحکمة إلّا أنّها لیست عقلیة کما أنّها لیست وضعیة.
ص: 249
((1))
دلالة المحلّی ب«اللام» (جمعاً کان أم مفرداً) علی العموم وضعاً محل منع، بل إنّما یفیده فیما إذا اقتضته الحکمة أو قرینة أُخری و ذلک لعدم اقتضائه وضع «اللام» و لا مدخوله و لا وضع آخر للمرکّب منهما.
و الاستدلال المذکور تمام فالحقّ مع صاحب الکفایة و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) .
قال المحقّق القمی (قدس سره) ((2)) بوضعهما للعموم.
استدلّ علی ذلک أوّلاً بالتبادر و ثانیاً بجواز الاستثناء منه و ثالثاً بأنّ اللام وضعت للاستغراق (فیما لم یکن للعهد).
إنّ الدلیل الأول (التبادر) و الثالث مصادرة للمطلوب، و الدلیل الثانی و هو جواز الاستثناء أعمّ من کونه وضعیاً أو إطلاقیاً.
ص: 251
ص: 252
ص: 253
ص: 254
عدم مجازیة العام المخصص
إنّ الأعلام اختلفوا فی العامّ المخصّص بالتخصیص المتّصل أو المنفصل حیث إنّ العامّ حینئذ استعمل فی المعنی الخاصّ و أُرید منه ذاک المعنی الخاصّ فهل یکون العامّ حینئذ مجازاً لأنّه وضع للمعنی العامّ و لکن لم یستعمل فیه.
و حینئذ یقع نزاع آخر فیما إذا قلنا بأنّه مجاز فی الباقی و هو أنّ العامّ المخصّص إذا کان مجازاً فهل یکون حجّة فی الأفراد الباقیة من العامّ أو لا؟((1)) و وجه ذلک
ص: 255
هو أنّ العامّ بعد التخصیص لم یستعمل فی معناه الحقیقی فلابدّ أن یحمل علی المعنی المجازی و لکن المعانی المجازیة کثیرة یمکن أن یکون مستعملاً فی کل من هذه المعانی المجازیة، فإن کانت قرینة معینة فهی المتّبع و إلّا یکون المعنی مجملاً من حیث عدم تعیین ما هو المراد من المعانی المجازیة، فلایمکن التمسّک بالعامّ المخصّص بالنسبة إلی الأفراد الباقیة تحت العامّ.
فهنا أمران:
الأول: إنّ تخصیص العامّ هل یوجب مجازیته؟
الثانی: إنّه علی فرض المجازیة هل یکون حجّة فی الباقی؟
ص: 256
و التحقیق هو أنّ العامّ یستعمل دائماً فی معناه الحقیقی و هو العموم و لا مجازیة فی البین سواء کانت القرینة المخصّصة متصلة به أم منفصلة و هذا هو القول الأوّل و اختاره صاحب الکفایة (قدس سره) و هو القول الحقّ من بین الأقوال.
و بعض آخر قالوا: إنّه مجاز مطلقاً و هناک قول ثالث و هو أنّ العامّ المخصّص بالقرینة المتّصلة مجاز دون ما خصّص بالقرینة المنفصلة و لبعضهم قول رابع عکس القول الثالث.((1))
((2)
)
إنّه لایلزم من التخصیص کون العامّ مجازاً سواء کان المخصّص متّصلاً أم منفصلاً.
أمّا التخصیص بالمخصّص المتّصل فإطلاق التخصیص علیه مسامحة لأنّ
ص: 257
العامّ غیر مخصّص فی الحقیقة فعلی هذا أدوات العموم لاتستعمل إلّا فی العموم غیر أنّ دائرة مدخوله قد تکون موسعة و أُخری مضیقة، فمعنی «أکرم کل عالم إلّا الفسّاق منهم» هو أنّ مدخول أداة العموم هو العلماء العدول و أداة العموم مثل «کلّ» فی المثال المذکور یدلّ علی وجوب إکرام جمیع العلماء العدول فأداة العموم دلّت علی عموم مدخولها و شمول الحکم لجمیع أفراد المدخول.
(و الشاهد علی ذلک هو أنّه لایصحّ أن یجعل مکان «کلّ» کلمة «بعض»، فلو قال مثلاً «أکرم بعض العلماءإلّا الفسّاق منهم» یکون المعنی غیر صحیح.)
فالمخصّص یوجب تضییق مدخول الأداة من باب تعدّد الدالّ و المدلول و أداة العموم توجب شمول الحکم بالنسبة إلی مدخوله.
و أمّا التخصیص بالمخصّص المنفصل فالأمر فیه أسهل، لأنّ العامّ استعمل فی معناه و انعقد ظهور أداة العموم فی عمومیة المدخول من غیر أن یخصّص بحسب الإرادة الاستعمالیة و لکن المخصّص یوجب عدم حجیة ظهوره و یدلّ علی عدم تعلّق الإرادة الجدّیة بالمعنی العامّ فأداة العموم استعملت فی معناه و استعمل مدخوله أیضاً فی معناه من غیر تضییق و لکن هذا المعنی الظاهر من القضیة العامّة لم یکن بعمومه مراداً جدیاً.
فالمتحصّل هو أنّ أداة العموم استعملت فی معناها الحقیقی و إن خصّصت بالمخصّص المتّصل أو المنفصل.
ص: 258
حجیة العامّ المخصّص فی الأفراد الباقیة تحت العامّ نتیجتها جواز التمسّک بالعامّ فلا شک فیه و لا وجه للنزاع فیه بعد اثبات استعمال أدوات العامّ فی معناها الحقیقی بل هذا النزاع یجری فیما إذا قلنا بالمجازیة مطلقاً أو بالمجازیة فی العامّ المخصّص بالقرینة المتّصلة أو بالمجازیة فی العامّ المخصّص بالقرینة المنفصلة.((1))
ص: 259
ص: 260
ص: 261
ص: 262
سرایة إجمال المخصص إلی العام
((1))
فیه مقامان:
إنّ الشک فی المخصّص قد یسری إلی العامّ فیوجب إجماله و حینئذ لایمکن التمسک بالعامّ بالنسبة إلی مورد الشک.
فإنّ إجمال المخصّص قد یکون بالشبهة المفهومیة و أُخری بالشبهة المصداقیة و المراد من الشبهة المفهومیة هو الشک فی مفهوم المخصّص و المراد من الشبهة المصداقیة هو الشک فی دخول فرد العامّ فی المخصّص، من دون إجمال فی مفهوم المخصّص.
ص: 263
ثمّ إنّ الإجمال قد یکون حقیقیاً و أُخری حکمیاً، فإنّ إجمال المخصّص إذا کان موجباً لسقوط ظهور اللفظ العامّ فی الإرادة الاستعمالیة و عدم انعقاده فهو إجمال حقیقی، و إذا کان موجباً لسقوط ظهوره فی الإرادة الجدّیة فهو إجمال حکمی.
و هذا الإجمال إمّا یکون بالتردید بنحو الأقلّ و الأکثر و امّا یکون بالتردید بین المتباینین و المخصّص إمّا یکون متصلاً بالعامّ و إمّا یکون منفصلاً عنه.
و حینئذ یقع البحث فی مقامین: الشبهة المفهومیة و الشبهة المصداقیة.((1))
ص: 264
إنّ البحث عن سرایة إجمال المخصّص (فی الشبهة المفهومیة) إلی العامّ یقع فی ضمن صور أربع:
و الحق هو أنّ إجمال المخصّص یسری إلی العامّ و یوجب إجماله و عدم جواز التمسّک بالعامّ لدخول الأمر المشکوک فی حکم العامّ (مثاله «کل ماء طاهر إلّا ما تغیر طعمه أو لونه أو ریحه» فإنّه یشمل التغیر الحسّی قطعاً و نشک فی شموله للتغیر التقدیری).
والوجه فی ذلک هو أنّ المخصّص المتّصل قرینة متّصلة بالکلام و هو یمنع عن انعقاد ظهور العامّ فی الإرادة الاستعمالیة بالنسبة إلی المشکوک، و یصیر العامّ مجملاً حقیقیاً.
و الحقّ هنا أیضاً سرایة إجمال المخصّص بالعامّ و إجماله حقیقةً بنفس البیان المذکور فی الصورة الأُولی. (مثاله «أکرم العلماء إلّا زیداً» فیما إذا تردّدنا أنّه زید بن عمرو أو زید بن بکر مثلاً)
فیها أقوال ثلاثة:
ص: 265
الخوئی (قدس سرهم) ((1)) قالوا بعدم سرایة إجمال المخصّص المنفصل المردّد بین الأقلّ و الأکثر إلی العامّ.
قال بعض الأساطین (دام ظله) بالتوقّف و الاحتیاط لا التمسّک بالعامّ فی القدر الزائد علی المتیقّن فی المخصّص المجمل مفهوماً و لذا یرجع ما أفاده مآلاً إلی سرایة الإجمال إلی العامّ.((2))
إنّ العامّ انعقد ظهوره فی العموم، و الخاصّ یقدّم علیه بقدر ما أُرید منه قطعاً، أمّا القدر الزائد فالخاصّ فیه مجمل و لا حجّة علیه و لم یثبت قرینیة الخاصّ بالنسبة إلیه، فلا وجه لکونه رافعاً للظهور المنعقد للعامّ فی هذا المقدار.
مثال ذلک قول المولی: «أکرم کل عالم» و قوله بعد ذلک منفصلاً عنه: «لاتکرم الفسّاق من العلماء»، ثم شککنا فی أنّ الفاسق هل یشتمل من یرتکب الصغیرة أو لا، و ذلک بعد أن علمنا بأنّ من یرتکب الکبیرة فاسق قطعاً.
قال المحقّق النائینی (قدس سره) ((3)): إنّ أصالة الظهور لاتکون فی الحجیة بأضعف من
ص: 267
الأصول العملیة، فکما أنّ دلیل حرمة إکرام العالم الفاسق إذا تردّد الأمر فیه بین أن یکون المراد بلفظ الفاسق فیه خصوص مرتکب الکبیرة أو الأعم منه و من مرتکب الصغیرة لایکون مانعاً من إجراء أصالة البراءة عن إکرام مرتکب الصغیرة، کذلک لایکون ذلک الدلیل مانعاً من التمسّک بعموم دلیل وجوب إکرام العلماء، المفروض شموله لمرتکبی الصغائر من العلماء أیضاً.
إنّ دلالة العامّ إمّا وضعیة و إمّا بمعونة مقدّمات الحکمة التی منها عدم القرینة علی الخلاف و المراد من عدم القرینة إمّا عدم القرینة إلی الأبد و إمّا عدم القرینة فی مجلس التخاطب.
فإن کانت دلالة العامّ علی العموم بالوضع، فالمخصّص المنفصل لایزاحمه فی القدر الزائد المشکوک.
و إن کانت دلالته بمقدّمات الحکمة و لکن کان جریانها متوقّفة علی عدم القرینة إلی الأبد فالأمر مشکل، لأنّ هنا ما یحتمل قرینیته بالنسبة إلی القدر الزائد علی المتیقّن و بعبارة أُخری هنا قرینة علی خلاف العامّ و لها قدر متیقّن و هو فی المثال المرتکب للکبیرة و أیضاً لها قدر زائد مشکوک تکون القرینة بالنسبة إلیها مجملاً و هو المرتکب للصغیرة و حیث لم ینعقد للعامّ دلالة علی العموم إلّا بعد إحراز عدم القرینة علی خلافه و وجود القرینة بالنسبة إلی المرتکب للصغیرة مشکوک فلایمکن إحراز عدمها فلاینعقد للعامّ ظهور بالنسبة إلی هذا القدر الزائد المشکوک و إن کانت دلالته بمقدّمات الحکمة و کان جریانها متوقّفة علی إحراز عدم القرینة فی مجلس التخاطب کما هو الحق، فالعامّ ینعقد له الظهور من
ص: 268
دون أن یمنع عنه مانع بالنسبة إلی القدر الزائد المشکوک (أی المرتکب للصغیرة)((1)).
(نقله المحقّق النائینی (قدس سره) بعنوان «إن قلت» ثم أجاب عنه).
إنّ دلیل حرمة إکرام العالم الفاسق و إن لم یکن رافعاً لظهور العامّ أی الإرادة الاستعمالیة إلّا أنّه یوجب تقیید المراد الواقعی (الإرادة الجدیة) بغیر الفاسق و بما أنّ المفروض إجمال مفهوم الفاسق لتردّده بین الأقل و الأکثر فالمراد الواقعی و الجدّی من العامّ أیضاً یکون مردّداً بین الأقلّ و الأکثر و حینئذ العامّ له ظهور بالإرادة الاستعمالیة بالنسبة إلی القدر الزائد (و هو المرتکب للصغیرة) و لکن بالنسبة إلیه بالإرادة الجدّیة مجمل، فالإجمال یسری إلی العامّ.
((2))
إنّ الأحکام إنّما تتعلّق بالمفاهیم باعتبار کونها مرآة للحقائق التی تطابقها فی الخارج، لا بما هی مفاهیم و علیه فإذا کان دلیل وجوب إکرام العالم عامّاً بالنسبة إلی کل انقسام یمکن أن یفرض فی مفهوم العالم ککونه مرتکب الکبیرة و غیره و کونه مرتکب الصغیرة و غیره، فبإزاء کل انقسام یفرض فی العامّ تکون فیه جهة إطلاق لاترفع الید عنها إلّا بدلیل.
و المرتکب للصغیرة هنا لایعلم دخوله فی مفهوم الفاسق المقید للعامّ بما أنّه حاک عن مطابقه فی الخارج، فلایکون هناک موجب لرفع الید عن ظهور العامّ.
و أمّا حجیة ظهور العامّ، فالمانع منها منحصر بما یدلّ علی عدم وجوب إکرامه،
ص: 269
الکاشف عن تقید المراد الواقعی بعدمه و المفروض أنّه لادلیل علیه، لإجمال المخصّص فیبقی ظهور العامّ فیه بلا معارض فیکون رفع الید عنه بلا موجب.
(فإنّ العقلاء بنوا علی أنّ الإرادة الاستعمالیة أُریدت جدّاً إلّا إذا قامت قرینة علی الخلاف).
إنّ المحقّق النائینی (قدس سره) قال فی مسألة من کان مدیوناً لرجل و شک فی أنّه تسعة دنانیر أو عشرة: لایجب علیه إلّا إعطاء تسعة دنانیر و تجری البرائة بالنسبة إلی الدرهم الزائد و لکن إذا کان هناک عنوانٌ مثل عنوان «ما هو مکتوب فی الذمة» فیجب علیه إعطاء عشرة دنانیر.((1))
فإنّه رتّب الحکم و الأثر علی العنوان باعتبار التردید بین صدقه علی العشرة أ و التسعة فحکم باشتغال الذمّة إلّا إذا أعطی عشرة دنانیر و هذا خلاف المبنی الذی ذکره فی الجواب هنا حیث إنّ عنوان «ما فی الذمّة» باعتبار کونه مرآة للحقائق التی تطابقها فی الخارج ینطبق علی تسعة دنانیر و الدینار الزائد المشکوک لم یعلم دخوله فی مفهوم ما هو مکتوب فی الذمّة بما أنّه حاک عن مطابقه فی الخارج.
ص: 270
إنّ المخصّص المنفصل إنّما یکون مانعاً عن حجیة العامّ فیما إذا کان بنفسه حجّة و إلّا فلا اقتضاء له للمانعیة عن انعقاد ظهور العامّ فی حجیته، و العام حجّة بالنسبة إلی القدر المتیقّن، أمّا بالنسبة إلی القدر الزائد المشکوک فلیس بحجّة.((1))
((2))
إنّ أصالة العموم من الأُصول اللفظیة و الدلیل علی حجیتها هو بناء العقلاء فإنّهم یتمسّکون بأصالة العموم للکشف عن المراد الجدّی للمتکلّم و لکنّا نری أنّهم یتوقفون فی أمثال ما نحن فیه و الشاهد علیه أنّه إذا قال المولی: «اشتر لی قطعة من السجّاد» و قال بدلیل منفصل عنه «لاتشتر السجّاد من صنائع مدینة کذا» فشککنا فی أنّه یمنع من السجّاد المصنوع فی داخل البلد أو الأعّم منه و من حومته فإنّ العقلاء حینئذ یتوقّفون حتّی یتّضح المراد عندهم.
ینبغی أن نمثّل بالعامّ الذی خصّص بالمخصّص المنفصل (لا بالمطلق المقید)
فنقول: إذا قال المولی «أکرم کل عالم» أو قال «أکرم العلماء» ثم بعد ذلک قال بدلیل منفصل عنه «لاتکرم الفسّاق من العلماء» فنری أنّ العقلاء یعاملون «لاتکرم الفسّاق» معاملة «لاتکرم المرتکب للکبیرة» حیث إنّه لا یتحقّق لهذه الجملة ظهور فی حرمة إکرام المرتکب للصغیرة فضلاً عن حجیة هذا الظهور و
ص: 271
حینئذ إذا قاموا بالجمع بین الأدلّة یرون أنّ العامّ هو إکرام کل عالم و الخاصّ هو حرمة إکرام المرتکب للکبیرة و الجمع بین الأدلّة یقتضی التمسّک بعموم «أکرم کل عالم» إلّا المرتکب للکبیرة، فالحق جواز التمسّک بالعامّ فی هذه الصورة.
فإنّ توقف العقلاء فی المثال الذی ذکره قد یکون من باب التفحّص عن المخصّص حیث یمکن الاتصال بالمولی و الاستفسار عنه و أمّا فی الروایات الواردة عن المعصومین (علیهم السلام) فلانجد روایة حتّی یعین لنا حکم حومة البلد.
إنّ الحقّ هو أنّ إجمال المخصّص یسری فی هذه الصورة إلی العامّ و إن کان ظهور العامّ ینعقد فی العموم و لکنّ العلم الإجمالی بخروج أحد المتباینین عنه یمنع عن حجیة هذا الظهور بالنسبة إلیهما، فالمقتضی لشمول العامّ للمتباینین موجود و لکن العلم الإجمالی بخروج أحدهما عن العامّ یمنع عنه و قد یستفاد من کلام بعضهم أنّ أصالة العموم قاصرة اقتضاء عن شمول المتباینین و علی أی حال لایمکن التمسّک بأصالة العموم، و یکون العامّ مجملاً حکماً. (و مثاله قول المولی «أکرم کل عالم» و قوله منفصلاً عنه «لاتکرم زیداً العالم» مع أنّ زیداً العالم مردد بین رجلین.)
ص: 272
إنّ الأعلام اختلفوا فی جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة فقال بعضهم بجواز التمسّک بالعامّ و بعضهم بعدم الجواز.
و قد اختلفوا أیضاً فی تعیین القائلین بالجواز.((1))
ص: 273
قال المحقّق النائینی (قدس سره):((1)) إنّ القول بالجواز منسوب إلی المشهور بل الأشهر و ربما نسب أیضاً إلی الشیخ الأنصاری (قدس سره) ((2)).
و نسب هذا القول إلی الشهید الثانی (قدس سره) من القدماء و إلی صاحب العروة (قدس سره) من المتأخرین و لکن کل ذلک مستنبط من الفروع الفقهیة التی أوردوها فی کتبهم و لذا اختلف فی صحّة الانتساب و تردّد بعض الأعلام منهم المحقّق النائینی((3)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) فی صحّة انتساب القول بالجواز إلی هؤلاء الأعلام.
و المحقّق الخوئی (قدس سره) قال: إنّ النزاع وقع فی المخصّص المنفصل أمّا المخصّص المتّصل فلا نزاع بین الأعلام فی عدم جواز التمسّک بالعامّ فیه((4)).
ص: 274
ثم إنّ الشیخ الأنصاری (قدس سره) ((1)) قد فصّل بین ما إذا کان المخصّص لفظیاً فلایجوز التمسّک بالعام فیه و ما إذا کان المخصّص لبیاً فیجوز التمسّک بالعامّ فیه و صاحب الکفایة (قدس سره) قال بعدم جواز التمسّک بالعامّ فی المخصّص اللفظی و فصّل فی المخصّص اللبی.((2))
فلابدّ أن نبحث هنا عن جهتین:
الجهة الأُولی المخصّص اللفظی و الجهة الثانیة المخصّص اللبّی.
ص: 275
و هو إمّا متصل أو منفصل.
لا خلاف فی عدم جواز التمسّک بأصالة العموم فیه و الوجه فی ذلک هو أنّ المخصّص المتّصل یمنع عن انعقاد الظهور فی العموم فلا اقتضاء للعامّ بالنسبة إلی شموله للفرد المشکوک بالشبهة المصداقیة.
الوجه فی ذلک: إنّ العامّ بعد مجیء الخاصّ یتعنون بما هو غیر الخاصّ أو ضدّ الخاصّ فیصیر «أکرم کل عالم» بعد التعنون بغیر الخاصّ أو ضدّه: «أکرم کل عالم غیر فاسق» و المخصّص المنفصل هو قوله «لاتکرم الفسّاق من العلماء»، و الفرد المشکوک هو دائر بین دخوله فی هذا أو ذاک و هذا من دوران الفرد بین الحجتین و لایمکن التمسّک بإحدی الحجتین فیه.
هذا مضافاً إلی أنّ العامّ حکم علی موضوع معین و مرتبة الحکم متأخر عن مرتبة الموضوع فلایمکن إحراز الموضوع بالتمسّک بعموم الدلیل فیما إذا شککنا فی کون الفرد موضوعاً للدلیل أم لا و إلّا یلزم أن یکون المتأخّر متکفّلاً للمتقدّم و هو محال.
ص: 276
استدل علیه بوجهین:
((1))
إنّ عنوان العامّ من قبیل المقتضی لثبوت الحکم لکل واحد من الأفراد المتحقّقة فی الخارج و عنوان الخاصّ من قبیل المانع له و إذا أحرزنا وجود المقتضی و شککنا فی وجود المانع فتجری قاعدة المقتضی و المانع.
و أمّا کبرویاً: فإنّ قاعدة المقتضی و المانع ممّا لم یدلّ علیها دلیل شرعی أو عقلی فکیف یمکن التمسّک بها فی إثبات قاعدة صولیة أو فرعیة.
إنّ عموم العامّ حجّة فیما لایکون هناک حجّة أقوی علی خلافه و بما أنّ دلیل المخصّص لایکون حجّة فی الأفراد التی لم یحرز دخولها تحت عنوان موضوعه، تبقی حجیة العامّ فیها بلا معارض.
((1))
إنّ دلیل المخصّص (بعد تقییده للعامّ بغیر أفراد الخاصّ الواقعیة و ثبوت هذا التقیید عند المخاطب) یوجب ارتفاع حجیة دلیل العامّ إلّا فی المقید بغیر عنوان الخاصّ و صدق العامّ المقید بغیر عنوان الخاصّ علی الأفراد المشتبهة مشکوک فلایمکن التمسّک بعموم العامّ.
فالحق هو عدم جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة فی المخصّص اللفظی المتّصل و المنفصل (وفاقاً للشیخ و صاحب الکفایة و المحقّق النائینی (قدس سرهم) و سائر الأعلام).
ص: 278
فی هذا القسم نذکر أربع نظریات:
إنّ الشیخ الأنصاری (قدس سره) و بعض الأعلام قالوا بجواز التمسّک بالعامّ مطلقاً فیما إذا کان المخصّص لبیاً.((1))
((2))
إنّ المخصّص اللبّی علی قسمین:
الأوّل: أن یکون ممّا یصحّ عرفاً أن یتکل و یعتمد علیه المتکلّم فیما إذا کان فی مقام البیان بأن کان حکماً عقلیاً ضروریاً أو کان ارتکازاً قطعیاً عقلائیاً بحیث یعد عرفاً قرینة متّصلة بالکلام مانعة عن انعقاد الظهور فی العموم، و حینئذ لایجوز التمسّک بالعامّ.
الثانی: ألّا یکون بهذه المثابة، بل یکون حکماً عقلیاً نظریاً أو بناءً عقلائیاً أو إجماعاً بحیث لم یعدّ عند العرف قرینة متّصلة بالکلام، فحینئذ یجوز التمسّک بالعامّ.
ص: 279
هو أنّ العامّ الملقی من المولی الکاشف عن الإرادة الجدیة حجّة ما لم تقم قرینة قطعیة علی خلافه فإذا قال المولی «أکرم جیرانی» و علمنا بأنّه لایرید إکرام من کان عدواً له من الجیران فحینئذ العامّ حجّة فی جمیع أفراد الجیران إلّا من علم بخروجه للعلم بعداوته، أمّا الفرد المشکوک العداوة فلا حجّة علی خروجه، فالعامّ حجّة بالنسبة إلی الفرد المشکوک من دون قیام حجّة أُخری علیه.
إنّه یصحّ مواخذة المولی علی العبد لو لم یکرم واحداً من جیرانه، لاحتمال عداوته له فحینئذ تصحّ عقوبة العبد علی مخالفته للمولی و لایصحّ الاعتذار من العبد عن هذه المخالفة بمجرد احتمال العداوة.
إنّ السیرة المستمرة المألوفة بین العقلاء التی هی ملاک حجیة أصالة الظهور استقرت علی حجیة الظهورات مع احتمال إرادة ما هو خلاف الظاهر، فإنّ العقلاء لایرفعون الید عن تلک الظهورات (التی منها الظهور فی العموم) بمجرد احتمال إرادة خلافه.
هو أنّه یمکن أن یقال: إنّ مقتضی جریان أصالة العموم بالنسبة إلی الفرد
ص: 280
المشکوک هو أنّه لیس من أفراد المخصّص فیقال فی مثال «لَعَنَ اللهُ بَنِی أُمَیةَ قَاطِبَة» إنّ فلاناً (مثل عمر بن عبد العزیز) داخل تحت عموم جواز لعن بنی أُمیة و إن شککنا فی إیمانه، و کل من جاز لعنه لایکون مؤمناً فینتج أنّه لیس بمؤمن.
((1))
أما الوجه الأول فیرد علیه: إنّ هنا قامت حجّة أُخری فإنّ الإجماع حجّة و السیرة العقلائیة حجّة و حکم العقل حجّة و الفرد المشکوک مردّد بین الحجتین.
أما الوجه الثانی فیرد علیه: إنّ المؤاخذة هی فیما قامت الحجّة من دون حجّة أُخری علی خلافه و هنا الفرد المشکوک مردّد بین الحجتین.
أما الوجه الثالث فیرد علیه: إنّ السیرة العقلائیة فی أمثال المقام هو التوقف.
أما الوجه الرابع فیرد علیه: إنّ حجیة العامّ و حجیة المخصّص بالنسبة إلی الفرد المشکوک بمثابة واحدة فهو مردّد بینهما فلایجریان بالنسبة إلیه.
((2))
إنّ المخصّص اللبّی إذا کان حکماً عقلیاً ضروریاً بأن کان صارفاً لظهور الکلام و موجباً لعدم انعقاد الظهور إلّا فی الخاصّ من أوّل الأمر فحکمه حکم القرینة المتّصلة اللفظیة فکما لایمکن التمسّک بالعموم فی الشبهة المصداقیة مع القرینة المتّصلة کذلک لایجوز التمسّک بالعموم معه.
أمّا إذا کان حکماً عقلیاً نظریاً أو إجماعاً بحیث لم یکن صالحاً لصرف ظهور
ص: 281
العامّ من أوّل الأمر فحکمه حکم المخصّص المنفصل اللفظی، إذ کما أنّ المخصّص اللفظی بعد تقدّمه علی عموم العامّ یکشف عن تقید المراد الواقعی و عدم کون موضوع الحکم الواقعی مطلقاً، فلایمکن التمسّک به عند عدم إحراز تمام موضوعه، لأجل الشک فی وجود القید، کذلک المخصّص اللبّی یکشف عن التقید المزبور، فلایمکن التمسّک بالعموم عند عدم إحراز تمام موضوعه، فإنّ الاعتبار فی عدم جواز التمسّک بالعموم إنّما هو بالمنکشف أعنی به تقید موضوع الحکم لبّاً لا بخصوصیة الکاشف من کونه لفظیاً أو عقلیاً.
فالتحقیق أن یقال: إنّ ما یسمّی بالمخصّص العقلی إن کان بمعنی ما یوجب تقیید موضوع الحکم و تضییقه نظیر تقیید الرجل فی قوله (علیه السلام): «ینْظُرَانِ إِلَی مَنْ کَانَ مِنْکُم قَدْ رَوَی حَدِیثَنَا وَ نَظَرَ فِی حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا»((1)) إلی آخره، بکونه عادلاً لقیام الإجماع علی ذلک فحاله حال المخصّص اللفظی فی عدم جواز التمسّک بالعموم معه فی الأفراد المشکوک فیها، لما عرفت من أنّ المخصّص اللبّی إذا کان عقلیاً ضروریاً فحکمه حکم القرینة المتّصلة و إذا کان عقلیاً نظریاً أو إجماعاً فحکمه حکم القرینة المنفصلة.
و علی کلّ تقدیر لایمکن التمسّک بالعموم بعد تقیید موضوع الحکم واقعاً.
و أمّا إذا کان المراد من المخصّص اللبّی إدراک العقل ما هو ملاک حکم الشارع واقعاً إمّا بنفسه أو لأجل قیام الإجماع علی ذلک من دون أن یتقید موضوع الحکم به لعدم صلوح تقید موضوع الحکم بما هو ملاکه فلا إشکال فی جواز التمسّک بالعموم حینئذ و کشفه بطریق الإنّ عن وجود الملاک فی تمام الأفراد، فإذا شک فی وجود الملاک فی فرد، کان عموم الحکم کاشفاً عن وجود
ص: 282
الملاک فیه هذا نظیر قوله (علیه السلام): «لَعَنَ اللهُ بَنِی أُمَیةَ قَاطِبَة» مع حکم العقل بأنّ ملاک لعنهم إنّما هو بغضهم لأهل البیت (علیهم السلام)، فالمؤمن منهم علی تقدیر وجوده لایشمله اللعن المزبور فإذا شک فی إیمان فرد منهم، جاز التمسّک بالعموم و یحکم علیه حینئذ بأنّه غیر مؤمن و إلّا لما جاز لعنه.
((1))
إنّ ما أفاده (قدس سره) من أنّ المخصّص اللبّی قد یدور أمره بین أن یکون کاشفاً عن ملاک الحکم و أن یکون قیداً للموضوع لایمکن المساعدة علیه بوجه حیث إنّ کل ما یمکن انقسام الموضوع بالنسبة إلیه إلی قسمین أو أزید یستحیل أن یکون من قبیل ملاکات الأحکام، بل لابدّ من أن یکون الموضوع بالإضافة إلیه مطلقاً أو مقیداً بوجوده أو بعدمه.
((2))
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) قد وافق المحقّق النائینی (قدس سره) فی عدم جواز التمسّک بالعامّ فیما کان المخصّص اللبّی حکماً عقلیاً نظریاً أو إجماعاً أو نحو ذلک إذا کانت القضیة المتکفّلة لإثبات حکم العامّ من القضایا الحقیقیة التی یکون تطبیق الموضوع علی أفراده فی الخارج بنظر نفس المکلّف.
و لکنّه قد خالف المحقّق النائینی (قدس سره) ((3)) فی ما إذا کانت القضیة من قبیل
ص: 283
القضایا الخارجیة، فقال: إن علم من الخارج أنّ المولی وکّل إحراز موضوع العامّ إلی نفس المکلّف فحاله حال المخصّص اللفظی، کما إذا ورد فی دلیل: «أعط لکل طالب علم فی النجف الأشرف کذا و کذا دیناراً»، و علم من الخارج أنّ مراد المولی هو المعیل دون المجرّد، و لازم ذلک بطبیعة الحال هو العلم بتقید موضوع العامّ بعدم کونه مجرّداً، فعندئذ إذا شکّ فی طالب علم أنّه معیل أو مجرّد لم یمکن التمسّک بعمومه، لعدم إحراز أنّه من مصادیق العامّ.
و إن لم یعلم من الخارج ذلک، صحّ التمسّک بالعموم فی موارد الشبهة المصداقیة و السبب فیه أنّ ظهور کلام المولی فی العموم کاشف عن أنّه بنفسه أحرز انطباق موضوع حکمه علی جمیع الأفراد، و لم یکل ذلک إلی المکلّف، و من المعلوم أنّ هذا الظهور حجّة علی المکلّف فی الموارد المشکوک فیها، فإذا أمر
ص: 284
المولی خادمه بإکرام جمیع جیرانه، فإنّ ظهور کلامه فی العموم کاشف عن أنّه لاحظ جمیع أفراد موضوع حکمه و أحرز وجود الملاک فی الجمیع و هذا الظهور حجّة و لایجوز التعدّی عن مقتضاه إلّا إذا علم بأنّ زیداً مثلاً عدوّه و لا ملاک لوجوب الإکرام فیه جزماً و سکوت المولی عن بیانه لعلّه لأجل مصلحة فیه أو مفسدة فی البیان فی المولی الحقیقی و العرفی أو لغفلة أو جهل بوجود الملاک فی المولی العرفی فقط.
إنّ المخصّص اللبّی إن کان حکماً عقلیاً ضروریاً أو ارتکازاً قطعیاً عقلائیاً((1)) بحیث یعدّ قرینة متصلة فیوجب عدم انعقاد الظهور فی العموم فلایمکن أن یتمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة وفاقاً لصاحب الکفایة (قدس سره) و من تبعه و خلافاً للشیخ الأنصاری (قدس سره) .
و أمّا إن کان حکماً عقلیاً نظریاً أو إجماعاً أو سیرة عقلائیة أو متشرعیة بحیث لایعدّ عند العرف قرینة متصلة فحینذ إذا کان العامّ بنحو القضیة الحقیقیة((2)) فلایمکن التمسّک بالعامّ وفاقاً للمحقق النائینی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) و خلافاً لصاحب الکفایة (قدس سره) حیث إنّ المخصّص اللبّی (و إن لم یکن لفظیاً فلایوجب تقیید لفظ العموم بحسب القضیة اللفظیة) إلّا أنّه یعطی للعامّ لوناً بحسب المراد الواقعی و مرحلة الحجیة فیوجب تقیید العامّ، فلایمکن التمسّک به فی الشبهة المصداقیة، کما تقدّم فی المخصّص المنفصل.
ص: 285
و أمّا إذا کان العامّ بنحو القضیة الخارجیة فإن علمنا أنّ المولی ((1)) وکل إحراز موضوع العامّ إلی المکلّف فلایمکن التمسّک بالعامّ.
و إن لم یعلم ذلک((2)) فظهور الکلام هو أنّ المولی تکفّل لإحراز ذلک فیتمسّک بالعامّ بالنسبة إلی الأفراد المشکوک فیها فی الشبهة المصداقیة (و مثال «لَعَنَ اللهُ بَنِی أُمَیةَ قَاطِبَة» من هذا القبیل، فإنّه قضیة خارجیة تکفّل الشارع لإحراز انطباق موضوع حکم اللعن علی جمیع الأفراد).
إنّ إجمال المخصّص فی الشبهة المفهومیة یسری إلی العامّ فلایمکن التمسّک بالعامّ إلّا فی المخصّص المنفصل المردد بین الأقلّ و الأکثر و فی الشبهة المصداقیة یسری إلی العامّ مطلقاً فیما إذا کان المخصّص لفظیاً فلایمکن التمسّک بالعامّ أیضاً.
و أمّا الشبهة المصداقیة فیما إذا کان المخصّص لبیاً یسری إجماله إلی العامّ فلایمکن التمسّک بالعامّ أیضاً إلّا فی صورة واحدة و هی أن یکون المخصّص اللبّی حکماً عقلیاً نظریاً أو إجماعاً و کانت القضیة خارجیة فیما إذا لم یعلم أنّ المولی وکل إحراز موضوع العامّ إلی المکلّف أو فقل: فیما إذا تکفل المولی لإحراز موضوع العامّ.
ص: 286
ص: 287
ص: 288
إحراز المصداق المشتبه بالأصل العملی الموضوعی
فیه أمران و تنبیهان:
اختلف الأعلام هنا علی مسلکین:((1))
فهو أنّ قضیة التخصیص هی کالتقیید فی المطلقات حیث إنّه یقتضی إحداث عنوان إیجابی أو عنوان سلبی فی الأفراد الباقیة بعد التخصیص فیتقید موضوع الحکم فی «أکرم کل عالم» بالعالم العادل أو بالعالم غیر الفاسق.
فهو أنّ قضیة التخصیص مجرّد إخراج بعض الأفراد أو الأصناف عن تحت حکم العامّ الموجب لقصر حکم العامّ علی بقیة الأفراد أو الأصناف، من دون
ص: 289
اقتضائه لإحداث عنوان إیجابی أو سلبی فی موضوع حکم العامّ فی الأفراد أو الأصناف الباقیة، و إن فرض ملازمة تلک الأفراد الباقیة بعد خروج الفسّاق مثلاً من باب الاتّفاق للعدالة أو عدم الفسق.
فالمحقّق العراقی((1)) و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) ((2)) قالا بعدم تعنون العامّ بعنوان عدم المخصّص خلافاً للمحقق النائینی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) و بعض الأساطین (دام ظله) .
قال: «إنّ الباقی تحت العام بعد تخصیصه بالمنفصل أو کالاستثناء من المتصل کان غیر معنون بعنوان خاص بل بکل عنوان لم یکن ذاک بعنوان الخاص».((3))
أمّا قوله: «کان غیر معنون بعنوان خاص بل بکل عنوان لم یکن ذاک بعنوان خاص» فقد اختلف فی تفسیره:
قال المحقق الإیروانی (قدس سره): إنّ تعبیره «بل بکل عنوان» مسامحة و مراده هو أنّ الباقی تحت العامّ بعد التخصیص غیر معنون بعنوان خاص وجودی مقابل
ص: 290
لعنوان المخصّص و لکنه معنون بالعنوان العدمی (و هو عدم عنوان المخصّص).((1))
قال المحقّق الخوئی (قدس سره):((2))یکون مراده منه أنّ العامّ لایعنون بشیء من العناوین إلّا بنقیض عنوان الخاصّ و إن کانت العبارة قاصرة عن إفادته.
و هکذا فسّره فی منتهی الدرایة((3)) فقال: أمّا تعنونه بعنوان خاص عدمی و هو عدم عنوان المخصّص فممّا لابدّ منه، فإذا خصّص العلماء فی قوله «أکرم العلماء» بمثل «لاتکرم النحویین»، فیعنون الباقی تحت العامّ بالعلماء غیر النحویین.
فالباقی تحت العامّ بعد التخصیص لایتعنون بعنوان خاصّ بل هو باقٍ علی ما کان علیه العامّ قبل التخصیص من اللاعنوانیة، فکلّ عنوان کالهاشمیة و الغنی و الفقر و العربیة و العجمیة و غیرها مما کان ثابتاً للعامّ (کالعلماء) قبل التخصیص، فهو باق علی حاله و لم ینثلم شیء من تلک العناوین بطروّ التخصیص علیه إلّا عنوان الخاصّ، فإنّه خرج عن العناوین التی کانت تحت العامّ فکان العامّ معنوناً بعدم عنوان المخصّص.
قد استظهر المحقق الإصفهانی (قدس سره) و بعض الأساطین (دام ظله) من کلام صاحب الکفایة (قدس سره) أنّه نفی تعنون العامّ بعد التخصیص بعنوان وجودی أو عدمی حتّی عنوان عدم المخصّص.
هذا اختلاف الأعلام فی تفسیر کلام صاحب الکفایة (قدس سره) .
ص: 291
و الحقّ مع المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)) و بعض الأساطین (دام ظله) ((2)) فإنّ إطلاق قول صاحب الکفایة (قدس سره) «لما کان غیر معنون بعنوان خاص» هو عدم تعنون الباقی تحت العامّ بعنوان خاصّ وجودیاً کان أو عدمیاً.
أمّا قوله بعد ذلک «بل بکلّ عنوان لم یکن ذاک بعنوان الخاصّ» فقد فسّرها بعضهم بأنّ العامّ یتعنون بکلّ عنوان مثل الهاشمیة و الفقر و الغنی و أمثالها، إلّا أنّه خرج عنه عنوان المخصّص فعلی هذا لایدل عبارته علی تعنون العام بعدم عنوان المخصّص.
و یحتمل أن یکون کلام صاحب الکفایة (قدس سره) هکذا «بل غیر معنون بکل عنوان لم یکن بعنوان الخاصّ»((3)) بمعنی أنّ إطلاق العامّ و إن یشمل جمیع الحالات من الفقر و الغنی و الهاشمیة و غیرها إلّا أنّ العامّ لایتعنون بهذه العناوین کما أنّه لایتعنون بعنوان الخاصّ (المخصّص) لا وجودیاً و لا عدمیاً، فإنّ العامّ و إن کان شاملاً لجمیع تلک الأحوال إلّا أنّه لایتعنون بعنوانها فی نفس الدلیل و علی هذا الاحتمال أیضاً لایتعنون العامّ بعنوان عدم المخصّص.
((4))
إذا فرضنا خروج قسم من الأقسام عن حکم العامّ: فإمّا یکون الباقی تحته بعد
ص: 292
التخصیص مقیداً بنقیض ما هو الخارج (أی معنوناً بعدم المخصّص) فیکون دلیل المخصّص مقیداً لإطلاق العامّ و هو المطلوب.
و إمّا یبقی علی إطلاقه بعد التخصیص و لا ثالث لهما لأنّ الإهمال من الشارع محال و بما أنّ الثانی باطل جزماً لاستلزامه التناقض بین مدلولی دلیل العامّ و الخاصّ یتعین الأوّل.
قال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)) ذیل قول صاحب الکفایة (قدس سره) «لما کان غیر معنون بعنوان خاص»: کما أشرنا إلیه سابقاً: إنّ الواقع لاینقلب عما هو علیه، فما هو الموضوع لحکم العامّ بحسب الظهور المنعقد له، یستحیل أن ینقلب عمّا هو علیه بسبب ورود کاشف أقوی، بل یسقط عن الحجیة فی المقدار المزاحم.
لایقال: یکشف المخصّص عن أنّ الموضوع الحقیقی للحکم ما عدا الخاصّ، لا إنّه یوجب انقلاب الظهور لیقال: إنّه محال.
لأنّا نقول: لیس للموضوعیة للبعث الحقیقی (الموجود بوجود منشأ انتزاعه) مقام إلّا مقام تعلّق البعث الإنشائی بشیء و جعل الداعی إلی غیر ما تعلق به البعث الإنشائی محال، لأنّه مصداق جعل الداعی و المفروض تعلّقه بهذا العنوان فصیرورته داعیاً إلی غیر ما تعلّق به خلف محال.
فلیس شأن المخصّص إلّا إخراج بعض أفراد العامّ، و قصر الحکم علی باقی الأفراد من دون أن یجعل الباقی معنوناً بعنوان وجودی أو عدمی.
و یشهد له (مضافاً إلی البرهان) أنّ المخصّص إذا کان مثل «لاتکرم زیداً
ص: 293
العالم» لایوجب إلّا قصر الحکم علی ما عداه، لا علی المعنون بعنوان «ما عدا زیداً» أو شبهه هذا ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) .
إنّ ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) یصحّ بالنسبة إلی القضیة اللفظیة و لکن العبرة فی تعیین موضوع العامّ هو مقام الجعل لأنّ الحکم أمر اعتباری یتعلّق بالموضوع فی مقام الجعل و الأدلّة اللفظیة کاشفة عن الحکم و موضوعه و الکشف عن الموضوع قد یتم فی نفس الدلیل العامّ و أُخری یتمّ فی دلیل آخر لفظیاً کان أو لبیاً.
قال صاحب منتقی الأصول (قدس سره) ((1)) فی بیان وجه کلا القولین:
و الذی نراه أنّ الاختلاف بینهما مبنائی، فکلّ منهم علی حق فی دعواه بناء علی ما التزم به فی مدلول أدوات العموم.
توضیح ذلک: إنّه إذا التزم برجوع العامّ إلی المطلق و أنّ شأن أدوات العموم لیس إلّا إفادة الاستغراقیة أو المجموعیة أو البدلیة و عموم المدخول مستفاد من جریان مقدّمات الحکمة (کما التزم به المحقّق النائینی (قدس سره) و قرّبناه)((2)) کان التخصیص مستلزماً للتقیید بلا تردد، و ذلک لأنّ الملحوظ فی العامّ ثبوتاً و فی مقام تعلّق الحکم هو الطبیعة الشاملة، فإذا خرج بعض الأفراد عن الحکم امتنع
ص: 294
لحاظ الطبیعة حینئذ بنحو الشمول و هذا هو معنی امتناع الإطلاق، فیتعین أن تلحظ مقیدة بعدم عنوان الخاصّ.
و إن التزم بأنّ العامّ یختلف عن المطلق، و أنّ العموم مدلول الأداة نفسها و المدخول هو الطبیعة المهملة، فیکون مفاد العموم إرادة جمیع أفراد الطبیعة المهملة، لم یکن التخصیص مستلزماً للتقیید، لأنّه لم یلحظ فی مقام تعلّق الحکم الطبیعة القابلة للإطلاق و التقیید کی یتأتی فیه التردید المزبور، بل لوحظ جمیع أفراد الطبیعة المهلمة، و لا معنی للإطلاق و التقیید فیه کی یتأتی التردید المتقدّم بعد التخصیص، لأنّ الإطلاق و التقیید شأن الطبیعة و واقع «جمیع الأفراد» لیس کذلک.
إنّ ما أفاده فی منتقی الأصول و إن کان متیناً إلّا أنّه لیس تمام الملاک للقول بتعنون العامّ بعدم المخصّص و عدم تعنونه، کما أنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) التزم بالمبنی الثانی و مع ذلک یقول بتعنون العامّ.
((1))
إنّ القول بعدم التعنون مخدوش و الوجه فی ذلک هو أنّ العامّ یقتضی جریان حکمه علی جمیع أفراده و هذا الاقتضاء مما لا شبهة فیه، فالمخصّص لابدّ أن یدلّ علی فقدان شرط(مثل العدالة) أو وجود مانع (مثل الفسق) بالنسبة إلی المقتضی حتّی یوجب قصر الحکم.
ص: 295
فالباقی تحت العامّ هو ما یکون الشرط فیه موجوداً و المانع مفقوداً و الخارج عنه هو ما یکون الشرط فیه مفقوداً أو المانع موجوداً و حینئذ لابدّ من القول بتعنون العامّ بعنوان الخاصّ.
و الحاصل من الأمر الأول تعنون العام بعدم المخصِّص.
ص: 296
قبل بیان النظریات نذکر مقدمة فیها مطلبان:
إذا قلنا بعدم جواز التمسّک بالعامّ بالنسبة إلی الفرد المشتبه، فلابدّ أن نرجع إلی الأصل العملی و حینئذ إن قلنا بجریان الأصل الموضوعی فهو مقدّم رتبة علی جریان الأصل الحکمی فلاتصل النوبة إلیه، و إن قلنا بعدم جریان الأصل الموضوعی فالمرجع هو الأصل الحکمی.
و صاحب الکفایة و جمع من الأعلام (قدس سرهم) قالوا بجریان الأصل العملی الموضوعی و خالفهم المحقّق العراقی (قدس سره) فقال بجریان الأصل الحکمی.
إنّ المخصّص قد یکون من الأعراض الطارئة علی الذات بحیث یکون الفرد المشتبه غیر متّصفة بها سابقاً (مثل الفسق و العدالة و العلم و الجهل) فحینئذ یستصحب عدم فسق الفرد المشتبه فی المثال المعروف «أکرم العلماء و لاتکرم الفسّاق منهم» فیحکم علیه بمفاد العامّ.
و قد یکون من الأوصاف اللازمة للذات غیر المنفکّة إیاها فحینئذ لیست للذات حالة سابقة تکون فیها فاقدة لهذه الأوصاف (مثال ذلک قرشیة المرأة) و لذلک یکون جریان الاستصحاب بالنسبة إلیها مشکلاً.
و الأعلام حاولوا لحلّ هذه المشکلة من طریق جریان استصحاب العدم الأزلی.
ص: 297
نذکرها ضمن مطالب ثلاثة:
إنّ محل النزاع عند صاحب الکفایة (قدس سره) هو ما إذا کان المخصّص عنواناً وجودیاً موجباً لتعنون العامّ بعدمه و ذلک یکون فی الموردین الأولین من الموارد الثلاثة التی نذکرها:
المورد الأوّل: ما إذا کان العامّ مثل «أکرم العلماء» ثم جاء المخصّص المنفصل و هو «لاتکرم الفسّاق من العلماء»، فحینئذ یتعنون العامّ بعدم عنوان المخصّص.
المورد الثانی: ما إذا کان المخصّص المتّصل بالعامّ نظیر الاستثناء مثل «أکرم العلماء إلّا الفسّاق منهم» و نظیر الشرط مثل «أکرم العلماء إذا لم یکونوا من الفسّاق» و نظیر الغایة مثل «أکرم العلماء إلی أن یکونوا من الفسّاق».
المورد الثالث: ما إذا کان المخصّص المتّصل بالعامّ بحیث یوجب دخالة عنوان وجودی فی الحکم مثل «أکرم کل عالم عادل» أو مثل «أکرم کل عالم إذا کان عادلاً».
و المورد الثالث خارج عن محل الکلام فالبحث یقع فی الموردین الأولین و ذلک لوضوح أنّه لا أصل لإحراز عدالة الفرد المشکوک فی المورد الثالث، إلّا إذا علمنا بسبق عدالته و شککنا فی بقائها و أمّا فیما لم نعلم عدالته سابقاً فلا أصل عملی یحرز عدالته.
ص: 298
إنّ الباقی تحت العامّ بعد تخصیصه بالمخصّص المنفصل أو بالمخصّص المتّصل الذی هو کالاستثناء أو الشرط أو الغایة (أی المورد الأوّل و الثانی من الموارد الثلاثة المذکورة) لما کان غیر معنون بعنوان خاص بل بکل عنوان لم یکن ذاک بعنوان الخاصّ کان إحراز المشتبة منه بالأصل الموضوعی فی غالب الموارد إلّا ما شذّ (و هو مورد توارد حالتی الفسق و العدالة علی شخص بحیث لم یعلم ما هو المتقدّم منهما و ما هو المتأخر، فالأصل حینئذ لایجری فی شیء منهما) ممکناً فبذلک الأصل الموضوعی یحکم علی الفرد المشتبه بحکم العامّ و إن لم یجز التمسّک بالعامّ بلا کلام.((1))
اختلفت أنظارهم فیه: فقال بعضهم بجریان استصحاب العدم الأزلی مثل صاحب الکفایة و المحقق الإصفهانی((2)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهم) و بعض الأساطین (دام ظله) .((3))
و قال بعضهم بعدم جریان استصحاب العدم الأزلی مثل المحقّق النائینی((4)) و المحقق البروجردی (قدس سرهما) ((5)).
ص: 299
و فصّل بعضهم فقالوا بجریانه بالنسبة إلی عوارض الوجود و بعدم جریانه بالنسبة إلی عوارض الماهیة مثل المحقّق الحکیم (قدس سره) .((1))
((2))
إنّ الدلیل قام علی تحیض المرأة إلی خمسین سنة و هذا الدلیل عامّ و قد خصّص بالمرأة القرشیة.
فإنّه قد ورد عَنْ أَبِی عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «إِذَا بَلَغَتِ الْمَرْأَةُ خَمْسِینَ سَنَةً لَمْ تَرَ حُمْرَةً إِلَّا أَنْ تَکُونَ امْرَأَةً مِنْ قُرَیشٍ».((3))
فإنّ موضوع العامّ هی المرأة و موضوع المخصّص هی امرأة من قریش فإذا شک أنّ امرأة تکون قرشیة أم لا، فلا أصل عملی یحرز أنّها قرشیة أو أنّها غیر قرشیة لأنّ المرأة إذا وجدت إمّا قرشیة و إمّا غیر قرشیة.
فلابدّ هنا من جریان استصحاب عدم تحقّق الانتساب بین هذه المرأة و بین قریش و هذا یکفی فی اثبات حکم العامّ بالنسبة إلی المرأة التی شک فی کونها قرشیة.
ص: 300
و الوجه فی ذلک هو أنّ العامّ قد خرج عنه المرأة التی کانت من قریش، و أمّا المرأة غیر القرشیة و أیضاً المرأة التی لم یتحقّق الانتساب بینها و بین قریش کلاهما داخلان و باقیان تحت العامّ و کونُها المرأةَ غیر القرشیة و إن کان غیر ممکن إحرازها، و لکن یمکن إحراز أنّها هی المرأة التی لم یتحقّق الانتساب بینها و بین قریش و ذلک بجریان استصحاب عدم تحقّق الانتساب بینها و بین قریش بنحو استصحاب العدم الأزلی.
((1))
إنّ استصحاب العدم الأزلی لیس بحجّة و أدلّة الاستصحاب منصرفة عنه، لأنّه لا عرفیة له، فإنّ المرأة قبل وجودها فی الأزل لا «هذیة» لها، فکیف یستصحب عدم الانتساب بینها و بین قریش فی الأزل.
((2))
إنّ الانصراف قد یکون لندرة وجود بعض الأفراد و أُخری لکثرة استعمال اللفظ فی بعض الحصص دون الأُخری و ثالثة للتشکیک فی صدق المفهوم عرفاً علی بعض الأفراد، و لا وجه هنا لدعوی انصراف الأدلّة، لأنّ العرف مرجع فی تعیین المفاهیم و تشخیصها و أمّا تطبیق المفاهیم علی مصادیقها فالمرجع فیه هو العقل و لابدّ فیه من إعمال الدقّة العقلیة و ما ادّعی هنا من التشکیک فی الصدق، فلایمکن الالتزام به لصدق «لاتنقض» فی المقام، خصوصاً مع أنّ المشهور قالوا بجریان استصحاب عدم الجعل و هو من موارد استصحاب العدم الأزلی و
ص: 301
لذلک قال السید المحقّق الخوئی (قدس سره) بعدم جریان الاستصحاب بالنسبة إلی الأحکام الکلّیة حیث إنّ استصحاب بقاء الحکم المجعول معارض باستصحاب عدم الجعل.
و أمّا ما ادعی من أنّ المرأة قبل وجودها لا«هذیة» لها و لاتقبل الإشارة إلیها فیرد علیه أنّا نشیر إلی هذه المرأة الموجودة و نقول: إنّ هذه المرأة مسبوقة بالعدم ذاتاً و أوصافاً أمّا عدم ذاتها فقد انتقض بوجودها و أمّا عدم صفاتها و منها القرشیة فلم یعلم انتقاضها بالوجود فنستصحب عدم قرشیتها.
فتحصّل من جمیع ذلک صحّة جریان استصحاب العدم الأزلی خلافاً للمحقّق النائینی و المحقّق البروجردی0 و وفاقاً لصاحب الکفایة و المحقّق الإصفهانی و المحقّق الخوئی5 و بعض الأساطین (دام ظله) .
إنّ عنوان المخصّص لاینتفی بالأصل المذکور و الحاجة إلی استصحاب العدم الأزلی إنّما هو للفراغ عن حکم الخاصّ، لا للإدخال تحت العموم، لصدق عنوان العامّ بلا حاجة إلی الاستصحاب المذکور، فلابدّ من جریان الاستصحاب حتی نثبت خروج الفرد المشتبه عن تحت عنوان المخصّص و استصحاب العدم الأزلی لایجدی فی ذلک، لأنّ انتساب المرأة إلی قریش لایکون موضوعاً للمخصّص بنحو الوجود المحمولی، بل یکون موضوعاً للمخصّص بنحو الوجود النعتی (الوجود الرابط)، فعلی هذا نفی کونه المحمولی لیس نفیاً لعنوان المخصّص حتّی ینفی به حکمه، بل نفی الکون
ص: 302
المحمولی ملازم لعدم إمکان الکون الرابط عقلاً، فالأصل بالنسبة إلی عنوان المخصّص أصل مثبت.
((1))
إنّ الغرض من الأصل العملی فی هذا المقام و أمثاله، لیس هو نفی عنوان المخصّص بل الغرض إحراز عنوان مضادّ لعنوان المخصّص من العناوین الداخلة تحت العموم، فینفی حکم المخصّص بمضادّة هذا العنوان المحرز الذی هو تحت العامّ و محکوم بحکم العامّ.
فما هو المترتب علی الأصل بلا واسطة شیء، هو حکم العامّ الثابت له بأی عنوان غیر العنوان الخارج (و العنوان الخارج هو عنوان المخصّص) و ثبوت هذا الحکم لهذا الموضوع المضادّ للعنوان الخارج یوجب نفی ضدّه و هو حکم الخاصّ.
((2))
إنّ استصحاب العدم الأزلی لایجری هنا، لأنّ مجری الاستصحاب لابدّ أن یکون حکماً شرعیاً أو موضوعاً له، و موضوع العامّ عند صاحب الکفایة (قدس سره) هو عنوان «العلماء» و أمّا أقسامه و أوصافه الطارئة علیه فلم یوخذ شیء منها فی موضوع العامّ، فالموضوع هو «العلماء» فی المثال السابق أو «المرأة» فی هذا المثال الأخیر و هما محرزان بالوجدان أمّا «العلماء الذین لم یتصفوا بالفسق» أو «المرأة التی لاتنتسب إلی قریش» فلیسا هما موضوعاً للعامّ فی المثالین المعروفین.
ص: 303
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) یری أنّ عنوان العامّ یشتمل علی تلک العناوین کما صرّح ببقاء تلک العناوین تحت عنوان العامّ، بل یصرّح بتعنون العامّ بتلک العناوین (علی أحد التفسیرین لقوله «بل بکل عنوان لم یکن ذاک بعنوان الخاصّ» و قد تقدّم بیانه مفصلاً) فعلی هذا مفاد الاستصحاب موضوع للحکم الشرعی و لکن هذا الجواب لایستقیم علی التفسیر الآخر علی ما صرّح به المحقّق الإصفهانی (قدس سره) ((1)).
قال: «إنّ ما أفاده (قدس سره) من کفایة إحراز العنوان الباقی تحت العامّ فی إثبات حکمه لایخلو عن محذور لأنّ العناوین الباقیة لیست دخیلة فی موضوع الحکم العمومی بوجه من الوجوه، فلا معنی للتعبّد بأحدها، لیکون تعبّداً بالحکم العمومی، حتی ینفی حکم الخاصّ بالمضادّة».
(فعلی هذا لابدّ أن یفسّر قوله «بل بکل عنوان» بأنّ مراده أنّ العامّ غیر معنون بکل عنوان لم یکن ذلک بعنوان الخاصّ حتی یصحّ الکلام).
((2))
یمکن نفی حکم الخاصّ من وجه آخر و هو أنّ العامّ یدل بالمطابقة علی وجوب إکرام العلماء، و بالالتزام علی عدم منافاة عنوان من عناوینه لحکمه، فهو بالالتزام ینفی کل حکم مباین لحکم العامّ عن کل عنوان یفرض فیه، و من العناوین المباینة للعنوان الخارج موضوعاً و المباینة للعنوان الخارج (أی العنوان
ص: 304
المخصّص) فی الحکم، عنوانٌ أُحرز بالأصل، المحکوم بنقیض حکم الخاصّ التزاماً، فینفی به حکم الخاصّ من باب المناقضة، لا من باب المضادة، و بنحو الالتزام، لا بنحو المطابقة.
((1))
إنّ هذه النظریة تختلف عن نظریة صاحب الکفایة و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) فی المبنی المتقدّم من تعنون العامّ أو عدم تعنونه بعدم المخصّص، فإنّ صاحب الکفایة و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) یقولان بعدم التعنون و هذه النظریة علی أساس القول بالتعنون و قد اخترنا ذلک.
و بیان نظریته یتوقف علی ذکر مقدّمات أفادها فی المقام: (نذکرها ملخّصاً).
إنّ عنوان الموضوع علی أنحاء ثلاثة:
النحو الأوّل: أن یکون عنواناً ذاتیاً و هو العنوان المنتزع من الصورة الجوهریة مثل عنوان «زید» المنتزع عن الشخص.
النحو الثانی: أن یکون عنواناً غیر ذاتی غیر ملازم للذات و هذا هو العنوان العرضی کالفسق و العدالة.
النحو الثالث: أن یکون عنواناً غیر ذاتی ملازم للذات مثل قرشیة المرأة و هذا ینقسم علی قسمین: لوازم الوجود و لوازم الماهیة، و قد فصّل بینهما کما هو
ص: 305
مختار المحقّق الحکیم و المحقّق العراقی (قدس سرهما) و البحث عن المخصّص یقع فی جمیع هذه الأقسام.
إنّ الوجود الرابط یکون بین الوصف و الموصوف و هو مفاد کان الناقصة و الهلیة المرکّبة فی قبال کان التامة و الهلیة البسیطة فلایتصور الوجود الرابط فی مفاد کان التامة لاستحالة الرابط بین الشیء و نفسه.
و أیضاً لایتصور الوجود الرابط فی مفاد السلب التام للشیء و هو لیس التامة (أی ما هو مقابل ل- «کان» التامة) لأنّ العدم لا ثبوت له و لکن الوجود الرابط هو ثبوت شیء لشیء.
و أیضاً لایتصور الوجود الرابط فی مفاد «لیس» الناقصة مثل لیس زید بفاسق لأنّه سلب الشیء عن الشیء بل مفاد «لیس» الناقصة هو سلب الربط، لا ربط السلب.
إنّ رفع العرض قد یکون بسلب الوجود عنه بنحو الوجود المحمولی و قد یکون بسلب الوجود عنه بنحو الوجود النعتی و هذا مختار القائلین باستصحاب العدم الأزلی، أمّا المنکرون لذلک ذهبوا إلی أنّ رفع العرض لا یتحقّق إلّا برفع الوجود النعتی.
مثال ذلک قرشیة المرأة، فإنّ القرشیة وصف للمرأة و هو متأخر وجوداً عن وجود المرأة لتأخر الوصف عن وجود موصوفه و لکن عدم القرشیة لیس کذلک فإنّه قد یکون مع وجود المرأة و قد لایکون.
ص: 306
إنّ القضایا علی أنحاء:
القضیة الموجبة المعدولة المحمول مثل المرأة غیر القرشیة.
القضیة الموجبة السالبة المحمول مثل المرأة التی لیست قرشیة.
القضیة السالبة المحصّلة مثل لم تکن المرأة بقرشیة.
أمّا فی القسمین الأولین و هما القضیة الموجبة المعدولة المحمول و القضیة الموجبة السالبة المحمول یکون عدم القرشیة وصفاً للموضوع، فلایمکن استصحاب هذا العدم قبل وجود الموضوع لأنّا فرضنا کونه متاخراً عن الموضوع، و عدم الوصف قبل الموضوع یغایر عدم الوصف بعد الموضوع.
و أمّا فی القسم الأخیر و هی القضیة السالبة المحصّلة، فلایکون العدم وصفاً للموضوع، و علی هذا یجری الاستصحاب بالنسبة إلیه فإنّه لم تکن المرأة بقرشیة أزلاً و نستصحب ذلک و نقول: و لاتکون المرأة بقرشیة الآن.
و البحث فی تعنون العامّ بعدم المخصّص من قبیل القسم الأخیر حیث إنّ عدم المخصّص قضیة سالبة محصلة.
إنّ تعنون العامّ بعدم المخصّص یتصور علی نحوین:
الأوّل: أن یکون عنوان عدم المخصّص وصفاً لعنوان العامّ و حینئذ لایجری الاستصحاب إلّا علی القول بالأصل المثبت، لأنّ الوصف متأخر عن الموضوع و مرتبط به.
ص: 307
الثانی: أن یکون عنوان «عدم المخصّص» جزءً للموضوع المرکّب، فالعامّ بعد التخصیص یترکّب موضوعه من الجزءین و الجزء الأوّل هو عنوان «العموم» و هو محرز بالوجدان و الجزء الثانی هو عنوان «عدم المخصّص» و هو محرز بالاستصحاب.
و الحق هو أنّ تعنون العامّ بعدم المخصّص من قبیل الترکیب لا التوصیف لأنّ دلیل تعنون موضوع العامّ بعد التخصیص یقتضی اعتبار عنوان عدم المخصّص فی ناحیة موضوع العامّ لا أزید من ذلک، فالارتباط التوصیفی بین موضوع العامّ و بین عنوان «عدم المخصّص» مما لا دلیل علیه.
إذا عرفت تلک المقدّمات، فیتّضح لک تمامیة استصحاب العدم الأزلی.
إنّ عنوان المخصّص هو المرأة القرشیة و قد أُخذ عدمها فی عنوان العامّ و مفاد عدم المرأة القرشیة هو مفاد سلب الربط، کما تقدّم ذلک فی المقدّمة الثانیة و القضیة المتکفّلة لذلک قضیة سالبة محصّلة (لم تکن المرأة بقرشیة) و یجری فیها الاستصحاب کما تقدّم فی المقدّمة الرابعة، و موضوع العامّ مرکّب من عنوان المرأة و عنوان «لیست هی بقرشیة» و علی هذا الجزء الأوّل من هذا الموضوع محرز بالوجدان و الجزء الثانی منه محرز باستصحاب العدم الأزلی.
((1)) بمقدماتها الثلاث
التمسّک بأصالة العدم لإثبات حکم العامّ للفرد المشکوک فیه غیر صحیح و
ص: 308
ذلک لأنّ العدم النعتی الذی هو موضوع الحکم لا حالة سابقة له علی الفرض لیجری فیه الأصل، أمّا العدم المحمولی الأزلی فهو و إن کان مجری للأصل فی نفسه، إلّا انّه لایثبت به العدم النعتی الذی هو المأخوذ فی الموضوع إلّا علی القول بالأصل المثبت.
و توضیح ذلک إنّما هو برسم مقدّمات:
إنّ التخصیص سواء کان بالمنفصل أو بالمتّصل (استثناءً کان المتّصل أم غیره) إنّما یوجب تقیید عنوان العامّ بغیر عنوان المخصّص فإذا کان المخصّص أمراً وجودیاً، کان الباقی تحت العامّ معنوناً بعنوان عدمی و إن کان المخصّص أمراً عدمیاً، کان الباقی معنوناً بعنوان وجودی.
و السرّ فی ذلک هو أنّه لایعقل أن یکون الحاکم فی مقام جعل حکمه جاهلاً بموضوع حکمه و غیر ملاحظ له علی نحو الإطلاق و التقیید و علیه فإذا فرضنا خروج قسم من الأقسام من حکم العامّ، فإمّا یکون الباقی تحته بعد التخصیص مقیداً بنقیض المخصّص فیکون دلیل المخصّص رافعاً لإطلاقه فهو المطلوب، و إمّا یبقی علی اطلاقه بعد التخصیص أیضاً، فلیزم التهافت و التعارض بین مدلولی دلیل العامّ و دلیل التخصیص.
نعم هناک فرق بین المخصّص المتّصل و المخصّص المنفصل، فإنّ التقیید فی المخصّص المتّصل إنّما هو بحسب الدلالة التصدیقیة، إذ المفروض فی موارد التخصیص بالمتّصل أنّه لاینعقد الظهور للکلام إلّا فی الخاصّ من أوّل الأمر و هذا بخلاف التقیید فی موارد التخصیص بالمنفصل، فإنّ التقیید فیه إنّما یکون
ص: 309
بالإضافة إلی المراد الواقعی، لا بالنسبة إلی ما یستفاد من الکلام لفرض تمامیة الظهور فی العموم.
لکن هذا المقدار من الفرق لایکون بفارق فی المقام، بعد اشتراکهما فی تقیید المراد الواقعی.
إنّ العنوان الخاصّ إذا کان من قبیل الأوصاف القائمة بالعنوان العامّ، سواء کان ذلک العنوان الخاصّ من العناوین المتأصلة أم من العناوین الانتزاعیة، فلامحالة یکون موضوع الحکم بعد التخصیص مرکّباً من المعروض و عرضه القائم به أعنی به مفاد «لیس» الناقصة، المعبّر عنه فی کلام العلّامة الأنصاری (قدس سره) بالعدم النعتی.
و السرّ فی ذلک هو: أنّ انقسام العامّ باعتبار أوصافه و نعوته القائمة به إنّما هو فی مرتبة سابقة علی انقسامه باعتبار مقارناته، فإذا کان التخصیص کاشفاً عن تقییدٍما و رافعاً لإطلاقه بمقتضی المقدّمة الأُولی، فلابدّ من أن یکون هذا التقیید بلحاظ الانقسام الأولی أعنی به الانقسام باعتبار نعوته و أوصافه، فیرجع التقیید إلی التقیید بمفاد «لیس» الناقصة.
و الدلیل علیه: أنّ التقیید لو کان راجعاً إلی التقیید بعدم مقارنته لوصفه القائم به علی نحو مفاد لیس التامّة، لیکون الموضوع فی الحقیقة مرکّباً من عنوان العامّ و عدم عروضه المحمولی فإمّا یکون ذلک مع بقاء الإطلاق بالإضافة إلی جهة کون العدم نعتاً لیرجع استثناء الفسّاق من العلماء فی قضیة «أکرم العلماء إلّا فسّاقهم» إلی تقیید العلماء، بأن لایکون معهم فسق سواء کانوا فاسقین أم لا، أو یکون ذلک مع التقیید من جهة کون العدم نعتاً أیضاً لیرجع مفاد القضیة المزبورة إلی
ص: 310
وجوب إکرام العلماء المعتبر فیهم أن لایکونوا فاسقین و أن لایکون معهم فسق و کلا الوجهین باطل:
أمّا الأوّل فلأنّه غیر معقول، لوضوح التدافع بین الإطلاق من جهة کون العدم نعتاً و التقیید بالعدم المحمولی.
و أمّا الثانی فلأنّه مستلزم للغویة التقیید بالعدم المحمولی، لکفایة التقیید بالعدم النعتی عنه و هذا هو المیزان الکلی فیما إذا کان الموضوع مرکّباً من العرض و محلّه، فإنّ اللازم فیه أن یکون التقیید بلحاظ مفاد «کان» الناقصة أو «لیس» الناقصة.
إنّ تقابل الوجود النعتی (مفاد کان الناقصة) و العدم النعتی (مفاد لیس الناقصة) إنّما هو من قبیل تقابل العدم و الملکة، الذی یشترط فیه وجود الموضوع و یمکن فیه ارتفاع المتقابلین بارتفاع الموضوع القابل للاتصاف بهما، إذ الموضوع بعد وجوده هو الذی یوجد فیه الوصف فیکون الوجود نعتاً أو لایوجد فیه ذلک فیکون العدم نعتاً، و أمّا الموضوع قبل وجوده فهو غیر قابل لأن یعرضه الوجود النعتی أو العدم النعتی.
هذا بخلاف التقابل بین نفس وجود العرض المعبّر عنه بالوجود المحمولی (مفاد کان التامة) و عدم ذلک العرض المعبّر عنه بالعدم المحمولی (مفاد لیس التامّة) فإنّه من تقابل الإیجاب و السلب الذی لایمکن فیه ارتفاع المتقابلین و علیه فکما لایعقل تحقّق الوجود النعتی قبل وجود موضوعه، کذلک لایعقل تحقّق العدم النعتی المقابل له.
إذا عرفت هذه المقدّمات تعرف أنّ خروج المخصّص عن تحت العامّ یستلزم
ص: 311
تقیید الباقی بنقیض هذا العنوان بمقتضی المقدّمة الأُولی، و أنّه لابدّ من أن یکون هذا التقیید علی نحو مفاد لیس الناقصة بمقتضی المقدّمة الثانیة و أنّه یستحیل تحقّق هذا العنوان المأخوذ فی الموضوع قبل وجود موضوعه بمقتضی المقدّمة الثالثة.
فلایمکن إحراز قید موضوع حکم العامّ بأصالة العدم الأزلی فإنّ المستصحب إمّا یکون العدمَ النعتی المأخوذ فی الموضوع، فهو مشکوک فیه من أوّل الأمر و لا حالة سابقة له کما اعترف هو (قدس سره) بذلک.
و إمّا یکون العدمَ المحمولی الملازم للعدم النعتی بقاءً، فلایمکن إحراز تمام الموضوع باستحصاب العدم المحمولی إلّا علی القول بالأصل المثبت.
((1))
إنّ المقدّمة الأُولی و الثالثة فی غایة المتانة و لکن الکلام فی المقدّمة الثانیة و محل النزاع فیها هو أنّ المأخوذ فی موضوع حکم العامّ بعد التخصیص هل هو العدم النعتی أو العدم المحمولی، و الحق هو أنّ التقیید بلحاظ عدم الاتصاف بالعرض الوجودی لا بلحاظ الاتصاف بعدمه.
((2))
إنّ المرجع بعد سقوط العامّ عن الحجیة فیما شک فی کونه من مصادیق الخاصّ لفظیاً أو لبیاً إنّما هو الأُصول العملیة و حیئنذ لو کان هناک أصل حکمی من استصحاب وجوب أو حرمة و نحوه فلا إشکال.
ص: 312
و أمّا الأصل الموضوعی فیبتنی جریانه علی المسلکین((1)) فی التخصیصات: تعنون العام بعنوان عدم المخصِّص و عدمه
فعلی المسلک الأوّل لا بأس بجریان الأصل الموضوعی فی المشتبه حیث یحرز به کونه من أفراد العامّ، فیحکم علیه بحکم العامّ بعد إحراز جزئه الآخر (و هو العالمیة) بالوجدان، نظیر سائر الموضوعات المرکبة التی یحرز بعضها بالأصل و بعضها بالوجدان ففی المقام أیضاً إذا جری استصحاب العدالة أو عدم الفسق فی الفرد المشکوک فبانضمام الإحراز الوجدانی للجزء الآخر و هو العالمیة یحرز ما هو موضوع حکم العامّ و هو العالم العادل، أو العالم الذی لم یکن فاسقاً فیحکم علیه بحکمه.
أمّا علی المسلک الثانی الذی هو المختار((2)) فلا مجال لجریان الأصل الموضوعی المزبور من جهة عدم ترتب أثر شرعی علیه حینئذ، فإنّه علی هذا المسلک لایکون لمثل هذه العناوین دخل فی موضوع الحکم و الأثر و لو علی نحو القیدیة حتی یجری فیها استصحابها، بل و إنّما موضوع الأثر حینئذ عبارة عن ذوات تلک الأفراد الباقیة بخصوصیاتها الذاتیة من دون طروّ لون علیها من قبل دلیل المخصّص.
و قد نقل المحقّق الخوئی (قدس سره) عنه فی المحاضرات أنّه یری أنّ التخصیص کالموت فکما أنّه لایتلون العامّ بموت بعض العلماء لایتلون بالتخصیص بهم.
ثم أورد علیه((3)) بأنّ القیاس باطل حیث إنّ الموت یوجب انتفاء الحکم بانتفاء
ص: 313
موضوعه فی مرحلة التطبیق و لکن التخصیص یوجب تقیید الحکم فی مرحلة الجعل فی مقام الثبوت بمعنی أنّ دلیل المخصّص یکشف عن أنّ الحکم من الأوّل خاصّ و فی مقام الإثبات یدلّ علی انتفاء الحکم مع بقاء الموضوع.
غایة الأمر هو اقتضاء خروج أفراد الفسّاق مثلاً لملازمة الأفراد الباقیة بعد التخصیص عقلاً للعدالة أو عدم الفسق و من المعلوم فی مثله حینئذ عدم إجزاء قضیة استصحاب العدالة أو عدم الفسق للمشکوک لإثبات کونه من الأفراد الباقیة الملازمة لعدم الفسق إلّا علی القول بالمثبت.
نعم لو کان مفاد الدلیل الخاصّ نقیضاً لحکم العامّ، کما لو کان مفاد العامّ وجوب إکرام العلماء و کان مفاد الخاصّ عدم وجوب إکرام الفسّاق من العلماء ففی مثله أمکن إثبات وجوب الإکرام الذی هو حکم العامّ بمقتضی استصحاب عدم الفسق، من جهة أنّه باستصحابه یترتب علیه نقیض اللاوجوب الذی هو عبارة عن وجوب الإکرام.
و هذا بخلافه فی فرض کون مفاد الخاصّ عبارة عن حرمة الإکرام التی هی ضد الحکم العامّ حیث إنّه فی مثله لایمکن إثبات وجوب الإکرام باستصحاب العدالة أو عدم الفسق لأنّ غایة ما یقتضیه الأصل المزبور هو عدم حرمة إکرام الفرد المشکوک لا وجوب إکرامه إلّا علی القول بالأصل المثبت.
إنّ الخاصّ یوجب تقیید الإرادة الجدّیة فی ناحیة العامّ بالنسبة إلی موضوعه حیث إنّه بعد ورود المخصّص لایعقل إطلاق الإرادة الجدّیة بالنسبة إلی موضوع العامّ و لایعقل أیضاً إهماله. (یلزم من ذلک تعنون العامّ حیث إنّ تقیید الإرادة الجدّیة لاینفک من لون للعامّ و تعنونه).
إنّ جریان الأصل العملی الحکمی إذا أُرید به الاستصحاب کما صرّح المحقّق العراقی (قدس سره) ممنوع، لأنّ المعتبر فی جریان الاستصحاب صدق عنوان «لاتنقض» بالنسبة إلی الیقین السابق، فلابدّ من وحدة الموضوع فی القضیة المتیقّنة و المشکوکة بأن یکون الفرد المشتبه داخلاً فی موضوع المتیقّنة ثم نشک فی خروجه عنه، و لکن الشبهة المصداقیة هنا لیس من هذا القبیل لأنّ شمول العامّ له مشکوک من أوّل الأمر، فعلی هذا أرکان الاستصحاب لایتم بالنسبة إلی الفرد المشتبه فی الشبهة المصداقیة.
إنّ ما أفاده (قدس سره) - من أنّه إذا کان الفرق بین حکم العامّ و حکم المخصّص بنحو التضادّ فالاستصحاب یکون أصلاً مثبتاً و إذا کان بنحو التناقض فالاستصحاب جار و نتیجته جریان حکم العامّ - ممنوع، لأنّ رفع عدم الوجوب لیس هو عین الوجوب بل الوجوب مصداق له فإنّ مفهوم نفی النفی لیس هو عین مفهوم الإثبات بل نفی النفی یصدق علی الإثبات، إلّا إذا قلنا بجریان الاستصحاب مع خفاء الواسطة کما هو مختار الشیخ (قدس سره) و لکن نحن لانلتزم بذلک.
ص: 315
فالاستصحاب هنا أصل مثبت، کما أنّ استصحاب عدم الفسق بالنسبة إلی إثبات العدالة أیضاً أصل مثبت.
ص: 316
دوران الأمر بین التخصیص و التخصّص فی الفرد الذی حکمه خلاف حکم العامّ.
إذا ورد عامّ مثل أکرم العلماء و جاء دلیل آخر یدلّ علی حرمة إکرام زید مثلاً و لا ندری هل یکون زید من أفراد العامّ و قد خرج عنه بالتخصیص أو لیس من أفراد العامّ بل هو خارج عنه تخصّصاً، فهل تجری هنا أصالة العموم و عدم التخصیص حتی یثبت کونه خارجاً عن العامّ بالتخصّص؟ و مثّل لذلک فی المحاضرات((1)) بملاقی ماء الاستنجاء فهل یکون داخلاً تحت عموم ما دلّ علی انفعال ملاقی النجس و قد خرج عنه بالتخصیص لورود ما یدلّ علی طهارته، أو کان خارجاً عن تحت هذا العموم بالتخصّص.
فاختلف الأعلام فی تقدّم التخصیص علی التخصّص أو العکس، و المشهور بینهم هو أنّ التخصّص مقدّم علی التخصیص و استدلّوا علی ذلک بأصالة عدم التخصیص و أصالة العموم.((2))
و الحق هو عدم جریان أصالة العموم و أصالة عدم التخصیص فی المقام، لأنّ الأصول اللفظیة تجری فی ما إذا کان المراد مشکوکاً، و أمّا إذا کان المراد
ص: 317
معلوماً فلم یثبت جریان السیرة العقلائیة علی التمسّک بالأصول اللفظیة، کما صرّح بذلک المحقّق الخراسانی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) و بعض الأساطین (دام ظله) .
ص: 318
فیه قولان:
إذا ورد دلیل عامّ مثل «أکرم العلماء» و ورد بعد ذلک دلیل آخر مثل «یحرم إکرام زید» و لکن تردّد أمر زید من جهة الشبهة المفهومیة و شککنا فی أنّ المراد منه هو زید العالم أو زید الجاهل، فإن کان المراد منه زیداً العالم فیکون الدلیل الثانی مخصّصاً للعامّ و إن کان المراد منه زیداً الجاهل فیکون خارجاً عن العامّ تخصّصاً.
قال المحقّق النائینی((1)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) ((2)) بالتمسّک بالعامّ بالنسبة إلی زید العالم حتی یجری فیه حکم العامّ و بذلک ینحل العلم الإجمالی بحرمة إکرام زید العالم أو زید الجاهل، لأنّه بعد جریان حکم العامّ علی زید العالم ینطبق حرمة الإکرام علی زید الجاهل.
فعلی هذا إجمال الخاصّ لایسری إلی العامّ بل العامّ یوجب رفع الإجمال عن الخاصّ.
اختار بعض الأساطین (دام ظله) عدم جواز التمسّک بالعامّ فی هذا المقام لأنّ السیرة
ص: 319
العقلائیة قائمة علی التمسّک بالعامّ فی موارد الشک البدوی و ما یرجع إلیه (مثل الشبهة المفهومیة بین الأقلّ و الأکثر)، أمّا فی موارد العلم الإجمالی بخروج أحد الفردین عن تحت العامّ فلم یثبت السیرة العقلائیة علی التمسّک بالعامّ. ((1))
إنّ العامّ یشمل زیداً العالم و لم یثبت وجود المخصّص للعامّ حتّی نقول بتعنون العامّ بعدم المخصّص (کما قد تقدّم فی الشبهة المفهومیة فی المخصّص المنفصل المردّد بین المتباینین) و حیث إنّ مثبتات الأُصول اللفظیة حجّة فتدلّ العامّ علی وجوب إکرام زید العالم و إثبات حرمة إکرام زید الجاهل و ینحلّ العلم الإجمالی و السیرة العقلائیة قائمة علی التمسّک بالعموم فیما إذا شک فی خروج فرده و إنّما الکلام فی مانعیة العلم الإجمالی و قد عرفت أنّه لیس بمانع عنه.
ص: 320
ص: 321
ص: 322
عدم جواز العمل بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص
فیه مقدمة و أمران:
إنّ الأعلام اتفقوا علی لزوم الفحص عن المخصّص و لکن اختلفوا فی وجه ذلک أوّلاً و فی المقدار الواجب من الفحص ثانیاً، و لذا لابدّ من البحث فی مقامین.((1))
ص: 323
ولکن قبل الورود فی البحث یجب تقدیم مقدّمة نافعة (کما قدّمها المحقّق النائینی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) قبل الورود فی البحث).
ص: 324
هل یفترق الفحص فی موارد الأُصول اللفظیة عن الفحص فی موارد الأُصول العملیة؟
قال صاحب الکفایة((1)) و المحقّق النائینی (قدس سرهما) بالفرق بینهما و خالفهما المحقّق الخوئی (قدس سره) فقال بعدم الفرق.
((2)):
إنّ الفحص فی هذا المقام و نظائره فحص عن المزاحم لحجیة الدلیل بعد تمامیة المقتضی (و هو ظهوره فی العموم فی هذا البحث) أمّا الفحص فی الشبهات البدویة فحص عن أصل الحجیة و تمامیة المتقضی.
أمّا فی البراءة العقلیة فلأنّ العقل لایستقل بقبح العقاب بلا بیان ما لم یتحقّق الفحص و لذا لایحرز موضوع البراءة العقلیة و هو عدم البیان قبل الفحص.
و أمّا فی البراءة الشرعیة فلأنّ أدلّة حجیة البراءة الشرعیة و إن کانت مطلقة بالنسبة إلی الفحص إلّا أنّ الدلیل العقلی قام علی لزوم الفحص و الدلیل النقلی و الإجماع أیضاً قاما علی لزوم الفحص و لهذا یکون موضوع البراءة النقلیة و هو «ما لایعلمون» مقیداً بما بعد الفحص.
ص: 325
((1))
إنّ الفحص فی کلا المقامین تارة عن ثبوت المقتضی و الموضوع و أُخری عن وجود المزاحم و المانع.
فإنّ العمومات الواردة فی الکتاب و السنّة أو من الموالی العرفیة علی نحوین:
النحو الأوّل: ما کان فی معرض التخصیص بحیث قد قامت قرینة علی أنّ المتکلّم قد اعتمد فی بیان مراداته علی القرائن المنفصلة المتقدّمة أو المتأخرة زماناً و لایبین ذلک فی مجلس واحد لأجل مصلحة تقتضی ذلک أو مفسدة فی البیان کخلاف تقیة أو نحوها، و هذه العمومات لایکون حجّة قبل الفحص لعدم إحراز بناء العقلاء علی العمل بها قبل الفحص (فإنّ دلیل حجیتها هو بناء العقلاء) و مثال ذلک العمومات الواردة فی الکتاب حیث إنّ الله تعالی أوکل بیانه إلی النبی (صلی الله علیه و آله) و الأوصیاء (علیهم السلام) و مثل العمومات الواردة عنهم (علیهم السلام) و هذه العمومات لامقتضی للعمل بها قبل الفحص و حالها حال البراءة الشرعیة و العقلیة فی الشبهات الحکمیة.
النحو الثانی: ما لم یکن فی معرض التخصیص، فهذه العمومات کاشفة عن أنّ المراد الاستعمالی مطابق للمراد الجدّی و ظاهرة فی ذلک و هذا الظهور حجّة ما لم تقم قرینة علی الخلاف و حینئذ لا مانع من العمل بتلک العمومات قبل الفحص لجریان السیرة العقلائیة علی العمل بها قبل الفحص.
و مثال ذلک أکثر العمومات الواردة من الموالی العرفیة بالإضافة إلی عبیدهم و خدمهم أو من الموکلین بالإضافة إلی وکلائهم أو من الأُمراء بالإضافة إلی المأمورین.
ص: 326
نعم إذا علم إجمالاً بورود مخصّص علیها فعندئذ یجب الفحص لأجل هذا العلم الإجمالی، و الفحص حینئذ لوجود المانع و المزاحم مع ثبوت المقتضی له و ذلک مثل الأُصول العملیة فی الشبهات الموضوعیة فإنّ المقتضی للعمل بها تامّ و لایتوقف علی الفحص إلّا فی موارد العلم الإجمالی مثل العلم الإجمالی بنجاسة أحد الإناءین. فتحصل أنّه لا فرق بین الفحص فی موارد الأمارات و الأُصول العملیة.
ص: 327
فی الأدلّة التی أقاموها علی عدم جواز التمسّک بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص، و هی ستة:((1))
ص: 328
إنّ حجیة أصالة العموم تدور مدار حصول الظنّ بمراد المولی و بما أنّ العامّ لایفید الظنّ بمضمونه قبل الفحص عن المخصّصات، فیجب الفحص حتّی یحصل الظنّ به فلزوم الفحص إنّما هو لتحصیل الظنّ به.
ص: 329
((1)):
أوّلاً: إنّه أخصّ من المدّعی، لأنّ المدّعی هو وجوب الفحص مطلقاً و إن فرض حصول الظن قبل الفحص، مع أنّ لازم هذا الوجه هو عدم وجوب الفحص فی فرض حصول الظنّ قبل الفحص.
ثانیاً: إنّ حجیة أصالة العموم إنّما هی من باب إفادة الظنّ النوعی دون الشخصی فلایضرّ بحجیة أصالة العموم قیام الظنّ الشخصی علی الخلاف.
((2))
قال الشیخ (قدس سره): إنّ العلم الإجمالی بورود معارضات کثیرة بین الأمارات الشرعیة التی بأیدینا الیوم حاصل لمن لاحظ الکتب الفقهیة و استشعر اختلاف
ص: 330
الأخبار، و المنکر إنّما ینکر باللسان و قلبه مطمئن بالإیمان بذلک، و لایمکن إجراء الأُصول فی أطراف العلم الإجمالی کما قرّرنا فی محلّه، فیسقط العمومات عن الحجیة للعلم بتخصیصها إجمالاً عند عدم الفحص، و أمّا بعد الفحص فیستکشف الواقع و یعلم أطراف الشبهة تفصیلاً بواسطة الفحص.
((1)):
لو کان هذا العلم الإجمالی هو المقتضی لوجوب الفحص، فبطبعیة الحال إنّما یقتضی وجوبه مادام لم ینحلّ فإذا انحلّ العلم الإجمالی بالظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال، لم یکن مقتضٍ لوجوب الفحص بعده لامحالة.
و علیه فلا مانع من التمسّک بالعموم قبل الفحص، مع أنّ المدّعی وجوب الفحص مطلقاً و لو بعد الانحلال، و من هنا یعلم أنّ العلم الإجمالی بما هو لا یصلح أن یکون مدرکاً لوجوبه علی الإطلاق.
((2))
لیس المیزان فی انحلال العلم الإجمالی مجرّد وجود القدر المتیقن فی البین، لیترتّب علیه انحلال العلم الإجمالی بالظفر بالمقدار المعلوم بالإجمال من التکالیف أو المخصّصات، المستلزم لعدم وجوب الفحص بعد ذلک عند احتمال تکلیف أو تخصیص، بل المیزان فی الانحلال أمر آخر لابدّ فی توضیحه من بیان أُمور:
الأوّل: إنّه لابدّ فی موارد العلم الإجمالی من تشکیل قضیة شرطیة علی سبیل
ص: 331
منع الخلوّ، ضرورة أنّه لازم العلم بأصل وجود الشیء، مع الشک فی خصوصیته و انطباقه علی کل واحد من أطرافه.
الثانی: إنّ موارد العلم الإجمالی مختلفة
المورد الأوّل: أن تکون القضیة الشرطیة (التی لابدّ منها فی موارد العلم الإجمالی) مؤتلفة من قضیة متیقّنة و قضیة أُخری مشکوک فیها، کأن یشک المدین بین الألف و الألفین و هذا فی موارد دوران الأمر بین الأقلّ و الأکثر.
و انحلال العلم الإجمالی فی هذا المورد مما لا ریب فیه بل فی الحقیقة لا علم إجمالی.
المورد الثانی: أن تکون القضیة الشرطیة مؤتلفة من قضیتین، تکون کلّ منهما مشکوکاً فیها، و ذلک مثل ما إذا علمنا إمّا بنجاسة هذا الإناء و إمّا بنجاسة الإناء الآخر و هذا فی موارد دوران الأمر بین المتباینین.
و هنا لا ریب فی عدم انحلال العلم الإجمالی.
المورد الثالث: أن تکون تلک القضیة، جامعة لکلتا الخصوصیتین، فهی من جهة تکون مؤتلفة من قضیة متیقّنة و أُخری مشکوک فیها، و من جهة أُخری مؤتلفة من قضیتین مشکوک فیهما، و لازم ذلک انحلال العلم الإجمالی إلی علمین إجمالیین أحدهما من قبیل القسم الأوّل و الثانی من قبیل القسم الثانی.
مثال ذلک: هنا إناءان أحدهما لزید و لانعرفه بعینه ثمّ علمنا بوجوب الاجتناب إمّا عن الإناء الأوّل و إمّا عن کلا الإناءین وهذا مورد العلم الإجمالی المردّد بین الأقلّ والأکثر و بعد ذلک قال المولی بوجوب الاجتناب عن إناء زید و هذا یوجب العلم الإجمالی بوجوب الاجتناب عن الإناءین من باب التردید بین
ص: 332
المتباینین ثم إنّ فی انحلال العلم الإجمالی فیه و عدم انحلاله خلافاً، و توهّم الانحلال فیه هو الموجب لتوهّم الانحلال فی المقام.
و لکن التحقیق عدم الانحلال لأنّ العلم الإجمالی المردد بین الأقلّ و الأکثر و إن کان منحلاً بالاجتناب عن المقدار الأقلّ (و هو الإناء الأوّل) إلّا أنّ وجوب الاجتناب عن إناء زید منجّز و لاینحلّ بالاجتناب عن الإناء الأوّل.
تطبیق هذا علی هذا البحث: إنّ هنا علمین إجمالیین، أحدهما العلم الإجمالی بوجود المخصّصات فیما بأیدینا من الکتب المعتبرة و هذا من قبیل العلم الإجمالی المردّد بین المتباینین، بأنّ هذه المخصّصات إما لهذا العامّ أو للعامّ الآخر و ثانیهما العلم الإجمالی بوجود المخصّصات و هو مردّد بین الأقلّ و الأکثر.
و العلم الإجمالی الأوّل لاینحلّ و إن انحلّ العلم الإجمالی الثانی بالظن بالمقدار المتیقّن من المخصّصات (و القدر المتیقّن هو المقدار الأقلّ).
فلایجوز العمل بالعامّ قبل الفحص لعدم انحلال العلم الإجمالی فلابدّ من الفحص حتّی یجوز العمل بالعامّ.
((1))
إنّ ما أفاده لاینطبق علی ما نحن فیه، لأنّ العلم الإجمالی بوجود المخصّصات فیما بأیدینا من الکتب المعتبرة أیضاً من موارد العلم الإجمالی المردّد بین الأقلّ و الأکثر و ینحل ذلک بالظفر بالمقدار الأقلّ من المخصّصات.
ص: 333
إنّ ما أفاده لایتمّ علی مختاره فی مبحث تنجیز العلم الإجمالی.
توضیح ذلک: إنّ فی مبحث العلم الإجمالی قولین:
القول الأوّل: الذی اختاره الشیخ و المحقّق النائینی (قدس سرهما) و بعض الأساطین (دام ظله) و هو القول بالاقتضاء.
القول الثانی: الذی اختاره المحقّق العراقی (قدس سره) و هو القول بالعلّیة.
و مقتضی القول بمسلک الاقتضاء هو أنّه إذا لم یجر الأصل بالنسبة إلی أحد الطرفین للعلم الإجمالی للعلم بالنجاسة فهو جار بالنسبة إلی الطرف الآخر بلا معارض و ینحلّ بذلک العلم الإجمالی ولایبقی علی التنجیز، سواء کان العلم الإجمالی مردداً بین الأقلّ و الأکثر أم کان مردّداً بین المتباینین و فیما نحن فیه إنّ الظفر بالقدر المتیقّن من المخصّصات کما یوجب انحلال العلم الإجمالی المردّد بین الأقلّ و الأکثر یوجب انحلال العلم الإجمالی المردّد بین المتباینین حیث إنّ أحد الطرفین من هذا العلم الإجمالی قد ظفرنا به و تجری البراءة بالنسبة إلی الطرف الآخر.((1))
نعم علی مسلک المحقّق العراقی (قدس سره) - و هو القول بالعلیة- لایمکن إجراء البراءة بالنسبة إلی الطرف الآخر فی مقامنا هذا.
إنّ مانعیة العلم الإجمالی مبنی علی ما أفاده المحقّق الخراسانی (قدس سره) ((2)) و اختاره
ص: 334
المحقّق النائینی (قدس سره) من أن الفحص عن المخصّص هو الفحص عما هو مزاحم لحجیة أصالة العموم.
ولکن الحق کما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) هو أنّ عمومات الکتاب و السنّة لما کانت فی معرض التخصیص فالفحص فیها عن المخصّص هو بمعنی عدم تمامیة الحجیة و اقتضائها فی طرف العامّ.
الدلیل الرابع: ((2))
إنّ العقل یستقلّ بلزوم الفحص عن المخصّصات بحیث إنّه قبل الفحص لا اقتضاء لحجیة عمومات الکتاب و السنّة.
توضیحه: إنّ ما دلّ علی وجوب الفحص عن الحجّة فی موارد الأُصول العملیة هو بنفسه دلیل علی وجوب الفحص فی الأُصول اللفظیة. فإنّ العقل یستقلّ بأنّ وظیفة المولی لیست إلّا تشریع الأحکام و إظهارها علی المکلّفین بالطرق العادیة، ولایجب علیه تصدّیه لجمیع ما له دخل فی الوصول إلیهم أی لایجب علی المولی إیصال التکلیف إلی العبد و لو بغیر الطرق العادیة المتعارفة إذا امتنع العبد من الاطلاع علی تکالیف مولاه بتلک الطرق.
کما أنّ العقل یستقلّ أیضاً بأنّ وظیفة العبد إنّما هی الفحص عن تکالیف المولی التی جعلها و أظهرها بالطرق العادیة لئلّایقع فی مخالفتها، ضرورة أنّه لو لم یتصدّ للفحص عنها و تمسّک بأصالة البراءة أو استصحاب العدم فی کل مورد احتمل التکلیف فیه لزم إبطال فائدة بعث الرسل.
ص: 335
و هذا الوجه بعینه جار فی موارد الرجوع إلی الأُصول اللفظیة، فإنّ المکلّف لو تمسّک بها بدون الفحص عن القرائن علی خلافها، مع علمه بأنّ بیان الأحکام الشرعیة کان علی نحو التدریج و بالطرق العادیة المتعارفة، لوقع فی مخالفة تلک الأحکام کثیراً و لایکون معذوراً، حیث إنّ العقل یری أنّ وظیفته هی الفحص عن القرائن المحتملة فی الواقع و أنّه لو تفحّص عنها لوصل إلیها لو کانت موجودة و معه کیف یکون معذوراً.
و هو دلیل عقلائی أفاده المحقّق الخراسانی و المحقق العراقی (قدس سرهما) ((1)) و بعض الأساطین (دام ظله) .((2))
و قبل بیان الدلیل لابدّ من الإشارة إلی أنّ أصالة العموم من الأُصول اللفظیة التی مبنی حجیتها بناء العقلاء و سیرتهم و ملاک سیرة العقلاء هو أنّهم یرون التطابق بین الإرادة الاستعمالیة و الإرادة الجدّیة إلّا فیما إذا قامت قرینة علی خلاف ذلک.
أمّا استدلال صاحب الکفایة (قدس سره) علی ذلک:((3)) فهو أنّه لایجوز التمسّک بالعامّ قبل الفحص، فیما إذا کان العامّ فی معرض التخصیص، کما هو الحال فی عمومات الکتاب و السنّة و ذلک لأجل أنّه لولا القطع باستقرار سیرة العقلاء علی عدم العمل بالعامّ قبل الفحص فلا أقلّ من الشک. کیف؟ و قد ادّعی
ص: 336
الإجماع علی عدم جواز التمسّک بأصالة العموم، فضلاً عن نفی الخلاف عنه، و هو کافٍ فی عدم الجواز.
و أمّا إذا لم یکن العامّ فی معرض التخصیص، کما هو الحال فی غالب العمومات الواقعة فی ألسنة أهل المحاورات، فلا شبهة فی أنّ السیرة علی العمل به بلا فحص عن المخصّص.
و هو دلیل نقلی أفاده المحقق العراقی((1)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) .((2))
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) استدلّ علی ذلک بالآیات و الروایات الدالّتین علی وجوب التعلّم و الفحص.
أمّا الآیات: فمنها قوله تعالی: (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُون).((3))
و منها قوله تعالی: (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ).((4))
أمّا الروایات: فمنها قوله (علیه السلام) «إنّ الله تعالی یقول لعبده فی یوم القیامة: هلّا عملت؟ فقال: ما علمت فیقول: هلّا تعلّمت».((5))
ص: 337
و هذا الوجه لایختص بموارد الرجوع إلی الأُصول العملیة، بل یعمّ غیرها من موارد الرجوع إلی الأُصول اللفظیة أیضاً ضرورة أنّه لایکون فی الآیات و الروایات ما یوجب اختصاصهما بها.
((1))
إنّ هذه الآیات و الروایات تختصّ بمن لا حجّة عنده، فالموضوع فیها عدم الحجّة و البحث هنا فی وجوب الفحص و عدم حجیة العامّ قبل الفحص.
إنّ المخصّص حجّة و یجب علی المکلّف الفحص عنها بمقتضی الآیات و الروایات، فالمکلّف من حیث عدم اطّلاعه علی المخصّص یعدّ ممّن لا حجّة عنده، و هذا الدلیل یوجب الفحص عنه و تعلّمه.
و لما کان المخصّص یوجب تعنون العامّ فیکون تعیین موضوع حجیة العامّ و العلم به متوقفاً علی العلم بالمخصّص، فلایمکن التمسّک بالعامّ قبل الفحص عنه بل یجب تعلّم موضوع حجیة العامّ قبل العمل به بمقتضی الآیات و
ص: 338
الروایات فتحصّل من ذلک تمامیة الاستدلال الرابع و الخامس و السادس علی عدم جواز التمسّک بالعامّ قبل الفحص.
ص: 339
هنا وجوه ثلاثة:((1))
الأوّل: الفحص بمقدار یحصل له العلم الوجدانی بعدم وجود المخصّص.
الثانی: الفحص بمقدار یحصل له الاطمینان بذلک.
الثالث: الفحص بمقدار یحصل له الظنّ بذلک.
أمّا الأوّل: فلا دلیل علیه بل العقلاء لایبنون فی أُمورهم علی حصول العلم الوجدانی مع أنّ حصوله یتوقّف علی الفحص فی جمیع الکتب و جمیع أبوابها و یلزم منه الحرج.
أمّا الثالث: فلا دلیل علیه أیضاً بل الدلیل علی خلافه للعمومات الناهیة عن العمل بالظنّ.
و أمّا الثانی: فهو الصحیح لأنّ الاطمینان حجّة عند العقلاء ولابد من القول بحجیته بالسیرة العقلائیة و العقلاء یکتفون به فی أُمورهم.
ص: 340
فتحصّل من ذلک أنّه یجب الفحص عن المخصّصات حتی یحصل الاطمینان بعدمها و لایجوز التمسّک بالعامّ قبله.((1))
ص: 341
ص: 342
ص: 343
ص: 344
هل الخطابات الشفاهیة تعمّ الغائبین و المعدومین؟
قال المحقّق الخراسانی (قدس سره):((1)) إنّ النزاع هنا یتصوّر فی ثلاث جهات:
الأولی: فی تعلّق التکلیف بالمعدوم و الغائب.
الثانیة: فی إمکان المخاطبة لهما.
الثالثة: فی عموم وضع أدوات الخطاب لهما.
و البحث عن الجهتین الأُولی و الثانیة عقلی و عن الجهة الثالثة لغوی.
ص: 345
((1))
إنّ لجعل التکلیف معنیین:
المعنی الأوّل: أن یکون بمعنی البعث أو الزجر الفعلیین، و جعل التکلیف بهذا المعنی لایعقل ثبوته للمعدومین و الغائبین، ضرورة أنّّه بهذا المعنی یستلزم الطلب منه حقیقةً و لایکاد یکون الطلب کذلک إلّا من الموجود ضرورة، فإنّ التکلیف الفعلی یقتضی ثبوت موضوعه خارجاً و التفاته إلی التکلیف و إلّا یستحیل فعلیته.
المعنی الثانی: أن یکون بمعنی الطلب الإنشائی، بنحو القضیة الحقیقیة بلا بعث فعلی أو زجر فعلی، فإنّ الإنشاء خفیف المؤونة، فالحکیم تبارک و تعالی ینشئ علی وفق الحکمة و المصلحة طلب شیء قانوناً من الأفراد الموجودین و المعدومین حین الخطاب لیصیر فعلیاً بعد ما وجد الشرائط و فقد الموانع، بلا حاجة إلی إنشاء آخر.
و هذا نظیر مسألة الوقف علی البطون المتأخرة، حیث إنّ المعدوم منهم، یصیر مالکاً للعین الموقوفة بعد وجوده بإنشاء الوقف، فالبطون المعدومة اللاحقة یتلقّی الملکیة من الواقف لا من البطن السابق، و إنشاء الوقف فی حق
ص: 346
الموجودین یؤثّر فی الملکیة الفعلیة ولایؤثّر فی الملکیة الفعلیة فی حق المعدومین، إلّا أنّه یؤثّر فی حق المعدومین استعداد الملکیة الفعلیة، لأن تصیر ملکاً لهم بعد وجودهم.
((1))
التکلیف (سواء کان بمعنی الإرادة و الکراهة النفسیتین أم البعث و الزجر الحقیقیین) یمکن تعلّقه بالمعدوم، بناء علی مبناه (قدس سره) من صحّة تعلّق الإرادة و البعث حقیقة بأمر استقبالی، فإنّ إرادة شیء فعلاً ممّن یوجد استقبالاً کإرادة ما لم یمکن فعلاً بل یمکن تحقّقه استقبالاً (و هو الواجب المعلّق الذی بنی صاحب الکفایة (قدس سره) علی إمکانه) فإذا قلنا بجواز تعلّق البعث بالفعل المعدوم فلابدّ أن نقول بجواز تعلّقه بالمکلّف المعدوم. هذا علی ما سلکه صاحب الکفایة (قدس سره) .
أمّا علی ما سلکناه من أنّ حقیقة البعث و الزجر جعل ما یمکن أن یکون باعثاً أو زاجراً بحیث لو انقاد العبد لمولاه انبعث فعلاً ببعثه و انزجر بزجره، فلامحالة لایعقل تعلّقه بالمعدوم فعلاً و إن کان یوجد استقبالاً، إذ لا طرف للبعث فعلاًً حتی یمکن انبعاثه فعلاً فلا بعث حقیقی بل هنا إنشاء البعث.
الأمر فی الوقف و إن کان کذلک، لکنه لیس لعدم قبول المعدوم للملک، بل لعدم قبول عین واحدة لملکیة الموجود و المعدوم بالاستقلال، و إلّا فالملکیة
ص: 347
قابلة للتعلّق بالمعدوم مالکاً و مملوکاً، فإنّ الملکیة الحقیقیة و إن کانت من المقولات المحتاجة إلی موضوع موجود، إلّا أنّ الملکیة الشرعیة و العرفیة اعتبار ذلک المعنی لا نفسه، و لذا تتعلّق بالکلّی مع أنّ العرض الحقیقی لایعقل تعلّقه بغیر الموجود فی الخارج.
و علیه فلا مانع من اعتبار الملکیة للمعدوم فعلاً أو اعتبار ملک المعدوم فعلاً إذا دعت المصلحة إلی اعتبارها.((1))
ص: 348
((1))
لا ریب فی عدم صحة خطاب المعدوم بل الغائب حقیقة و عدم إمکانه، ضرورة عدم تحقّق توجیه الکلام نحو الغیر حقیقة إلّا إذا کان موجوداً، و کان بحیث یتوجّه إلی الکلام و یلتفت إلیه.
((2))
إن أرید من الخطاب، الخطاب الحقیقی الذی یکون الداعی إلیه قصد التفهیم، لایمکن توجیهه إلی الغائب بل إلی الحاضر، إذا کان غافلاً فضلاً عن المعدوم.
و إن أُرید الخطاب الإنشائی الذی یکون الداعی إلیه إظهار العجز أو الشوق أو الولاء أو ما شاکل ذلک (کما هو المشاهد فی الصبی کثیراً حینما یخاف أو
ص: 349
یضربه شخص، نادی یا أباه، یا أُمّاه، مع أنّه یعلم بأنّ أباه أو أُمّه غیر حاضر عنده، فغرضه من هذا الخطاب إظهار العجز و التظلّم) فتوجیهه إلی المعدوم فضلاً عن الغائب ممکن.
و هناک شق ثالث للخطاب و هو أن یقصد المتکلّم تفهیم المخاطب حینما وصل إلیه الخطاب لا من حین صدوره، کما إذا افترضنا أنّ المخاطب نائم فیکتب المتکلّم و یخاطبه بقوله: «إذا قمت من النوم افعل الفعل الکذائی» أو سجّل خطابه فی شریط ثم یرسله إلی مکان أو بلد آخر، فیکون قصده تفهیمهم من حین وصول الخطاب إلیهم و سماعهم إیاه لا من حین صدوره، فلا مانع من أن یکون المقصود بالتفهیم من الخطابات الواردة فی الکتاب و السنّة جمیع البشر إلی یوم القیامة، یعنی کل من وصلت إلیه تلک الخطابات فهو مقصود بها کما هو کذلک، و کیف ما کان فلا إشکال فی إمکان ذلک أصلاً.
ص: 350
((1))
إذا قلنا بأنّ الخطابات القرآنیة نزلت علی قلبه (صلی الله علیه و آله) قبل قرائته فلا موضوع عندئذ لهذا النزاع، حیث إنّه لم یکن حال نزولها - علی هذا الفرض - من یتوجّه إلیه الخطاب حقیقة لیقع النزاع فی اختصاصها بالحاضرین فی مجلس الخطاب أو عمومها للغائبین و المعدومین و ذلک هو مقتضی التحقیق فی المقام.
و أمّا إذا قلنا بأنّ تلک الخطابات صدر من الله تعالی بلسان رسوله (صلی الله علیه و آله) إلی أُمّته فیقع النزاع فی أنّ أدوات الخطاب هل هی موضوعة للدلالة علی الخطاب الحقیقی أو الإنشائی.
فإن کانت تلک الأدوات للخطاب الحقیقی فلایمکن شموله للغائبین فضلاً عن المعدومین بل لایمکن شموله للحاضر فی مجلس الخطاب إذا کان غافلاً عنه.
و إن کانت تلک الأدوات للخطاب الإنشائی، فلا مانع من شموله للمعدومین و الغائبین، حیث إنّ مفادها حینئذ إظهار توجیه الکلام نحو مدخولها بداعٍ من الدواعی، فلا مانع عندئذ من شمولها للغائب بل المعدوم بعد فرضه بمنزلة الموجود، کما هو لازم کون القضیة حقیقیة.
ص: 351
و الظاهر أنّها موضوعة للدلالة علی الخطاب الإنشائی لوجهین:
الوجه الأوّل: أنّ المتفاهم العرفی من أدوات الخطاب هو الخطاب الإنشائی.
الوجه الثانی: أنّ لازم القول بوضعها للخطاب الحقیقی فی موارد استعمالاتها فی الخطابات الشرعیة هو اختصاص تلک الخطابات بالحاضرین فی مجلس التخاطب و عدم شمولها للغائبین فضلاً عن المعدومین و هذا ممّا نقطع بعدمه
فلا مناص من الالتزام باستعمالها فی الخطاب الإنشائی و لو کان ذلک بالعنایة.
فتحصّل من ذلک: أنّ الحق فی الجهة الأُولی هو أنّ جعل التکلیف بمعنی البعث الفعلی أو الزجر الفعلی، لایتعلق بالمعدوم علی مبنی المحقّق الإصفهانی (قدس سره) و هو المختار.
و أمّا المخاطبة للغائبین و المعدومین ففیه ثلاثة وجوه و قلنا بجواز المخاطبة لهما علی الوجه الثانی و الثالث و الخطابات الشرعیة من قبیل الوجه الثالث.
و أمّا وضع أدوات الخطاب للأعم منهما فلا إشکال فیه، لأنّها موضوعة للخطاب الإنشائی مع أنّا فی غنی من هذا البحث لنزول حقیقة القرآن علی قلب النبی الأکرم (صلی الله علیه و آله) قبل نزول ألفاظه.
ص: 352
((1))
إنّ الخطاب فی القضایا الحقیقیة یشمل المعدومین فضلاً عن الغائبین حیث إنّ الموضوع فیها مفروض الوجود و أمّا فی القضایا الخارجیة فالخطاب یختصّ بالمشافهین فإنّ عمومه للغائبین فضلاً عن المعدومین یحتاج إلی عنایة زائدة.
((2))
إنّ ذلک لایتمّ، فإنّ کون القضیة حقیقیة و إن کان یقتضی بنفسه فرض الموضوع فیها موجوداً إلّا أنّ مجرد ذلک لایکفی فی شمول الخطاب للمعدومین؛ ضرورة أنّ صرف وجود الموضوع خارجاً لایکفی فی توجیه الخطاب إلیه بل لابدّ من فرض وجوده فی مجلس التخاطب و التفاته إلی الخطاب.
و الجواب صحیح إلّا أنّ قوله «التفاته إلی الخطاب» لا وجه له، بل یکفی التفات المتکلم إلیه فی مجلس الخطاب.
ص: 353
قیل: إنّ للبحث ثمرتین:((1))
الثمرة الأُولی: حجیة ظهور خطابات الکتاب للمعدومین کالمشافهین.((2))
الثمره الثانیة: صحّه التمسّک بإطلاقات الخطابات القرآنیة بناء علی التعمیم، لثبوت الأحکام لمن وجد و بلغ من المعدومین.((3))
و بعد اختیار تعمیم الخطاب إلیهم و وضع الأدوات للأعمّ منهم لاینفعنا البحث عن ترتّب الثمرة أو عدمه.
ص: 354
ص: 355
ص: 356
تعقّب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده
إنّ العامّ إذا تعقّب بضمیر یرجع إلی بعض أفراده، فهل یوجب تخصیص العامّ به أو لا؟((1))
مثال ذلک الآیة الشریفة: (وَ الْمُطَلَّقاتُ یتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا یحِلُّ لَهُنَّ أَنْ یکْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فی أَرْحامِهِنَّ إِنْ کُنَّ یؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْیوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ
ص: 357
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)((1)) فإنّ (الْمُطَلَّقاتُ) أعمّ من المطلقّة الرجعیة و البائنة، و أمّا قوله تعالی: (بُعُولَتُهُنَّ) فإنّما یراد منه خصوص المطلّقة الرجعیة بقرینة مناسبة الحکم و الموضوع، لأنّ الحکم هنا هو أحقّیة بعولتهنّ بالرجوع و ذلک لایکون إلّا فی الرجعیة و محلّ الخلاف ما إذا وقعا فی کلامین أو فی کلام واحد مع استقلال العامّ بما حکم علیه فی الکلام و أمّا إذا لم یکن العامّ مستقلاً بالحکم مثل: «المطلقات أزواجهنّ أحقّ بردّهن» فلا شبهة فی تخصیصه به.
ص: 358
((1))
تجری أصالة العموم فی ناحیة العامّ و یلتزم باستخدام الضمیر و هذا هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) (علی ما استظهر بعض الأساطین (دام ظله) من عبارته عند استدراکه فی آخر کلامه) و أیضاً هو مختار المحقّق النائینی (قدس سره) ((2)).
إنّ أصالة الظهور فی ناحیة العامّ سالمة عن أصالة الظهور فی ناحیة الضمیر و بعبارة أوضح إنّ أصالة العموم لاتعارضها أصالة عدم الاستخدام. و ذلک لأنّ
ص: 359
القدر المتیقّن من بناء العقلاء هو اتّباع الظهور فی تعیین المراد، لا فی تعیین کیفیة الاستعمال و أنّه علی نحو الحقیقة أو المجاز فی الکلمة أو الإسناد مع القطع بما یراد، کما هو الحال فی ناحیة الضمیر.
و بالجملة أصالة الظهور إنّما تکون حجّة فیما إذا شکّ فیما أُرید، لا فیما إذا شک فی أنّه کیف أُرید.
ص: 360
هذا ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی ابتداء کلامه و هو ظاهر فی القول الأوّل.
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) عدل عن ذلک البیان و استشکل علی جریان أصالة العموم فقال: «لکنّه إذا انعقد للکلام ظهور فی العموم بأن لایعدّ ما اشتمل علی الضمیر ممّا یکتنف به عرفاً و إلّا فیحکم علیه بالإجمال و یرجع إلی ما یقتضیه الأُصول العملیة» و حاصله أنّ الکلام محتفّ بما یصلح للقرینیة و معه لاتجری أصالة العموم.
ثم استدرک عنه علی مبنی بعض الفحول (و هو صاحب الفصول (قدس سره) أو صاحب هدایة المسترشدین (قدس سره)) فقال: إلّا أن یقال باعتبار أصالة الحقیقة تعبّداً حتّی فیما إذا احتفّ بالکلام ما لایکون ظاهراً معه فی معناه الحقیقی کما عن بعض الفحول.
و المحقّق الخوئی (قدس سره) حیث یری أنّ صاحب الکفایة (قدس سره) لم یثبت عنده مبنی بعض الفحول فأسند إلیه القول الثالث و هو عدم جریان أصالة العموم و أصالة عدم الاستخدام و کون المرجع الأصل العملی.
و الحق مع المحقّق الخوئی (قدس سره) . کما سیأتی فی المباحث الآتیة عدم التزام صاحب الکفایة (قدس سره) بمبنی بعض الفحول.((1))
ص: 361
إنّه أجاب عمّا أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) من احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة.((1))
قال (قدس سره): بقی الکلام فیما توهّم من عدم جریان أصالة العموم فی المقام لتوهم أنّه من قبیل اکتناف الکلام بما یصلح للقرینیة.
و التحقیق فساد هذا التوهّم، لأنّ الملاک فی باب اکتناف الکلام بما یصلح للقرینیة، إنّما هو اشتمال الکلام علی لفظ مجمل من حیث المفهوم الإفرادی أو الترکیبی بحیث لو اتّکل علیه المولی فی مقام بیان مراده لما کان مخلاً بمراده.
و أمّا فی المقام فلا ریب فی أنّ الجملة المشتملة علی الضمیر، إنّما هی متکفّلة ببیان حکم آخر غیر الحکم الذی تکفّلت ببیانه الجملة المشتملة علی العامّ.
فلو کان المولی أراد من العامّ خصوص بعض أفراده و اتّکل فی بیان ذلک علی العلم بإرادة ذلک الخاصّ فی الجملة الأُخری لکان مخلاً ببیانه.
و علیه لایصلح ذلک لکونه قرینة علی إرادة الخاصّ، فتبقی أصالة العموم حینئذ بلا مزاحم.
فتحصل من ذلک: أنّ احتفاف الکلام المشتمل علی العامّ بما یصلح للقرینیة
ص: 362
یوجب إجمال العامّ فلاتجری أصالة العموم و هذا الکبری ممّا نقطع به خلافاً لبعض الفحول.
و لکن لاینطبق هذا الکبری فی المقام کما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره)، فما أفاده بعض الفحول إشکال کبروی و لکن لم یثبت الإشکال الکبروی علی ذلک و لذا لانسلّم مبنی بعض الفحول و أمّا ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) إشکال صغروی و هو فی غایة المتانة.
((1))
لا مجال هنا لاستخدام الضمیر، لأنّ الضمیر استعمل فی العموم أیضاً، و هو «المطلّقات» لا «الرجعیات» و إنّما أُرید «الرجعیات» بدالّ آخر و هو عقد الحمل (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)((2)) حیث إنّ هذا الحکم یناسب «الرجعیات» فالضمیر قد استعمل فیما استعمل فیه مرجعه.
((3)):
ما أفاده من کون الضمیر مستعملاً فی العموم صحیح و لکن ما أفاده من أنّ ما دلّ علی اختصاص الحکم ب- «الرجعیات» هو عقد الحمل فی الآیة المبارکة أعنی به قوله تعالی (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ)، فلایصحّ.
و ذلک لوضوح أنّ المستفاد من الآیة المبارکة هو ثبوت الحکم المذکور فیها
ص: 363
لجمیع المطلّقات و عدم اختصاصه بقسم خاص منها، فلیس فی الآیة المبارکة ما یدلّ علی عدم ثبوت هذا الحکم لبعض المطلّقات و إنّما ثبت ذلک بدلیل خارجی.
ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) فی هذا الدلیل و إن کان صحیحاً، إلّا أنّه لیس دلیلاً علی القول الأوّل بل هو إشکال علی انطباق هذه المسألة علی الآیة الشریفة، فعدّ ذلک من أدّلة البحث ممنوع.
نعم ذلک لایوجب خروج الآیة عن محلّ النزاع بل النزاع یجری أیضاً بنحو آخر و هو أنّ الضمیر إذا أُرید منه بعض أفراد العامّ لقیام الدلیل الخارجی علی ذلک فهل یوجب تقیید المراد الواقعی الجدّی فی المرجع بما هو مفاد المراد الجدّی من الضمیر أو لا؟
ثمّ إنّه إذا ناقشنا فی التمثیل بالآیة لابدّ أن نأتی بمثال آخر یکون الدلیل علی استعمال الضمیر فی بعض الأفراد داخلاً فی نفس الدلیل مثل قولهم «أکرم العلماء و اکتب فقههم».
فالحق فی الاستدلال علی القول الأوّل هو ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی ابتداء البحث، و أمّا إشکال احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة فممنوع لما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) .
تجری أصالة عدم الاستخدام فی ناحیة الضمیر، فیتصرّف فی العامّ فیلتزم بتخصیصه و إرادة خصوص ما أُرید من الضمیر، من العامّ أیضاً و هذا هو مختار المحقّق الخوئی (قدس سره) .
ص: 364
((1))
الظاهر بحسب ما هو المرتکز فی أذهان العرف فی أمثال المقام هو جریان أصالة عدم الاستخدام و تقدیمها علی أصالة العموم.
أمّا وجه جریان أصالة عدم الاستخدام: فهو أنّ المراد من الضمیر و إن کان معلوماً، إلّا أنّ من یدّعی جریان أصالة عدم الاستخدام لایدّعی ظهور نفس الضمیر فی إرادة شیء، بل إنّما یدّعی ظهور الکلام بسیاقه فی اتحاد المراد من الضمیر و ما یرجع إلیه، یعنی ظهور الضمیر فی رجوعه إلی عین ما ذکر أوّلاً، لا إلی غیر ما أُرید منه و حیث إنّ المراد بالضمیر فی مورد الکلام معلوم، فبطبیعة الحال یدور الأمر بین رفع الید عن الظهور السیاقی الذی مردّه إلی إرادة العموم من العامّ و رفع الید عن العموم الذی یقتضی الالتزام بالاستخدام أو رفع الید عن أصالة عدم الاستخدام و التمسّک بالعموم.
و أمّا وجه تقدیم أصالة عدم الاستخدام: فهو أنّ الظاهر بحسب ما هو المرتکز فی أذهان العرف فی أمثال المقام هو تقدیم أصالة عدم الاستخدام و رفع الید عن
ص: 365
أصالة العموم، بل الأمر کذلک بنظرهم حتّی فیما إذا دار الأمر بین رفع الید عن أصالة عدم الاستخدام و رفع الید عن ظهور اللفظ فی کون المعنی المراد به المعنی الحقیقی، یعنی یلزم فی مثل ذلک أیضاً رفع الید عن ظهور اللفظ فی إرادة المعنی الحقیقی و حمله علی إرادة المعنی المجازی، مثلاً فی مثل قولنا «رأیت أسداً و ضربته» یتعین حمله علی إرادة المعنی المجازی و هو الرجل الشجاع، إذا علم أنّه المراد بالضمیر الراجع إلیه.
أوّلاً: یوجد الفرق بین أصالة عدم الاستخدام و بین الظهور السیاقی للکلام فی اتحاد المراد بالضمیر و المراد بمرجعه فإنّ أصالة عدم الاستخدام تجری بالنسبة إلی الضمیر و هو من أجزاء الکلام، أمّا الظهور السیاقی فهو ظهور الکلام من جهة ارتباط بعض أجزائه بالبعض و جریان أصالة عدم الاستخدام إنّما هو للکشف عن المراد بالنسبة إلی الضمیر إذا شککنا فیه، ولا مجری لهذا الأصل فیما إذا کان المراد من الضمیر معلوماً.
و لو سلّم جریانه هنا مع معلومیة المراد من الضمیر فهو غیر الظهور السیاقی للکلام.
نعم بعد جریان أصالة عدم الاستخدام، فإذا علمنا بأنّ المراد من الضمیر هو الخاصّ فالظهور السیاقی یقتضی التطابق بین الضمیر و مرجعه فیکون المراد من مرجع الضمیر أیضاً هو المعنی الخاصّ، فأصالة عدم الاستخدام محقِّقة لموضوع الظهور السیاقی.
ثانیاً: إنّ أصالة العموم عند العقلاء توجب الظهور اللفظی بالوضع و هو أقوی من الظهور السیاقی الذی یتحقّق موضوعه بجریان أصالة عدم
ص: 366
الاستخدام، فعلی هذا لو قلنا بجریان أصالة عدم الاستخدام و معارضته لأصالة العموم فالمقدَّم هو أصالة العموم لأنّه الأقوی و العقلاء لایرفعون الید عن أصالة العموم إلّا بوجود المخصّص و الضمیر لایعدّ عند العقلاء مخصّصاً بل هو قرینة بغیر لسان التخصیص.
أوّلاً: لاتجری أصالة عدم الاستخدام لأنّ الأصل اللفظی یجری فیما إذا شک فی المراد و أمّا إذا علمنا المراد الواقعی فلا مجری للأصل اللفظی.
ثانیاً: لو قلنا بجریان أصالة عدم الاستخدام و معارضته لأصالة العموم فالتقدیم مع أصالة العموم لأنّه الأقوی.
تتعارض الأصلان، لأنّ أصالة العموم و أصالة عدم الاستخدام کلاهما تعلیقی لاتنجیزی فیتعارضان و یتساقطان فلابدّ من الرجوع إلی الأصل العملی و هذا القول قد نسب إلی المحقّق الخراسانی (قدس سره) (کما فی المحاضرات).
و بعض الأساطین (دام ظله) اختار هذا القول الثالث((1)).
إنّ أصالة العموم تعلیقی لاتنجیزی، کما أنّ أصالة عدم الاستخدام أیضاً تعلیقی فهما تجریان فیما إذا لم یقم قرینة علی الخلاف و کلاهما محفوف بما یحتمل
ص: 367
قرینیته، و الأصلان کل منهما یعارض الآخر فیتساقطان فلابد من الرجوع إلی الأصل العملی.
إنّه قد تقدّم ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) ((1)) من أنّ الضمیر لایصلح أن یکون قرینة علی إرادة الخاصّ من العامّ، فأصالة العموم فی هذا المقام غیر محفوف بما یصلح أن یکون قرینة علی إرادة الخاصّ، فلایکون فی المقام ما یمنع و یزاحم جریان أصالة العموم.
أمّا أصالة عدم الاستخدام فلا مجری لجریانه، لأنّها تجری فیما إذا شک فی المعنی المراد و هنا لا نشک فی إرادة بعض أفراد العامّ من الضمیر.
فتحصّل من ذلک: أنّ الحق هو ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) و قد تقدّم بیانه (فی ابتداء بیان نظریة صاحب الکفایة (قدس سره)) و أمّا القول الثانی و هو مختار المحقّق الخوئی (قدس سره) فلایمکن الالتزام به، لأنّ أصالة عدم الاستخدام لا مجری لها هنا و القول الثالث و هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) (علی ما هو التحقیق) و بعض الأساطین (دام ظله) فلانلتزم به أیضاً.
ص: 368
ص: 369
ص: 370
تعارض المفهوم و العموم
و قبل الورود فی البحث نتعرّض لمقدّمة أفادها المحقّق النائینی (قدس سره) .((1))
إنّ المفهوم إمّا المفهوم الموافق و إمّا المفهوم المخالف.
و المفهوم الموافق هو ما إذا توافق المفهوم و المنطوق فی الإیجاب و السلب.
و المفهوم المخالف هو ما إذا تخالف المفهوم و المنطوق فی ذلک.
و المفهوم الموافق ینقسم إلی أربعه أقسام:
القسم الأوّل: المفهوم الموافق بالأولویة العقلیة.
القسم الثانی: المفهوم الموافق بالأولویة العرفیة.
القسم الثالث: المفهوم الموافق بالمواساة مع حصول المناط القطعی للحکم.
القسم الرابع: المفهوم الموافق بالمواساة مع عدم حصول المناط القطعی.
ص: 371
أمّا المفهوم الموافق بالأولویة العقلیة فإنّما یتحقّق فیما إذا کانت الأولویة من المدرکات العقلیة.
و المفهوم الموافق بالأولویة العرفیة مثل قوله تعالی: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ)((1)) الدالّ علی حرمة ضربهما مثلاً بالدلالة العرفیة، فالمدلول فیه خارج عن المفهوم و داخل فی المدالیل اللفظیة العرفیة.
و المفهوم الموافق بالمواساة مع حصول المناط القطعی للحکم فهو یتحقّق فیما إذا کانت علة الحکم منصوصة، بأن کانت العلّة المذکورة فیه واسطة فی العروض لثبوت الحکم للموضوع المذکور فی القضیة، بأن یکون الموضوع الحقیقی هو العنوان المذکور فی التعلیل کما فی قضیة «لاتشرب الخمر لأنّه مسکر» فیسری الحکم إلی کل مسکر.
و المفهوم الموافق بالمواساة مع عدم حصول المناط القطعی للحکم فهو یتحقّق فیما إذا کانت العلّة المذکورة واسطة فی الثبوت و من قبیل دواعی جعل الحکم علی موضوعه، من دون أن تکون هو الموضوع فی الحقیقة کما فی قضیة «لاتشرب الخمر لإسکاره» فإنّها ظاهرة فی أنّ موضوع الحرمة فیها إنّما هو نفس الخمر، غایة الأمر أنّ الداعی إلی جعل الحرمة علیها إنّما هو إسکارها، فلایسری الحکم إلی غیر الموضوع المذکور فی القضیة ممّا یشترک معه فی العلّة المذکورة فیها إذ یحتمل حینئذ أن تکون فی خصوص العلّة المذکورة فی القضیة خصوصیة داعیة إلی جعل الحکم علی الموضوع المذکور فیها، فإذا احتمل أنّ فی خصوص إسکار الخمر مثلاً خصوصیة داعیة إلی جعل الحرمة علیها، لم تکن تلک الخصوصیة فی إسکار شیء آخر فلایمکن الحکم بحرمة شیء آخر لإسکاره.
ص: 372
((1)):
إنّ وسائط الثبوت فی المقام علی ثلاثة أنحاء:
النحوالأوّل: السبب الفاعلی للحکم -و هو الشارع- و هو أجنبی عما نحن فیه.
النحو الثانی: شرط تأثیر المصلحة و المفسدة.
و الشرط بمعنی مصحّح فاعلیة الفاعل، من تصوّره و تصدیقه و قدرته و إرادته، لایتفاوت فی لزومه مورد عن مورد و الشرط بمعنی متمّم قابلیة القابل لتعلّق الحکم به أمر معقول یختلف الموارد بالإضافة إلیه و من الواضح أنّ مجرد وجود الشرط بهذا المعنی فی مورد لایقتضی سرایة الحکم إلیه بل اللازم وجود ذات القابل التی هی بمنزلة المقتضی لتلک المصلحة المنوط فعلیتها بالشرط.
النحو الثالث: العلّة الغائیة، فمع فرض ترتّبها علی مورد آخر فلامحالة یترتبّ علیها معلولها، بداهة أنّ المعلول لاینفک من علّته التامّة، و المفروض أنّ الإسکار (بما هو) علّة غائیة، أو لازم مساوٍ لها.
فالغرض من إخراج الواسطة فی الثبوت هنا إن کان مثل الشرط فهو صحیح و إن کان مثل العلّة الغائیة فهو غیر صحیح.
إنّه فرق بین قوله «لاتشرب الخمر لأنّه مسکر» و قوله «لاتشرب الخمر
ص: 373
لإسکاره»، فإنّ «المسکر» عنوان کلی ینطبق علی الخمر و یمکن أن ینطبق علی أمر آخر و أمّا إسکاره فلاینطبق علی غیر الخمر لأنّ العلة الغائیة فیه لیس هو الإسکار مطلقاً بل الإسکار المضاف إلی الخمر، فیمکن أن یکون للإسکار المضاف إلی الخمر خصوصیة فی المقام. ((1))
ولابدّ من ذکر مثال لتوضیح ذلک:
إذا قال المولی: «لاتجالس زیداً الجاهل لسوء خلقه» فلایدلّ ذلک علی عدم جواز الجلوس مع عمرو العالم السیء الخلق، و ذلک لاحتمال أن یکون العلّة الغائیة سوء الخلق المضاف إلی زید الجاهل، لخصوصیة فی ذلک و هو جهله أمّا العالم و إن کان خلقه سیئاً و لکن لا إشکال فی الجلوس معه لیستفید من علمه.
إنّ المحقّق الإصفهانی (قدس سره) یری أنّ الواسطة فی الثبوت التی تذکر فی تعلیل الحکم فی الأدلّة الشرعیة علی قسمین:
أحدهما الشرط بمعنی متمّم قابلیة القابل و ثانیهما العلة الغائیة و قد غفل عن ذلک المحقّق النائینی (قدس سره) .
ثم قال المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی مقام التطبیق علی المثال أنّ قضیة «لاتشرب الخمر لإسکاره» لیس من قبیل الشرط بل هو من قبیل العلّة الغائیة و قد أوضحه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((2)) بأنّ العرف لایشک فی أنّ المستفاد من قوله (علیه السلام):«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
ص: 374
وَجَلَّ لَمْ یحَرِّمِ الْخَمْرَ لِاسْمِهَا وَ لَکِنْ حَرَّمَهَا لِعَاقِبَتِهَا»((1)) هو أنّ الإسکار علّة غائیة(لأنّ عاقبة الخمر إسکاره).
فلنرجع إلی أصل البحث.
ص: 375
إنّ المحقّق الخراسانی (قدس سره) قال:((1)) إنّهم اتّفقوا علی جواز تخصیص العامّ بالمفهوم الموافق((2)) و ذلک مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)((3)) حیث إنّه بعمومه یشمل کلّ عقد و قد ورد دلیل آخر یدلّ علی اعتبار الماضویة فی صیغة العقد و هذا الدلیل بالأولویة یدلّ علی اعتبار العربیة فی صیغة العقد علی الفرض، و هذا المفهوم الموافق بالأولویة یخصّص عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و یدلّ علی بطلان العقد بصیغة المضارع من لسان آخر، و هذا ممّا لا خلاف فیه.
لکنهم اختلفوا فی جواز التخصیص بالمفهوم المخالف:
و مثال ذلک «الماء کله طاهر» فإنّه عامّ و قد ورد فی دلیل آخر «الماء إذا بلغ قدر کرّ لم ینجّسه شیء» فهذا الدلیل بمفهومه یدلّ علی أنّ الماء إذا لم یبلغ قدر کرّ ینجّسه بعض الأشیاء و العامّ یخصّص بهذا المفهوم المخالف.
و أیضاً مثل قوله تعالی (إِنَّ الظَّنَّ لا یغْنی مِنَ الْحَقِّ شَیئاً)((4)) و قد ورد فی آیة
ص: 376
أُخری (إِنْ جاءَکُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَینُوا)((1)) فتدلّ الآیة علی جواز الأخذ بخبر العادل فیخصّص بها عموم الآیة الأُولی الدالّة علی عدم جواز العمل بالظنّ.
القول الأوّل: تقدیم العامّ علی المفهوم، القول الثانی: تقدیم المفهوم علی العامّ، و هنا تفصیل لصاحب الکفایة (قدس سره)، و تفصیل آخر للمحقق الخوئی (قدس سره) .
استدلّ علی ذلک بأنّ دلالة العامّ ذاتیة أصلیة و دلالة المفهوم تبعیة فتکون دلالة العامّ مطابقیة و دلالة المفهوم التزامیة، و الدلالة الأصلیة المطابقیة أقوی من الدلالة التبعیة الالتزامیة.
((2))
إنّ دلالة القضیة علی المفهوم من ناحیة دلالتها علی خصوصیة مستتبعة للمفهوم و دلالتها علی تلک الخصوصیة إمّا بالوضع و إمّا بمقدّمات الحکمة.
و دلالة العامّ أیضاً إمّا وضعیة کما فی لفظة کلّ و جمیع و إمّا بمقدّمات الحکمة
ص: 377
کما فی النکرة الواقعة فی سیاق النفی أو النهی و کما فی الجمع المحلّی ب- «ال» و المفرد المحلّی ب- «ال».
قد استدلّ علی ذلک بأنّ المفهوم أخصّ من العامّ فیکون قرینة علیه، و إن کان ظهور العامّ أقوی منه، إلاّ أن یکون العامّ نصّاً فیکون العامّ هو القرینة علی عدم المفهوم فالتقدیم بمناط الأخصّیة.
إنّ ما أفاده المستدلّ لایتصوّر إلّا فی العموم و الخصوص المطلق و أمّا إذا
ص: 378
کانت النسبة بین العامّ و المفهوم المخالف العموم و الخصوص من وجه فلایجری ما أفاده و سیجیء إن شاء الله تحقیق ذلک.
قد استدلّ أیضاً علی ذلک بأنّ دلالة القضیة علی المفهوم عقلیة و دلالة العامّ علی العموم لفظیة و توضیح ذلک هو أنّ المفهوم لازم عقلی للخصوصیة التی کانت فی المنطوق ولایمکن رفع الید عن المفهوم من دون رفع الید عن تلک الخصوصیة، لاستحالة انفکاک اللازم من الملزوم.
و رفع الید عن تلک الخصوصیة بلا موجب، لأنّ تلک الخصوصیة لیست طرفاً للمعارضة مع العامّ فحینئذ یتعین رفع الید عن العامّ.
((1))
إنّ ما یکون معارضاً للملزوم و یدلّ علی نفیه، فلامحالة یدلّ علی نفی لازمه و کذا العکس لأنّ نفی الملزوم مستلزم لنفی اللازم و نفی اللازم مستلزم لنفی الملزوم.
فعلی هذا: العامّ بعمومه کما یکون منافیاً لمفهوم القضیة یکون منافیاً لمنطوقه، و لامحالة یمنع عن دلالة القضیة علی الخصوصیة المستتبعة للمفهوم.
یصلح أن یکون کل منهما قرینة متّصلة للتصرف فی الآخر، و دار الأمر بین تخصیص العموم أو إلغاء المفهوم، فالدلالة علی کل منهما إن کانت بالإطلاق بمعونة مقدّمات الحکمة أو بالوضع، فلایکون هناک عموم و لا مفهوم لعدم تمامیة مقدّمات الحکمة فی واحد منهما لأجل المزاحمة، کما فی مزاحمة ظهور أحدهما وضعاً لظهور الآخر وضعاً، فلابدّ من العمل بالأُصول العملیة فیما دار الأمر بین العموم و المفهوم إذا لم یکن أحدهما أظهر.
و إن کان أحدهما أظهر، فإن کانت الدلالة فی کلیهما بمقدّمات الحکمة فیکون الأظهر مانعاً عن انعقاد الظهور فی الآخر و إن کانت الدلالة فی کلیهما بالوضع فیکون الأظهر مانعاً عن استقرار الظهور فی الآخر.
و أمّا إذا کان أحدهما وضعیاً و الآخر بمقدّمات الحکمة فیتقدّم الظهور الوضعی.
و أمّا إذا لم یکن بین ما دلّ علی العموم و ما له المفهوم ذلک الارتباط الموجب لقرینیة أحدهما علی الآخر فإن کانت دلالة کل منهما بالوضع أو بالإطلاق بمقدّمات الحکمة فإن کان أحدهما أظهر فهو المقدّم و إن لم یکن أحدهما أظهر فنعامل کلاً منهما معاملة المجمل.
و أمّا إذا کانت دلالة أحدهما بالوضع و دلالة الآخر بمقدّمات الحکمة، یقدّم ما کانت دلالته بالوضع علی الآخر.
إنّ ما أفاده لایستقیم فیما إذا کانت النسبة بین الدلیلین العموم و الخصوص المطلق، کما أنّ ما أفاده بالنسبة إلی ما إذا کانت النسبة بینهما العموم من وجه و سیتضح ذلک عند بیان نظریه المحقّق الخوئی (قدس سره) .
ص: 380
((1))
بیانه (قدس سره): إنّ التعارض فی الحقیقة، إنّما هو بین منطوق القضیة و عموم العامّ، لا بینه و بین مفهوم القضیة لما تقدّم من أنّ المفهوم لازم عقلی للخصوصیة الموجودة فی طرف المنطوق.
و علیه فلابدّ من ملاحظة النسبة بینهما، و من الطبیعی أنّ النسبة قد تکون عموماً من وجه و قد تکون عموماً مطلقاً.
الصورة الأُولی: أن یکون أحدهما ناظراً إلی موضوع الآخر و رافعاً له، دون العکس فإنّ ما کان ناظراً إلی موضوع الآخر یتقدّم علی الآخر، لأنّه حاکم علیه.
و ذلک مثل مفهوم آیة النبأ و هو حجیة خبر العادل فهذا المفهوم حاکم علی عموم تعلیل آیة النبأ (و هی إصابة القوم بجهالة) حیث إنّه بعد حجیة خبر العادل فالعمل بخبره لیس من قبیل إصابة القوم بجهالة.
هذا خلافاً للشیخ الأنصاری (قدس سره) حیث قال: «عموم العلّة فی آیة النبأ آبٍ عن التخصیص و لذا یقدّم علی مفهوم آیة النبأ».((2))
و المحقّق النائینی (قدس سره) استشکل علی الشیخ الأنصاری (قدس سره) بأنّ مفاد مفهوم آیة النبأ یوجب خروج خبر العادل عن موضوع العلّة فی آیة النبأ، فلایکون العمل به موجباً لإصابة القوم بجهالة، فیکون المفهوم حاکماً علی عموم العلّة أیضاً و ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) هنا مأخوذ من کلام أُستاذه المحقّق النائینی (قدس سره) ((3)).
ص: 381
الصورة الثانیة: أن لایکون أحدهما حاکماً علی الآخر، فعندئذ إن کان تقدیم أحدهما موجباً لإلغاء العنوان المذکور فی موضوع الدلیل الآخر و تقدیم الدلیل الآخر لایوجب إلغاء العنوان المذکور فی الدلیل الأوّل، فحینئذ لابدّ من تقدیم ما لایوجب إلغاء العنوان فی الدلیل الأوّل.
مثال ذلک:
إنّ صحیحة عبد الله بن سنان قال: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) اغْسِلْ ثَوْبَکَ مِنْ أَبْوَالِ مَا لَا یؤْکَلُ لَحْمُه»((1)) دلّت علی نجاسة بول ما لایؤکل لحمه و موثقة أبی بصیر عن أبی عبد الله (علیه السلام): «کُلُّ شَی ءٍ یطِیرُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ وَ خُرْئِهِ»((2)) دلّت علی طهارة بول الطائر و خرئه و هما تتعارضان فی الطائر غیر المأکول اللحم، فلو قدّمنا صحیحة عبدالله بن سنان فیخصّص موثقة أبی بصیر و ینتج: «إنّ کلّ شیء یطیر و هو مأکول اللحم فلا بأس ببوله و خرئه» و لازم ذلک هو إلغاء عنوان الطائر، حیث إنّ کل ما کان مأکول اللحم فبوله و خرءُه طاهر سواء کان طائراً أما غیر طائر.
و أمّا إذا قدّمنا موثقة أبی بصیر علی صحیحة عبد الله بن سنان فیخصّص الصحیحة و یکون بعد التخصیص: إنّ بول ما لایؤکل لحمه نجس إلّا الطائر، فلایلزم حینئذ لغویة موثقة أبی بصیر فلابدّ من تقدیم موثقه أبی بصیر علی عموم صحیحة عبد الله بن سنان.
ص: 382
الصورة الثالثة: أن لایکون من الصورتین الأُولیین، فلابدّ من الرجوع إلی مرجّحات باب التعارض إن کانت، و إلّا فالحکم هو التساقط.
فلا شبهة فی تقدیم الخاصّ علی العامّ، حیث إنّه یکون بنظر العرف قرینة علی التصرّف فی العامّ و من المعلوم أنّ ظهور القرینة یتقدّم علی ظهور ذیها و إن افترض أنّ ظهورها بالإطلاق و مقدّمات الحکمة و ظهور ذی القرینة بالوضع، کما إذا افترضنا ورود دلیل یدلّ بالوضع علی أنّ کل ماء طاهر، لاینفعل بالملاقاة إلّا إذا تغیر لونه أو طعمه أو ریحه، فإنّه مع ذلک لایقاوم مفهوم روایات الکرّ، علی الرغم من أنّ دلالته علی انفعال الماء القلیل بالملاقاة و مقدّمات الحکمة.
إنّ ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) بالنسبة إلی تعارض الدلیلین بالعموم و الخصوص المطلق، فهو فی غایة الصحّة و المتانة، کما أنّ ما أفاده بالنسبة إلی تعارض الدلیلین بالعموم من وجه فی الصورة الأُولی و الصورة الثانیة فهو تامّ.
أمّا ما أفاده فی الصورة الثالثة فهو خاطئ جدّاً، بل الأمر فی هذه الصورة هو کما أفاده المحقّق الخراسانی (قدس سره) .
إنّ الدلیلین إن کان دلالتهما بالوضع أو بالإطلاق بمقدّمات الحکمة و لکن کان أحدهما أظهر من غیره، فتیقدّم ما هو الأظهر، و إن تساویا فی الظهور، فیتساقطان و المرجع هو الأصل العملی.
و إن کان لأحد الدلیلین الظهور الوضعی، و للدلیل الآخر الظهور
ص: 383
الإطلاقی بمقدّمات الحکمة، فیتقدّم ما له الظهور الوضعی علی ما له الظهور الإطلاقی. نعم بعض العمومات لا دلالة لها إلّا بمقدّمات الحکمة فهی فی قوة الظهور الإطلاقی بمقدّمات الحکمة.
ص: 384
ص: 385
ص: 386
تعقّب الاستثناء للجمل
إنّ الاستثناء إذا تعقب لعمومات متعدّدة فهل یرجع إلی جمیع تلک العمومات أو إلی خصوص العموم الوارد فی الجملة الأخیرة.
مثال ذلک قوله تعالی:
(وَ الَّذینَ یرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانینَ جَلْدَةً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَ أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذینَ تابُوا)((1))
و هکذا مثل قولهم: «أکرم العلماء و أضفهم و جالس العلماء إلّا الفسّاق منهم».
و هو رجوع الاستثناء إلی جمیع العمومات و هذا منسوب إلی الشیخ الطوسی و صاحب المعالم (قدس سرهما).((1))
و هو رجوع الاستثناء إلی خصوص الجملة الأخیرة إلّا مع وجود القرینة علی رجوعه إلی الکل.((2))
و هو عدم ظهوره فی واحد منهما و إن کان رجوعه إلی الأخیرة متیقّناً، أمّا بالنسبة إلی غیر الأخیرة فلاینعقد لها ظهور فی العموم فلاتجری أصالة العموم و هذا مختار صاحب الکفایة (قدس سره) .((3))
ص: 388
و هو التفصیل بین أن یکون عقد الوضع (الموضوع) مکرّراً فی الجملة الأخیرة کما فی مثل الآیة الکریمة أو لایکون کذلک بل عقد الوضع مذکور فی صدر الکلام، فإن کان عقد الوضع مکرّراً فیرجع الاستثناء إلی خصوص الجملة الأخیرة، لأنّ الجملة الأخیرة انقطعت بتکرار عقد الوضع عن الجمل السابقة، فیتمسّک فی الجمل السابقة بأصالة العموم و إن کان عقد الوضع مذکوراً فی صدر الکلام فالاستثناء یرجع إلی جمیع الجمل، لأنّ الاستثناء یرجع إلی عقد الوضع (الموضوع) و هذا مختار المحقّق النائینی (قدس سره) .((1))
إنّ تعدّد العمومات، إمّا بتعدّد خصوص موضوعاتها و إمّا بتعدّد خصوص محمولاتها و إمّا بتعدد الموضوع و المحمول معاً.
ص: 389
أمّا الصورة الأولی و هی تعدّد خصوص الموضوعات فهی علی قسمین:
إن لم یتکرّر عقد الحمل مثل «أکرم الفقهاء و الأُصولیین و المتکلمین إلّا الفسّاق منهم» فیرجع الاستثناء إلی الجمیع حیث إنّ ثبوت الحکم الواحد لهم جمیعاً قرینة عرفاً علی أنّ الجمیع موضوع واحد فی مقام الجعل.
و أمّا إذا کرّر فیها عقد الحمل مثل «أکرم العلماء و أکرم الشیوخ إلّا الفسّاق منهم» فیرجع إلی خصوص الجملة المتکرّر فیها عقد الحمل و ما بعده من الجمل لو کانت، لأنّ تکرار عقد الحمل قرینة عرفاً علی أنّه کلام آخر منفصل عما قبله من الجمل فلا مانع من التمسّک بأصالة العموم فی الجمل السابقة.
ص: 390
أمّا الصورة الثانیة و هی تعدّد خصوص المحمولات فهی أیضاً علی قسمین:
إن کان الموضوع فیها غیر متکرّر مثل الآیة الشریفة و مثل قولهم «بع کتبی و أجرها إلّا ما کان مکتوباً علی ظهره إنّه مخصوص لی»، فالظاهر رجوع الاستثناء إلی الجمیع لأنّ الاستثناء یرجع إلی الموضوع.
و إذا تکرّر الموضوع فیها مثل «أکرم العلماء و أضفهم و جالس العلماء إلّا الفسّاق منهم» فالظاهر رجوع الاستثناء إلی خصوص الجملة المتکرّر فیها عقد الوضع و ما بعدها من الجمل لأنّ تکرار عقد الوضع قرینة علی قطع الکلام عما قبله ولا مانع من جریان أصالة العموم بالنسبة إلی الجمل السابقة.
قد یدّعی أنّ الجمل السابقة محفوفة بما یصلح للقرینیة فلایتمسّک فیها بأصالة العموم و الجواب هو أنّ مورد احتفاف الکلام بما یصلح للقرینیة إنّما هی موارد إجماله و اشتباه المراد منه للسامع، بخلاف المقام حیث لا إجمال فی الاستثناء فی ظهوره إلی خصوص الجملة الأخیرة فی مفروض المسألة.
أمّا الصورة الثالثة و هی ما إذا تعدّدت القضیة بتعدّد الموضوع و المحمول معاً فإنّ الاستثناء فیها یرجع إلی الجملة الأخیرة دون ما سبقها من الجمل کما عرفت.
ص: 391
ص: 392
ص: 393
ص: 394
تخصیص الکتاب بخبر الواحد
فیه أمران:
المشهور بین الإمامیة جواز تخصیص الکتاب بخبر الواحد و لکن العامّة اختلفوا فی ذلک:
فبعضهم أنکر تخصیص عموم الکتاب بخبر الواحد مطلقاً.
ص: 395
و بعضهم فصّل بین ما إذا خصّص قبله بمخصّص قطعی فیجوز و ما إذا لم یخصّص قبله بمخصّص قطعی فلایجوز.
و بعضهم فصّل بین المخصّص المتّصل فیجوز التخصیص به و بین المخصّص المنفصل فلایجوز التخصیص به.
و بعضهم توقف فی ذلک.
و الحق هو جواز تخصیص الکتاب بخبر الواحد کما علیه جمیع علمائنا.((1))
ص: 396
استدلّ صاحب الکفایة (قدس سره) علی جواز التخصیص بوجهین:((1))
إنّ سیرة الأصحاب إلی زمن الأئمة (علیهم السلام) علی العمل بأخبار الآحاد فی قبال عمومات الکتاب، و احتمال أن یکون ذلک بواسطة القرینة واضح البطلان.
لو لم نقل بتخصیص الکتاب بخبر الواحد یلزم الغاء الخبر بالمرّة أو یلزم ما هو بحکم إلغاء الخبر، ضرورة ندرة خبرٍ لم یکن علی خلافه عموم الکتاب.
إنّ المحقّق النائینی (قدس سره) أیضاً صرّح بأنّه لایوجد فی المجامیع المعتبرة خبر لایکون علی خلافه عموم فی الکتاب و لو کان ذلک العموم من قبیل عمومات الحلّ و نحوها.((2))
إنّ جلّ الروایات الدالّة علی تعیین أجزاء العبادات و شرائطها و موانعها لیس
ص: 397
فیها ما یخالف الکتاب و لو کانت مخالفتها له مخالفةً بدویة (من قبیل مخالفة المطلق و المقید و مخالفة العامّ و المخصّص) لأنّ الأوامر المتعلّقة بالعبادات فی القرآن کلها واردة فی مقام التشریع و لیست فی مقام البیان و لیس لشیء منها إطلاق یقتضی عدم اعتبار شیءٍ ما فی متعلّقاتها لتکون الروایة الدالّة علی اعتباره فیها مخالفة للکتاب بنحو من المخالفة و هکذا الأوامر الواردة فی الکتاب فی غیر المعاملات، فلیس فیها ما یدلّ بعمومه أو بإطلاقه علی حلیة کل فعل صادر من المکلّف، لیکون الخبر الدالّ علی الحرمة مخالفاً له.
((1))
إنّ بعض العمومات الکتابیة فی مقام البیان کما یظهر ذلک من استدلال الأئمة (علیهم السلام) ببعض العمومات الکتابیة کما یستدلّ بإطلاق (أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَا)((2)) و یستدلّ بعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)((3)) فلابدّ من أن یقال: إنّ تلک العمومات و الإطلاقات الکتابیة واردة فی مقام البیان لا فی مقام أصل التشریع.
ص: 398
((1))
إنّ العامّ قطعی الصدور و خبر الواحد ظنّی السند، فلایجوز رفع الید عن القطعی بالظنی.
أوّلاً بالنقض: حیث إنّه لو صحّ ذلک لما جاز تخصیص المتواتر بخبر الواحد مع أنّه جائز قطعاً.
و ثانیاً بالحلّ: حیث إنّ خبر الواحد لایعارض سند الکتاب و صدوره حتی یقال بعدم جوازه بل یعارض و ینافی عموم الکتاب و دلالة الکتاب علی العموم لیست بقطعیة.
و ثالثاً: إنّ الخبر بدلالته و سنده صالح للقرینیة علی التصرف فی عموم الکتاب، بخلاف أصالة العموم فی الکتاب حیث إنّها غیر صالحة لرفع الید عن دلیل اعتبار الخبر.
ص: 399
إنّ دلیل حجیة الخبر لیس إلّا الإجماع و هو دلیل لبّی و یؤخذ بالقدر المتیقّن منه و هو الخبر الذی لیس مخالفاً لعموم الکتاب.
إنّ دلیل حجیة الخبر لاینحصر فی الإجماع، و قد عرفت أنّ سیرتهم مستمرّة علی العمل به فی قبال العمومات الکتابیة.
إنّ الأخبار الدالة علی أنّ الأخبار المخالفة للقرآن یجب طرحها أو ضربها علی الجدار أو أنّها زخرف أو أنّها مما لم یقل بها الإمام (علیه السلام) ((1)) یوجب عدم تخصیص الکتاب بخبر الواحد.
أوّلاً: إنّ المراد من المخالفة فی هذه الأخبار غیر مخالفة العموم (حیث إنّ المخالفة فی هذه الأخبار مخالفة بالتباین و أمّا المخالفة بین خبر الواحد الخاصّ و العام الکتابی مخالفة بدویة).
ثانیاً: إنّ العرف لایری بین المخصّص و العامّ مخالفة بل المخصّص قرینة لتبیین معنی العامّ.
ثالثاً: یحتمل أن یکون المراد فی هذه الأخبار هو أنّ الأئمة (علیهم السلام) لایقولون بغیر
ص: 400
ما هو قول الله تبارک و تعالی واقعاً، و إن کان هو علی خلاف قول الله تبارک و تعالی ظاهراً لکنّه موافق له واقعاً و شارح لمراده تعالی و بیان لمراده من کلامه.
رابعاً: الأخبار المخالفة للکتاب بهذه المخالفة عنهم (علیهم السلام) کثیرة جدّاً بحیث لایمکن إنکاره.
إذا قلنا بجواز تخصیص الکتاب بخبر الواحد، فلابدّ أن نقول أیضاً بجواز نسخ الکتاب بخبر الواحد و لکن نسخ الکتاب بخبر الواحد باطل إجماعاً فالمقدّم لابد أن یکون باطلاً أیضاً، فلایجوز تخصیص الکتاب بخبر الواحد، أمّا الدلیل علی الملازمة هو أنّ النسخ أیضاً من قبیل التخصیص و الفرق بینه و بین التخصیص المصطلح هو أنّ النسخ یکون راجعاً إلی الأزمان و التخصیص المصطلح راجع إلی الأفراد، فالنسخ تخصیص أزمانی کما أنّ التخصیص المصطلح تخصیص أفرادی.
((1))
إنّ النسخ یفترق عن التخصیص من جهة أنّ الإجماع قائم علی جواز تخصیص عموم الکتاب بخبر الواحد و الإجماع قائم أیضاً علی عدم جواز نسخ الکتاب بخبر الواحد.
هذا ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی المقام.
ص: 401
لعلّ دلیلهم هو أنّ العام بعد التخصیص یکون مجازاً فالتخصیص الثانی لایوجب التجوّز ثانیاً.
إنّ العام بعد التخصیص لایکون مجازاً کما تقدّم.
هو توهم أنّ المخصص المتصل لایوجب التجوّز بخلاف المخصص المنفصل.
بطلان ذلک یظهر ممّا تقدّم بالنسبة إلی القول السابق حیث إنّ العامّ بعد التخصیص لایکون مجازاً سواء کان المخصّص متصلاً أم منفصلاً مضافاً إلی أنّ تصور القرینة المتّصلة فی الخبر الواحد بالنسبة إلی عموم الکتاب فی غایة الإشکال.
ص: 402
ص: 403
ص: 404
الدوران بین التخصیص و النسخ((1))
فیه مقدمة و تنبیهان أیضاً:
و هی ثمانٍ:
إذا ورد عامّ و خاصّ فقد نشک بحسب الحالات المختلفة لهما فی أنّ الخاصّ
ص: 405
مخصّص للعامّ أو ناسخ له أو منسوخ له، و لتحقیق ذلک لابدّ من أن نلاحظ جمیع الصور المتصوّرة بین العامّ و الخاصّ.((1))
إنّ الخاصّ إمّا یکون منفصلاً عن العام
فإذا کان الخاصّ منفصلاً عنه فله ثلاثة فروض:
الأول: إمّا یکونان معلومی التاریخ.
و العامّ و الخاصّ المنفصل عنه فیما إذا کانا معلومی التاریخ لهما خمس صور:
ص: 406
إمّا نعلم بتقدّم العامّ و جاء الخاصّ قبل وقت العمل و هی الصورة الأولی.
أو جاء بعد وقت العمل و هی الصورة الثانیة.
و إمّا نعلم بتقدّم الخاصّ و جاء العامّ قبل وقت العمل و هی الصورة الثالثة.
أو جاء بعد وقت العمل و هی الصورة الرابعة.
و إما نعلم بتقارنهما و هی الصورة الخامسة.
الثانی: و إما یکونان مجهولی التاریخ و هی الصورة السادسة.
الثالث: و إما یکون أحدهما مجهول التاریخ و الآخر معلوم التاریخ و هی الصورة السابعة.
و إما یکون الخاص متصلاً بالعام و هی الصورة الثامنة.
ص: 407
قد اختار صاحب الکفایة (قدس سره) ((2)) و جمع من الأعلام مثل المحقّق الخوئی (قدس سره) و بعض الأساطین (دام ظله) ((3)) عدم إمکان کون الخاصّ ناسخاً للعامّ بل الخاصّ یتمحض فی هذه الصورة فی کونه مخصّصاً للعامّ.
قد استدلّ علی ذلک المحقّق الخوئی (قدس سره) فقال:((4)) إنّه لایعقل جعل الحکم من المولی الملتفت إلی عدم تحقّقه و فعلیته فی الخارج بفعلیة موضوعه ضرورة أنّه مع علم المولی بانتفاء شرط فعلیته، کان جعله لغواً محضاً، حیث إنّ الغرض من جعله إنّما هو صیرورته داعیاً للمکلّف نحو الفعل، فإذا علم بعدم بلوغه إلی هذه المرتبة لانتفاء شرطه، فلامحالة یکون جعله بهذا الداعی لغواً، فیستحیل أن یصدر من المولی الحکیم.
ص: 408
نعم یمکن ذلک فی الأوامر الامتحانیة، حیث إنّ الغرض من جعلها لیس بلوغها مرتبة الفعلیة و لذا لا مانع من جعلها مع علم المولی بعدم قدرة المکلّف علی الامتثال، نظراً إلی أنّ الغرض منها مجرد الامتحان و هو یحصل بمجرد إنشاء الأمر.
قال المحقق النائینی و المحقق العراقی (قدس سرهما) ((1)) بإمکان ناسخیة الخاص للعام.
استدلال المحقّق النائینی (قدس سره) ((2)) علی إمکان ناسخیة الخاصّ فی القضیة الحقیقیة:
إنّ ما ذکروه فی المقام، إنّما نشأ من عدم تمییز أحکام القضایا الخارجیة من أحکام القضایا الحقیقیة، لأنّ الحکم المجعول إن کان من قبیل الأحکام المجعولة فی القضایا الخارجیة لصحّ ما ذکروه و أمّا إذا کان من قبیل الأحکام المجعولة فی القضایا الحقیقیة الثابتة للموضوعات المقدّر وجودها (کما هو الواقع فی أحکام الشریعة المقدّسة) فلا مانع من نسخها بعد جعلها و لو کان ذلک بعد زمان قلیل کیوم واحد أو أقلّ، لأنّه لایشترط فی صحّة جعله وجود الموضوع له خارجاً، لأنّ موضوعه أُخذ مفروض الوجود، نعم یستثنی من ذلک القضیة الحقیقیة الموقتة قبل حضور وقت العمل به، فإنّه یستحیل تعلّق النسخ به کما هو الأمر فی القضایا الخارجیة (القضیة الحقیقیة الموقتة مثل وجوب صوم شهر رمضان حیث إنّه واجب له وقت مخصوص لایصیر وجوبه فعلیاً قبل الوقت المذکور).
ص: 409
فعلی هذا إنّ النسخ بالنسبة إلی القضایا الحقیقیة غیر الموقتة أو القضایا الحقیقیة الموقتة بعد حضور وقت العمل، بمکان من الإمکان.
((1)):
إنّ جعل الحکم بداعی البعث حقیقة مع علم المولی بانتفاء موضوعه و شرطه فی الخارج لغو محض فلایمکن صدوره من الحکیم المتفت إلی ذلک، من دون فرق فی ذلک بین الأوامر و النواهی و القضایا الحقیقیة و الخارجیة.
نعم إذا کان جعل الحکم و تشریعه فی الشریعة المقدسة سبباً لانتفاء موضوعه و شرطه، فلا مانع منه کما هو الشأن فی جعل القصاص والدیات و الحدود، حیث إنّ تشریع هذه الأحکام سبب لمنع المکلّف و زجره من إیجاد موضوعها فی الخارج.
(إنّ ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) ناظر إلی الإمکان العقلی للنسخ و ما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) ناظر إلی أنّه مستحیل بالعرض لأنّ اللغو لایصدر من الحکیم).
إنّه قال (قدس سره): بناء علی ما هو المشهور فی الأحکام المجعولة المشروطة من عدم فعلیة التکلیف فیها إلّا بعد حصول الشرط خارجاً، لایلزم فی إمکان النسخ أن یکون الحکم الثابت فعلیاً علی الإطلاق بل یکفی فی صحّته کونه رفعاً لحکم
ص: 410
ثابت فی الجملة و لو بمرتبة إنشائه الحاصل بجعل الملازمة بینه و بین شرطه و سببه کما فی الواجبات المشروطة، فکما یصح فی الأحکام العرفیة نسخ الحکم فی الموقّتات و المشروطات قبل حصول شرطها یصح ذلک فی الأحکام الشرعیة، فیکفی فی صحته أیضاً مجرد کونه رفعاً لما تحقّق بالإنشاء السابق و لو لم یکن حکماً فعلیاً علی الإطلاق، فإنّ باب النسخ أشبه شیء بباب التوریة و التقیة فی کونه من باب التصرف فی الجهة، من حیث إظهاره سبحانه حکماً بنحو الدوام و الاستمرار لمصلحة تقتضیه، مع علمه سبحانه بنسخه فیما بعد حسب ما یری فی علمه من المصالح المقتضیة لذلک، فالمرفوع هو تلک الملازمة الثابتة بین الشیء و شرطه و بناء علی ما اخترنا من أنّ الحکم هو نفس الإرادة المبرزة و الکراهة المبرزة، فالحکم (و هی الإرادة المبرزة) موجود بالفعل و إن لم یتحقّق الشرط، لأنّ التکلیف فیها بجعل المنوط به هو الشیء فی فرضه و لحاظه طریقاً إلی الخارج، فلایحتاج إلی جعل المرفوع هو الملازمة، حیث کان المرفوع حینئذ هو الحکم الفعلی.
أوّلاً: إنّ ما أفاده (قدس سره) من أنّ إظهار الحکم الشرعی بنحو الاستمرار مع علمه بنسخه فیما بعد، هو للمصالح المقتضیة لذلک، و إن کان ممکناً عقلاً، إلّا أنّا
ص: 411
لانری وقوع تلک المصلحة فیما بأیدینا من الأمثلة و الموارد و مع فرض وقوعها فهی نادر الوجود جداً، و لکن التخصیص أمر دارج کثیر، فالظهور العرفی یقتضی حمل الخاصّ علی کونه مخصّصاً للعامّ، هذا علی المبنی المشهور و علی المبنی الذی اختاره.
ثانیاً: قد تقدّم فی مبحث الواجب المعلّق، أنّ المختار فی المقام (تبعاً للمحقّق الإصفهانی (قدس سره))((1)) هو أنّ البعث الحقیقی یقتضی إمکان الانبعاث، فمع عدم إمکان الانبعاث لایتحقّق البعث الحقیقی فلم یتحقّق هنا حکم حقیقی حتّی یقال بنسخه فالنسخ محال عقلاً لا إنّه لغو فقط.
فتحصل من ذلک: أنّ الخاصّ فی الصورة الأُولی یحمل علی التخصیص دون النسخ.
ص: 412
قال الشیخ((2)) و المحقّق الخراسانی((3)) و المحقق الحائری((4)) و المحقّق العراقی((5)) و المحقّق البروجردی (قدس سرهم) ((6)) بالتفصیل قالوا: إذا کان العامّ وارداً لبیان الحکم الواقعی فالخاصّ ناسخ له، و لایکون الخاصّ حینئذ مخصّصاً لأنّه یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة، و إذا کان العامّ وارداً لبیان الحکم الظاهری فالخاصّ مخصّص له، بمعنی أنّ الناس مکلّفون بالعمل علی طبق العامّ ما لم یرد علیها المخصّص فإذا ورد الخاصّ فهو مخصّص بالنسبة إلی الإرادة الجدّیة و ناسخ بالنسبة إلی الحکم الظاهری.
((7))
إنّ ما أفاده من أنّ الخاصّ ناسخ بالنسبة إلی الحکم الظاهری و مخصّص بالنسبة إلی الإرادة الجدّیة فیما إذا کان العامّ وارداً لبیان الحکم الظاهری ممنوع،
ص: 413
فإنّ الخاصّ لایکون ناسخاً للحکم الظاهری و ذلک لأنّ انتهاء أمد المصلحة بوصول الخاصّ و إن کان یشبه النسخ، فیتوهّم کونه ناسخاً، إلّا أنّ الفرق بین ما نحن فیه و بین النسخ هو أنّ الناسخ کاشف عن انتهاء أمد المصلحة فی المنسوخ، و الخاصّ هنا بوصوله موجب لانتهاء أمدها لا کاشف عن انتهاء أمدها واقعاً، و ما نحن فیه هو مثل قیام الدلیل الاجتهادی علی خلاف الأصل العملی، فإنّ الدلیل الاجتهادی و الأمارة یوجب ارتفاع موضوع الأصل العملی و لایکون قیام الأمارة ناسخاً للحکم الظاهری، و هکذا فیما نحن فیه فإنّ وصول الخاصّ یوجب ارتفاع موضوع الحکم الظاهری المستفاد من العامّ و لایکون من باب النسخ.
و هی حمل الخاصّ علی کونه مخصّصاً للعامّ أفادها المحقّق الإصفهانی (قدس سره) .((1))
إنّ الوجه عند دوران الأمر بین التخصیص و النسخ هو الأوّل، لأنّ ظاهر الخاصّ مثل قوله «لاتکرم العالم الفاسق» هو حرمة إکرام العالم الفاسق فی الشرع و أنّه حکم إلهی فی شریعة الإسلام، لا أنّه حکم شرعی من هذا الحین، و إن کان فعلیته من الحین و حیث إنّه أظهر من «أکرم العلماء» یقدّم علیه و یخصّصه.
((2))
إنّ قبح تأخیر البیان عن وقت الحاجة إنّما هو لأحد الأمرین:
ص: 414
الأوّل: إنّه یوجب وقوع المکلّف فی الکلفة و المشقّة من دون مقتضٍ لها فی الواقع کما إذا افترضنا أنّ العامّ مشتمل علی حکم إلزامی فی الظاهر و لکن کان بعض أفراده فی الواقع مشتملاً علی حکم ترخیصی، فإنّه لامحالة یوجب إلزام المکلّف و وقوعه بالإضافة إلی تلک الأفراد المباحة فی المشقّة و الکلفة من دون موجب و مقتضٍ لها و هذا من الحکیم قبیح.
الثانی: إنّه یوجب إلقاء المکلّف فی المفسدة أو یوجب تفویت المصلحة عنه، کما إذا افترضنا أنّ العامّ مشتمل علی حکم ترخیصی فی الظاهر، و لکن کان بعض أفراده فی الواقع واجباً أو محرّماً فإنّه علی الأوّل یوجب تفویت المصلحة الملزمة عن المکلّف و علی الثانی یوجب إلقاءَه فی المفسدة و کلاهما قبیح من المولی الحکیم.
و من المعلوم أنّ قبح تأخیر البیان عن وقت الحاجة لا یکون کقبح الظلم لیستحیل انفکاک القبح عنه، بل هو کقبح الکذب (و عبّروا عنه بأنّه یقتضی القبح و لیس علّة تامّه له).
فحینئذٍ اذا طرأ عنوان آخر مثل المصلحة الملزمة التی تکون أقوی من مفسدة التأخیر أو کان فی تقدیم البیان مفسدة أقوی من مفسدة تأخیره، فلا یکون قبیحاً.
و بکلمة أُخری: إنّ حال تأخیر البیان عن وقت الحاجة فی محل الکلام، کحال تأخیره فی أصل الشریعة المقدسة، حیث إنّ بیان الأحکام فیها کان علی نحو التدریج واحداً بعد واحد لمصلحة التسهیل علی الناس، نظراً إلی أنّ بیانها دفعة واحدة عرفیة یوجب المشقّة علیهم و هی طبعاً توجب الإعراض عن الدین، و مصلحة التسهیل علی الناس و رغبتهم فی الدین أقوی من مصلحة الواقع التی تفوت المکلّف.
ص: 415
ثمّ انّ المحقّق الخوئی (قدس سره) بعد بیان هذه المقدّمة قال: و علی ضوء هذه النتیجة یتعین کون الخاصّ المتأخر الوارد بعد حضور وقت العمل بالعامّ مخصّصاً لا ناسخاً.
إنّ هذا البیان، غایة ما یقتضیه هی أنّ التخصیص أیضاً ممکن کما یمکن حمل الخاصّ علی کونه ناسخاً، و أمّا تعین التخصیص فلایستفاد من هذا البیان.
و تحصّل أنّ الخاصّ فی الصورة الثانیة یتعین کونه مخصّصاً للعامّ.
ص: 416
و هی تقدّم الخاصّ مع ورود العامّ قبل وقت العمل بالخاصّ و فی هذه الصورة یتعین حمل الخاصّ علی کونه مخصّصاً للعامّ و لا یمکن جعل العامّ ناسخاً للخاصّ لاستلزامه محذورین:
المحذور الأوّل: ما تقدّم من المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)) من أنّه یلزم أن یکون جعل الحکم لغواً محضاً.
المحذور الثانی: ما أشرنا إلیه سابقاً تبعاً للمحقق الإصفهانی (قدس سره) من أنّ البعث الحقیقی یقتضی إمکان الانبعاث فمع عدم إمکان الانبعاث فلا بعث حقیقی و مع عدم البعث الحقیقی فلا حکم حتّی یتحقّق النسخ.
ص: 417
((2))
إنّ المحقّق الخراسانی (قدس سره) یری أنّ الأظهر هو أن یکون الخاصّ مخصّصاً للعامّ و إلیک نصّ عبارته:
کما یحتمل أن یکون الخاصّ مخصّصاً للعامّ، یحتمل أن یکون العامّ ناسخاً له، و إن کان الأظهر أن یکون الخاصّ مخصّصاً، لکثرة التخصیص، حتی اشتهر «ما من عامّ إلّا و قد خصّ» مع قلّة النسخ فی الأحکام جدّاً، و بذلک یصیر ظهور الخاصّ فی الدوام و لو کان بالإطلاق، أقوی من ظهور العامّ و لو کان بالوضع، کما لایخفی.
((3))
إنّ دلیل الحکم یستحیل أن یکون متکفلاً لاستمرار ذلک الحکم و دوامه أیضاً، ضرورة أنّ استمرار الحکم فی مرتبة متأخرة عن نفس الحکم، فلابدّ من فرض وجود الحکم أوّلاً ثم الحکم علیه بالاستمرار کما هو الحال فی جمیع القضایا الحقیقیة التی أُخذ الموضوع فیها مفروض الوجود.
ص: 418
و من الطبیعی أنّ الدلیل الواحد لایعقل أن یکون متکفلاً لإثبات نفس الحکم و إثبات ما یتوقف علی کون ذلک الحکم مفروض الوجود فی الخارج و هو استمراره.
فإذن لابدّ له فی الحکم باستمراره إمّا من الرجوع إلی استصحاب عدم النسخ، أو إلی قوله (علیه السلام): «حَلَالَ مُحَمَّدٍ (صلی الله علیه و آله) حَلَالٌ إِلَی یوْمِ الْقِیامَةِ»((1)) إلخ.
و لکن کلا الأمرین غیر تام:
أمّا الأوّل: فلأنّه محکوم بدلیل اجتهادی و هو أصالة العموم فی المقام، حیث إنّ الأمر دائر فیه بین التمسّک بها و التمسّک بأصالة عدم النسخ، و المفروض أنّ الأُولی حاکمة علی الثانیة نظراً إلی أنّها من الأُصول اللفظیة و تلک من الأُصول العملیة.
ص: 419
و أمّا الثانی: فلأنّ الظاهر منه هو استمرار الشریعة المقدّسة إلی یوم القیامة و أنّها لاتنسخ بشریعة أُخری،و لاینافیه نسخ بعض الأحکام و عدم استمراره، أو فقل: إنّ المراد منه لیس استمرار کل حکم فی هذه الشریعة حتی یتمسّک بعموم هذا الدلیل فی کل مورد یشکّ فیه فی استمرار الحکم.
((1))
إنّ الاستمرار مرّة یلاحظ بالإضافة إلی نفس الحکم فحسب و مرّة أُخری یلاحظ بالإضافة إلی متعلّقه و موضوعه، و ما أفاده (قدس سره) من أنّ دلیلاً واحداً لایعقل أن یکون متکفّلاً لإثبات نفس الحکم و استمراره معاً، إنّما یتمّ فی الفرض الأوّل، دون الفرض الثانی، حیث لا مانع من استفادة استمرار الحکم من إطلاق متعلّقه و موضوعه، إذا کان الدلیل المتکفّل له فی مقام البیان کقولنا «لاتشرب الخمر» فإنّه کما یدلّ بإطلاقه علی العموم بالإضافة إلی أفراده العرضیة (الخمر المتخذ من العنب أو التمر أو غیرهما) کذلک یدلّ بالإضافة إلی أفراده الطولیة (بحسب الأزمان) لإطلاق المتعلّق و الموضوع و عدم تقیییده بزمان خاصّ مع کون المتکلّم فی مقام البیان.
فالخاصّ بظهوره الإطلاقی یدلّ علی الدوام و الاستمرار و هو فی المقام مقدّم علی أصالة العموم الذی هو أصل لفظی و قد یکون دلالته علی العموم بالظهور الوضعی (کما فی مثل لفظة کل و جمیع) کما أنّه قد یکون دلالته علی العموم بالإطلاق بمقدّمات الحکمة (کما فی النکرة فی سیاق النهی أو النفی) و الخاصّ قرینة عرفیة بالنسبة إلی العامّ لأخصیة دائرته و لذا یقدّم علی العامّ وإن کان ظهور الخاصّ إطلاقیاً و ظهور العامّ وضعیاً.
ص: 420
((1))
إنّ الأحکام الشرعیة بأجمعها ثابتة فی الشریعة الاسلامیة المقدّسة،حیث إنّها هی ظرف ثبوتها، فلا تقدّم و لا تأخر بینها فی هذا الظرف، و إنّما التأخر و التقدّم بینها فی مرحلة البیان فقد یکون العامّ متأخراً عن الخاصّ فی مقام البیان و قد یکون بالعکس، مع أنّه لا تقدّم و لا تأخّر بینهما بحسب الواقع.
فالعامّ المتأخر الوارد بعد حضور وقت العمل بالخاصّ و إن کان بیانه متأخراً عن بیان الخاصّ زماناً، إلّا أنّه یدلّ علی ثبوت مضمونه فی الشریعة المقدّسة مقارناً لثبوت مضمون الخاصّ، فلا تقدّم و لا تأخّر بینهما فی مقام الثبوت و الواقع.
فالنتیجة أنّ الروایات الصادرة من الأئمة الأطهار (علیهم السلام) من العمومات و الخصوصات بأجمعها تکشف عن ثبوت مضامینها من الأوّل و لا إشکال فی هذه الدلالة و الکشف و من هنا یصّح نسبة حدیث صادر عن الإمام المتأخر إلی الإمام المتقدّم کما فی الروایات.
فالعامّ الصادر عن الصادق (علیه السلام) مقارن للخاصّ الصادر عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) بل عن رسول الله (صلی الله علیه و آله)، و التأخیر إنّما هو فی بیانه، فلا موجب لتوهّم کونه ناسخاً للخاصّ، بل لامناص من جعل الخاصّ مخصّصاً له، فالخاصّ کاشف عن تخصیص الحکم من الأوّل لا من حین صدوره و بیانه.
ص: 421
و هی الخاصّ المنفصل عن العامّ إذا کانا معلومی التاریخ و تقارنا ففی هذه الصورة لا مجال لاحتمال النسخ لا عرفاً و لا عقلاً، لأنّ العامّ و إن کان ظهوره منعقداً فی العموم إلّا أنّه بعد ملاحظة الخاصّ المنفصل لاتصل إلی مرحلة الحجیة حتی یثبت حکم العام و مع عدم ثبوت حکم العامّ فلایتصور فیه النسخ.
ص: 422
و هما الخاصّ المنفصل عن العامّ فیما کانا مجهولی التاریخ أو کان أحدهما مجهول التاریخ و الآخر معلوم التاریخ، ففیهما وجوه من جهة تقدّم الخاصّ علی العامّ أو تقدّم العامّ علی الخاصّ و أیضاً من جهة مجیء الدلیل المتأخّر قبل وقت العمل بالدلیل المتقدّم أو بعده و یظهر حکم جمیع هذه الوجوه من الصور الآتیة، فإن قلنا بإمکان النسخ فی بعض هذه الصور یلزم هنا الرجوع إلی الأصل العملی بحسب تلک الصورة و إن لم نقل بإمکانه یکون الخاصّ مخصّصاً.
ص: 423
و هی الخاصّ المتّصل بالعامّ ففی هذه الصورة یکون الخاصّ مخصّصاً متصلاً و لاینعقد ظهور العامّ فی عمومه و علی هذا لایبقی وجه لاحتمال النسخ، لأنّ النسخ هو رفع الحکم الثابت و حکم العامّ بعمومه غیر ثابت بل لایعقل جعل الحکم و رفعه فی آنٍ واحد کما صرّح به المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1)).
فتحصّل: أنّ الخاصّ فی جمیع هذه الصور یکون مخصّصاً للعامّ و لایکون الخاصّ ناسخاًً للعامّ و لا بالعکس.
ص: 424
نحن و إن استظهرنا مخصّصیة الدلیل الخاصّ بالنسبة إلی العامّ و لکن ذلک من جهة کونه أظهر من النسخ((1))، لا من جهة امتناع النسخ، فکان النسخ ممکناً و لو قبل حضور وقت العمل، و ذلک لأنّ النسخ هو انتفاء الحکم بانتهاء أمده، بمعنی أنّ المقتضی لجعل الحکم ینتهی فی ذلک الزمان ثبوتاً، فلسان دلیل الناسخ و إن کان رفع الحکم الثابت إثباتاً، إلّا أنّه فی الحقیقة دفع للحکم الثابت ثبوتاً بمعنی انتهاء مقتضیه، و الغرض من جعل الحکم المنسوخ هو وجود المقتضی و المصلحة الداعیة إلی جعله مع أنّه تعالی عالم بعدم استمرار وجود المقتضی للحکم المنسوخ فلایلزم الإشکالات الثلاثة التی توهّم فی المقام من أنّ النسخ مستلزم إمّا لصدور اللغو و إمّا لکونه جاهلاً بحقیقة الحال تعالی الله عن ذلک و إمّا للبداء المحال فی حقّه تبارک و تعالی و هو تغیر إرادته تعالی.
فهو تبارک و تعالی عالم بحقیقة الحال و لم یتغیر إرادته بل تعلّقت إرادته بالحکم المنسوخ إلی زمان النسخ من حین جعله.
ولکن لم یظهر ذلک لوجود مصلحة فی ذلک أو لدفع مفسدة عن عباده، و لابدّ من جعل المنسوخ لوجود مصلحة ملزمة فی جعله أو لوجود مفسدة فی عدم جعله.
و من ذلک یظهر أنّ البداء فی التکوینیات لیس بمعنی تغیر إرادته تعالی حتّی یکون مستحیلاً، بل البداء الذی نعتقد به هو بمعنی أنّه یظهر ثبوت شیء لوجود مصلحة فی إظهاره مع علمه بعدم تحقّق ذلک.
ص: 425
و الوجه فی ذلک هو أنّه یخبر عن وجود المقتضی لذلک الشیء و لکن یخفی علی العباد وجود المانع عن ذلک المتقضی، و ذلک لمصلحة و هی إمّا علم العباد بوجود المقتضی أو المانع (کما فی قضیة من أساء إلی النبی (صلی الله علیه و آله) فأخبر النبی (صلی الله علیه و آله) بأنّه یقتل بسمّ الحیة و لکن لم یتحقّق موته فأخبر النبی (صلی الله علیه و آله) بأنّ المانع من ذلک هو الصدقة التی أعطاها و لم یطّلع علیها إلّا الله تعالی فأخبر بذلک النبی (صلی الله علیه و آله) و أیضاً أراه الحیة حتّی یعتقد بعلم النبی (صلی الله علیه و آله) بالغیب)((1)) و إمّا تحریک العباد و بعثهم
ص: 426
حسب وجود هذا الأمر الذی تحقّق فیه البداء مثل البداء فی ظهور الفرج.
ص: 427
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) احتمل فی ذلک ارتقاء نفس النبی (صلی الله علیه و آله) أو الولی (علیه السلام) إلی عالم المحو و الإثبات و هو عالم المثال و لذلک لم یطّلع علی ما فی اللوح المحفوظ و قال:((1))
أمّا من شملته العنایة الإلهیة و اتّصلت نفسه الزکیة بعالم اللوح المحفوظ الذی هو من أعظم العوالم الربوبیة و هو أُم الکتاب، تنکشف عنده الواقعیات علی ما هی علیها.
فإنّ ما أفاده هنا حقیق بالنسبة إلی الأنبیاء السابقین و أوصیائهم و الأولیاء غیر الکاملین، أمّا النبی (صلی الله علیه و آله) فهو العقل الأوّل کما ورد «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ نُورِی»((2)) و هکذا أیضاً ورد فی أوصیائه (علیهم السلام).
و العقل الأوّل هو من عالم الجبروت و هو محیط باللوح المحفوظ و الکتاب المبین، ثم إنّهم مع حفظ مرتبتهم فی عالم العقل الأوّل یحضرون فی جمیع المراتب
ص: 428
المخلوقة لأنّهم خلیفة الله تبارک و تعالی فی جمیع العوالم من الملک إلی الملکوت و الجبروت.
و هذا هو معنی «جمع الجمع» لجمیع الحقائق الربوبیة فلا معنی لارتقائهم (علیهم السلام) إلی عالم اللوح المحفوظ بل هم متحدون مع اللوح المحفوظ کما فسّر (الْکِتابِ الْمُبینِ)((1)) بوجود أمیر المؤمنین (علیه السلام) .((2))
ص: 429
ص: 430
فیه فصول سبعة:
الفصل الأوّل: المراد من المطلق
الفصل الثانی: ألفاظ «المطلق»
الفصل الثالث: فی مقدّمات الحکمة
الفصل الرابع: هل یمنع الانصراف عن التمسّک بالإطلاق؟
الفصل الخامس: حمل المطلق علی المقید
الفصل السادس: حمل المطلق علی المقید فی المستحبات
الفصل السابع: المجمل والمبین
ص: 431
ص: 432
ص: 433
ص: 434
المراد من المطلق
و فیه أمران:
قد استشکل علیه صاحب الفصول (قدس سره) ((1)) و بعض الأعلام طرداً و عکساً.((2))
أجابهم صاحب الکفایة (قدس سره) ((3)) بأنّ التعریف المذکور شرح الاسم و هو ممّا یجوز أن لایکون بمطّرد و لابمنعکس.
و مراده من «شرح الاسم» هو شرح اللفظ کما تقدّم بیان ذلک عند إیراد المحقّق الإصفهانی (قدس سره) علیه.
ص: 436
الشهید الثانی (قدس سره) عرّفه فی تمهید القواعد((1)) بالماهیة و قال فی بیان الفرق بینه و بین العام: «إنّ المطلق هو الماهیة لا بشرط شیء و العامّ هو الماهیة بشرط الکثرة المستغرقة».
المحقّق النائینی و المحقّق الخوئی و المحقّق المظفّر (قدس سرهم) قالوا بأنّه لیس للأُصولیین اصطلاح جدید فی لفظ «المطلق» بل المراد من «المطلق» عندهم هو المعنی اللغوی و هو الإرسال و المطلق هو المرسل الذی لم یقید بشیء کما یقال «فلان مطلق العنان» بمعنی أنّه غیر مقید بشیء و هذا هو الصحیح فی المقام فلانحتاج إلی البحث عن التعاریف و ما أُورد علیها.((2))
ص: 437
فحقیقة الإطلاق هی لحاظ القید و عدم أخذه و حقیقة التقیید هی لحاظ القید و أخذه، فعلی هذا إنّ الإطلاق و التقیید متلازمان فی الإمکان و الاستحالة فإذا أمکن التقیید أمکن الإطلاق، و إذا استحال التقیید یلزم منه استحالة الإطلاق.
المحقّق الإصفهانی (قدس سره) قال بالتفصیل بین مقامی الثبوت و الإثبات فإنّ التقابل بینهما فی مقام الثبوت تقابل التضاد و فی مقام الإثبات تقابل الملکة و العدم و الحق هو ما أفاده المحقّق الإصفهانی (قدس سره) و تبعه المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1))، فإنّ ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) من أنّ لحاظ الخصوصیة أمر جامع بین الإطلاق و التقیید فی غایة المتانة و لذلک نقول بأنّ التقابل بینهما فی مقام الإثبات تقابل العدم و الملکة، و لکن ما اختاره من أنّ الإطلاق فی مقام الثبوت هو عدم أخذ الخصوصیة فلایخلو من إشکال فإنّ الإطلاق فی مقام الثبوت هو لحاظ الخصوصیة و رفضه و رفض الخصوصیة أمر وجودی فالتقابل بینهما فی مقام الثبوت تقابل التضّاد((2)).
و یلزم من ذلک نتیجة مهمّة و هی أنّ استحالة التقیید بشیء فی مقام الثبوت مستلزم لضرورة الإطلاق فی هذا المقام.
ص: 439
ص: 440
ص: 441
ص: 442
ألفاظ «المطلق»
فالأُمور خمسة:
هناک ألفاظ یطلق علیها «المطلق» و یبحث عما وضع له بعض هذه الألفاظ مثل اسم الجنس و علم الجنس و المفرد المعرف ب- «ال» و الجمع المعرف ب- «ال» و النکرة. ((1))
ص: 443
فیه موضعان:
المراد من اسم الجنس المعنی الأعم من اسم الجنس المنطقی فیعمّ النوع و الصنف مثل «إنسان» و «فرس» و «حیوان» و «رجل» من الجواهر و مثل «سواد» و «بیاض» من الأعراض و مثل «زوج» و «مالک» من العرضیات.
اختلف الأعلام فی أنّ الدلالة علی الإطلاق فی أسماء الأجناس بالوضع أو بمقدّمات الحکمة.
إنّ القدماء قالوا بأنّ الإطلاق فیها وضعی فیکون الإطلاق عندهم داخلاً فی المعنی الموضوع له بحیث لو استعمل فی المقید یکون مجازاً.
الأوّل: أن یکون الموضوع له هو المعنی المطلق (بأن یعتبر لا بشرط).
الثانی: أن یکون الموضوع له هو المعنی بشرط الإطلاق (بأن یعتبر بشرط شیء).
للمعانی بما هی هی و الإطلاق یستفاد من مقدّمات الحکمة، و تبعه فی ذلک جمیع الأعلام المتأخرین.
و الحق هو ما أفاده سلطان العلماء (قدس سره) .
و هو التبادر، لأنّ المتبادر من اسم الجنس لیس إلّا ذات الماهیة من دون انسباق الخصوصیات، فالإطلاق خارج عن المعنی الموضوع له.
و هی صحة التقسیم، فإنّ اللفظ الدالّ علی اسم الجنس ینقسم بما له من المعنی إلی ذات الماهیة مجرّدة عن جمیع الخصوصیات و ذات الماهیة مع جمیع تلک الخصوصیات و صحّة التقسیم علامة لوضع اللفظ للمعنی الأعمّ منهما، فالإطلاق خارج عن المعنی الموضوع له، لأنّ الإطلاق أیضاً خصوصیة من الخصوصیات.
و إلی غیر ذلک من الوجوه التی لایهمّنا التعرّض لها.
بل المهمّ هنا تعیین الموضوع له مع ملاحظة اعتبارات الماهیة، بأن نبحث عن کونها دخیلة فی الموضوع له أو لا؟
ص: 445
((1))
و فی تفسیره ثلاث نظریات:
قال الأعلام: إنّ «اسم الجنس» وضع للکلی الطبیعی و هی الماهیة إلّا أنّهم اختلفوا فی أنّ الکلی الطبیعی هی الماهیة المهملة أو هی الماهیة اللابشرط المقسمی أو هی الماهیة اللابشرط القسمی.
ص: 446
المحقّق الخوئی (قدس سره) قال: الکلی الطبیعی الماهیة المهملة و قال أیضاً: إنّ الماهیة المهملة غیر الماهیة اللابشرط المقسمی خلافاً لبعض الأعلام کما أنّ الماهیة المهملة التی هی الکلی الطبیعی غیر الماهیة المهملة التی ذکرها المحقّق الإصفهانی (قدس سره) (فما توهّمه جمع من الأعاظم من أنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) تابع فی رأیه هنا المحقّق الإصفهانی (قدس سره) خاطئ جدّاً).((1))
المحقّق الإصفهانی (قدس سره) قال: إنّ «اسم الجنس» وضع لذات المعنی و لکن الماهیة فی مرحلة الوضع ملحوظة بنحو اللابشرط القسمی و اللحاظ المذکور خارج عن المعنی الموضوع له و تبعه فی ذلک المحقّق المظفر (قدس سره) .((2))
ص: 448
و قبل بیان ذلک لابدّ من تمهید مقدّمة فی بیان اعتبارات «الماهیة»:((1))
((2))
اعلم أنّ کل ماهیة من الماهیات، إذا لوحظت و کان النظر مقصوراً علیها بذاتها و ذاتیاتها (من دون نظر إلی الخارج عن ذاتها) فهی الماهیة المهملة التی لیست من حیث هی إلّا هی.
و إذا نظر إلی الخارج عن ذاتها، ففی هذه الملاحظة لایخلو حال الماهیة من أحد أُمور ثلاثة:
أحدها: أن تلاحظ بالإضافة إلی الخارج عن ذاتها مقترنة بنحو من الأنحاء و هی الماهیة بشرط شیء (الماهیة المخلوطة).
و ثانیها: أن تلاحظ بالإضافة إلیه مقترنة بعدمه و هی الماهیة بشرط لا (الماهیة المجرّدة).
و ثالثها: أن تلاحظ بالإضافة إلیه لا مقترنة به و لا مقترنة بعدمه و هی الماهیة لابشرط (الماهیة المطلقة).
و حیث یمکن اعتبار أحد هذه القیود فی الماهیة بلا تعین لأحدها فهی أیضاً لابشرط من حیث قید «بشرط شیء» و قید «بشرط لا» و قید «اللابشرط». فاللابشرط حتّی عن قید اللابشرطیة هو «اللابشرط المقسمی» و اللابشرط
ص: 449
بالنسبة إلی القیود التی یمکن اعتبار اقترانها و عدم اقترانها، هو «اللابشرط القسمی».
إنّ المعنی الذی لوحظ لابشرط بالنسبة إلی القید الخارج عن ذاته، هو اللابشرط القسمی دون اللابشرط المقسمی فإنّ اعتبار اللابشرط المقسمی و إن کان بالنظر إلی خارج الماهیة إلّا أنّه لابشرط بالنسبة إلی الاعتبارات الثلاثة لا بالنسبة إلی القید الخارجی.
و أیضاً ظهر من ذلک أنّ الماهیة المهملة هی الماهیة من حیث هی هی و هی الماهیة التی کان النظر مقصوراً علیها بلا نظر إلی الخارج عن ذاته، و اللابشرط المقسمی أمر آخر و هی الماهیة التی اعتبرت لابشرط من حیث اعتبار لابشرط و اعتبار بشرط لا و اعتبار بشرط شیء، لا لابشرط من کل حیثیة، و الماهیة اللابشرط المقسمی بمجرد النظر إلی الخارج عن ذات الماهیة خرجت عن لحاظها من حیث هی هی.
((1))
إنّ مفاهیم الألفاظ هی نفس معانیها، من دون اعتبار أمر زائد علی ذوات معانیها و اللابشرط المقسمی و اللابشرط القسمی کلاهما أمران زائدان علی ذوات المعانی، لأنّ اللابشرط المقسمی هو الإطلاق من حیث الاعتبارات الثلاثة فقط (لا من حیث القیود الخارجیة الطارئة) و اللابشرط القسمی أیضاً اعتبار زائد علی ذات المعنی، و هو لتسریة الوضع إلی جمیع أطوار المعنی بل
ص: 450
اللابشرط القسمی موطنه الذهن، إذ الماهیة بحسب الخارج إمّا توجد مقترنة بالکتابة أو مقترنة بعدمها، فعدم اعتبار «الکتابة و عدمها» فی الماهیة اللابشرط القسمی یوجب کونها ذهنیة لأنّه لاوعاء لهذا الاعتبار إلّا الذهن.
و أمّا توصیف اللابشرط القسمی بالکلی العقلی مسامحة وقعت من صاحب الکفایة((1)) و من غیره، إذ الکلی العقلی فی قبال الکلی الطبیعی و المنطقی، لا مطلق الأمر الذهنی، لأنّ ذهنیتها ملاک جزئیتها.
فالموضوع له ذات المعنی و اعتبار اللابشرط المقسمی و القسمی خارجان عنه، هذا من جانب و من جانب آخر: إنّ الموضوع له لایمکن أن یلاحظ بنحو الماهیة المهملة لأنّها هی الماهیة التی لیست واجدة إلّا لذاتها و ذاتیاتها و الماهیة بهذا الاعتبار لیست إلّا هی فلایحکم بها و لایحکم علیها.
و الوضع حکم محمول علی الماهیة و خارج عن ذاتها و ذاتیاتها فالموضوع له لایلاحظ بنحو الماهیة المهملة بل لابدّ أن یلاحظ الموضوع له بالنسبة إلی أمر خارج عن ذات الماهیة و ذاتیاتها فیجب أن یلاحظ الماهیة مع أحد الاعتبارات الثلاثة و لیس هو إلّا اعتبار اللابشرط القسمی أمّا الماهیة اللابشرط المقسمی فلیست هی إلّا أحد الاعتبارات الثلاثة.
فتحصّل من ذلک أنّ الموضوع له ل«اسم الجنس» هو ذات المعنی الذی هو غیر واجد إلّا لذاته و ذاتیاته و هی الماهیة المهملة لا الماهیة اللابشرط المقسمی و لا اللابشرط القسمی، إلّا أنّه حین الوضع لوحظ باعتبار اللابشرط القسمی و لکن هذا الاعتبار (اللابشرط القسمی) مصحّح لموضوعیة الموضوع، من دون أخذه فی الموضوع له.
ص: 451
إنّ ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) ((1)) یفترق عن نظریة المحقّق الإصفهانی (قدس سره) فی جانبین:
الأوّل: إنّه یری أنّ الکلی الطبیعی هو ما سمّیناه بالماهیة المهملة و لکن یفسّرها بأنّها هی الجامعة بین جمیع الأقسام بشتّی لحاظاتها و أنّها معرّاة من جمیع الخصوصیات و التعینات الذهنیة و الخارجیة، حتّی خصوصّیة قصر النظر علیها.
فالمهملة الحقیقیة فوق جمیع الاعتبارات و اللحاظات الطارئة علیها و أمّا الماهیة المقصور النظر فیها علی ذاتها و ذاتیاتها فلیست بمهملة بتمام المعنی و حقیقة، نظراً إلی أنّها متعینة من هذه الجهة (أی من جهة قصر النظر علی ذاتها) فتسمیة هذه بالماهیة المهملة لاتخلو من مسامحة.
الثانی: إنّ ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) و أیضاً المحقّق الإصفهانی (قدس سره) من أنّ الماهیة اللابشرط القسمی لا وجود لها إلّا فی الذهن خاطئ جدّاً.
و منشأ الخطأ تخیل أنّ لحاظ السریان قد أُخذ قیداً لها و من الطبیعی أنّ الماهیة المقیدة به، لا موطن لها إلا الذهن.
و لکنه تخیل فاسد، فإنّ معنی لحاظ سریانها هو لحاظها فانیة فی جمیع مصادیقها و أفرادها الخارجیة بالفعل من دون أخذ اللحاظ قیداً لها، فالمعتبر فیها هو واقع السریان الفعلی لا لحاظه الذهنی و وجوده فی أُفق النفس فمعنی
ص: 452
الإرسال و الإطلاق هو عدم دخل خصوصیة من الخصوصیات الخارجیة فی الحکم الثابت لها.
أوّلاً: إنّ ما أفاده من أنّ الماهیة المهملة هی الجامعة لجمیع الأقسام و هی معرّاة من جمیع الخصوصیات حتی خصوصیة قصر النظر علی ذاتها و ذاتیاتها.((1))
فیرد علیه: أنّ الماهیة واجدة لذاتها و ذاتیاتها فإن لم تُقَس إلی الخارج فیکون النظر مقصوراً علی ذاتها و ذاتیاتها و یلاحظ من حیث هی لیست إلّا هی و تسمّی بالماهیة المهملة من حیث إهمال النظر بالنسبة إلی وجودها مقیسة إلی الخارج.
و إن قیست إلی الخارج فتتصف بالاعتبارات المذکورة.
ثانیاً: إنّ الماهیة اللابشرط القسمی قسیم للماهیة بشرط شیء و بشرط لا فکیف یتصوّر سریانها الفعلی فیهما بل اللابشرط القسمی هو لحاظ الماهیة بأن لایعتبر فیها الکتابة مثلاً و لاعدم الکتابة مع أنّها فی الواقع إمّا مقترنة بها أو مقترنة بعدمها فهذا اللحاظ أمر ذهنی.
ثالثاً: إنّ ما أفاده من أنّ الکلی الطبیعی الماهیة المهملة التی هی جامعة لجمیع الأقسام و معرّاة من جمیع الخصوصیات الذهنیة و الخارجیة حتّی خصوصیة قصر النظر علیها.
فیرد علیه: مضافاً إلی ما تقدّم من بطلان التفسیر الذی ذکره للماهیة المهملة، أنّ الکلی الطبیعی قد أُخذ فیه وصف الکلیة و ذلک الوصف هو باعتبار قیاس
ص: 453
الطبیعی إلی الخارج، و لذا یقال: الکلی الطبیعی موجود بوجود فرده:
کلی
الطبیعی هی الماهیة
وجوده
وجودها شخصیة((1))
فالماهیة إذا قیست إلی الخارج یکون هو الکلی الطبیعی و هو اللابشرط المقسمی لأنّ اللابشرط القسمی لا وعاء له إلّا الذهن، نعم ینطبق علی الخارج انطباق الأُمور الذهنیة علی الخارج.((2))
ص: 454
فی الموضوع له لعلم الجنس، قولان:
المشهور بین أهل الأدب، هو أنّ «أُسامة» علم لجنس الأسد و الموضوع له لعلم الجنس هی الطبیعة بما هی متعینة بالتعین الذهنی و لذا یعامَل معاملة المعرفة.((1))
الفرق بینهما لفظی، حیث یعامَل «علم الجنس» معاملة المعرفة فیقع مبتدأ و یوصف بالمعرفة و لایدخل علیه لام التعریف و ذلک کتأنیث «ید» و «رجل» و «شمس» فإنّه تأنیث لفظی.
و قد نقل عن نجم الأئمة الرضی (قدس سره) شارح الکافیة أنّه قال: إذا کان لنا تأنیث لفظی فلا بأس أن یکون لنا تعریف لفظی إمّا باللام و إمّا بالعلمیة کما فی «أُسامة».((1))
((2))
إن لم یکن «علم الجنس» موضوعاً لصرف المعنی لما صحّ حمله علی الأفراد، لأنّه علی قول المشهور متعین بالتعین الذهنی فیکون کلّیاً عقلیاً و الکلی العقلی لایصحّ حمله علی الأفراد، إلّا بالتصرف و التأویل بإلغاء التعین الذهنی.
إنّ «علم الجنس» یحمل علی الأفراد من دون تأویل و تصرّف و لایکاد یکون بناء العرف فی القضایا المتعارفة علی التصرّف و التأویل بإلغاء التعین الذهنی.
إنّ وضع «علم الجنس» لما هو متعین بالتعین الذهنی ثم تجریده عن هذا التعین فی مقام الاستعمال لغو لایکاد یصدر عن الجاهل، فضلاً عن الواضع الحکیم.
ص: 456
((1))
إنّ أخذ التعین الذهنی فی المعنی الموضوع له علی أنحاء ثلاثة:
النحو الأوّل: أن یؤخذ علی نحو الجزئیة؛ یعنی کل من التقید و القید داخلان فی الموضوع له.
النحو الثانی: أن یؤخذ علی نحو الشرطیة، بمعنی أنّ القید خارج عن الموضوع له و التقید داخل فیه.
النحو الثالث: أن یؤخذ علی نحو المرآتیة و المعرفیة.
و ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) من البرهان علی عدم أخذ التعین الذهنی فی الموضوع له حیث قال: «إن کان التعین الذهنی مأخوذاً فی الموضوع له لما صحّ انطباقه علی الأفراد الخارجیة»، یتمّ علی أحد النحوین الأولین، و أمّا علی النحو الثالث فلا مانع من انطباقه علی الأفراد الخارجیة، لأنّ التعین الذهنی حینئذ مرآة للخارج.
إنّ المحقّق الخوئی (قدس سره) وافق صاحب الکفایة (قدس سره) فی عدم الفرق بین «اسم
ص: 457
الجنس» و «علم الجنس» فی المعنی لمطابقة ذلک أوّلاً للمرتکزات الوجدانیة و ثانیاً للاستعمالات المتعارفة من أهل اللسان.
فتحصل من ذلک: أنّ علم الجنس أیضا مثل اسم الجنس موضوع للماهیة المهملة الحقیقیة کما ذهب إلیه المحقق الاصفهانی (قدس سره) .
ص: 458
إنّ المشهور بینهم هو أنّ المعرّف بالألف واللام علی أقسام:
المعرّف بالألف واللام الجنس مثل قولنا «الرجل خیر من المرأة».
ص: 459
المعرّف بالألف واللام الاستغراق مثل قوله تعالی (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفی خُسْرٍ)((1))
بمعنی أنّ کل إنسان لفی خسر و مثل قوله تعالی: (وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیعَ)((2)) بمعنی أحلّ الله کلّ بیع.
المعرّف بالألف واللام العهد الذهنی مثل قولنا «ادخل السوق» حیث نشیر إلی فرد حاضر فی الذهن بلا تعین له.
المعرّف بالألف و اللام العهد الذکری مثل قوله تعالی: (أَرْسَلْنا إِلی فِرْعَوْنَ رَسُولاً * فَعَصی فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ).((3))
المعرّف بالألف و اللام للعهد الخارجی مثل ما إذا أشار إلی فرد معین حاضر عند المخاطب.
ادّعی المشهور أنّ المعرّف باللام إمّا مشترک لفظی بین هذه الأقسام (بأن یقال بتعدّد الوضع للمفرد المعرّف باللام بحسب تلک الأقسام مثلاً: إنّ لفظ
ص: 460
«الإنسان» تارة وضع لتعریف الجنس و أُخری للاستغراق و ثالثة للعهد الذهنی و رابعة للعهد الذکری و خامسة للعهد الخارجی) و إمّا مشترک معنوی بینها.
رأی صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)) هنا أنّ مدخول اللام استعمل فی معنی واحد سواء دخل علیه اللام أم لا، و تلک الخصوصیات المذکورة لهذه الأقسام إمّا تستفاد من خصوص اللام أو من قرائن المقام، و ما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) هنا فی غایة المتانة.
ص: 461
إنّ المعروف بینهم هو أنّ اللام موضوعة للتعریف و مفیدة للتعیین((1)) فی غیر العهد الذهنی، حیث إنّها فی العهد الذهنی لاتفید تعیناً زائداً علی ما یفیده مدخولها فوجود اللام و عدمه سیان. ((2))
و هو مختار صاحب الکفایة (قدس سره) ((3)) قال: اللام للتزیین مطلقاً کما فی «الحسن» و«الحسین»، و استفادة الخصوصیات (أی خصوصیة تعریف الجنس و الاستغراق و العهد الذهنی و الذکری و الخارجی) إنّما تکون بالقرائن.
((4))
أوّلاً: إنّ اللام لو کانت موضوعة للتعریف و التعیین یلزم عدم صحّة حمله علی الأفراد الخارجیة، لأنّ تعینه یکون ذهنیاً، و یکون کلّیاً عقلیاً فلایصحّ حمله علی الأفراد الخارجیة إلّا بالتصرف بإلغاء التعین الذهنی.
ص: 462
ثانیاً: یلزم التصرف و التأویل فیما إذا حملناه علی الفرد الخارجی و هذا لایخلو من التعسف، لعدم بناء العرف فی القضایا المتعارفة المتداولة علی التأویل و التصرف.
ثالثاً: یلزم اللغویة، حیث إنّ الوضع لما لا حاجة له (و هو المعنی مع التعین الذهنی) ثم استعمال اللفظ بالتجرید عن هذا التعین الذهنی لغو، لایصدر عن الحکیم.
((1))
إنّ إیراد صاحب الکفایة (قدس سره) یبتنی علی أن یکون التعین الذهنی جزءً للمعنی الموضوع له فی مدخول اللام لکن الأمر لیس کذلک، فإنّ وضع اللام للتعیین و التعریف لایسلتزم کون التعین جزء معنی مدخولها أو قیده، ضرورة أنّ «اسم الجنس» موضوع لمعنی واحد، سواء أکان مع اللام أم بدونه.
((2))
إنّا بالارتکاز العرفی و الوجدان فی الاستعمالات المتعارفة و التبادر نری أنّ اللام تدلّ علی التعریف و الإشارة من غیر أن یستلزم کون التعین الذهنی جزء لمعنی مدخولها أو قیداً له.
و ذلک مثل اسم الإشارة حیث إنّه موضوع للدلالة علی تعریف مدخوله و تعیینه فی موطنه حیث قد یشار به إلی الموجود الخارجی (کقولنا: هذا زید) و قد
ص: 463
یشار به إلی الکلی (کقولنا: هذا الکلی الذی هو إنسان أخصّ من الکلی الذی هو حیوان) و قد یشار به إلی المعدوم (کقولنا: هذا الشیء معدوم) فهکذا کلمة اللام قد یشار به إلی الجنس (کقولنا: أکرم الرجل) و قد یشار به إلی الاستغراق (کقولنا: أکرم العلماء بناء علی دلالة الجمع المعرف باللام علی العموم) و قد یشار به إلی العهد الذهنی أو العهد الذکری أو العهد الخارجی.
فتحصل إلی هنا أنّ اللام تدلّ علی التعریف من دون استلزامه لکون التعین الذهنی جزء لمعنی مدخول اللام أو قیداً له کما أفاده المحقّق الخوئی (قدس سره) .((1))
ص: 464
هل یتوقف دلالته علی العموم علی جریان مقدمات الحکمة؟ فیه قولان:
إنّ صاحب الکفایة((1)) و المحقّق الإصفهانی (قدس سرهما) ((2)) قالا فیما تقدّم بأنّ دلالته بمقدّمات الحکمة أو قرینة أُخری، لعدم وضع اللام و لا مدخولها و لا المرکب منهما للعموم.
ما المستند فی هذه الدلالة؟ فیه وجهان:
قال المحقّق القمی (قدس سره) بأنّ دلالته علی العموم وضعی.((3))
صاحب الکفایة (قدس سره) قال هنا بأنّ دلالة الجمع المعرف باللام علی العموم مستندة إلی وضع المرکب من اللام و مدخولها للاستغراق، لا إلی دلالة اللام علی
ص: 465
الإشارة إلی المعین، لیکون التعریف باللام، و إن أبیت إلّا عن استناد الدلالة علی الاستغراق إلی اللام، فلا محیص عن دلالتها علی الاستغراق بلا دلالتها علی التعیین، فلاتدلّ اللام علی التعیین بل تدلّ علی الاستغراق فقط.((1))
لم یثبت وضع اللام ولا وضع المرکب من اللام و الجمع المعرّف به للإستغراق فالدلالة علیه لایکون إلّا بمقدّمات الحکمة.
قد استدلّ بعضهم علی دلالة اللام علی العموم الاستغراقی فقال:
إنّ اللام موضوعة للتعیین و التعریف، فلابدّ أن یراد جمیع أفراد مدخولها، لأنّه لا تعیین لسائر مراتب أفراد مدخولها إلّا لتلک المرتبة، یعنی المرتبة الأخیرة المشتملة علی جمیع أفراد المدخول، فالتعیین یقتضی دلالة الجمع المعرّف باللام علی استغراق جمیع أفراده.
إنّ ذلک لا یتمّ، لأنّه کما أنّ لتلک المرتبة الجامعة لجمیع الأفراد تعیناً فی الواقع کذلک للمرتبة الأُولی و هی أقلّ مراتب الجمع و لا دلالة علی تعیین المرتبة الأخیرة أو أقل مراتب الجمع.
ص: 466
((1))
إنّ هذه المرتبة أی أقلّ مرتبة الجمع لا تعین لها فی الخارج و إن کان لها تعین بحسب مقام الإرادة، فإنّ الثلاثة التی هی أقلّ مرتبة الجمع تصدق فی الخارج علی الأفراد الکثیرة و لها مصادیق متعدّدة فیه کهذه الثلاثة و تلک و هکذا و من ناحیة أُخری إنّ کلمة اللام تدلّ علی التعین الخارجی و التعین الخارجی منحصر فی المرتبة الأخیرة من الجمع و هی إرادة جمیع أفراد مدخولها حیث إنّ له مطابقاً واحداً فی الخارج فلاینطبق إلّا علیه.
ص: 467
قال صاحب الکفایة (قدس سره) ((1)): النکرة علی قسمین:
القسم الأوّل: ما هو معین فی الواقع غیر معین للمخاطب و ذلک مثل «رجل» فی قوله تعالی (وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدینَةِ رَجُلٌ یسْعی)((2)).
القسم الثانی: ما هی حصّة کلّیة و طبیعة مقیدة بالوحدة قابلة للانطباق علی کثیرین، مثل «رجل» فی «جئنی برجل».
و هو ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) قال: النکرة هی الطبیعی المقید بالوحدة.
إنّ الفرد المردد لاینطبق علی الفرد الخارجی لأنّ المردّد لا تعین فیه و بعبارة أُخری لا وجود له و لا ماهیة له مع أنّ الأفراد الخارجیة متعینّه و متشخّصة و ذات وجود و ماهیة.
((3))
ما ذکره من أنّ «النکرة» قد تستعمل فی الواحد المعین عند المتکلّم و المجهول
ص: 469
عند المخاطب کما فی قوله تعالی (وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدینَةِ رَجُلٌ یسْعی)((1)) لایمکن الأخذ به ضرورة أنّ لفظ «رجلٌ» فی الآیة لم یستعمل فی المعین الخارجی المجهول عند المخاطب بل استعمل فی الطبیعی المقید بالوحدة من باب تعدد الدالّ و المدلول، غایة الأمر أنّ مصداقه فی الخارج معلوم عند المتکلّم و مجهول عند المخاطب.
ف «النکرة» تستعمل دائماً فی الطبیعی الجامع، و الوحدة مستفادة من دالّ آخر (أی التنوین) فإذن لا فرق بین النکرة و اسم الجنس أصلاً، فالنکرة هی اسم الجنس غایة الأمر یدخل علیها التنوین لیدلّ علی الوحدة.
ص: 470
إنّ الظاهر صحّة إطلاق «المطلق» عندهم حقیقة علی «اسم الجنس» و «النکرة» بالمعنی الثانی((2)) کما یصحّ لغة و لا یبعد أن یکون المراد من «المطلق» عند الأصولیین هو هذا المعنی اللغوی (کما تقدّم ذلک فی أوّل بحث «المطلق» عن المحقّق النائینی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما)).
قد نسب إلی المشهور أنّ لهم اصطلاحاً فی کلمة «المطلق» فی علم الأُصول و هو أنّ المطلق عندهم الماهیة المقیدة بالإرسال و الشمول البدلی و المطلق بهذا المعنی غیر قابل لطرو التقیید، لأنّ المعنی الاصطلاحی المذکور مقید بالإرسال و هذا ینافی التقیید، فإنّ الماهیة بشرط الإرسال و السعة لایقبل التضییق و التقیید.
و علی هذا لایصدق هذا المعنی الاصطلاحی علی «اسم الجنس» و «النکرة»
ص: 471
حیث إنّهما قابلان للتقیید، لأنّ الماهیة فیهما أُخذت مهملة، و لم تؤخذ بشرط الإرسال.
ولکن صحّة ما نسب إلی المشهور محلّ تأمّل، لأنّهم عدّوا «اسم الجنس» و «النکرة» من أمثلة المطلق، فلو صحّ هذا المعنی الاصطلاحی و التزام المشهور به، لم یبق وجه لعدّ «اسم الجنس» و «النکرة» من أمثلة المطلق.
ص: 472
((1))
الإطلاق و التقیید علی مسلک المتأخرین مثل صاحب الکفایة((2)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) ((3))، خارجان عن حریم المعنی الموضوع له، فإذا قید لفظ المطلق لایلزم من ذلک استعمال لفظ المطلق فی غیر معناه الموضوع له، بل المطلق استعمل فی معناه و لکن التقیید یستفاد من دالّ آخر فاللفظ مستعمل فی معناه الموضوع له من دون استلزام المجازیة.
أمّا علی مسلک القدماء((4)) من دخول الإطلاق فی حریم المعنی الموضوع له، فقد اختلف فی أنّ التقیید یوجب المجازیة أو لا؟
أمّا فیما إذا کان التقیید مستفاداً من القرینة المتّصلة، فلابدّ من الالتزام بالمجازیة لأنّه استعمال اللفظ فی غیر المعنی الموضوع له.
و أمّا فیما إذا کان التقیید مستفاداً من القرینة المنفصلة، فاللفظ استعمل فی
ص: 473
المعنی الإطلاقی فالمراد الاستعمالی هو المعنی المطلق، إلّا أنّ الإرادة الجدّیة تعلّقت بالمعنی التقییدی فلم تستلزم المجازیة.((1))
ص: 474
ص: 475
ص: 476
فی مقدّمات الحکمة
فیه أمران:
فیها أقوال نتعرّض ببعضهم:
إنّ بعضهم مثل المحقّق النائینی((1)) و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) ((2)) قالوا: إنّ مقدّمات الحکمة ثلاثة:
المقدّمة الأُولی: أن یکون المتکلّم متمکناً من البیان.
المقدّمة الثانیة: أن یکون فی مقام البیان و لایکون فی مقام الإهمال و الإجمال.
المقدّمة الثالثة: أن لایأتی المتکلّم بقرینة لا متّصلة و لا منفصلة.
ص: 477
لابدّ من البحث حول تلک المقدّمات ثم البحث عما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) فی المقام.
لابدّ هنا من البحث تارة فی مقام الثبوت و أُخری فی مقام الإثبات.
قد تقدّم أنّ تقابل الإطلاق و التقیید فی مقام الثبوت تقابل التضادّ کما اختار ذلک الشیخ و المحقّق الإصفهانی و المحقّق الخوئی (قدس سرهم) و نتیجة ذلک أنّه إذا استحال التقیید للزم من ذلک کون الإطلاق ضروریاً.
و لکن المحقّق النائینی (قدس سره) قال: إنّ تقابل الإطلاق و التقیید فی مقام الثبوت تقابل العدم و الملکة فإذا قلنا باستحالة التقیید یستلزم ذلک استحالة الإطلاق أیضاً.
و قد أشرنا سابقاً إلی بطلان ما أفاده المحقّق النائینی (قدس سره) فلانعید.
إنّ التقابل بین الإطلاق و التقیید فی هذا المقام تقابل العدم و الملکة علی وفاق بین المحقّق الإصفهانی و المحقّق الخوئی (قدس سرهما) مع المحقّق النائینی (قدس سره) و نتیجة ذلک هو أنّه إن تمکّن المتکلّم من البیان، و لم یأت بقرینة و قید فی المقام مع أنّه فی مقام
ص: 479
البیان فیکون الإطلاق فی مقام الإثبات کاشفاً عن الإطلاق فی مقام الثبوت، بمعنی أنّ المراد الجدّی للمتکلّم هو المعنی الإطلاقی.
ص: 480
و الکلام فی ناحیتین:
إذا لم یکن المتکلم فی مقام البیان لم ینعقد الظهور الإطلاقی فی کلامه((1))، و ذلک مثل قوله تعالی (أَقیمُوا الصَّلاةَ)((2))، فإنّه فی مقام بیان أصل التشریع، لا کیفیة إقامة الصلاة، فلایمکن التمسّک بإطلاقه فیما إذا شککنا فی شرطیة شیء للصلاة.
نعم قد یکون المتکلّم فی مقام البیان من جهة دون جهة أُخری فحینئذ یتمسّک بإطلاق کلامه بالنسبة إلی الجهة التی یکون فی مقام بیانها و ذلک مثل قوله (علیه السلام): «فِی الدَّمِ یکُونُ فِی الثَّوْبِ إِنْ کَانَ أقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَلَا یعِیدُ الصَّلَاةَ»((3)) فإنّه فی مقام البیان من جهة مقدار الدم، لا من جهة کونه من دم مأکول اللحم أو غیر مأکول اللحم.
و أیضاً مثل قوله تعالی: (فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیکُمْ)((4)) فإذا شک فی اعتبار
ص: 481
الإمساک من الحلقوم فی تذکیته یتمسّک بإطلاق الآیة من هذه الناحیة حیث إنّه فی مقام البیان من هذه الجهة (جهة حلیة الأکل) و أمّا إذا شک فی طهارة المحل فلایمکن التمسّک بإطلاق الآیة حیث إنّ الآیة لیست فی مقام البیان من جهة الطهارة. (و هذان المثالان ممّا أفادهما المحقّق الخوئی (قدس سره) ((1))).
فلابدّ أن یتمسّک ب- «أصالة البیان» و استدلّ علیها بأوجه أربعة:
و هو أصل تطابق مقام الثبوت و الإثبات، فإذا لم یقید بقید فی مقام الإثبات نکشف من ذلک إطلاق مقام الثبوت، حیث إنّ فی القضایا الشرعیة لایتصوّر الإهمال فی مقام الثبوت، فالأصل یقتضی أن لایکون إهمال فی مقام الإثبات أیضاً إلّا إذا دلّت علیه قرینة. نعم فی القضایا العرفیة یمکن وجود الإهمال فی مقام الثبوت لطروّ النسیان و الغفلة علی الحاکم العرفی و المقنّن.
إنّ الإهمال فی القضایا الشرعیة لایتصور فی مقام الثبوت بل یستحیل من الشارع الحکیم بخلاف الإهمال فیها فی مقام الإثبات، فإنّه قد یکون لازماً حیث إنّ المقام مقام أصل التشریع.((2))
ص: 482
إنّ المستند لأصالة البیان السیرة العقلائیة علی حمل کلام المتکلّم علی کونه فی مقام البیان إذا شک فی ذلک.((1))
((2))
إنّ السیرة العقلائیة تشمل ما إذا کان منشأ الشک هو أنّ المتکلّم کان فی مقام أصل التشریع أو کان فی مقام بیان تمام مراده، کما فی قوله تعالی: (وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیعَ)((3)) فحینئذ تجری أصالة کونه فی مقام البیان.
و أمّا إذا کان منشأ الشک هو سعة الإرادة أو ضیقها، بأن علم أنّ فی کلامه إطلاقاً من جهة و لکن نشک فی إطلاقه من جهة أُخری فلایمکن التمسّک بأصالة البیان و ذلک کالمثالین المذکورین (فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیکُمْ)((4))، و «فِی الدَّمِ یکُونُ فِی الثَّوْبِ إِنْ کَانَ أقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَلَا یعِیدُ الصَّلَاةَ»((5)) لعدم قیام السیرة علی حمل کلامه علی کونه فی مقام البیان.((6))
ص: 483
إنّ المستند لأصالة البیان سیرة أهل المحاورات علی ذلک کما ذکره صاحب الکفایة (قدس سره) .
ما أورد علیه المحقّق الخوئی (قدس سره) فی السیرة العقلائیة یجری هنا أیضاً.
إنّ المستند لها سیرة المتشرعة من أصحاب الأئمة (علیهم السلام) حیث إنّهم یأخذون الحکم و لاینتظرون شیئاً بل یذهبون إلی بلادهم و یعملون علی طبق ما أخذوه من الأئمة (علیهم السلام) و هذه السیرة غیر مردوعة، فالدلیل علی أصالة البیان هو سیرة المتشرعة و هذا الوجه هو مختار بعض الأساطین (دام ظله) .((1))
ص: 484
إذا لم یأت المتکلم بقرینة لامتصلة و لامنفصلة فیثبت لکلامه إطلاق فی مرحلة الإثبات، و تطابق مقام الثبوت و الإثبات و تبعیة الإطلاق الإثباتی للإطلاق الثبوتی یوجب الکشف عن الإطلاق الثبوتی.
مضافاً إلی أنّ السیرة العقلائیة أیضاً قامت علی کاشفیة الإطلاق فی مقام الإثبات عن الإطلاق فی مقام الثبوت.
و مع تمامیة المقدّمات الثلاث المذکورة یتمسّک بالإطلاق.
ص: 485
بقی الکلام فی المقدّمة التی أضافها صاحب الکفایة (قدس سره) و هی وجود القدر المتیقّن فی مقام التخاطب.((1))
إنّ القدر المتیقّن إمّا هو القدر المتیقّن الخارجی، فإنّ هذا لایوجب المنع عن التمسّک بالإطلاق، لأنّ ذلک موجود غالباً فی کلّ مطلق، مثلاً إذا قال المولی: «أکرم فقیهاً» فالقدر المتیقّن منه الفقیه الجامع للشرائط.
و إمّا هو القدر المتیقّن فی مقام التخاطب بأن یکون مورد السؤال مثلاً خصوص شیء و حینئذ جواب الإمام (علیه السلام) و إن کان مطلقاً بالنسبة إلیه فیشمل غیره لکن القدر المتیقّن من الجواب هو مورد السؤال و حینئذ صاحب الکفایة (قدس سره) یری أنّ إرادة القدر المتیقّن فی جواب الإمام (علیه السلام) لا شبهة فیه و أمّا إرادة غیره فیکون محتملاً، و هذا القدر المتیقّن یصلح لأن یکون قرینة علی مراد الإمام (علیه السلام)، فلو أراد المولی الأعمّ منه فلابدّ أن یبین أنّ الموضوع هو المطلق فلو لم یبین ذلک لایمکن التمسّک بالإطلاق، لأنّ الکلام محفوف بما یصلح أن یکون قرینة لإرادة ما هو المتیقّن.
إنّ بعض أدلّة الاستصحاب مثل «أنّ الشک لاینقض الیقین» وارد فی مورد
ص: 486
باب الوضوء و بقاء الطهارة عند تحقّق الخفقة أو الخفقتین، فالقدر المتیقّن فی مقام التخاطب هو بقاء الطهارة الوضوئیة و لکن صاحب الکفایة (قدس سره) أخذ بإطلاق الدلیل و قال بشموله للاستصحاب فی موارد الشک فی المقتضی.
مضافاً إلی أنّ القدر المتیقّن فی مقام التخاطب لاینحصر فی موارد السؤال عن شیء خاصّ بل ورود الدلیل فی واقعة خاصّة هو من مصادیق القدر المتیقّن فی مقام التخاطب، فما أفاده صاحب الکفایة (قدس سره) یقتضی عدم التعدّی عن تلک الواقعة مع أنّه (قدس سره) أیضاً لایلتزم بذلک. ((1))
((2))
إنّ ظهور الکلام فی المعنی الإطلاقی منعقد قطعاً، فالإطلاق الإثباتی محقّق بلا کلام و المولی بحکم المقدّمات السابقة یکون فی مقام البیان، فلابدّ أن یکشف الظهور الإطلاقی فی مقام الإثبات عن الإطلاق فی مقام الثبوت لما تقدّم من أنّ مقام الإثبات تابع لمقام الثبوت.
ص: 487
و لذا لو سئل المولی عن مجالسة شخص معین فی الخارج و أجاب بعدم جواز مجالسة الفاسق لم یحتمل بحسب الفهم العرفی اختصاص الحکم بذاک الشخص المعین فی الخارج، فلامحالة یعمّ الحکم غیره.
ص: 488
ص: 489
ص: 490
هل یمنع الانصراف عن التمسّک بالإطلاق؟
قیل بتحققه فی مواضع:((1))
المحقّق الخوئی (قدس سره) قال: إنّ ذلک یتحقّق فی موردین:
المورد الأوّل: علوّ مرتبة بعض أفراد الماهیة علی نحو یوجب انصرافها عنه و حملها علی سائر الأفراد و ذلک مثل لفظ «الحیوان»، فإنّ معناه اللغوی یشمل الإنسان، إلّا أنّ معناه العرفی منصرف عن الإنسان.
و من ذلک هو أنّ قوله (علیه السلام) «لاتصل فیما لایؤکل لحمه»((2)) ینصرف عن
ص: 491
الإنسان عرفاً مع أنّ الإنسان أیضاً مما لایؤکل لحمه.((1))
المورد الثانی: دنوّ مرتبة بعض أفراد الماهیة علی نحو یکون صدقها علیه مورداً للشک. ((2))
توضیح ذلک: إنّ المطلق قد یصدق علی فرد و لکن نشک فی خروجه عن الإطلاق باحتمال وجود قرینة علی ذلک فهنا تجری أصالة الإطلاق، لأنّ صدق المطلق علی هذا الفرد محرز.
و قد یکون صدق المطلق عرفاً علی بعض الأفراد مشکوکاً و إن کانت ماهیة المطلق تشمله، و بعبارة أُخری صدق اللفظ علی بعض الأفراد خفی بینما صدقه علی سائر أفرادها جلی، فهنا یقولون بانصراف المطلق إلی الفرد الجلی، و وجه انصرافه عن الفرد الخفی فی هذا المورد هو دنوّ رتبته و قد مثل لذلک فی المحاضرات بصدق الماء علی ماء الکبریت.
فیه أنّ المطلق یصدق علی الفرد النادر فندرة الوجود لایوجب الانصراف عنه.
غلبة وجود بعض الأفراد توجب انصراف المطلق إلی الفرد الغالب و من ذلک قالوا: المطلق عند الإطلاق ینصرف إلی الفرد الأکمل.
فیه أنّ غلبة وجود بعض الأفراد لایوجب عدم صدق المطلق علی سائر أفراده و لا انصراف عنه مع صدقه علیه.((1))
ص: 493
ص: 494
ص: 495
ص: 496
حمل المطلق علی المقید
إنّ البحث هنا یقع فی مقامین:
الأول: المطلق الذی لوحظ بنحو صرف الوجود عند الحکم علیه.
و الثانی: المطلق الذی لوحظ بنحو مطلق الوجود عند الحکم علیه.
ص: 497
و هو المطلق الذی لوحظ بنحو صرف الوجود.
و المقید هنا یکون علی نحوین:
الأوّل: المقید الذی یکون مخالفاً للمطلق: مثلاً إذا قال: «أعتق رقبة» ثم جاء المقید المخالف فقال: «لاتعتق رقبة کافرة»، فهذا المقید یشتمل علی حکم مخالف لحکم المطلق.
الثانی: المقید الذی یکون موافقاً للمطلق مثل قوله فی المثال المذکور «أعتق رقبة مؤمنة» فإنّ حکم المقید موافق حینئذ لحکم المطلق.
ص: 498
و اختلف هنا فی أنّ المطلق (و هو قوله: أعتق رقبة) یحمل علی المقید، أو یؤخذ بظاهره و یحمل المقید علی أنّه أفضل الأفراد.((1))
و هذا النحو الثانی علی صورتین:
إذا علمنا من الخارج بأنّ الحکم المذکور فی القضیة المطلقة و المقیدة واحد غیر متعدّد.
الحق هنا حمل المطلق علی المقید، لأنّ ظهور المطلق فی إطلاقه تعلیقی یتوقف علی عدم البیان و أمّا ظهور المقید فی الوجوب تنجیزی فیکون بیاناً فی قبال المطلق، فیحمل المطلق علی المقید.
و إذا احتملنا من الخارج أنّ الحکم متعدد. و المحتمل فیها أوجه خمسة:
الوجه الأوّل: یحمل المطلق علی المقید و هو المختار لما تقدّم فی الصورة الثانیة.
الوجه الثانی: یحمل المقید علی أفضل الأفراد.
الإیراد علی الوجه الثانی: فیه أنّ ظهور المطلق تعلیقی و ظهور المقید تنجیزی و لازم هذا الوجه هو الأخذ بالظهور التعلیقی و التصرّف فی الظهور التنجیزی.
ص: 499
الوجه الثالث: یکون کلاهما مأخوذاً بوجوبهما من قبیل واجب فی واجب آخر مثل وجوب الغسل و وجوب کونه بماء الکافور أو السدر.
الإیراد علی الوجه الثالث: فیه أنّ ما قیل من کونهما علی نحو الواجب فی واجب آخر خلاف ظاهر الدلیل لأنّ الأمر فی المقید یحمل حینئذ علی الإرشادیة أو الجزئیة لا علی المولویة و الظاهر من الدلیل المقید هنا هو الحکم المولوی.
الوجه الرابع: یکونان واجبین مستقلّین و یسقط الحکم بالمطلق عند إتیان المقید.
الإیراد علی الوجه الرابع: فیه أنّ ذلک یستلزم لغویة الحکم بالمطلق، لأنّ الإتیان بالمقید لازم علی أی حال و کافٍ عن المطلق فی کلّ حال، فلاوجه للحکم بالمطلق.
الوجه الخامس: یکونان واجبین مستقلّین و لایسقط الحکم بالمطلق عند إتیان المقید.
الإیراد علی الوجه الخامس: أنّه خلاف الظاهر حیث یلزم فی هذا الاحتمال تقیید الحکم بالمطلق بغیر الحصّة المقیدة و إلّا فلا وجه لعدم سقوط المطلق بالإتیان بالمقید لأنّ المطلق ینطبق علی المقید انطباق الطبیعی علی حصّته.
فجمیع هذه الوجوه خلاف الظاهر إلّا الوجه الأوّل فإنّه من باب الأخذ بالظهور التنجیزی و حمل المقید علی کونه بیاناً للمطلق فیحمل المطلق علی المقید.
ص: 500
و هو المطلق الذی لوحظ بنحو مطلق الوجود. و المقید فی هذا المقام علی نحوین أیضاً:
الأول: المقید الذی یکون مخالفاً لحکم المطلق، فهما یکونان من المتخالفین.
و له مثالان معروفان، أمّا المثال الأول: فالمطلق، مثل: «أَحَلَّ الله الْبَیعَ»((1)) و المقید، مثل: «نهی النبی (صلی الله علیه و آله) عن بیع الغرر»((2)) و أمّا المثال الثانی: فالمطلق، مثل: «أکرم العالم» و المقید، مثل: «و لاتکرم العالم الفاسق».
و فی هذا النحو من الإطلاق و التقیید، فلابدّ أن یحمل المطلق علی المقید، لمکان التنافی بینهما.
الثانی: المقید الذی یکون موافقاً لحکم المطلق، فهما یکونان من المثبتین. ((3))
ص: 501
أما مثاله المعروف: فالمطلق، مثل:«أکرم العالم» و المقید، مثل: «أکرم العالم العادل».
و هنا نظریتان مهمّتان:
دلیله عدم التنافی بین «أکرم العالم» وأکرم العالم العادل، فإنّ المطلق قد تعلَّق بمطلق العالم، والمقید قد تعلّق بخصوص حصّة العالم العادل، و مع عدم التنافی فلا وجه لحمل المطلق علی المقید، بل المقید یحمل علی أفضل الأفراد.
إنّ المحقق الخوئی (قدس سره) بعد نقل نظریة المشهور، ناقش فیه من جهة التزامه إجمالاً بمفهوم الوصف بمعنی خاصّ قد تقدّم بیانه و قلنا بأنّا أیضاً نلتزم بمفهوم الوصف تبعاً للمحقق الإصفهانی (قدس سره) و بعض أکابر أساتیذنا من تلامذة المحقق الإصفهانی (قدس سره)، و لذلک نلتزم بمقالة المحقق الخوئی (قدس سره) فی الجملة.
قال المحقق الخوئی (قدس سره): هذا إنّما یتم فیما إذا لم نقل بدلالة الوصف علی المفهوم بالمعنی الذی تقدم فی محلّه، وأمّا إذا قلنا بها کما هو الظاهر فلا یتمّ.
بیان ذلک: أنّ القید تارةً یقع فی کلام السائل من جهة توهمه أنّ فیه خصوصیة تمنع عن شمول الحکم له، کما إذا افترض أنّه توهم أنّ الاطلاقات الدالة علی
ص: 502
طهوریة الماء لا تشمل ماء البحر من جهة أنّ فیه خصوصیة و هی ملاحته، یمتاز بها عن غیره من المیاه، فلأجل ذلک سأل الإمام (علیه السلام) عن طهوریته فأجاب (علیه السلام) بأنّه طاهر، ففی مثل ذلک لا شبهة فی عدم دلالته علی المفهوم. و کذا إذا أتی الإمام (علیه السلام) بقید فی کلامه لرفع توهم السائل أنّ فیه خصوصیة یمتاز بها عن غیره، بأن قال (علیه السلام): «ماء البحر طاهر»((1)).
و أمّا إذا لم تکن قرینة علی أنّ الاتیان بالقید لأجل رفع التوهم، ففی مثل ذلک لامانع من الالتزام بالمفهوم، و قد ذکرنا فی بحث مفهوم الوصف أنّه ظاهر فیه و إلاّ لکان الاتیان به لغواً محضاً، کما أنّا ذکرنا هناک أنّ المراد بالمفهوم هو دلالته علی أنّ الحکم فی القضیة غیر ثابت للطبیعی علی نحو الاطلاق و إلاّ لکان وجود القید و عدمه سیان، و لیس المراد منه دلالته علی نفی الحکم عن غیر مورده کما هو الحال فی مفهوم الشرط، و قد تقدم تمام هذه البحوث بشکل موسّع هناک فلاحظ.
و علی أساس ذلک فلامناص من حمل المطلق علی المقید هنا أیضاً .
فالنتیجة: أنّه لا فرق فی لزوم حمل المطلق علی المقید بین ما إذا کان التکلیف فی طرف المطلق متعلقاً بصِرف وجوده أو بمطلق وجوده، فلاوجه لما عن المشهور من التفصیل بینهما، و علی ذلک تترتب ثمرة فقهیة فی بعض الفروع. ((2))
ص: 503
ص: 504
ص: 505
ص: 506
حمل المطلق علی المقید فی المستحبات
هنا نظریات مهمة بین الأعلام
إنّ المشهور قالوا بأنّ حمل المطلق علی المقید لایجری فی المستحبات، و قد ذکر لذلک وجوه، منها: إنّ المستحبات غالباً متعدّدة من حیث مراتب الفضل، و هذه الغلبة قرینة علی حمل المقید علی الفرد الأفضل.
إنّ المتعلّق إذا أخذ علی نحو صرف الوجود باصطلاحهم، و قامت قرینة علی أنّه بنحو وحدة المطلوب، فلایمکن الحمل علی الأفضلیة، فما أفاده المشهور لایجری علی جمیع التقادیر.
أنّ مجرد الغلبة لایوجب ذلک بعد ما افترض أنّ دلیل المقید قرینة عرفیة علی تعیین المراد من المطلق، ضرورة أنّ الغلبة لیست علی نحو تمنع عن ظهور دلیل المقید فی ذلک.
ص: 507
إنّ الدلیل الدالّ علی التقیید یتصور علی وجوه أربعة لا خامس لها:
بمعنی أن یکون لسانه لسان القضیة الشرطیة، کما إذا افترض أنّه ورد فی دلیل أنّ صلاة اللیل مستحبة و هی إحدی عشرة رکعة، و ورد فی دلیل آخر أنّ استحبابها فیما إذا کان المکلف آتیاً بها بعد نصف اللیل، ففی مثل ذلک لامناص من حمل المطلق علی المقید عرفاً، نظراً إلی أنّ دلیل المقید ینفی الاستحباب فی غیر هذا الوقت من جهة دلالته علی المفهوم.
فإذا دلّ دلیل علی استحباب الإقامة مثلاً فی الصلاة ثمّ ورد فی دلیل آخر النهی عنها فی مواضع کالإقامة فی حال الحدث أو حال الجلوس أو ما شاکل ذلک، ففی مثل ذلک لامناص من حمل المطلق علی المقید، و الوجه فیه: ما ذکرناه غیر مرّة من أنّ النواهی الواردة فی باب العبادات و المعاملات ظاهرة فی الارشاد إلی المانعیة، و أنّ الحدث أو الجلوس مانع عن الإقامة المأمور بها، و مرجع ذلک إلی أنّ عدمه مأخوذ فیها فلا تکون الإقامة فی حال الحدث أو الجلوس مأموراً بها.
کما إذا افترض أنّه ورد فی دلیل أنّ الإقامة فی الصلاة مستحبة، و ورد فی دلیل آخر فلتکن فی حال القیام أو فی حال الطهارة، فالکلام فیه هو الکلام فی القسم
ص: 508
الثانی حیث إنّ الأمر فی قوله: فلتکن، ظاهر فی الارشاد إلی شرطیة الطهارة أو القیام لها، و لا فرق من هذه الناحیة بین کون الإقامة مستحبة أو واجبة، فما هو المشهور من أنّه لا یحمل المطلق علی المقید فی باب المستحبات لا أصل له فی الأقسام المتقدمة.
کما هو الغالب فی باب المستحبات، مثلاً ورد فی استحباب زیارة الحسین (علیه السلام) مطلقات و ورد فی دلیل آخر استحباب زیارته (علیه السلام) فی أوقات خاصة کلیالی الجمعة و أوّل و نصف رجب، و نصف شعبان، و لیالی القدر و هکذا، ففی مثل ذلک هل یحمل المطلق علی المقید؟
الظاهر أنّه لایحمل علیه، و السبب فیه: أنّ الموجب لحمل المطلق علی المقید فی الواجبات هو التنافی بین دلیل المطلق و المقید، حیث إنّ مقتضی إطلاق المطلق ترخیص المکلف فی تطبیقه علی أی فرد من أفراده شاء فی مقام الامتثال، و هو لایجتمع مع کونه ملزماً بالاتیان بالمقید، و هذا بخلاف ما إذا کان دلیل التقیید استحبابیاً فانّه لاینافی إطلاق المطلق أصلاً، لفرض عدم إلزام المکلف بالاتیان به، بل هو مرخّص فی ترکه، فإذا لم یکن تناف بینهما فلا موجب لحمل المطلق علی المقید، بل لابدّ من حمله علی تأکد الاستحباب و کونه الأفضل، و هذا هو الفارق بین الواجبات و المستحبات .
و من هنا یظهر أنّ دلیل المطلق إذا کان متکفلاً لحکم إلزامی دون دلیل المقید فلابدّ من حمله علی أفضل الأفراد أیضاً بعین الملاک المزبور. فالنتیجة: أنّ دلیل المقید إذا کان متکفلاً لحکم غیر إلزامی فلا بدّ من حمله علی الأفضل، سواء أکان
ص: 509
دلیل المطلق أیضاً کذلک أو کان متکفلاً لحکم إلزامی، و السر فیه ما عرفت من عدم التنافی بینهما أبداً.
إنّ المحقق الخوئی (قدس سره) أشار إلی صورة تعلّق الحکم بالطبیعة فی ما إذا أخذ بنحو مطلق الوجود و لم یتعرّض لصورة تعلّقه بالطبیعة علی نحو صرف الوجود باصطلاحهم، و لذا ما أفاده ناقص من جهة اشتماله علی جمیع الصور.
إنّ ما أفاده بعض الأساطین (دام ظله)، بعد ملاحظة الوجوه الثلاثة المتقدمة فی کلام المحقق الخوئی (قدس سره)، یعدّ تتمیماً لما أفاده فی الوجه الرابع، و قد تقدم نقصان الصور المذکورة فی الوجه الرابع، و هذه النظریة تکمله.
بیان ذلک: إنّ المتعلّق فی الوجه الرابع إن کان بنحو مطلق الوجود فالأمر کما أفاده و إن کان بنحو صرف الوجود و أحرزنا تعدّد المطلوب، فلایحمل المطلق علی المقید و إن کان بنحو وحدة المطلوب فلحمل المطلق علی المقید وجه، و المرجع هو الأصل العملی فی المقام.((1))
ص: 510
ص: 511
ص: 512
المجمل و المبین
إنّ المجمل ما یکون معناه غیر واضح و مشتبهاً و لم یکشف عن معناه، سواء کان إجماله حقیقیاً بالذات أو حقیقیاً بالعرض أو حکمیاً.
والمبین ما یکون معناه ظاهراً و واضحاً و کاشفاً عن معناه.
فالمراد من المجمل والمبین إنّما هو المعنی اللّغوی منهما، فلیس اصطلاح خاص لهما.
إن المجمل عبارة عمّا لا یکون بحجّة ولا یستطرق به إلی الواقع، فیقابله المبین وهو الذی یستطرق به إلی الواقع.
إنّ المجمل إما حقیقی و إما حکمی.
ص: 513
فهو ما لم یظهر فی المراد الاستعمالی، إما لإجماله بالذات کالمشترک اللفظی، و إمّا لإجماله بالعرض، لاحتفافه بما یصلح للقرینیة. و مثّلوا لللفظ المجمل الحقیقی بلفظ «الصعید» و «الغناء».
فهو ما لم یعلم المراد الجدی منه، کما فی العامّ بعد تخصیصه بالمخصص المنفصل، فی ما إذا کان مخصّصه المنفصل مردّداً بین الأمرین المتباینین و حینئذ إجمال المخصص یسری إلی العامّ حکماً، لا حقیقةً، لانعقاد ظهور العامّ فی العموم و الإجمال فی المراد الجدی منه.
إنّ صاحب الکفایة (قدس سره) یری أنّهما من الأُمور الإضافیة، لأنّ اللفظ قد یکون مجملاً عند شخص لجهله بمعناه و مبیناً عند شخص آخر لعلمه به.
و تبعه بعض الأساطین (دام ظله) و قال: بأنّ لفظ «الکرّ» مثلاً مبین عند ابن أبی عمیر، لعلمه بمعناه و مجمل عند بعض الآخرین، لجهلهم بمعنی «الکرّ».((1))
ص: 514
إنّ الجهل بالوضع و العلم به لایوجبان الاختلاف فی معنی الإجمال والبیان، فجهل شخص بمعنی لفظ و عدم علمه بوضعه له لایوجب کونه من المجمل إلاّ لزم أن تکون اللغات العربیة مجملةً عند الفرس و بالعکس، مع أنّ الأمر لیس کذلک.
قال المحقق الخوئی (قدس سره): إنّ الإجمال و البیان من الأُمور الواقعیة فالعبرة بهما إنّما هی بنظر العرف، فکلّ لفظ کان ظاهراً فی معناه و کاشفاً عنه عندهم فهو مبین، و کل لفظ لایکون کذلک - سواء أکان بالذات أو بالعرض - فهو مجمل فلا واسطة بینهما.
... قد یقع الاختلاف فی إجمال لفظ فیدعی أحد أنّه مجمل و یدعی الآخر أنّه مبین، ولکن هذا الاختلاف إنّما هو فی مقام الاثبات، و هو بنفسه شاهد علی أنّهما من الأُمور الواقعیة و إلاّ فلا معنی لوقوع النزاع و الخلاف بینهما لو کانا من الأُمور الإضافیة التی تختلف باختلاف أنظار الأشخاص، نظیر الاختلاف فی بقیة الأُمور الواقعیة فیدعی أحد أنّ زیداً مثلاً عالم و یدعی الآخر أنّه جاهل، مع أنّ العلم و الجهل من الأُمور الواقعیة النفس الأمریة.
أنّه لا ضابط کلّی لتمییز المجمل عن المبین فی هذه الموارد، فلابدّ من الرجوع
ص: 515
فی کل مورد إلی فهم العرف فیه، فإن کان هناک ظهور عرفی فهو و إلاّ فیرجع إلی القواعد والأُصول و هی تختلف باختلاف الموارد.
ص: 516
فهرس العناوین تفصیلا
فهرس الآیات
فهرس الروایات
فهرس الأعلام
ص: 517
ص: 518
البحث الثالث: المفاهیم
(و فیه أربع مقدمات و خمسةفصول)
تمهید مقدمات
المقدمة الأُولی: فی کلمة «المفهوم» (و فیه مطلبان)............................................................. 21
المطلب الاول: المراد من کلمة «المفهوم» فی هذا البحث ................................................ 21
إطلاقان لکلمة «المفهوم» ..................................................................................... 21
المطلب الثانی: تعریف «المفهوم» ................................................................................. 22
القول الاول: قول الحاجبی ................................................................................... 23
تفسیر العضدی لهذا القول ............................................................................... 24
ایراد المحقق الخراسانی (قدس سره) علی التعریف بهذا التفسیر ......................................... 24
القول الثانی: قول المحقق الخراسانی (قدس سره) .................................................................... 25
المقدمة الثانیة: هل النزاع فی ثبوت «المفهوم» أو حجیته؟ .............................. 27
المقدمة الثالثة: دلالة الاقتضاء و التنبیه و الإشارة (و فیه مطلبان) ........................ 28
المطلب الأول: تعریف هذه الدلالات الثلاث ................................................................ 28
أما دلالة الاقتضاء .................................................................................................. 28
أما دلالة التنبیه و الأیماء ..................................................................................... 29
أما دلالة الإشارة .................................................................................................... 29
المطلب الثانی: هل هذه الدلالات الثلاث من الدلالة المفهومیة؟ ................................... 30
ص: 519
القول الاول: قول المحقق القمی (قدس سره) ......................................................................... 30
القول الثانی: قول المحقق النائینی و الخویی (قدس سرهما) .................................................... 30
القول الثالث: قول بعض الأعلام ........................................................................... 30
أما تحقیق المطلب: (استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علی أنّ هذه الدلالات لیست مفهومیة) .............. 30
إیراد المحقق الخوئی علیه ................................................................................. 31
إیراد بعض الأساطین علیه ................................................................................ 32
المقدمة الرابعة: هل المسألة اصولیة أو غیرها؟ و أنها لفظیة أو عقلیة؟ (و فیه مطلبان)....... 33
المطلب الاول: هذه المسألة أُصولیة أو لا؟ .................................................................... 33
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علی کونها أصولیة (و هو یشتمل علی فقرتین) ..................... 33
الفقرة الأُولی: المسألة الأُصولیة ما تقع فی طریق الاستنباط من دون ضمّ کبری أُصولیة إلیها 33
الفقرة الثانیة: فی هذه المسألة لانحتاج إلی ضمّ کبری أصولیة ............................ 33
ایراد بعض الأساطین علی المحقق الخوئی (قدس سره) ......................................................... 33
المطلب الثانی: هذه المسألة لفظیة أو عقلیة؟ .............................................................. 33
بیان المحقق الخوئی (قدس سره) لکونها ذات حیثیتین (و هو یشتمل علی جهتین) ....................... 33
الجهة الأُولی: کونها لفظیة ................................................................................ 34
الجهة الثانیة: کونها عقلیة ................................................................................ 34
إیرادان علی هذا البیان ......................................................................................... 34
الإیراد الأَول: ایراد بعض الأساطین علی الجهة الثانیة ........................................ 34
الإیراد الثانی: ملاحظتنا علی الجهة الأُولی .......................................................... 34
أقسام المفاهیم
(یقع الکلام هنا فی خمسة فصول)
الفصل الأول: مفهوم الشرط
تحریر محل النزاع ........................................................................................................... 37
ثلاثة أقوال فی المسألة ...................................................................................................... 37
القول الأول: قول المحقق النائینی و الخویی (قدس سرهما) بثبوت مفهوم الشرط ................................. 38
القول الثانی: قول السید المرتضی و ابن زهره (قدس سرهما) و من تبعهما بعدم ثبوت مفهوم الشرط ..... 39
القول الثالث: قول العلامة و فخر المحققین (قدس سرهما) و من تبعهما بالتفصیل ................................ 40
التحقیق فی المسألة (و هو یتمّ ببیان أدلة الطرفین فی المقامین) ........................................................ 40
المقام الأول: أدلة ثبوت مفهوم الشرط .......................................................................... 43
ص: 520
الدلیل الأول علی إثبات مفهوم الشرط من طریق العلیة المنحصرة ................................... 43
أما الرکن الأولی ..................................................................................................... 44
استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علیه بوجهین: ........................................................... 44
الوجه الأول: وضع أدوات الشرط للترتّب ..................................................... 44
إیراد بعض الأساطین علیه .................................................................... 44
ملاحظتنا علی هذا الإیراد ..................................................................... 45
الوجه الثانی: ظهور جعل شیء مقدماً و شیء تالیاً فی الترتب ........................ 45
الحاصل ............................................................................................................ 45
تتمة فی توقف الترتب علی رجوع القید إلی الهیأة فی القضیة الشرطیة ............... 45
أما الرکن الثانی ....................................................................................................... 45
الإستدلال علیه بوجهین: ................................................................................... 45
الوجه الاول: استدلال المحقق الخراسانی (قدس سره) بوضع الجملة الشرطیة للزوم و انسباق اللزوم منها 45
الوجه الثانی: استدلال المحقق النائینی و الخویی (قدس سرهما) بندرة استعمال القضیة الشرطیة فی الاتفاقیة و لزوم رعایة علاقة فیها 46
استدلال المحقق الاصفهانی (قدس سره) علی نفیه ................................................................ 46
إیراد بعض الأساطین علی هذا الاستدلال بأربعة أوجه ................................ 47
ملاحظتنا علی الأوجه الأربعة ..................................................................... 47
ملاحظتنا علی نظریة المحقق الإصفهانی (قدس سره) ..................................................... 49
الحاصل ............................................................................................................ 49
أما الرکن الثالث: ................................................................................................... 49
استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علیه ......................................................................... 49
ایراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الاستدلال .................................................... 50
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علی نفیه .................................................................... 51
الحاصل ............................................................................................................ 52
أما الرکن الرابع ...................................................................................................... 52
الاستدلال علیه بخمسة أوجه: ........................................................................... 52
الوجه الأول: الوضع .......................................................................................... 53
ایراد المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الوجه ..................................................... 53
الوجه الثانی: الإطلاق الانصرافی ......................................................................... 54
إیرادان من المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الوجه ........................................... 55
الوجه الثالث: الإطلاق بمقدمات الحکمة بالتقریر الأول .................................... 56
إیرادات ثلاث علی هذا التقریر: .................................................................. 57
ص: 521
الإیراد الأول من المحقق الخراسانی (قدس سره) ............................................................ 57
جواب بعض الأساطین عن هذا الایراد نقضاً و حلاً ..................................... 58
الإیراد الثانی من المحقق الخراسانی (قدس سره) ............................................................ 60
الإیراد الثالث من المحقق الإصفهانی (قدس سره) .......................................................... 61
الوجه الرابع: الإطلاق بمقدمات الحکمة بالتقریر الثانی(إطلاق الشرط و العلة) ......... 62
إیرادات ثلاثة علی هذا التقریر: .................................................................. 64
الإیراد الأول من المحقق الخراسانی (قدس سره) ............................................................ 64
یلاحظ علیه ......................................................................................... 64
الإیراد الثانی من المحقق النائینی و الاصفهانی (قدس سرهما) ......................................... 64
جواب المحقق الروحانی (قدس سره) و بعض الأساطین عن هذا الإیراد ................... 65
جواب بعض الأساطین عن هذا الإیراد .................................................. 66
الإیراد الثالث ............................................................................................. 66
جواب بعض الأساطین عن هذا الإشکال ............................................... 67
الوجه الخامس: الإطلاق بمقدمات الحکمة بالتقریر الثالث ............................... 67
ما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) و استدل به المحقق النائینی (قدس سره) ........................... 67
بیان المحقق النائینی (قدس سره) لهذا التقریر ............................................................. 67
بیان الفرق بین التقریر الثانی و الثالث ....................................................... 69
إیرادان علی هذا التقریر ...................................................................... 70
الإیراد الأول من المحقق الخراسانی (قدس سره) ...................................................... 70
الإیراد الثانی من المحقق الإصفهانی (قدس سره) ...................................................... 71
الوجه السادس: الإطلاق المقامی و استدل به المحقق الإصفهانی (قدس سره) ....................... 72
الوجه السابع: ما أفاده المحقق الاصفهانی (قدس سره) ........................................................ 74
ملاحظتنا علی هذا الوجه ............................................................................ 74
الوجه الثامن: ما أفاده المحقق العراقی (قدس سره) ........................................................... 75
الدلیل الثانی علی إثبات مفهوم الشرط: ما أفاده الشهرستانی و أبو المجد (قدس سره) .......................... 76
مقدمة فی الفرق بین الترتب و التعلیق .................................................................... 76
بیان العلامة أبی المجد الإصفهانی (قدس سره) ............................................................................. 77
ملاحظتنا علی هذا الوجه .................................................................................. 77
الدلیل الثالث علی إثبات مفهوم الشرط: ما أفاده المحقق العراقی (قدس سره) ................................... 78
مقدمة فی تحلیل معنی القضیة الحملیة .................................................................. 78
بیان المحقق العراقی (قدس سره) .............................................................................................. 79
ملاحظتنا علی هذا الوجه .................................................................................. 79
الدلیل الرابع علی إثبات مفهوم الشرط: ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) ...................................... 81
ص: 522
مقدمة فی أنّ الجملة الخبریة موضوعة للدلالة علی قصد المتکلم الإخبار عن ثبوت النسبة 81
ملاحظتنا علی هذا الوجه .................................................................................. 83
الدلیل الخامس علی إثبات مفهوم الشرط: (الاستدلال بالروایات نحو روایة أبی بصیر عن الصادق (علیه السلام)) ........ 84
الحاصل ........................................................................................................................ 85
المقام الثانی: أدلة انتفاء مفهوم الشرط ........................................................................... 88
الوجه الأول: ما نسب إلی السید المرتضی (قدس سره) ....................................................................... 88
الإیراد علی هذا الوجه .............................................................................................. 88
الوجه الثانی ................................................................................................................... 89
الإیراد علی هذا الوجه .............................................................................................. 90
الوجه الثالث: ما حکی عن السید المرتضی (قدس سره) .................................................................... 90
إیرادان علی هذا الوجه ............................................................................................. 92
الإیراد الأول: من المحقق الخراسانی (قدس سره) ........................................................................... 92
جواب بعض الأساطین عن هذا الإیراد ................................................................. 92
الإیراد الثانی: ............................................................................................................. 92
التنبیه الأول: هل المدلول فی المفهوم، انتفاء شخص الحکم أو انتفاء سنخ الحکم؟ (و فیه مطلبان) 97
المطلب الأول: فی أنّ مفاد المفهوم، انتفاء سنخ الحکم و الفرق بین باب المفهوم و باب انتفاء الحکم بانتفاء موضوعه 97
المطلب الثانی: مشکلتان نشأتا من کون مفاد الهیأة معنی حرفیاً (و للأعلام عدم فی حلهما مسالک) 99
المسلک الأول: مسلک المحقق الأنصاری (قدس سره) .......................................................................... 99
المسلک الثانی: مسلک المحقق الخراسانی (قدس سره) ....................................................................... 100
ملاحظتنا علی هذا المسلک ...................................................................................... 101
المسلک الثالث: مسلک المحقق النائینی (قدس سره) ........................................................................ 101
ملاحظتنا علی هذا المسلک ...................................................................................... 102
المسلک الرابع: مسلک المحقق الإصفهانی (قدس سره) ....................................................................... 102
المسلک الخامس: مسلک المحقق الخوئی (قدس سره) ....................................................................... 103
الحاصل ...................................................................................................................... 103
التنبیه الثانی: فیما إذا تعدد الشرط و اتحد الجزاء ....................................................... 105
بیان المشکلة ............................................................................................................... 105
ص: 523
هناک وجوه لحلّ المشکلة ............................................................................................ 106
الوجه الأول: ما اختاره المحقق الخراسانی (قدس سره) ................................................................ 109
إیرادان علی هذا الوجه: ................................................................................... 110
الإیراد الأول: من المحق الخوئی (قدس سره) ........................................................................ 110
الإیراد الثانی: من بعض الأساطین ....................................................................... 111
الوجه الثانی: ........................................................................................................... 111
إیراد المحقق النائینی (قدس سره) علی هذا الوجه ............................................................... 112
بیان المحقق الخوئی (قدس سره) لهذا الإیراد ....................................................................... 112
الوجه الثالث: ........................................................................................................ 113
ملاحظتنا علی هذا الوجه ................................................................................. 114
الوجه الرابع: ما اختاره المحقق النائینی (قدس سره) و هو التقیید بالعطف ب- «الواو» ................. 115
إیراد المحقق الخوئی علی هذا الوجه .................................................................. 117
الوجه الخامس: ما اختاره المحقق الخوئی (قدس سره) و هو التقیید بالعطف ب- «أو» .................. 118
تقریر العلامة المظفر (قدس سره) لهذا الوجه ...................................................................... 120
الحاصل ...................................................................................................................... 120
التنبیه الثالث: تداخل الأسباب و المسببات (و فیه مطلبان) .............................................. 121
المطلب الأول: تداخل الأسباب و الکلام فیها فی خمس جهات .................................... 122
الجهة الأُولی: خمس مقدمات ذکرها المحقق النائینی و الخویی (قدس سرهما) ................................ 122
الف) المقدمة الأُولی: النزاع فیما لم یعلم التداخل أو عدمه من الخارج ....................... 122
ب) المقدمة الثانیة: ................................................................................................ 123
ج) المقدمة الثالثة: النزاع فیما کان الجزاء قابلاً للتعدد .............................................. 124
د) المقدمة الرابعة: النزاع فیما کان الشرط قابلاً للتعدد ............................................. 124
هل الإفطار یقبل التعدد؟ (فیه قولان) .............................................................. 124
القول الأول: ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) ................................................................ 124
القول الثانی: ما أفاده المحقق الیزدی (قدس سره) ................................................................ 127
ملاحظتنا علی هذا القول .......................................................................... 127
ه) المقدمة الخامسة: هل النزاع مبنی علی کون الأسباب الشرعیة معرفات أو مؤثرات؟ . 128
بیان القول بالبناء المنسوب إلی فخر المحققین (قدس سره) .................................................. 128
إیرادات ثلاثة علی هذا القول ................................................................... 129
الإیراد الأول: ما أفاده المحقق الخراسانی (قدس سره) .................................................. 129
الإیراد الثانی: ما أفاده المحقق الخراسانی (قدس سره) أیضاً .......................................... 130
الإیراد الثالث: ما أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) .................................................... 130
ص: 524
الحاصل ........................................................................................................... 130
الجهة الثانیة: الأقوال فی المسألة (و هی ثلاثة) ............................................................... 131
القول الأول: التداخل (اختاره المحقق الخوانساری (قدس سره)) ................................................. 131
القول الثانی: عدم التداخل (اختاره المحقق الخراسانی و النائینی (قدس سرهما) و غیرهما) ............ 132
القول الثالث: التفصیل (اختاره ابن ادریس (قدس سره)) ........................................................... 132
الجهة الثالثة: فی ذکر الأدلة (استدل علی عدم التداخل بثلاثة أوجه) ............................... 134
الوجه الأول: ما أفاده المحقق الخراسانی (قدس سره) .................................................................. 134
الوجه الثانی: ما أفاده المحقق النائینی (قدس سره) ..................................................................... 137
الوجه الثالث: ما أفاده المحقق الإصفهانی (قدس سره) ................................................................ 137
الجهة الرابعة: الأصل العملی فی المسألة ......................................................................... 141
بیان المحقق النائینی (قدس سره) ............................................................................................. 141
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا البیان ....................................................................... 141
المطلب الثانی: تداخل المسببات (و فیه جهتان) ................................................................. 143
الجهة الأُولی: الحق عدم التداخل (و الدلیل علیه ثلاث) ................................................ 143
الف) الدلیل الأول: إطلاق دلیل الحکم .................................................................... 143
ب) الدلیل الثانی: استصحاب بقاء الحکم .................................................................. 143
ج) الدلیل الثالث: الاشتغال ..................................................................................... 143
الجهة الثانیة: فی استثناء ذکر فی المسألة (و هو ما کانت النسبة بین المتعلقین العموم من وجه) ........ 144
الفصل الثانی: مفهوم الوصف
المقدمة الأولی: محل النزاع ما کان الوصف فیه معتمداً علی موصوعه ....................... 153
المقدمة الثانیة فی نسبة الوصف إلی موصوفه و أنّه فی أی نسبة یجری النزاع؟ ........... 153
للوصف بالنسبة إلی موصوفه أربع نسب: ................................................................ 154
التساوی: و هذه الصورة خارجة عن محلّ النزاع ................................................. 154
العموم المطلق: و هذه الصورة خارجة عن محلّ النزاع أیضاً ............................... 154
وجه خروج هذین الصورتین ببیان المحقق النائینی (قدس سره) ........................................... 154
الخصوص المطلق: و هذه الصورة داخلة ............................................................. 154
العموم و الخصوص من وجه ............................................................................... 154
مورد افتراق الموصوف عن الوصف داخل (صرّح به المحقق الخراسانی و النائینی (قدس سرهما) و غیرهما) .. 154
مورد افتراق الوصف عن الموصوف خارج .......................................................... 154
ص: 525
الأقوال فی المسألة (و هی أربعة) ........................................................................................ 155
القول الأول: ثبوت مفهوم الشرط (و هو مختار المحقق الخراسانی و النائینی (قدس سرهما) و غیرهما) ...... 155
أدلة القول الأول (نذکر منها ستة) ............................................................................ 156
الدلیل الأول: لغویة الوصف علی القول بعدم ثبوت المفهوم ........................... 156
ملاحظة علی هذا الدلیل .............................................................................. 157
الدلیل الثانی: الأصل فی القیود الحترازیة (استدل به الشیخ محمد تقی الإصفهانی (قدس سره)) ......... 157
إیراد المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الدلیل .................................................... 157
الدلیل الثالث: ما استدل به الشیخ البهائی (قدس سره) ....................................................... 157
إیرادان علی هذا الدلیل: .............................................................................. 158
الإیراد الأول ما ذکره الشیخ الأنصاری (قدس سره) ..................................................... 158
ملاحظتنا علی هذا الإیراد ......................................................................... 158
الإیراد الثانی ما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) ................................................... 158
ملاحظة علی هذا الإیراد (أفادها المحقق الإصفهانی (قدس سره)) ............................... 159
الدلیل الرابع: التبادر (أفاده الشیخ الأنصاری (قدس سره)) ................................................ 159
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ............................................................................ 159
الدلیل الخامس: ما استدل به المحقق الإصفهانی (قدس سره) ............................................. 159
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ............................................................................ 160
الدلیل السادس: الاستدلال الروائی (روایة زرارة) ..................................................... 161
القول الثانی: عدم ثبوت مفهوم الوصف (مختار الشیخ البهائی و الشیخ الأنصاری (قدس سرهما)) .......... 162
دلیل القول الثانی: أفاده المحقق النائینی (قدس سره) ......................................................... 163
ملاحظتنا علی هذا الدلیل .................................................................................. 164
القول الثالث: تفصیل العلامة الحلی (قدس سره) ..................................................................... 164
دلیل القول الثالث .............................................................................................. 164
القول الرابع: تفصیل المحقق الخوئی (قدس سره) ..................................................................... 165
دلیل القول الرابع ................................................................................................ 165
القول الخامس: التفصیل الّتی اخترناه .................................................................... 168
التحقیق فی المسألة تفصیل ثالث و هو القول الخامس ......................................... 169
الفصل الثالث: مفهوم الغایة
(والبحث هنا یقع فی مقامین)
المقام الأول: هل تدل الغایة علی إنتفاء سنخ الحکم عن غیر المغیی؟ ....................... 178
ص: 526
أما الأقوال المهمّة فهی خمسة: ................................................................................. 178
القول الأول: ثبوت مفهوم الغایة(و هو قول المشهور) ........................................ 178
القول الثانی: عدم ثبوت مفهوم الغایة (و هو المنسوب إلی السید و الشیخ (قدس سرهما)) .... 179
القول الثالث: التفصیل بین ما کانت الغایة قیداً للحکم و قیداً للموضوع (و هو مختار المحقق الخراسانی (قدس سره)) 180
القول الرابع: التفصیل بین مقام الثبوت و الإثبات (و هو مختار المحقق النائینی (قدس سره) و بعض الأساطین و هو راجع إلی القول الأول) 181
القول الخامس: تفصیل المحقق الخوئی (قدس سره) .............................................................. 182
أما ذکر الأدلة و مناقشتها ......................................................................................... 184
الدلیل علی القول الأول و الثانی و مناقشتهما ....................................................... 184
الدلیل علی القول الثالث ...................................................................................... 184
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ................................................................................. 184
بیان القول الرابع و الدلیل علیه ........................................................................... 186
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الدلیل ................................................................ 187
بیان القول الخامس و الدلیل علیه ....................................................................... 187
ایراد بعض الأساطین علی هذا الدلیل ................................................................ 189
التحقیق فی المسألة ثبوت مفهوم الغایة مطلقاً ......................................................... 189
المقام الثانی: هل الغایة داخلة فی حکم المغیی أو لا؟ (اختلفوا فاختاروا أقوالا) ...................... 191
أما الأقوال ................................................................................................................. 191
القول الأول: الدخول ............................................................................................ 191
القول الثانی: عد الدخول (و هو مختار المحقق الرضی و الشیخ الأنصاری (قدس سرهما) و غیرهما) ................. 192
القول الثالث: التفصیل بین ما کانت الغایة من حنس المغیی و ما لم تکن .......... 193
القول الرابع: التفصیل بین «حتی» و «إلی» و هو مختار المحقق النائینی (قدس سره) ......... 194
القول الخامس: التفصیل بین ما کانت الغایة قیداً للفعل؟ و ما کانت قیداً للحکم (و هو مختار المحقق الحائری (قدس سره)) 195
القول السادس: عدم الظهور فی أحدهما (و هو مختار المحقق المظفر و الجزائری (قدس سرهما)) ........... 196
تکملة: محل النزاع ما لم تکن الغایة قیداً للحکم ................................................. 199
أما ذکر الأدلة و مناقشتها ........................................................................................ 200
ص: 527
دلیل صاحب الکفایة علی القول الأول ................................................................. 200
بیان المحقق الإصفهانی بالنسبة إلی القول الأول .................................................. 200
إیراد علی القول الثالث ........................................................................................ 201
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی القول الرابع ................................................................ 201
إیراد علی القول الخامس ...................................................................................... 202
الفصل الرابع: مفهوم الحصر
(و فیه أمران)
أما فی کلمة «إلّا» (ففیه ثلاثة مطالب) ....................................................................... 206
المطلب الأول: دلالتها علی المفهوم ........................................................................... 206
«إلّا» علی قسمین: ................................................................................................. 206
الف) القسم الأول: بمعنی «الاستثناء» و هذه تدل علی المفهوم خلافاً لأبی حنیفة . 206
ب) القسم الثانی: بعمنی «غیر» ........................................................................ 206
اختار المحقق الخراسانی و النائینی (قدس سرهما) و غیرهما عدم دلالتها علی المفهوم، والحق دلالتها علی المفهوم لما تقدم فی مفهوم الوصف 207
المطلب الثانی: هل دلالة الاستثناء مفهومیة أو منطوقیة؟ ......................................... 207
المطلب الثالث: ما الخبر فی کلمة التوحید؟ ............................................................... 208
أما فی کلمة «إنما» ........................................................................................................ 210
فی دلالتها علی المفهوم ............................................................................................... 222
«إنما» تستعمل فی معنیین: ..................................................................................... 210
الف) لقصر الصفة علی الموصوف و هی تدل علی المفهوم فی هذه الصورة .......... 210
ب) للمبالغة و هی لاتدلّ علی المفهوم فی هذه الصورة ...................................... 210
هل دلالتها مفهومیة أو منطوقیة؟ ............................................................................ 211
الفصل الخامس: مفهوم اللقب و العدد
أمّا اللقب فالحق فیه عدم ثبوت المفهوم ..................................................................... 217
و أمّا العدد ففیه قولان: ................................................................................................ 217
القول الأول و هو قول الأکثر: عدم ثبوت المفهوم ..................................................... 217
القول الثانی: التفصیل بین ما کان العدد لحصر المعدود فی معین و غیره ................. 218
ص: 528
البحث الرابع: العام و الخاص
(و فیه اثنا عشر فصلاً)
الفصل الأول: تعریف العام و تقسیمه
(فیه أمران)
أما تعریف العام .......................................................................................................... 229
التعریف الأول: من أبی الحسن البصری .................................................................... 229
التعریف الثانی: من الغزالی ........................................................................................ 230
التعریف الثالث: من المحقق (قدس سره) فی المعارج .................................................................. 231
التعریف الرابع: من العلامة (قدس سره) فی النهایة ..................................................................... 231
التعریف الخامس: من الشیخ البهائی (قدس سره) ....................................................................... 232
التعریف السادس: من صاحب الفصول (قدس سره) .................................................................. 233
التعریف السابع: من المحقق الخراسانی (قدس سره) ................................................................... 233
التعریف الثامن: من المحقق الخوئی (قدس سره) ........................................................................ 234
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) فی کون التعاریف لفظیة ...................................................... 234
ایراد المحقق الإصفهانی (قدس سره) علیه ................................................................................... 234
أما الثانی: أقسام العام (ففیه ثلاثة مطالب) ................................................................. 235
المطلب الأول: انقسام العام إلی الإستغراقی و المجموعی و البدلی ........................... 235
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) فی منشأ هذا التقسیم .......................................................... 235
إیراد المحقق الخوئی علیه ........................................................................................ 235
المطلب الثانی: الفرق بین العام و المطلق الشمولی ................................................... 236
بیان المحقق الخوئی (قدس سره) فی الفرق ................................................................................. 236
المطلب الثالث: الفرق بین العام و نظائر «العشرة» ................................................. 237
الفصل الثانی: ألفاظ العموم
(فیه أمران)
الأمر الأول: هل وُضعت ألفاظ للعموم؟ (فیه قولان) ...................................................... 242
واستدل علی إنکار الوضع بوجهین ........................................................................... 242
الوجه الأول: .............................................................................................................. 242
ص: 529
إیرادان من المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الوجه ......................................................... 243
الوجه الثانی: .............................................................................................................. 243
إیرادات ثلاثة من المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الوجه ................................................ 243
الأمر الثانی: تعیین ألفاظ العموم (والبحث فی ثلاثة موارد) .................................................... 244
المورد الأول: «کل» وما بمعناه ................................................................................... 244
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) فی توقف دلاله علی العموم علی مقدمات الحکمة ................ 244
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علیه ...................................................................................... 244
المورد الثانی: النکرة فی سیاق النفی أو النهی (فیه مسألتان) ........................................... 246
المسألة الأُولی: هل یتوقف دلاله علی العموم علی جریان مقدمات الحکمة (فیه قولان) . 246
الف) القول الأول: توقفها علی جریان مقدمات الحکمة ..................................... 246
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) .............................................................................. 246
بیان المحقق الخوئی (قدس سره) .................................................................................. 247
ب) القول الثانی: عدم توقفها علی جریان مقدمات الحکمة (مختار المحقق القمی (قدس سره)) ... 247
یلاحظ علیه .............................................................................................. 247
ج) التحقیق: ما أفاده المحقق الخراسانی و الخویی (قدس سرهما) ......................................... 248
المسألة الثانیة: هل دلالتها علی العموم عقلیة أو وضعیة؟ (نذکر فیه قولین) .............. 248
الف) القول الأول: دلالتها عقلیة لا وضعیة ........................................................ 248
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) .............................................................................. 248
ب) القول الثانی: دلالتها لا عقلیة و لا وضعیة .................................................... 249
بیان المحقق الاصفهانی (قدس سره) .............................................................................. 249
ج) الحاصل ..................................................................................................... 249
المورد الثالث: الجمع و المفرد المحلّی ب- «أل» ........................................................... 250
هل یتوقف دلالته علی العموم علی جریان مقدمات الحکمة (فیه قولان): ................ 250
الف) القول الأول: التوقف (و هو مختار المحق الخراسانی و الإصفهانی (قدس سرهما) و غیرهما) ............. 250
استدلال المحقق الخراسانی (قدس سره) ........................................................................ 251
ب) القول الثانی: عدم التوقف (و هو مختار المحقق القمی (قدس سره)) ............................. 251
استدلال المحقق القمی (قدس سره) بوجوه ثلاثة .......................................................... 251
یلاحظ علیه ........................................................................................ 251
الفصل الثالث: عدم مجازیة العام المخصص
الأمر الأول: هل العام المخصّص مجاز أو لا؟ (فیه أربعة أقوال) .......................................... 257
ص: 530
القول الأول: هو مجاز مطلقاً .................................................................................... 257
القول الثانی: هو حقیقة مطلقاً (و هو مختار المحقق الخراسانی (قدس سره)) ............................. 257
القول الثالث: التفصیل بین التخصیص المتصل و المنفصل ......................................... 257
القول الرابع: عکس القول الثالث .............................................................................. 257
دلیل المحقق الخراسانی (قدس سره) علی القول الثانی .................................................................. 257
الحاصل ..................................................................................................................... 258
الأمر الثانی: هل العام المخصص حجة فی الباقی أو لا؟ ................................................ 259
الفصل الرابع: سرایة إجمال المخصِّص إلی العام
(فیه مقامان)
المقام الأول: الشبهة المفهومیة (فیه صور أربع) .................................................................. 265
الصورة الأُولی: کون المخصص متصلاً مردداً بین الأقل و الأکثر (الحق فیه سرایة الإجمال) . 265
الوجه فی سرایة الإجمال .......................................................................................... 265
الصورة الثانیة: کون المخصص متصلاً مردداً بین المتباینین (الحق فیه سرایة الإجمال أیضاً) ... 265
الصورة الثالثة: کون المخصص منفصلاً مردداً بین الأقل و الأکثر (فیه ثلاثة أقوال) ........... 265
القول الأول: سرایة الإجمال (و هو مختار المحقق الحائری (قدس سره)) ................................................ 266
دلیل القول الأول ............................................................................................. 266
القول الثانی: عدم السرایة (و هو مختار المحقق الخراسانی و النائینی و الخوئی و المشهور) ................ 266
القول الثالث: التوقف (و هو مختار بعض الأساطین) ............................................... 267
استدل علی القول الثانی بوجوه ......................................................................... 267
الف) الوجه الأول لنظریة المشهور .................................................................... 267
ب) الوجه الثانی للتمسک بالعام ( أفاده المحقق النائینی (قدس سره)) .................................. 267
ج) الوجه الثالث ( قرره بعض الأساطین) .......................................................... 268
إشکال علی هذا الوجه(نقله المحقق النائینی (قدس سره)) ............................................ 269
جواب المحقق النائینی (قدس سره) عن هذا الإشکال .................................................... 269
ردّ بعض الأساطین لهذا الجواب .................................................................. 270
جواب بعض الأساطین عن هذا الإشکال ...................................................... 271
استدلال بعض الأساطین علی القول الثالث ........................................................ 271
ملاحظتنا علی هذا الاستدلال ............................................................................ 271
الصورة الرابعة: کون المخصص منفصلاً مردداً بین المتباینین (الحق فیه سرایة الإجمال) ...... 272
الوجه فی سرایة الإجمال .......................................................................................... 272
ص: 531
المقام الثانی: الشبهة المصداقیة (المخصّص علی قسمین: لفظی و لبّی) ......................................... 273
الجهة الأُولی: التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة إذا کان المخصّص لفظیاً .............. 276
المخصّص اللفظی المتّصل: ....................................................................................... 276
المخصّص اللفظی المنفصل: ..................................................................................... 276
القول الأول: لایجوز التمسک بالعام فیه أیضا.................................................................
276
القول الثانی: جواز التمسک بعموم العام فی الشبهة المصداقیة (استدل علیه بوجهین) .. 277
الوجه الأوّل: قاعدة المقتضی و المانع ........................................................... 277
إیراد المحقّق النائینی (قدس سره) علی هذا الاستدلال: .................................................. 277
الوجه الثانی: .............................................................................................. 278
إیراد المحقّق النائینی (قدس سره): .............................................................................. 278
الجهة الثانیة: التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیة إذا کان المخصّص لبّیاً (فی هذا القسم نذکر أربع نظریات) 279
النظریة الأُولی: ....................................................................................................... 279
النظریة الثانیة: عن صاحب الکفایة (قدس سره) ....................................................................... 279
إنّ المخصّص اللبّی علی قسمین: ........................................................................ 279
الأوّل: .............................................................................................................. 279
الثانی: (و استدل علیه بوجوه أربعة) ........................................................................... 279
الوجه الأوّل: .............................................................................................. 280
الوجه الثانی: .............................................................................................. 280
الوجه الثالث: ............................................................................................ 280
الوجه الرابع: ............................................................................................. 280
إیراد بعض الأساطین علی هذه الوجوه: ................................................ 281
أما الوجه الأول فیرد علیه: ................................................................... 281
أما الوجه الثانی فیرد علیه: ................................................................... 281
أما الوجه الثالث فیرد علیه: ................................................................. 281
أما الوجه الرابع فیرد علیه: ................................................................... 281
النظریة الثالثة: عن المحقّق النائینی (قدس سره) ....................................................................... 281
إیراد المحقّق الخوئی (قدس سره) علیها ............................................................................... 283
النظریة الرابعة: نظریة المحقّق الخوئی (قدس سره) ................................................................... 283
فتحصّل من ذلک أنّ هنا صوراً أربع: .................................................................. 285
خلاصة البحث ........................................................................................................... 286
ص: 532
الفصل الخامس: إحراز المصداق المشتبه بالأصل العملة الموضوعی
(فیه أمران و تنبیهان)
الأمر الأول: هل یتعنون العام بنقیض عنوان الخاص أو لا؟ ....................................... 289
آراء الأعلام فی هذه المسألة ........................................................................................ 290
الأول: رأی المحقق الخراسانی (قدس سره) .................................................................................... 290
الف) تفسیران ذکرا لکلام المحقق الخراسانی (قدس سره) ........................................................... 290
التفسیر الأول: ما ذکره المحقق الإیروانی و الخوئی و الجزائری (قدس سرهم) ........................... 290
التفسیر الثانی: ما ذکره المحقق الإصفهانی (قدس سره) ......................................................... 291
ب) الصواب فی تفسیر کلامه ................................................................................... 292
الثانی: إستدلال المحقق النائینی (قدس سره) علی التعنون ........................................................... 292
الثالث: رأی المحقق الإصفهانی (قدس سره) .................................................................................. 293
ملاحظتنا علیه ...................................................................................................... 294
الرابع: بیان المحقق الروحانی (قدس سره) .................................................................................... 294
ملاحظتنا علیه ...................................................................................................... 295
الخامس: إستدلال بعض الأساطین علی التعنون ........................................................ 295
التحقیق فی المسألة: (و هو تعنون العام بعدم الخاص) ........................................................... 295
الأمر الثانی: ما الأصل العملی اذا شک فی دخول فرد تحت العام أو الخاص؟ (فیه نظریات) . 297
مقدمة (فیها مطلبان) ...................................................................................................... 297
المطلب الأول: الأصل العملی إما موضوعی و إما حکمی ........................................... 297
المطلب الثانی: قد یکون الأصل الموضوعی استصحاب العدم الأزلی ............................. 297
النظریة الأولی: ما أفاده المحقق الخراسانی (قدس سره) (نذکرها ضمن مطالب ثلاثة).............................. 298
المطلب الأول: محل النزاع عند صاحب الکفایة ........................................................ 298
المطلب الثانی: بیان نظریته ..................................................................................... 299
المطلب الثالث: تتمة نظریة صاحب الکفایة فی جریان استصحاب العدم الأزلی .......... 297
مقدمة: فی بیان آراء الأعلام فی استصحاب العدم الأزلی ........................................ 299
إیراد المحقق البروجردی (قدس سره) علی استصحاب العدم العزلی ...................................... 301
جواب بعض الأساطین عنه ............................................................................... 301
إیرادان علی النظریة الأولی .................................................................................... 302
الإیراد الأول ........................................................................................................... 302
جواب المحقق الإصفهانی (قدس سره) عن هذا الإیراد .......................................................... 303
ص: 533
الإیراد الثانی: ما أفاده بعض الأساطین ...................................................................... 303
جواب عن هذا الإیراد ............................................................................................ 304
النظریة الثانیة: ما أفاده المحقق الإصفهانی ............................................................... 304
النظریة الثالثة: ما أفاده بعض الأساطین بمقدمتها الخمس ....................................... 305
النظریة الرابعة: ما أفاده المحقق النائینی بمقدماتها الثلاث ...................................... 308
إیراد المحقق الخوئی علی نظریة المحقق النائینی (قدس سره) .................................................... 312
النظریة الخامسة: ما أفاده المحقق العراقی (قدس سره) ............................................................. 312
إیرادات أربعة من بعض الأساطین .......................................................................... 314
الحاصل ..................................................................................................................... 316
التنبیه الأول: دوران الأمر بین التخصیص و التخصص ................................................ 317
قال المشهور: إنّ التخصص مقدم ............................................................................... 317
استدلال المشهور ....................................................................................................... 317
إیراد علی هذا الاستدلال ......................................................................................... 317
التنبیه الثانی: صورة أُخری من دوران الأمر بین التخصیص و التخصص (فیه قولان) ........ 319
القول الأول: جواز التمسک بالعام (اختاره المحقق النائینی و الخوئی (قدس سرهما)) .................. 319
القول الثانی: عدم جواز التمسک بالعام (اختاره بعض الأساطین) .............................. 319
دلیل علی هذا القول .............................................................................................. 319
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ....................................................................................... 320
الفصل السادس: عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص
(فیه مقدمة و أمران)
مقدمة: هل یفترق الفحص فی موارد الأُصول اللفظیة و العملیة؟ ............................... 325
قول المحقق الخراسانی و النائینی (قدس سرهما): (هما یفترقان) ................................................... 325
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا القول ....................................................................... 326
الحاصل انّه لافرق بینهما ........................................................................................ 327
الأمر الأول: الأدلة التی أقاموها علی عدم الجواز (و هی ستة) .................................. 328
الدلیل الأول .............................................................................................................. 329
إیرادان من المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الدلیل ............................................................ 330
الدلیل الثانی: ما ذکره الشیخ الأنصاری (قدس سره) ..................................................................... 330
ص: 534
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الدلیل ...................................................................... 331
الدلیل الثالث: ما ذکره المحقق النائینی (قدس سره) ................................................................... 331
إیرادات ثلاثة من بعض الأساطین ............................................................................ 333
الدلیل الرابع: ما ذکره المحقق الخوئی (قدس سره) ...................................................................... 335
الدلیل الخامس: و هو دلیل عقلائی ذکره المحقق الخراسانی و العراقی (قدس سرهما) و اختاره بعض الأساطین 336
الدلیل السادس: و هو دلیل نقلی ذکره المحقق العراقی و الخویی (قدس سرهما) ....................... 337
إیراد بعض الأساطین علی هذا الدلیل ...................................................................... 338
ملاحظتنا علی هذا الإیراد ....................................................................................... 338
الأمر الثانی: فی مقدار الفحص اللازم (و فیه وجوه ثلاثة) ..................................................... 340
الوجه الأول: ما یحصل به العلم ................................................................................ 340
الوجه الثانی: ما یحصل به الاطمینان ......................................................................... 340
الوجه الثالث: ما یحصل به الظن .............................................................................. 340
الحاصل ..................................................................................................................... 341
الفصل السابع: عموم الخطابات الشفاهیة للغائبین و المعدومین
(و النزاع هنا فی أُمور ثلاثة)
الأمر الأول: إمکان تعلق التکلیف بالغائب و المعدوم ................................................ 346
نظریة المحقق الخراسانی (قدس سره) .......................................................................................... 346
إیرادان من المحقق الإصفهانی (قدس سره) ................................................................................ 347
الحاصل ................................................................................................................. 348
الأمر الثانی: إمکان خطاب الغائب و المعدوم ............................................................. 349
قول المحقق الخراسانی (قدس سره) بعدم صحة خطابهما ........................................................... 349
قول المحقق الخوئی (قدس سره) بالتفصیل .................................................................................. 349
الحاصل ..................................................................................................................... 350
الأمر الثالث: فی شمول الموضوع له فی أدوات الخطاب للغائب و المعدوم ................. 351
قول المحقق الخوئی (قدس سره) بالشمول، لوضع تلک الأدوات للخطاب الإنشائی ..................... 351
التنبیه الأول: فی تفصیل ذکره المحقق النائینی (قدس سره) بین القضایا الحقیقیة و الخارجیة ...... 353
ص: 535
إیراد المحقق الإصفهانی و الخویی (قدس سرهما) علیه .................................................................. 353
التنبیه الثانی: فی ثمرة هذا البحث ................................................................................. 354
الفصل الثامن: تعقّب العامّ بضمیر یرجع إلی بعض أفراده
(هناک أقوال ثلاثة)
القول الأول: ما اختاره المحقق النائینی من جریان أصالة العموم ............................... 359
استدلال المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا القول .............................................................. 359
إیراد ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الاستدلال ..................................................... 361
جواب المحقق النائینی (قدس سره) عن هذا الإیراد ................................................................... 362
استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علی هذا القول ................................................................. 363
تذییل المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الاستدلال ............................................................... 363
ملاحظتنا علی هذا الاستدلال .................................................................................. 364
الحاصل ..................................................................................................................... 364
القول الثانی: ما اختاره المحقق الخوئی (قدس سره) من جریان أصالة عدم الاستخدام .................. 364
الدلیل علی هذا القول ............................................................................................... 365
ملاحظتان منّا علی هذا الدلیل ................................................................................ 366
القول الثالث: ما اختاره بعض الأساطین من تعارض الأصلین و الرجوع إلی الأصل العملی . 367
الدلیل علی هذا القول ............................................................................................... 367
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ....................................................................................... 368
تحقیق أنّ مختار المحقق الخراسانی (قدس سره) القول الأول أو القول الثالث؟ ............................ 368
الفصل التاسع: تعارض العموم و المفهوم
مقدمة: فی تقسیم المفهوم إلی المخالف و الموافق و الموافق إلی أربعة أقسام ............. 371
بیان المحقق النائینی (قدس سره) ................................................................................................ 371
إیراد المحقق الإصفهانی و الخویی (قدس سرهما) علیه ................................................................. 373
جواب بعض الأساطین عن الإیراد ............................................................................ 373
ملاحظتنا علی هذا الجواب ..................................................................................... 374
هل یخصَّص العام بالمفهوم المخالف (فیه أقوال أربعة) ...................................................... 376
ص: 536
القول الأول: تقدیم العامّ علی المفهوم ...................................................................... 377
الدلیل علی هذا القول ............................................................................................ 377
الإیراد علیه ..................................................................................................... 377
القول الثانی: تقدیم المفهوم علی العامّ (و استدل علیه بوجهین) ............................................ 378
الوجه الأول: أخصیة المفهوم .................................................................................... 378
الإیراد علی هذا الوجه ...................................................................................... 378
الوجه الثانی: دلالة العام علی العموم لفظیة و دلالة القضیة علی المفهوم عقلیة .......... 379
الإیراد علی هذا الوجه ...................................................................................... 379
القول الثالث: التفصیل الذی أفاده المحقق الخراسانی (قدس سره) .............................................. 379
الدلیل علی هذا القول ............................................................................................ 380
ملاحظتنا علی هذا الدلیل ....................................................................................... 380
القول الرابع: التفصیل الذی أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) فی حال التعارض بالعموم من وجه 381
بیان المحقق الخوئی (قدس سره) ............................................................................................... 381
ملاحظتنا علیه ....................................................................................................... 383
الفصل العاشر: تعقب الاستثناء للجمل
(فی المسألة أقوال نذکر منها خمسة)
القول الأول: رجوع الاستثناء إلی الجمیع (و هذا القول منسوب إلی الشیخ و صاحب المعالم (قدس سرهما)) ......... 388
القول الثانی: رجوع الإستثناء إلی الجملة الأخیرة ............................................................ 388
القول الثالث: الإجمال (و هو مختار المحقق الخراسانی (قدس سره)) ............................................. 388
القول الرابع: التفصیل بین ما لم یکرر عقد الوضع فیرجع إلی الجمیع و بین ما کرّر عقد الوضع فی الجملة تاخیرة فیرجع إلیها 389
القول الخامس: التفصیل الذی أفاده المحقق الخوئی (قدس سره) بین ما کان تعدد العام بتعدد الموضوع أو المحمول أو کلیهما (و هو مختار المحقق النائینی (قدس سره)) ..................................................................................................................... 389
الحاصل ......................................................................................................................... 391
الفصل الحادی عشر: تخصیص الکتاب بخبر الواحد
(و فیه أمران)
الأمر الأول: فی ذکر الأقوال عند الخاصة و العامة ........................................................ 395
أمّا عند الخاصة فقول واحد (و هو الجواز) .............................................................. 396
و أما عند العامة فالأقوال أربعة: ............................................................................... 396
ص: 537
القول الأول: عدم الجواز مطلقاً ............................................................................... 396
القول الثانی: التفصیل بین ما خصّص بمخصّص قطعی قبلاً و ما لم یخصّص ................. 396
القول الثالث: التفصیل بین المخصص المتصل و المنفصل ........................................... 396
القول الرابع: التوقف .............................................................................................. 396
الأمر الثانی: فی ذکر الأدلة ............................................................................................. 397
أما قول الخاصة بالجواز فاستدل علیه بوجهین: ....................................................... 397
الوجه الأول: ما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) من سیرة الأصحاب ..................................... 397
الوجه الثانی: ما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) أیضاً من لزوم إلغاء الخبر بالمرة لو لم نقل بالجواز 397
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا الوجه ................................................................ 397
جواب بعض الأساطین عن الإیراد ..................................................................... 398
الحاصل ................................................................................................................. 398
و أما أقوال العامة: ................................................................................................... 399
فالدلیل علی القول الأول أربعة وجوه ذکرها المحقق الخراسانی (قدس سره) و أجاب عنها ............ 399
الف) الوجه الأول: عدم جواز رفع الید عن القطعی بالظنی ............................... 399
إیرادات ثلاثة علی هذا الوجه ..................................................................... 399
ب) الوجه الثانی: القدر المتیقن من الدلیل علی حجیة الخبر، الخبر الذی لیس مخالفاً لعموم الکتاب 400
إیراد علی هذا الوجه .................................................................................. 400
ج) الوجه الثالث: الأخبار .................................................................................. 400
إیرادات أربعة علی هذا الوجه .................................................................... 400
د) الوجه الرابع: الملازمة بین التخصیص و النسخ ............................................... 401
إیراد علی هذا الوجه .................................................................................. 401
والدلیل علی القول الثانی أنّ التخصیص الثانی لایوجب التجوز ثانیاً ............................. 402
إیراد علی هذا الدلیل ....................................................................................... 402
والدلیل علی القول الثالث: أنّ المخصص المتصل لایوجب التجوز بخلاف المنفصل ........ 402
إیراد علی هذا الدلیل ....................................................................................... 402
الفصل الثانی عشر: الدوران بین التخصیص و النسخ
(فیه مقدمة و تنبیهان)
مقدمة فی بیان صور المسألة (و هی ثمان): .................................................................. 405
الخاص إمّا منفصل عن العام .................................................................................... 406
ص: 538
إما کلاهما معلوم التاریخ ........................................................................................ 406
الف) إما نعلم بتقدم العام ............................................................................... 407
إما جاء الخاص قبل وقت العمل بالعام (و هی الصورة الأُولی) .................... 407
و إما جاء الخاص بعد وقت العمل بالعام (و هی الصورة الثانیة) ................. 407
ب) و إما نعلم بتدم الخاص ............................................................................. 407
إما جاء العام قبل وقت العمل بالخاص (و هی الصورة الثالثة) ..................... 407
و إما جاء العام بعد وقت العمل بالخاص (و هی صورة الرابعة) .................. 407
ج) و إما نعلم بتقارنهما (و هی الصورة الخامسة) ............................................. 407
و إما کلاهما مجهول التاریخ (و هی الصورة السادسة) ............................................. 407
و إما أحدهما معلوم التاریخ و الآخر مجهول التاریخ (و هی الصورة السابعة) ........... 407
و أما متصل به (و هی الصورة الثامنة) .................................................................... 407
أما الصورة الأُولی: هل یمکن أن یکون الخاص ناسخاً للعام فیه قولان ........................ 408
القول الأول: عدم الإمکان (و هو مختار المحقق الخراسانی و الخویی (قدس سرهما) و بعض الأساطین ......... 408
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا القول ..................................................... 408
القول الثانی: الإمکان (و هو مختار المحقق النائینی و العراقی (قدس سرهما)) ....................... 409
الف) استدلال المحقق النائینی (قدس سره) علی إمکان النسخ فی القضایا الحقیقیة غیر الموقتة 409
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علیه .......................................................................... 410
ب) استدلال المحقق العراقی (قدس سره) علی إمکان النسخ ......................................... 410
ملاحظتان علی هذا الاستدلال .................................................................... 411
الحاصل عدم إمکان النسخ فی الصورة الأُولی ..................................................... 412
أما الصورة الثانیة: وفیها نظریتان ............................................................................ 413
النظریة الأُولی: التفصیل بین ورود العام لبیان الحکم الواقعی و الظاهری (و هو مختار الشیخ الأنصاری و المحقق الخراسانی (قدس سرهما) و غیرهما) ....................................................................................................................... 413
الدلیل علیها .............................................................................................. 413
إیراد المحقق الإصفهانی (قدس سره) علی هذا الدلیل ..................................................... 413
النظریة الثانیة: الخاص، مخصص لا ناسخ (و هو مختار المحقق الإصفهانی (قدس سره)) ......... 414
استدلال المحقق الإصفهانی (قدس سره) علیها ............................................................... 414
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علیها .................................................................... 414
ملاحظتنا علی هذا الاستدلال ...................................................................... 416
الحاصل کون الخاص مخصصاً فی الصورة الثانیة .................................................. 416
أما الصورة الثالثة: و فی هذه الصورة لایمکن جعل العام ناسخاً، لوجهین ................... 417
الوجه الأول: لزوم اللغویة من النسخ ................................................................ 417
ص: 539
الوجه الثانی: لاحکم حتی یفرض نسخه لعدم إمکان الانبعاث ............................. 417
أما الصورة الرابعة: و فیها یکون الخاص مخصصاً (و استدل علیه بوجوه نذکر منها اثنین) ........ 418
الوجه الأول: ما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) ............................................................ 418
إیراد المحقق النائینی (قدس سره) علیه ........................................................................ 418
جواب المحقق الخوئی (قدس سره) عن هذا الإیراد ........................................................ 420
الوجه الثانی: ما ذکره المحقق الخوئی (قدس سره) ................................................................ 421
أما الصورة الخامسة: و فیها لایمکن النسخ .............................................................. 422
الدلیل علی عدم إمکان النسخ .......................................................................... 422
أما الصورة السادسة و السابعة: و فیهما الصور الأربع المذکورة فی معلومی التاریخ ............... 423
أما الصورة الثامنة: و فیها لایمکن النسخ أیضاً .......................................................... 424
الدلیل علی عدم إمکان النسخ .......................................................................... 424
التنبیه الأول: إمکان النسخ فی نفسه ........................................................................... 425
التنبیه الثانی: فیما ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره) من اتصال نفس المعصومین (علیهم السلام) بعالم اللوح المحفوظ 428
البحث الخامس: المطلق و المقید
(فیه فصول سبعة)
الفصل الأول: المراد من «المطلق»
(و فیه أمران)
الأمر الأول: تعریف «المطلق» قد ذکروا له تعاریف کثیرة (نذکر منها ثلاثة) ..................... 435
التعریف الأول: ما دلّ علی شائع فی جنسه (و هو لأکثر الأصولیین) ................................... 435
إیراد علی هذا التعریف من صاحب الفصول (قدس سره) .......................................................... 436
جواب المحقق الخراسانی (قدس سره) عن الإیراد ....................................................................... 436
التعریف الثانی: الماهیة لابشرط شیء (ذکره الشهید الثانی (قدس سره)) ............................................... 437
التعریف الثالث: المرسل الذی لم یقید بشیء و هو معناه اللغوی (ذکره المحقق النائینی و الخوئی و المظفر) 437
الحاصل ..................................................................................................................... 437
الأمر الثانی: فی تقابل الإطلاق و التقیید (فیه قولان) ......................................................... 438
ص: 540
القول الأول: تقابل الملکة و عدمها (و هو مختار المحقق النائینی (قدس سره)) ....................................... 438
القول الثانی: التفصیل بین مقام الثبوت و الإثبات (مختار المحقق الإصفهانی و الخویی (قدس سرهما)) ....... 439
الفصل الثانی: ألفاظ «المطلق»
(و هی خمسة فالأُمور خمسة)
الأمر الأول: اسم الجنس (فیه موضعان) ..................................................................... 444
الموضع الأول: هل دلالته علی الإطلاق بالوضع أو بمقدمات الحکمة: (فیه قولان) ... 444
القول الأول: الدلالة وضعیة .................................................................................... 444
القول الثانی: الدلالة بمقدمات الحکمة (ذکره سلطان العلماء (قدس سره) فی حاشیة المعالم و تبعه جمیع المتأخرین) (و استدل علیه بوجوه نذکر منها اثنین) 444
الف) الوجه الأول: التبادر ................................................................................. 445
ب) الوجه الثانی: صحة التقسیم ........................................................................ 445
الموضع الثانی: الموضوع له ل- «اسم الجنس» ............................................................ 446
الف) القول الأول: الکلی الطبیعی (و فی تفسیره ثلاثة أقوال) .............................. 446
الماهیة اللابشرط العقلی (و هو مختار الشیخ الرئیس والمحقق الطوسی (قدس سره) و تبعها المحقق النائینی و الصدر (قدس سرهما)) 447
الماهیة اللابشرط العقلی (و هو مختار المحقق السبزواری (قدس سره) و المستظهر من کلام المحقق الخراسانی (قدس سره) 447
الماهیة المهملة (و هو مختار المححقق الخوئی (قدس سره)) .......................................... 448
ب) القول الثانی: ذات المعنی ولکن الماهیة ملحوظة فی مرحلة الوضع ینحو اللابشرط العقلی (و هو مختار المحقق الإصفهانی و المظفر (قدس سرهما)) 448
فی توضیح الأقوال ................................................................................................... 449
الف) بیان القول الثانی .................................................................................... 449
ب) بیان القول الأول بتفسیره الثالث ................................................................ 452
ج) ملاحظات ثلاث علی هذا البیان ................................................................... 453
الأمر الثانی: علم الجنس (فی الموضوع له «علم الجنس» قولان) ...................................... 455
القول الأول: هو الطبیعة بما هی متعینة بالتعین الذهنی (القول المشهور بین أهل الأدب) .. 455
القول الثانی: هو الموضوع له ل- «اسم الجنس» و الفرق بینهما لفظی ...................... 455
استدلال المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا القول بوجوه ثلاثة ........................................... 456
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی الوجه الأول ............................................................... 457
استدلال المحقق الخوئی (قدس سره) علی هذا القول بوجهین: .................................................... 457
ص: 541
الحاصل ..................................................................................................................... 458
الأمر الثالث: المفرد المعرف باللام ( و فی هذا الأمر موضعان) ................................................. 459
الموضع الأول: فی أقسام المعرف باللام و هی ثلاثة .................................................... 459
ما الدال علی هذه الخصوصیات؟ (فیه قولان) .......................................................... 460
الف) القول الأول: مدخول اللام (و هو قول المشهور) ........................................ 460
ب) القول الثانی: اللام أو القرائن (و هو مختار المحقق الخراسانی (قدس سره)) ...................... 461
الموضع الثانی: فی مدلول اللام (و فیه قولان) ............................................................. 462
القول الأول: هی موضوعة للتعریف و التعیین فی غیر العهد الذهنی ........................ 462
القول الثانی: اللام مطلقاً للتنزیین (و هو مختار المحقق الخراسانی (قدس سره)) ........................... 462
إیرادات ثلاثة من المحقق الخراسانی (قدس سره) علی القول الأول.........................................
462
جواب المحقق الخوئی (قدس سره) عن هذه الإیرادات ......................................................... 463
الحاصل ..................................................................................................................... 464
الأمر الرابع: الجمع المعرف باللام، (هل یتوقف دلالته علی العموم علی جریان مقدمات الحکمة فیه قولان) 465
القول الأول: التوقف، (مختار المحقق الخراسانی (قدس سره) فی بحث العام و الخاص و المحقق الإصفهانی) ............ 465
الدلیل علیه ........................................................................................................... 465
القول الثانی: عدم التوقف (و علی هذا القول، ما المستند فی هذه الدلالة؟ فیه وجهان) .................... 465
الوجه الأول: الوضع (و هو مختار المحقق القمی و المحقق الخراسانی (قدس سرهما) هنا) .............................. 465
بیان المحقق الخراسانی (قدس سره) .................................................................................... 465
ملاحظتنا علی هذا البیان .................................................................................. 466
الوجه الثانی: اللام موضوعة للتعیین و لا تعیین إلّا للمرتبة إلی الجامعة لجمیع الأفراد . 466
إیراد المحقق الخراسانی (قدس سره) علی هذا الوجه ............................................................ 466
جواب المحقق الخوئی (قدس سره) عن هذا الإیراد .............................................................. 467
الحاصل ..................................................................................................................... 467
الأمر الخامس: النکرة (و فیه موضعان) .............................................................................. 468
الموضع الأول: المراد من «النکرة» (و فیه ثلاثة بیانات) ..................................................... 468
البیان الأول: النکرة هی الفرد المردد ........................................................................ 468
البیان الثانی: النکرة قسمان ...................................................................................... 469
البیان الثالث: النکرة هی الطبیعی المقید بالوحدة .................................................... 469
إیراد علی البیان الأول ....................................................................................... 469
ص: 542
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی البیان الثانی ............................................................... 469
الموضع الثانی: هل یکون «النکرة» مطلقاً؟ (و هو مبنی علی المراد من المطلق) ...................... 471
القول الأول: المراد من المطلق عند الأصولیین معناه اللغوی و علیه یکون النکرة مطلقاً 471
القول الثانی: المراد من المطلق الماهیة المقیدة بالإرسال (و هو المنسوب إلی المشهور و علیه لایکون مطلقاً) 471
الحاصل ..................................................................................................................... 472
التتبیه: إنّ التقیید هل یستلزم المجازیة؟ ..................................................................... 473
هل المطلق المقید مجاز أو لا؟ (و هو مبنی علی القولین من کون دلالة المطلق علی الإطلاق بمقدمات الحکمة أو بالوضع) 473
علی الأول: لیس بمجاز أیضاً ................................................................................. 473
و علی الثانی: ......................................................................................................... 473
إما یستفاد التقیید من القرینة المتصلة، فهو مجاز .............................................. 473
إما یستفاد من القرینة المنفصلة، فلیس بمجاز .................................................... 473
الفصل الثالث: فی مقدمات الحکمة
(فیه أمران)
الأمر الأول: فی تعیینها (و اختلف فیه علی قولین) ...................................................... 477
القول الأول: هی ثلاثة التمکن من البیان، و کون المتکلم فی مقام البیان، و عدم الإتیان بقرینة متصلة و لا منفصلة (أفاده المحقق النائینی و الخویی (قدس سرهما)) ................................................................................................................. 477
القول الثانی: هی ثلاثة: کون المتکلم فی مقام البیان و عدم الإتیان بقرینة متصلة و لا منفصلة وانتفاء القدر المتیقن فی مقام التخاطب، (اختاره المحقق الخراسانی و المظفر (قدس سرهما)) ........................................................................................................ 478
الأمر الثانی: فی بیانها (و الکلام فیه فی أربعة مواضع): .................................................. 479
المقدمة الأولی: التمکن من البیان ........................................................................... 479
مقام الثبوت (و تقدم ان تقابل الإطلاق و التقیید فی هذا المقام، بالتضاد) .................. 479
مقام الإثبات (و تقابل الإطلاق و التقیید فی هذا المقام تقابل الملکة و عدمها) ............ 479
المقدمة الثانیة: کون المتکلم فی مقام البیان (و الکلام فی ناحیتین) ........................... 481
الناحیة الأُولی: بیان هذه المقدمة ............................................................................ 481
الناحیة الثانیة: إذا شک فی کون المتکلم فی مقام البیان أو لا فالمرجع أصالة البیان (واستدلّ علیها بأربعة وجوه) 482
الف) الوجه الأول: أصل تطابق مقام الثبوت و الإثبات ....................................... 482
ص: 543
ملاحظتنا علیه ........................................................................................... 482
ب) الوجه الثانی: السیرة العقلائیة ..................................................................... 483
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علیه .......................................................................... 483
ج) الوجه الثالث: سیرة أهل المحاورات (ذکره المحقق الخراسانی (قدس سره)) ...................... 484
جریان إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علی الوجه الثانی هنا أیضاً ................................ 484
د) الوجه الرابع: سیرة المتشرعة ( و هو مختار بعض الأساطین) .......................... 484
ه) الحاصل .................................................................................................... 484
المقدمة الثالثة: عدم الإتیان بقرینة متصلة و لا منفصلة .......................................... 485
المقدمة الرابعة: انتفاء القدر المتیقن فی مقام التخاطب ............................................ 486
بیان هذه المقدمة .................................................................................................. 486
إیرادان علی هذا البیان: .......................................................................................... 486
الف) الإیراد الأول: إیراد بعض الأساطین نقضاً ................................................... 486
ب) الإیراد الثانی: إیراد بعض الأساطین حلاً ........................................................ 487
الفصل الرابع: فی الانصراف
(قیل بتحقق الانصراف المانع عن التمسک بالإطلاق فی مواضع) ................................... 491
الموضع الأول و الثانی: علو مرتبة بعض الأفراد أو دنوها (ذکرهما المحقق الخوئی (قدس سره)) ...... 491
الموضع الثالث: ندرة وجوه بعض الأفراد ....................................................................... 492
الإیراد علیه ................................................................................................................. 493
الموضع الرابع: غلبة وجود بعض الأفراد ........................................................................ 493
الإیراد علیه ................................................................................................................. 493
الفصل الخامس: حمل المطلق علی المقید
(فیه مقامان)
المقام الأول: أن یلاحظ المطلق بنحو صرف الوجود ..................................................... 498
النحو الأول: و «المقید» مخالف ل- «المطلق» ........................................................... 498
النحو الثانی: و المقید موافق ل- «المطلق» و هنا صورتان: ........................................ 498
الصورة الأُولی: إما نعلم بوحدة الحکم فی القضییتین: الحق فیها حمل المطلق علی المقید 498
الصورة الثانیة:
إما نحتمل تعدد الحکم .............................................................. 498
و المحتمل فیها وجوه خمسة ............................................................................ 498
ص: 544
الف) الوجه الأول: حمل المطلق علی المقید ....................................................... 498
ب) الوجه الثانی: حمل المقید علی أفضل الأفراد ................................................. 498
الإیراد علیه ............................................................................................... 499
ج) الوجه الثالث: کونهما من قبیل واجب فی واجاب آخر ................................... 500
الإیراد علیه ............................................................................................... 500
د) الوجه الرابع: کونهما واجبین مستقلین و سقوط المطلق عند إتیان المقید ....... 500
الإیراد علیه ............................................................................................... 500
ه) الوجه الخامس: کونهما واجبین مستقلین و عدم سقوط المطلق عند إتیان المقید 500
الإیراد علیه ............................................................................................... 500
الحاصل ..................................................................................................................... 500
المقام الثانی: أن یلاحظ المطلق بنحو مطلق الوجود ..................................................... 501
الصورة الأُولی: فیها یحمل المطلق علی المقید بلاخلاف ............................................. 501
الصورة الثانیة: ........................................................................................................... 501
هنا نظریاتان مهمتان ................................................................................................ 502
نظریة المشهور: عدم الحمل ...................................................................................... 502
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره) و هی المختار ........................................................................ 502
الفصل السادس: حمل المطلق علی المقید فی المستحبات
(هنا نظریات مهمة بین الأعلام)
النظریة الأولی: عن المشهور و صاحب الکفایة ........................................................... 507
الإیراد الأوّل .............................................................................................................. 507
الإیراد الثانی: عن المحقق الخوئی (قدس سره) .............................................................................. 507
النظریة الثانیة: تفصیل المحقق الخوئی (قدس سره) ....................................................................... 508
الأوّل: أن یکون ذا مفهوم ......................................................................................... 508
الثانی: أن یکون دلیل المقید مخالفاً لدلیل المطلق فی الحکم ..................................... 508
الثالث: أن یکون الأمر فی دلیل المقید متعلقاً بنفس التقیید لا بالقید ....................... 508
الرابع: أن یتعلق الأمر فی دلیل المقید بالقید بما هو .................................................. 508
یلاحظ علیه ......................................................................................................... 510
النظریة الثالثة: تفصیل بعض الأساطین .................................................................... 510
ص: 545
الفصل السابع: المجمل والمبین
تفسیر المجمل و المبین ................................................................................................ 513
أقسام المجمل ............................................................................................................... 513
أمّا الإجمال الحقیقی ................................................................................................. 514
أمّا الإجمال الحکمی ................................................................................................. 514
المجمل و المبین من الأمور الواقعیة أو الإضافیة؟ ....................................................... 514
نظریة صاحب الکفایة (قدس سره): أنهما من الأمور الإضافیة..................................................... 514
إیراد المحقق الخوئی (قدس سره) علیه ................................................................................... 515
نظریة المحقق الخوئی (قدس سره): أنهما من الأمور الحقیقیة..................................................... 515
تکلیف الفقیه عند المواجهة مع اللفظ المجمل فی کلام الشارع .................................. 515
ص: 546
الآیات:
(أحقّ بردّهنّ)........................ 363
(أَحَلَّ اللَّهُ الْبَیعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).......... 398
(أَحَلَّ الله الْبَیعَ)....................... 501
(الْمُطَلَّقاتُ)............................ 358
(إِنَّما وَلِیکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذینَ آمَنُوا الَّذینَ) 211
(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)....................... 398
(بُعُولَتُهُنَّ)............................. 358
(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لا تَعْلَمُون) 337
(فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ)..................... 372
(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ کُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِیتَفَقَّهُوا فِی الدِّینِ) 337
(کُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّی یتَبَینَ لَکُمُ الْخَیطُ الْأَبْیضُ مِنَ الْخَیطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) 189
(مُکَلِّبِینَ)....................... 161, 162
(وَ اسْتَشْهِدُوا شَهیدَینِ مِنْ رِجالِکُمْ).... 88
(وَ الْمُطَلَّقاتُ یتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا یحِلُّ لَهُنَّ أَنْ یکْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فی أَرْحامِهِنَّ إِنْ کُنَّ یؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْیوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ) 358
(وَ الْوالِداتُ یرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَینِ کامِلَینِ) 29
(وَ حَمْلُهُ وَ فِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)........ 29
(وَ سْئَلِ الْقَرْیةَ)......................... 29
(وَ لا تُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلَی الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) 92
ص: 547
الروایات:
أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ نُورِی................. 428
إِذَا بَلَغَتِ الْمَرْأَةُ خَمْسِینَ سَنَةً لَمْ تَرَ حُمْرَةً إِلَّا أَنْ تَکُونَ امْرَأَةً مِنْ قُرَیشٍ 300
إِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَجَبَ الطَّهُورُ وَ الصَّلَاةُ 99
اغْسِلْ ثَوْبَکَ مِنْ أَبْوَالِ مَا لَا یؤْکَلُ لَحْمُه 382
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ یحَرِّمِ الْخَمْرَ لِاسْمِهَا وَ لَکِنْ حَرَّمَهَا لِعَاقِبَتِهَا 375
بِفَاتِحَةِ الْکِتَاب.......................... 277
حَلَالَ مُحَمَّدٍ (صلی الله علیه و آله) حَلَالٌ إِلَی یوْمِ الْقِیامَةِ... 419
سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلَینِ قَامَا فَنَظَرَا إِلَی الْفَجْرِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ ذَا وَ قَالَ الْآخَرُ مَا أَرَی شَیئاً قَالَ: فَلْیأْکُلِ الَّذِی لَمْ یسْتَبِنْ لَهُ الْفَجْرُ وَ قَدْ حَرُمَ عَلَی الَّذِی زَعَمَ أَنَّهُ رَأَی الْفَجْرَ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ یقُولُ:................ 189
فِی الدَّمِ یکُونُ فِی الثَّوْبِ إِنْ کَانَ أقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَلَا یعِیدُ الصَّلَاةَ 481, 483
فِی الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّکَاة................ 154
کُلُّ شَی ءٍ طَاهِرٌ حَتَّی تَعْلَمَ أَنَّهُ قَذِر..... 199
کُلُّ شَی ءٍ یطِیرُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ وَ خُرْئِهِ.. 382
لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُور.................... 277
لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَارَ فِی الْإِسْلَامِ.......... 29
لَاینْقُضُ الْوُضُوءَ إِلَّا حَدَثٌ........... 122
لَعَنَ اللهُ بَنِی أُمَیةَ قَاطِبَة.... 281, 283, 286
هَلَکْتُ وَ أَهْلَکْتُ. فَقَالَ وَ مَا أَهْلَکَکَ؟ قَالَ أَتَیتُ امْرَأَتِی فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَ أَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِی: أَعْتِقْ رَقَبَةً 29
وَ مَا خَلَا الْکِلَابَ مِمَّا یصِیدُ الْفُهُودُ وَ الصُّقُورُ وَ أَشْبَاهُ ذَلِکَ فَلَا تَأْکُلَنَّ مِنْ صَیدِهِ إِلَّا مَا أَدْرَکْتَ ذَکَاتَهُ لِأَنَّ اللهَ یقُولُ: (مُکَلِّبِینَ) 161
ینْظُرَانِ إِلَی مَنْ کَانَ مِنْکُم قَدْ رَوَی حَدِیثَنَا وَ نَظَرَ فِی حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا 282
ص: 548
الرسول (صلی الله علیه و آله) 29, 326, 352, 421, 426, 428
امیر المؤمنین (علیه السلام) ............. 84, 421, 429
الامام الحسین (علیه السلام) ....................... 509
الامام الباقر (علیه السلام) ........................... 99
الامام جعفر الصادق (علیه السلام) 84, 161, 300, 382, 421
الف
أبا الحسین البصری............... 229
ابن زهرة.......................... 38
أبو المجد الإصفهانی................. 76
أَبِی بَصِیرٍ..................... 84, 382
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ..................... 189
ب
بعض الأساطین........ 67, 109, 132, 144, 181, 189, 267, 290, 291, 292, 295, 299, 302, 318, 319, 334, 336, 359, 367, 368, 408, 484, 502, 510
ح
الحاجبی........................... 23
الْحُسَینِ بْنِ سَعِیدٍ (الْأَهْوَازِی)....... 84
ز
زُرَارَةَ...................... 123, 161
الزمخشری........................ 195
س
سلطان العلماء.............. 444, 445
سَمَاعَةَ........................... 189
السید الجزائری................... 197
السید الروحانی................... 294
ص: 549
السید الصدر..................... 447
السید المحقق البروجردی 299, 301, 302, 413
السید المحقق الحکیم........ 300, 306
السید المرتضی........ 38, 88, 90, 179
ش
الشهرستانی........................ 76
الشهید الثانی................ 274, 437
الشیخ الأنصاری 40, 45, 76, 99, 100, 103, 158, 159, 162, 192, 274, 275, 278, 279, 285, 310, 315, 330, 334, 381, 413, 447, 479
الشیخ البهائی............... 157, 232
الشیخ الحرّ العاملی.............. 38, 73
الشیخ الطوسی................... 155
ص
صاحب الفصول...... 233, 361, 436
صاحب المعالم................ 76, 388
صاحب منتقی الأُصول........ 76, 294
صاحب هدایة المسترشدین........ 361
ع
عَاصِمِ بْنِ حُمَید..................... 84
عبدالله بن سنان.................. 382
عُثْمَانَ بْنِ عِیسَی................... 189
العضدی.......................... 24
العلامة أبی المجد النجفی الإصفهانی. 77
العلامة الآملی.................... 447
العلامة الحلّی..................... 164
العلامة المظفر 120, 197, 437, 448, 478
عمر بن عبد العزیز................ 281
غ
الغزالی........................... 230
ف
الفخر الرازی.................... 211
فخر المحققین........... 40, 128, 129
ک
الکلینی.......................... 189
م
المحقق ابن إدریس الحلّی........... 132
المحقق الإصفهانی 44, 45, 46, 47, 48, 49, 64, 71, 73, 74, 76, 102, 103, 132, 137, 155, 159, 164, 165, 168, 191, 200, 234, 248, 249, 250, 251, 290, 291, 292, 293,
ص: 550
294, 298, 299, 302, 303, 304, 305, 352, 353, 373, 374, 412, 413, 414, 417, 436, 439, 448, 449, 450, 452, 465, 479, 502
المحقق الإیروانی............ 192, 290
المحقق الحائری........ 195, 266, 413
المحقق الخراسانی 24, 25, 38, 45, 49, 53, 55, 58, 64, 67, 70, 92, 97, 100, 101, 103, 107, 109, 113, 128, 129, 132, 134, 144, 154, 157, 158, 159, 162, 180, 189, 191, 199, 200, 201, 207, 233, 234, 235, 243, 244, 246, 248, 249, 250, 251, 257, 266, 275, 278, 279, 285, 290, 291, 292, 293, 297, 298, 299, 300, 302, 303, 304, 305, 318, 325, 334, 336, 345, 346, 347, 349, 359, 361, 362, 364, 367, 368, 376, 377, 379, 383, 388, 397, 399, 400, 401, 408, 413, 418, 428, 436, 447, 451, 452, 455, 456, 457, 461, 462, 463, 465, 466, 469, 473, 478, 479, 484, 486, 487, 507
المحقق الخوانساری............... 131
المحقّق الخوئی 30 ,31, 33, 39, 46, 49, 50, 51, 81, 103, 109, 110, 112, 114, 117, 118, 121, 122, 124, 130, 132, 141, 145, 154, 165, 166, 169, 182, 187, 188, 189, 191, 201, 207, 234, 235, 236, 244, 247, 248, 267, 274, 283, 285, 290, 291, 295, 299, 302, 313, 318, 319, 324, 325, 326, 330, 331, 335, 337, 349, 351, 353, 361, 363, 364, 368, 373, 374, 377, 380, 381, 383, 389, 397, 408, 410, 414, 416, 417, 420, 421, 424, 437, 439, 448, 452, 457, 463, 464, 467, 469, 471, 473, 477, 479, 482, 483, 484, 487, 491, 502, 507, 510
ص: 551
المحقّق السبزواری................ 447
المحقّق الطوسی........ 179, 388, 447
المحقق العراقی 75, 78, 79, 132, 162, 290, 297, 306, 312, 314, 315, 334, 336, 337, 409, 410, 413
المحقّق القمی 30, 247, 251, 435, 465
المحقّق النائینی 30, 39, 44, 45, 46, 49, 50, 64, 65, 67, 101, 103, 108, 112, 114, 115, 118, 121, 122, 123, 124, 132, 137, 141, 145, 154, 162, 163, 181, 186, 187, 195, 207, 211, 248, 266, 267, 269, 270, 274, 277, 278, 281, 283, 285, 290, 292, 294, 299, 302, 308, 312, 319, 324, 325, 334, 335, 353, 359, 362, 363, 364, 368, 371, 374, 381, 389, 397, 409, 410, 418, 437, 438, 439, 447, 471, 477, 479
المحقّق صاحب الحاشیة........... 157
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.................... 84
مُحَمَّدِ بْنِ یحْیی.................... 189
ن
نجم الأئمة الرضی 191, 195, 200, 456
ص: 552